المجموع : 4
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا / فليس الا عليك المجد يقتصرُ
يا ابن الذين بنوا بالبيض ملكهم / فلا يفاخرهم بالملك مفتخر
قوم تضيئ بنور العدل أوجههم / لولا العقائد قلنا انها سور
مضوا ومن جل ان يُسمى لهم خلف / فالملك ما دام باق ليس يندثر
مملك تاقت الدنيا لرؤيته / كأنه الغيث يستسقى وينتظر
والواضع السيف في جيد وفي عنق / حتى يراق على الأرض الدم الهدر
يوم به خفقت للملك ألوية / بها تلونت الاسوار والجدر
فأحمرٌ قانئٌ او أبيضٌ يققٌ / او اصفرٌ فاقعٌ أو أخضرٌ نِضر
قد قام فيه الى العلياء مقتدر / تجري بما يشتهي الايام والقدر
يا أيها الاصيد المحيي لامته / ذكرا من المجد يطوي الصيد ان ذكروا
لبتك في الحرب آساد دعوتهم / فاقبلوا زُمَرا في إثرها زُمَر
كل يهون عليه بذل مهجته / في كل معترك يودى به الخطر
والحرب قائمة من كل معتقل / سمر الرماح وما في باعه قصر
وللقنابل فوق الخصم معمعة / كانما فوقهم من نارها سقر
والخيل تلعب بالقتلى سنابكها / فهي الصوالج والقتلى لها أكر
والسيف انجع من تأثير موعظة / يوم الضراب لمن لم تنهه العبر
وفيك من شيم ابن الغيل صولته / والبيض مشرعة والسمر تشتجر
وقد رزقت من الرحمن نصرته / في موقف حاطه التأييد والظفر
سعت اليك عتاق الخيل معلمة / تحت الكماة وما في عطفها زَور
فلا برحت مليك الناس قاطبة / يشق هام العدى صمصامك الذكر
عزذَت بك الدولة العظمى بوارجها / فالكاب فالهند فالسودان فالجُزرُ
وكاد تاجك يأبى أن نضارعه / بالشمس لم لم يكن في حجمه صغر
يا سعد قوم قيام حول بهرته / في ظل ملك مديد ليس ينحسر
فيهم وفود ملوك الارض ما لهمُ / الا التعجب من إجلال ما نظروا
يستخبرون عن الدنيا وزينتها / ويسألون من العلياء ما الخبر
تاج قد انبعثت منه أشعته / فكاد يخطف من لألائها البصر
يا حظ عين رأته في توهجه / رأد الضحى وبصيص الدر يزدهر
كأنه وهو مزدان بصاحبه / زهر النجوم تجلى بينها القمر
أراه أولى بوصف فيه أبدعه / لو أدركت وصفه الأوهام والفكر
وكيف يفصح لي وصف لدى ملك / تعشى العيون على تيجانه الدرر
والدير أعجب ما فيه تماوجه / من الشعوب بخلق ليس ينحصر
به المصابيح فوضى في جوانبه / كأنه الافق وهي الأنجم الزُّهرُ
وأنت فيه مهيب القدر مكتنف / بدولة قشعت عن دستها الغِيَر
فكيف تقوى على نطق أساقفة / من الجلا عراها العي والحصر
أذكرتنا من الفاروق ما ذكرت / عدالة بثها في قومه عُمر
علمت قومي فيك المدح فابتكروا / لك المعاني بشعر كله غرر
أحب شعر إلى نفسي وأصدقه / شعر بمدحك في الآفاق منتشر
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار / هل اكتفيت بما في القلب من نارِ
جفت دموعك من عينيك واستترت / فيها لواعج أحