القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 37
أبلغْ فتى آل بشرٍ بل مؤمَّلهُمْ
أبلغْ فتى آل بشرٍ بل مؤمَّلهُمْ / رسالةً ليس في أمثالها عارُ
هل جائزٌ يا أبا العباس أو حسنٌ / وأنت شهمٌ ذكي القلب نَظّارُ
ظلمٌ تَمادَون فيه لا يُرى لكُمُ / عنه وإن سكت المظلوم إقصارُ
ما هازِباء مَصيدٌ في فنائكُمُ / مثل السبائك أشبارٌ وأفتارُ
في كل يوم تُغاديكم وظائفكم / منه وإخوانكم من ذاك أصفارُ
أنتم أصحاء والمرضى أحقّ به / فأنصفوا إنّ أهل العدل أبرارُ
أولا ففي درهمٍ ما يُستعفُّ به / عنكم وتُقضى لُبانات وأوطارُ
فكلِّمونا إذا جئنا لحاجتنا / إنّا بذلك نستوفي ونختارُ
ولا تشحُّوا علينا أن نُغَرِّمكم / فيلتقي فيكُمُ بخلٌ وإضرارُ
أقول قولي وقد أنذرتكم غضبي / يا سادة الناس والإنذار إعذارُ
وقد خصصت أبا عيسى بلائمتي / إذ لم يكن منه تنبيهٌ وإذكارُ
أدْللتُ منكم على أحرار دهركُمُ / وليس يستثقل الإدلالَ أحرارُ
فلا يُقابَلْ بإنكارٍ فإنكُمُ / قومٌ لكم بحقوقِ المجد إقرارُ
ودَّ المبردُ أنّ الله بدَّلهُ
ودَّ المبردُ أنّ الله بدَّلهُ / من كلّ جارحةٍ في جسمهِ دُبُرا
فأعطِهِ يا إله الناس مُنْيتهُ / ولا تُبقِّ له سمعاً وبصرا
لكي يُقضِّي أوطاراً مُذمَّمةً / من كل عَرْدٍ ترى في رأسه عُجرا
بل لو يكون له ضِعفا جوارحِهِ / من الفِقاح لما قضّى بها وطرا
هيهاتَ ثمّ غليلٌ لا شفاءَ لهُ / أو يُجْعَل الكلُّ منه فَقْحةً وحِرا
عينيَّ لا تتهللْ منكما الدِّرَرُ
عينيَّ لا تتهللْ منكما الدِّرَرُ / وحالِفا النومَ لا يُقذيكما السهرُ
ويا همومي ابتغي مأوىً سوى خلدي / فلن يضمّك مني اليوم محتضَرُ
عفَّت على كلّ جرمٍ أجرمتْ وجَنتْ / أوائلَ الدهر أحداثٌ له أُخرُ
يا دهرنَا كلُّ جرمٍ أنت مجرمهُ / بعد اجتياح أبي حسانَ مغتفَرُ
أصاب سهمُك منه شر من حملتْ / أنثى ومن حازه في صلبه ذكرُ
لما ثوى عافَ بطنُ الأرض جيفتَهُ / لكنّ حَوْباءهُ ارتاحتْ لها سقرُ
فهذه رَهِبتْ من أن يحلّ بها / أنْ لا يجود على غَضْرائها المطرُ
وهذه فَرحتْ واستبشرتْ ثقةً / بأن سيُضعَف منها الحر والسُّعرُ
أقول لما به أودى وقد جعلت / أخبارُ مهلكه في الناس تنتشرُ
به الردى لا بضرغام خُنابسةٍ / يبغي افتراسي ومالي دونه وزَرُ
لي ابن عمٍّ يجرُّ الشرَّ مجتهداً
لي ابن عمٍّ يجرُّ الشرَّ مجتهداً / عليَّ قدماً ولا يصلى له نارا
يجني فأصلَى بما يجني فيخذُلُني / وكلما كان زنداً كنت مسعارا
الحبُّ داءٌ عياءٌ لا دواء له
الحبُّ داءٌ عياءٌ لا دواء له / تضلُّ فيه الأطباء النحاريرُ
قد كنتُ أحسبُ أنّ العاشقين غَلُوا / في وصفه فإذا في القوم تقصير
سُقياً لأيام لم أخْبُرْه تجربةً / إلا بما وصفتْ عنه الأخابير
هلِ الملالة إلا منقضى وطرٍ
هلِ الملالة إلا منقضى وطرٍ / من لذةٍ يُطَّبى من غيرها وطرُ
وفيكِ أحسنُ ما تسمو النفوس له / فأين يرغب عنك السمع والبصر
لا شيءَ إلا وفيها منه أحسنُهُ / فأين يُصرَف عنها القلب والنظر
ما كان ضرَّ سماءً تستظل بها / فلو امّحى نيّراها الشمس والقمر
يا من له صَفوات الحسنِ والخِيَرُ
يا من له صَفوات الحسنِ والخِيَرُ / ومن تَصاغرَ عنه الشمس والقمرُ
أحسْنُ وجهك ينمي لا انتهاءَ له / أم هل تعاقبهُ في ساعة صور
زُوِّج شيخ لنا عجوزاً
زُوِّج شيخ لنا عجوزاً / تُزهَى بطست لها وتَوْرِ
تُنزِّه الطرف في ذُراها / فلا ترى ثَم غير ثورِ
قد بارها الدهرُ كلَّ بور / وبارت الدهرَ كل بورِ
دارت تعاويذُها قديماً / في الحَزْن والسهل كلَّ دور
مُلظّةً بالطريق تَهدى / في كل نَجْد وكل غور
قد أنعلتْ خُفَّها بزوجٍ / ولفَّفت رأسها بكَور
تزعم تعويذها شفاء / من كل برد وكل فور
وشيخنا مُحرِزٌ جَداها / في كل حال وكل طور
تمور أكسابُها عليه / إذا التوى الكسبُ كلَّ مور
حتى إذا ضاجعتْه ليلاً / وصافحت زَوره بزور
أدلتْ إلى شِدقه لساناً / ما هو إلا طِحال ثَورِ
وابتلعتْ أيرهُ بطيزٍ / ما هو إلا غِمار هَورِ
فالعدل منها عليه جَور / قاتلها الله أيُّ جور
وحاله الحورُ بعد كورٍ / في ذاك لا الكور بعد حور
أشهدُ إن لم ترح وتغدو / جليس قعقاعٍ بنِ شور
لتَسكننَّ الثرى وشيكاً / أو لَتموتَنّ خلف سور
يا ابن الوزير الذي تمَّت وزارتُهُ
يا ابن الوزير الذي تمَّت وزارتُهُ / لا تجمعنّ عليّ العار والنارا
إن كنتُ أحسنت في وصفي مآثركم / فأثِّروا فِيَّ بالإحسان آثارا
أو كنت قد قلت ما لا أستحق به / منكم ثواباً فرُدّوه وما سارا
إن المديح إذا ما سار منفرداً / من الثواب كسا من قاله عارا
اللَّه يعلم أني ما ألوتكمُ / إطابةً عند مدحيكُم وإكثارا
وقد يُغَرُّ بليغٌ من بلاغتهِ / وقد يظنُّ سوى المختار مختارا
فعفوكم عن مسيءٍ غير معتمدٍ / كان الإله لكم من سُخطه جارا
إني أرى عفوكم عني وستركُمُ / عيبي أجلّ من التثويب مقدارا
صونوا خَلاقي كما صنتم نوالكُمُ / عني وإلا فكونوا حاكماً جارا
من ذا أحلّ لكم أن تهتكوا خَلَقي / وأن تمدُّوا على المعروف أستارا
غثٌّ من الشعر فيه ذلُّ مسألةٍ / كلاهما يُكسِب المستور إعوارا
رُدّوا عليّ بُيَيْتاً زلّ عن كبدي / لم يلق عندكُمُ إذ ضيمَ أنصارا
أصغرتموهُ فأسرفتم وحُق لهُ / لو تمم الله ما لقّاه إصغارا
ردوا عليَّ قبيحاً عندكم حسناً / عندي أرى ما ازدريتم منه كُبّارا
أقررتُ فيه بعيب لست أعرفهُ / وربما استبطن الإقرارُ إنكارا
أسهبتُ فيكم لكي أُعلى فطأطأني / تقصيركم بي فقد أزمعت إقصارا
إن السلاليم لا تبنَى أطاوِلُها / يوماً ليهبط بانيهنّ أغوارا
لكن ليصعدَ أنجاداً تُشرّفهُ / حتى يمدّ إليه الناس أبصارا
وقد هبطتُ بما أسديتُه لَكُمُ / من حالقٍ ولعل الله قد خارا
كم هابطٍ صاعدٌ من بعد هَبْطته / وغائرٍ منجِدٌ من بعد ما غارا
قد يخفض الدهرُ من حرٍّ ليرفعه / طوراً وطوراً وكان الدهر أطوارا
لا غرو أن يضعَ المهديُّ هاديَهُ / حالاً ليرفعه حالاً إذا ثارا
ثقلتُ في كفة الميزان فانكدرتْ / تهوي وشالت خفاف القوم أقدارا
صبراً فكم ناهضٍ من بعد وقعته / يوماً وكم واقع من بعد ما طارا
إذا هوى الدر في الميزان أصدرَهُ / تاجاً إلى قمة العلياء سَوّارا
إن المواعظ أنفال يُنفِّلها / ذوو الحجىتترك الأعسار أيسارا
سينصف الدهر من قوم بدائرةٍ / وفي الجديدين إنصاف إذا دارا
وثقت فيكم بغدر الدهر إن لهُ / غدراً وفيّاً وقِدْماً كان غدارا
يا رُبّ غدرٍ وفيٍّ قد رأيت لهُ / أخنى على ملك واغتال جبارا
لاْبنَي سُمَيرٍ صروف غير غافلةٍ / تُحسِنَّ نقضاً كما تحسنَّ إمرارا
لعل ما نالني منكم سيُغضِب لي / أنصار صدقٍ من الأنصار أحرارا
لا يغْضَبنّ لعمرو من له خطرٌ
لا يغْضَبنّ لعمرو من له خطرٌ / فليس يرضى بضيمي من له خَطَرُ
لاسيما ولقولي فيه منزلةٌ / من سيد مثَّلاهُ الشمس والقمر
لضحكةٌ منه أوْلى أن أُسَرَّ بها / من ضحكة الروض وشَّى بردَهُ الزهرُ
لو كنت أعلم أن الشرك يُضحكهُ / أشركتُ بالقرد عمروٍ أنه عَبرُ
فإن تعجّب قومٌ قلت ممتثلاً / قولَ الفرزدق فيما أدَّت السِّيَرُ
أيعجب الناس أن أضحكتُ سيدهم / خليفةَ الله يُستسقى به المطر
وإنني مستعير عرضَ عَمْرِهُمُ / شهراً من الحول كي يُقضَى به وطر
كما استعار عليٌّ هامَ شيعته / تحت الظُّبا ساعةً فيما حكى الخبر
وليس يُغبَن عمرو في إعارته / إياي عِرضاً سيبقى فيه لي أثر
يُعيرنيه دَريساً ثم يأخذهُ / مني جديداً مُوَشّىً كله حِبر
يا عمرو لا تمنعنّا ما نُسرُّ به / فإن ذلك لؤم منك أو خور
وقد أعار خيارُ الناس هامَهمُ / إمامَهم ولأهل الفضل مصطبر
دع ذا فأنت حقيقٌ أن تكافئني / لو كنت تدري وأنَّى يفْقه الحجر
نبّهتُ ذكرَك حتى عاد خاملُهُ / بدراً وكان سِراراً دونه سُتُر
سخرتُ فيك هجائي بعد ما ذَئِرتْ / منك القوافي وقِدْماً عيفت القُذَر
وإن تسخير فكري فيك قافيةً / لسُخْرة منه خفَّت عندها السُّخَر
فاشكر وهيهات أن تُهدى لشكر يدٍ / وكيف يُهدَى غَويٌّ قَصْرُهُ سَقَر
أستغفر الله لم تُشهرك حادثةٌ / بل أنت قدماً بذاك الأنف مشتهَر
بل أنت كلك شيء لا نظير لهُ / فيما رأينا وفي أشياءَ تنتظر
فاشكر إلهك لا تشرِك به أحداً / إن كان يُشكَر شيء كلّه شُهَر
يا عمرو لو قلبت ميمٌ مُسكَّنةٌ / باءً محرَّكةً لم تُخطأ الفُقَر
فإن ضنِنت بميم كاسْتِ صاحبها / فبدِّل العينَ غيناً أيها الغَمَر
ولا تميلنَّ عن عمرو إلى عُمَرٍ / فينتضي لك من أكفانه عمر
ويغضب اللَّه والسبع الطِّباق له / وساكنوهنّ والأبرار والسور
سمَّتك يا عمرو عمراً وهي ظالمةٌ / رِمامُ سوءٍ وقد أودى بها العَفر
فادعُ الإله عليها غير مُتَّئبٍ / وغيِّر اسمك حلَّت باسمك الغِير
خيِّم على عَبر واقنع بها سِمةً / فيها لمثلك إن أنصفت مُقتصَر
سامح أبا العبر المسكين في ولدٍ / يُعزَى إليه وكُنْه أيها العبر
أصبحت تصلح مصداقاً لكنيته / دعوى شواهدُها أخلاقك العرر
أنت ابنه غيرَ شكٍّ يا أبا حسنٍ / فاذهبْ ظفرتَ بما لم يأمل الظَّفر
حَصَّلته هاشمياً لا نظير له / مِلْحاً وظرفاً وإن قال الخنا نفر
وما أتى بك حياً بل صَدى حُفرٍ / وهكذا تلد الأصداء والحفر
لو كنت من ولد الأحياء ما اكتسبتْ / يداك دَهْيَاءَ لا تُبقي ولا تَذر
أعجِبْ بناسل عمروٍ وهْو في جدثٍ / وفي الحوادث آيات ومعتبَر
وإنّ أعجب من عمروٍ وناسِله / لأنْ غدا وهو محجوج ومُعتمَر
جبسٌ يهرُّ على الأحرار حاجبه / وآفةُ الناس أن تستأسِد البقر
وأن يكون له بغلٌ وآلته / وأن يسير وقد حَفَّت به الزمر
مخبَّل الخَلق في أوصاله حَوَل / كأنّ خِلْقته ثوب به شَطَر
أو شكل ميزان قتٍّ جانبٌ صَعَدٌ / وجانب ثقَّلوه فهو منحدر
للعين في وجه عمرو مقبِلاً طِيَرٌ / وفي قَفاه لها مستدبراً عبر
فإن تطاوَحَ فيه طرفُها صُعُداً / أضحى له ولها في طولها سفر
قالت مقابحُ عمروٍ عند موقعه / في أمه ما لمثلي افتُضّت العُذر
أنَّى يكون لنفسٍ حرة سَكَناً / وليس فيه لكلب جائع جَزَر
إني لأحسب عمراً من طفاستِه / يُضحي وفي بعضه عن بعضه زَوَر
يا ابن الوزير الذي جَلَّت وزارتُهُ / أنَّى يُراح إلى عمرو ويبتكر
قد أنكر الحزمُ أنّا كلَّ شارقةٍ / تُضحى بعمرو لنا ذنبٌ ومعتذَر
يُزري علينا به قوم فيجشِمنا / تمويهُ عذر وبعض العذر معتسَر
ولا يني مُستخِفّاً بامرئٍ وجبتْ / عليك بالميل والزلفى له أُجَر
منها الكرامة وهي الفرض توجبهُ / وعند طولك أنفال له أُخَر
وما دعاه إلى استخفافه درَكٌ / لكن دعاه إليه الجهل والبطر
وليس تخطئ ذا الخرطوم واحدةٌ / من اثنتين إذا ما حُصحِص النظر
جهالة وتعدٍّ في إهانته / مولاك والذنب في هاتيك مغتفر
لكن عَتاد أبي الخرطوم سيدنا / كبيرة صغُرت في جنبها الكُبر
قد امتطى القردُ في إتيانها غَرَراً / يا واحد الناس فليعثُر به الغرر
أما رآك وقد أكرمتني طرفاً / من النهار أما كانت له ذِكر
أما درى أن ما عظَّمت قيمتهُ / فهو العظيم وما حَقَّرت محتقر
لشدّ ما أقدمتْ بالأمس عزمتُهُ / على التي أعوزتْ أنصارها العِذر
فإن هم عُذروا بالجهل صاحبها / فليس في رفض أعمى القلبِ مؤتمر
ممن يرى أن رزء العِرْض مُجتَبرٌ / ولا يرى أن رزء المال يجتبر
وما الصواب سوى استقصاء نعمتهِ / وكلُّ نعمى على أمثاله هدر
كيما يكونَ لأقوام به أدبٌ / وفي النَّكال عن الزلات مزدجَر
والحمد للَّه شكراً لا شريك لهُ / على الأمور التي يجري بها القدر
وسائل لي ما عمرو وموضعه / أأعوزتْ رأيَ ذاك السيدِ الخِيَر
فقلت كلّا ولكن طوله عجبٌ / بمثله شُغِل السُّمار والسمر
ما زال ذا مِننٍ تُهدَى إلى شبحٍ / ما فيه مَسْدىً لعُرف حين يختبر
محاوِلاً فعلَ عرف لا يخالطهُ / شوبٌ سواه وذاك الصفو لا الكدر
وللصنائع والآلاء تصفيةٌ / عند الكرام تراها تلكمُ الفِطر
خِرْقٌ تراه بفعل الغيث مقتدياً / والغيثُ يُنعِم حتى يُعشِب المَدَر
فلن تراه وفي عرفٍ يجود به / ترشيح شكر وهل للغيث مُتَّجر
كافٍ كسى الناسَ طراً من فواضله / ما ليس في ثوبه ضيقٌ ولا قِصر
كالغيث يصبح مغموراً بنائله / أفاضلُ القوم والأنعام والشجر
هذا على أن فيه فضلَ تكرمةٍ / للأفضلين ولِمْ لا تُمسَح الغرر
مثل الفراسيِّ والنحوي صاحبهُ / وكالملقَّب فهو الغُنج والحور
ذاك الذي لم يزل ظرفاً ونادرةً / كأن مَحْضَره الأصداغ والطُّرر
وكالطبيب أبى إسحاقَ إن لهُ / نفعاً مبيناً إذا ما أجحف الضرر
وما نسيتُ أبا إسحاقَ مائرنا / تلك الفكاهات سِيقتْ نحوه المِير
بحر المعاني ثِقافُ اللفظ قيِّمهُ / إذا تَعاجَم فيه البدو والحضر
وكيف أنسى امرأً يحيي محاسنهُ / ذكراه عندي إذا ما ماتت الذِّكَر
وكالنّطيف نزيف إنه لهبٌ / ذاكٍ له حركات كلها شَرَر
ذاك الذي لم يزل طيباً ومنفعةً / كأن مشهده الآصال والبُكر
أقسمت لو لم تحصِّنا حرارتُهُ / من برد عمرو لقد أودتْ بنا القِرر
ولي إلى ابن فراس عودة وجبتْ / له عليّ بحق إنه وَزَر
ذو مخبر بارعٍ في منظرٍ حسنٍ / فيه لذي الفخر بالخدّام مُفتخَر
كأنه حين يجري في كتابته / له طريق إلى العلياء مختصر
صَفّاه من كل عيب أنه رجلٌ / ما إنْ يزال له من عائب حذر
سيفٌ محلّىً تروق العين حليتُهُ / وصارمٌ حين يتلو حده ذَكر
ولا يخونُك في سرٍ ولا علنٍ / أمانةً أو يخون السمع والبصر
ليست مثانيه من نبعٍ لعاطفه / ولا مكاسِرهُ للمعتدِي عُشَرُ
تطرّفت شِرَرٌ منهُ حباهُ بها / شرخُ الشباب ولم تنقض له مِرَر
وربّما نفختْ في ناره هَنَةٌ / فاستوقدتْ شرراً ما مثلها شرر
حامٍ بحزم حمى السلطان في كرمٍ / رامٍ بعزم إذا عنَّت له الفُقَر
يُثني السهامَ عن المرمى وآونةً / يُمضي السهام إذا لاحت له الثُّغَر
لا يورد الأمر أو تبدو مصادرهُ / ولا يرى الوردَ ما لم يمكن الصَّدَر
أضحتْ كتابتهُ بيضاءَ تشبههُ / يُجبَى بها الحمد للسلطان والبِدَر
وكلُّ ما قلته فيه فسيدنا / أولَى به وهو من حقت له الأُثَر
وللعروق ثمارُ الفرع تمنحها / أغصانُهُ وللبِّ الهامة الشعر
يا كائناً بين أوعاثٍ وأوعارِ
يا كائناً بين أوعاثٍ وأوعارِ / من صَرْف دهرٍ على أبنائه ضاري
لعاً لعاً لك من عَثْرٍ ألمَّ بنا / في سابحٍ منك طِرفٍ غير عثّار
ما زال يسبق بالتقريب طالبَهُ / وفيه كنزان من شَدٍّ وإحضار
أعجبْ به فيك من شكوٍ ولا عَجَبٌ / من ريب دهرٍ ولا من صرف مقدار
أنَّى امتُحِنت ببلوى لا يُشاكلها / ما خلتُها غير تعبيرٍ وإنذار
وكلّ عبدٍ أراد الله عصمتهُ / لم يُخْله الله من وعظٍ وإذكار
أما وبُرْئِك كلّ البرء من وصَبٍ / أضرَّ بالناس طراً كلّ إضرار
لئن منحتُك إشفاقاً تكنَّفهُ / وُدّان من بين إعلان وإسرار
إني لأنشر إشفاقي على رجلٍ / فَرْدٍ له خطر وافٍ بأخطارِ
وكنت والدهر غدار بصاحبه / لاسيما إن رآه غير غدارِ
أخشى عليك اضطرامَ الدهر لا عِللاً / تُخشَى على كل كابي الزند عُوّارِ
ما أنت والبردُ يا من كل جارحةٍ / من جسمه ذات نيران وأنوار
جارتْ عليلتُك المنهاجَ ساريةً / وهل يَضِلّ على بدر الدجى ساري
ما مثلها يا شهاب الأرضِ غاشيةٌ / معهودة من غواشي تلكمُ الدار
برد أطاف بنار منك موقدةٍ / ليست تبوخ ولا تُذكى بمسعار
ما كان يجمع جلّ الله بينكما / إلا المؤلفُ بين الثلج والنار
أبشِرْ فإنك طودُ اللَّه أسَّسهُ / وشاد منه بناء غير منهار
فأمنْ فإن ذَكاءً أنت ضامنهُ / قِرنٌ لشكرِك جَلْد غير خوار
ستستجيش عليه أو تُطحطحهُ / في فِيقةٍ بحريق منه سوّار
وإنما هو برد والسلام لهُ / شَفْع وفيك طباع زَنْده واري
والله يأسر قوماً ثم يُطلقهم / والدهر ينَسخ أطواراً بأطوار
وحسبك العُرف من دِرعٍ ومن تُرُسٍ / وحسبك اللَّه من حصن ومن جار
كأنني بك في سربال عافيةٍ / والحال حالان من نقض وإمرار
تجري فتسبق من يجري إلى كرمٍ / عفواً وأجدِرْ بسبقٍ بعد مضمار
وأنت صاحٍ من الأسقام منتقِبٌ / دِيباجةً ذات إشراق وإسفار
نشوان من أريحيات الندى ثمِلٌ / لا من عصارة كَرْم بنت أعصار
مُطعّمٌ طيباتِ العيش تأكلها / والصوم لا شك متبوع بإفطار
عُوّادك الشعراء الصِّيد قد وفدوا / إلى عطاياك من بدو وأمصارِ
عَقْرَى لتأسوهُمُ كَسْرَى لتجبرَهم / يهوُون كالطير تهوي نحو أوكار
كاروا العمائم واقلولَوا على شُعَبٍ / وأقبلوا بين أكوارٍ وأكوار
جابتْ سهولاً وأوعاراً ركائبهم / كيما يحلّوا سهولاً بعد أوعارِ
في كل هاجرةٍ شهباءَ حاميةٍ / وكل داجية دهماءَ كالقارِ
فخيَّموا منك في سهلٍ مَباءتُهُ / وأوسعوا بك طراً بعد إقتار
ولو قدرتَ من اللين اللطيف بهم / أحللتَهم بين أجفان وأشفار
فكم ضيوفِ ضيوفٍ في رحالهمُ / وكم هنالِكَ من زوار زوار
تُطوَى لنا الأرض إن أمَّتك نِيّتُنا / وإن لقيناك زِيدت نشرَ أقطار
طَيٌّ ونشر لشوق لا كِفاء لهُ / وطلعةٌ منك فيها طيُّ إعسار
وحُقَّ أن تُنْشَر الدنيا لذي أملٍ / لا قال يا خيرَ مُمتارٍ لممتار
كما يحق بأن تطوى لذي سفرٍ / نَواك يا خير مُزدار لمزدار
لنا فوائدُ شتّى منك نافعة / عُرف لعافٍ وعرفان لِنظّار
ما انفكّ آتوك من مالٍ تجود به / ومن إضاءة آراءٍ وأفكار
آراؤك البيض تهديهم وتشفَعها / آلاؤك الصُّفر ما الأيدي بأصفار
فالناس تحت سماءٍ منك مشمِسةٍ / والناس تحت سماءٍ منك مِدْرار
أصحت وصابتْ ففيها كل منفعةٍ / وربما أصعقت يوماً لأشرار
وليس يصلح لاستصلاح مملكة / غير امرئٍ نافعٍ بالحق ضرّار
ما ليم قطّ على استئثاره أحدٌ / إلا وجدناك معذولاً لإيثارِ
تعطي الجزيل وما أكبرتَ قيمتَهُ / وأيسرُ الشكر تلقاهُ بإكبارِ
شهدتُ أنك سَلسال كماء حَياً / وسائرُ الناس صلصال كفخارِ
أقسمتُ بالفعلاتِ الغُرّ تفعلها / في الناس أنك من غَرّاء مِذْكارِ
لئن سبقتَ إليّ الناس كلهمُ / لقد سبقت إلى شكري وأشعاري
أبكرتَ فاصطدتني والقومُ في سنةٍ / وصاحبُ الصيدِ قِدْماً كلُّ مبْكار
أنت الذي صان لي عرضي ومسألتي / عن كل كلبٍ على الأحرار هَرّار
ولن يُثوِّب شعراً كالعليم به / ولن يقوِّم ثوباً مثلُ سمسار
أمطيتَني البِشرَ حُملاناً وأقفرني / قومٌ وكم بين حملان وإقفار
كم سهلةٍ فيك لا تُكدِي مَحافرها / وصخرةٍ منك تنبي كلّ منقار
يا خائفاً بدآتٍ منه مشرِفةً / على عوائدِ سيْب منه ثرثار
ثِقْ بالعوائد منهُ إنه رجل / كالسيل يحفِر تياراً بتيار
لا تَخش من بدئه قَطْعاً لعودته / فإن إقدامه إقدام كرّار
حاشاه أن يردع الإجزالُ كَرّتهُ / أو أن يقدّم إغزاراً لإنزار
بل تستخف بما أعطاك قبضتُه / حتى يرى ألف قنطار كدينار
وحق من لا يفي شيءٌ بهمته / أن يستقل لعافٍ ألفَ قنطار
خِرْقٌ يحاجز بالإجبار عاذلَهُ / ولا يحاجز ممتاحاً بإجبار
ما عامل الدهرَ في إقباله أحدٌ / إلا اشترى منه إقبالاً بإدبارِ
بني ثوابةَ لا زالتْ منازلكم / تُلفَى مثابة مدّاحٍ وأشعار
أغراضَ منتَزعٍ أكْلاء مرتَبعٍ / مَهنْاةَ منتجعٍ غاياتِ أسفار
ما زلتمُ تمنحون العُرفَ جاحدَهُ / حتى أقرّ به من بعد إنكار
وفي الرقاب وُسومٌ من صنائعكم / إن أنكرتْها رجال بعد إقرار
تستعبدون بها الأحرار دهركُمُ / فكم عبيدٍ لكم في الناس أحرار
لكنّ من عَبَّد الأحرار عبدهم / عن غير عمدٍ بحكم للعلى جاري
يريد إعتاق ملهوفٍ فتُلزِمُهُ / نُعماهُ رقّاً بلا إثمٍ ولا عارِ
لكم علينا امتنان لا امتنان به / وهل تَمُنُّ سماواتٌ بأمطارِ
فكل حرّ بنعماكم وصمتكُمُ / من مَنِّكم مكتسٍ من مَنِّكم عاري
وكيف ينوي اعتباد الحر معتِقُهُ / في كل بؤس وإعسار بإيسارِ
وما اعتبادكُمُ حرّاً بمعتمدٍ / أنّى ونياتُكم نيات أخيار
وكم منحتم وكم ألقيتُمُ عِذراً / بعد اللُّهَى لا لتقصير وإقصار
أريتمونا عياناً كل مكرمةٍ / كانت قديماً لدينا رَجْم أخبار
تخادَعون عن الدنيا وزِبْرجها / فتُخدَعون وما أنتم بأغمار
وتفعلون جميلاً في مساترةٍ / كأنّ معروفكم إيداع أسرار
ما سار مدحكُمُ في الأرض منشمِراً / إلا بعُرفٍ لكم في الناس سيار
يا رُبّ أبواعِ أقوامٍ ذوي كرمٍ / قِيست فما عُدلت منكم بأشبار
طُلتم بمجدكُمُ الأمجادَ كلهم / لا تعدموا طول أقدارٍ وأعمار
إن كان أورقَ أقوامٌ فإنكُمُ / مفضّلون بتنوير وإثمارِ
أظللتُمُ بشكير نبتُهُ ثمر / للمجتبين وحييتم بنُوار
كأنما الناس في الدنيا بظلكُمُ / قد خيموا بين جنات وأنهارِ
أيامُنا غُدواتٌ كلها بكمُ / خلالهن ليالٍ مثل أسحارِ
لكم خلائق لو تحظى السماءُ بها / لما ألاحتْ نجوماً غير أقمارِ
لا ترهبوا الدهر إن العرف ناهضُهُ / لكم على الدهر منها خير أنصارِ
أنتم بها منه في حِرْزٍ وواقيةٍ / إن صال يوماً بأنيابٍ وأظفار
لولا عمارتكم للملك دولتَهُ / لأصبح الملك في بيداءَ مِقفار
كتّاب ملك إذا شئتم مقاتَلةً / يستنفر الملك منكم خير أنفار
تقاتلون بآراءٍ مسددةٍ / لا بل بأسلحةٍ لا بل بأقدار
أقلامكم كرماح الخط مشرَعةٌ / طولاً كطولٍ وآثاراً كآثار
آراء صدقٍ أتى التوفيق خِيرتَها / في موقف بين إيراد وإصدار
يا رُبّ ثِقلٍ حملتم عن خلائقنا / لم تعدلوه بآثام وأوزار
لا كالأُلى حملوا ما لا يفون به / وأُوقِروا من أثام أي إيقار
رآكم الله والسلطان حزبهما / فاستعمر الملك منكم خير عمار
لو لم تكونوا دروعاً للدروع بها / لأعورتْ كلُّ درعٍ أي إعوار
أو لم تكونوا سهاماً للسهام بها / إذاً لطاشتْ مرامي كل أُسوار
أو لم تكونوا رماحاً للرماح بها / لم يجعل الله فيها نقض أوتار
أو لم تكونوا سيوفاً للسيوف بها / لأخفرت حامليها أيّ إخفار
رعيتُم لَقِحات الفيء رِعيتها / فأعقبتْ بعد إنزار بإغزار
حَفّلتُمُ ومريتم كل ناحيةٍ / قد حاردتْ ثم ثَلَّثتم بإدرار
فأترعتْ عفواتُ الدَّرّ مِحلبها / وطال ما لم تصادف غير إغبار
تُلفى العِلاب إذا أدررتُمُ دِرراً / ملأْن بين قرارات وأصبار
يا رُبّ أمرٍ غدا حُضّاره غيباً / وأنتُمُ غيب فيه كحُضار
كم قد سموتم بأيديكم إلى شرفٍ / لم يسمُ قطّ له قوم بأبصار
لا تجعلوا من حديث الناس موعظةً / ولا يزلْ عُرفكم أسمارَ سُمّار
ومستخفٍّ بقدر الشعر قلت له / لن ينفُق العطر إلا عند معطار
لا تُصغِر الشعر إن أصغرت قائلهُ / فإنه غير محقوقٍ بإصغار
ولا يغرّنْك تصريف الهُنيِّ له / فتستخفّ بشأن منه كُبّار
أما ترى المسك بَيْناه على حجرٍ / يُذلّه كل ذلٍّ فِهر عَطّار
إذ بَلَّغتهُ صروف الدهر غايتهُ / فاحتلّ منزلةً من رأس جبار
يكفيك أن أبا العباس ينصرهُ / وإنما الحكمُ فيه حكمُ معيار
فاعدِل بلومك عني إنني رجلٌ / أجررتُ في الشعر حبلي أيَّ إجرار
في الشعر أشياءُ يرتاح الكريم لها / مثل اهتزاز قويم المتن خَطّار
أبني البديعَ وأُهديه إلى ملك / يبني الرفيع وما يبني بأحجار
أضحت له مِنَح تحيا بها مِدحٌ / عُونٌ بعونٍ وأبكار بأبكار
يُكسَى المديح ولم يُعور مجرّدهُ / وكعبة الله لا تكسى لإعوار
ما في مجرد بيت الله مثْلبةٌ / كلّا وإن كان مستوراً بأستار
فرد البلاغة لا يخلو مخاطِبُهُ / من سحر يافعة لا سحر سحّار
يزداد في القول إنجازاً ومَشربُهُ / محضُ العذوبة لم يَمْلَح لإبحار
لا يعرف الناس إقلالَ العييِّ لهُ / حاشاه ذاك ولا إكثار مِهْذار
تلقى به في مقامات الحجى بطلاً / على كلام سواه غير مغوار
مجانب كل تمويهٍ لبيِّنةٍ / محارب كل تعذير لإعذار
رأيت مدحك كالإبصار بعد عمىً / إذ غيره كالعمى من بعد إبصار
إن القريض الذي يخزَى بحائكه / ليَكتسي بك فخراً غير أطمار
كالمسك يفخر منسوباً إلى ملك / وإن تواضع منسوباً إلى الفار
يزري على الشعر أقوامٌ بحاكته / وما عليه إذا أُلبستَهُ زاري
عينيَّ هذا ربيع الدمع فاحتشدا
عينيَّ هذا ربيع الدمع فاحتشدا / وأبلياني بلاءً غير تعذيرِ
خص الإمام وعمَّ الناس كلهُمُ / رزءٌ لعمر المنايا غير مجبور
أم الإمام أصيبت وهْو شاهدها / ولا مُجير على صرف المقادير
لقد تجاوز مقدارٌ تخرَّمَها / ظهراً منيعاً وعِزّاً غير مقهور
لو أن خابطة عشواء تخبِطنا / لما تُنُخِّل أهل الفضل والخير
نعاء أمِّ أمير المؤمنين إلى / بيتٍ بمكة فالبطحاء معمور
نعاء راعية المعروف رعيتَهُ / لكل عان بأرض الروم مأسور
ولاختلال ثغورٍ طال ما حملتْ / أبناءهنّ على الجُرْد المحاضير
مواطنُ البر أمستْ وهي موحشةٌ / منها وأنكرن عهد الأُنس والنور
ليبكِها راغبٌ كانت ذريعتهُ / حتى تبدل ميسوراً بمعسور
وليبكها راهب كانت شفيعتهُ / أمسى يحاذر ذنباً غير مغفور
وليبكها لخلال لا كِفاء لها / أجملن من كل خير كل تفسير
يا بقعةً قُدِّرت فيها حفيرتُها / لقد خُصِصتِ بتقديس وتطهير
لا ضير ألا تكوني روضة أنفاً / أنيقة النور مِبْهاج الأزاهير
أمسى جنابك محتازاً على جَدثٍ / من الملائكة الأبرار محضور
تحية اللَّه أزكاها وأطيبها / على معارف وجهٍ فيك منضورِ
أما لقد ذهب النومُ المتاح لها / بذكر يومٍ على الأيام مذكور
يوم وجَدِّك لم تشهده أسعُدُهُ / ولا اجتليْنَه ميمونَ التباشير
إنّا إلى اللَّه مرجوعون ما تركتْ / لنا المصيبة عظماً غير مكسور
وإن فينا لبُقيا بعدما سلمت / نفس الإمام لنا من كل محذور
لو كنت أنت حُنيناً في حذاقته
لو كنت أنت حُنيناً في حذاقته / أو مَعْبداً رأسَ من غنى من البشرِ
أو كنت كابن سُريجٍ في تقادُمه / أو الغريض ففيهم منتهى العبر
هل كنت تُطرِب إلا مَن تشاكلهُ / ولو أعانك صوت الدف والوتر
إن الكلاب مغنيها ومطربها / في صوته عمر فاسلح على عمر
والقحطبي إذا غناك مرتجلاً / فقل خريت وقم عن مُطَّلٍ بخر
لو كان في سُعُرٍ والناسُ في سَقرٍ / لمات سامعه من شدة الخصر
إن جاء يفخر بالعباس والده / فقل فخرت بشيخٍ أرملٍ ذكر
لأُثبتنّ أبا عثمان في الغدرَهْ
لأُثبتنّ أبا عثمان في الغدرَهْ / الناكثين بإخوان لهم برَرهْ
ولا أقول إذا ما عُدّ عاشرهمْ / لكن أقول بحقٍ أول العشره
هل ينتهي نظر إلا إلى نظرِ
هل ينتهي نظر إلا إلى نظرِ / أو ينقضي وطر إلا إلى وطرِ
وفيكِ أفضل ما تسمو النفوس له / فأين عنك مَميل السمع والبصر
هل توجِديني شباباً مونقاً حسناً / غادرتِه من نبات الأرض والشجر
لكي تقولي استمالتهُ بشاشتهُ / لأن مطلب ما بي داحض الغُدَر
ما فات حسنَك لا شمسٌ ولا قمرٌ / إلا نباهة ذكر الشمس والقمرِ
تالله ما فت طرفي رَيْث رجعته / إلا لقيتُك لُقيانيك عن عُفَر
قالوا هجاك أبو حفصٍ فقلت لهم
قالوا هجاك أبو حفصٍ فقلت لهم / قد طال قرنُ أبي حفص على قِصرِهْ
حتى كأنّ نبياً كان أدركه / دعا له بشباب القرن في صغرَهْ
قد عاش دهراً خفيفَ الرأس نعلمه / حتى تزوجها بكراً على كبرِهْ
والبكر لا تترك الشبانَ طائعةً / للشيخِ من أرذل النِّصفين من عمرِهْ
أقول لما علا قرناه صلعَتَهُ / لبئس ما عُوّض المسكين من شعرِهْ
من كان من طالبي الأنباء يسألني
من كان من طالبي الأنباء يسألني / عن الكلاب لماذا تنبح القمرا
فليس يعرف لِمْ ينبحْنَهُ أحدٌ / إلا امرؤ كان كلباً مثلها عُصُرا
وهو المكنّى أباه بعد مهلكهِ / بطاهرٍ ولعمر اللَه ما طهرا
فسائِلوهُ لماذا كان ينبحُهُ / فإن صاحبكم يُوفيكُمُ الخبرا
يا من إذا ما رأته عينُ والده
يا من إذا ما رأته عينُ والده / بين الرجال اتَّقاهم بالمعاذير
أقسمتُ باللَه أنْ لو كنتَ لي ولداً / لما جعلتك إلا في المطاميرِ
عليك وجهٌ كساه الله لعنتَهُ / كأن خُرطومه خرطومُ خِنزير
وما استفدت من الديوان فائدةً / فيما علمنا سوى نشر الطوامير
جعلتَ ظهرك قرطاساً تعاورُهُ / هناك أقلامُ كُتّابٍ نحارير
للَّه ما ثمّ من مشْقٍ وقرمطة / ومن ثقيلٍ رياسيٍّ وتحرير
وما لهم في استِك البخراء من أربٍ / ما لم تصانع عليها بالدنانير
تخلَّفتْ شنطفٌ فقلنا
تخلَّفتْ شنطفٌ فقلنا / ما فعلتْ أختُنا الضريرَهْ
قالوا هوت من ذُرى جدارٍ / عالٍ فقال الجميع خِيره
يا حبذا أن تغيب عنا / غيَّبها اللَّه في الحفيره
نُبِّئتُ مِسخاً قد اشتهاها / وهْي بأشباهه جديره
ألطفها من صبا إليها / ببيضَتَيه على سطيره
قلت لمن شنطفٌ هواهُ / لا تحتقر بعدها حقيره
عُلَّقتها قحبةً ضروطاً / جَوزية القَدِّ مستديره
تنظر من كوكبي رصاصٍ / في ظهر دوَّامةٍ صغيره
بلا شبيهٍ ولا عديلٍ / ولا نظير ولا نظيره
تَطفِرُها فأرةٌ ولكن / للذرْع في بظرها مسيره
في بظرها ألفُ ألفِ رطلٍ / وإنما وزنها شعيره
ومن قبيحِ القبيح عندي / بظرٌ طويلٌ على قصيره
حَوصاء خوصاءُ ذات عين / زرقاء في زرقة المَضيره
حَصَّاءُ لا نبت في قفاها / ولم تزل لاستها ضفيره
تُغَضُّ عنها العيونُ قبحاً / ورُبّ مهتوكة ستيره
غناؤها كله كِياد / من نضْح أشداقها المطيرَه
تنضح بالريق من كنيفٍ / حديثُه في الأنام سيرَه
في نكهة تورد المنايا / ليست على النفس باليسيرَه
وفي السراويل كل يوم / من عُجنةٍ قد مضت خميرَه
بكّوا سراويلها المُلقّى / بدمعة منكُمُ غزيره
بحّاءُ في حلقها خريرٌ / دوّارةٌ سَلحها حريره
وتحت آباطها صُنان / علاجه جَعسُها ذريره
يسيل من أنفها مُخاط / في بعضه للذباب مِيره
والوجه بَرٌّ بغير ماءٍ / والطِيز بحر بلا جزيرَه
أضحت تُعير القرودَ قبحاً / أصنافه عندها كثيرَه
فهُنّ يشكرن فعل أختٍ / مُعيرةٍ غيرِ مستعيره
تغازل المُرد في الزوايا / وبُنتها شيخة كبيره
ومن أعاجيبها التشاجي / كأنها غادة غريره
عُواؤها في الديار شؤم / ووجهها في الطريق طِيره
تضرب خَيشاً إذا تغنَّت / عليك في قائم الظهيره
والفسق إن قَحَّبت جِهارٌ / والصوت إن كَرَّعت سريره
يقودها الغُمر للمعاصي / بلا سفير ولا سفيره
فيها لمن ناكها عِقابٌ / فلا تَخْف بعدها جريرَه
لَيُسخِننَّ الهجاءُ عيناً / من شنطفٍ بالزنا قريره
ويل لها تستحثُّ ويلاً / من حاربت غير مستشيره
تعرضت يومَ كايدتْني / وأقدمت غير مستخيره
وكل عنْز دنا رَداها / لشفرة الذبح مستثيره
يا ليت شعري بأيِّ جارٍ / تُضْحي من الموت مستجيره
وكم معانٍ وألفاظٍ مهذبةٍ
وكم معانٍ وألفاظٍ مهذبةٍ / أرسلتها فِقَراً تختال في غُررِ
وصاحبُ الشيب ما لم تَبْلَ جِدَّتُهُ / من صَبْغه شيبَه في عزِّ منتصِرِ
رأى مَظالم شيبٍ في مَسائحه / لم يجنِها السن لكنْ رؤية العِبر
يضج منها أديم فيه رونقُهُ / ريانُ ليس عليه آية الكِبر
واستنجد الفكر محتالاً فأنجدَهُ / بصبغة نُشرتْ ليلاً على الشَعر
ولا جُناحَ على حام حقيقتَهُ / لا ظلم في دَفْع ظلمٍ عند ذي بصر
وإنما الظلم منعُ الشيب لِمّتهُ / عند انقضاء الشباب اللدن والوطر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025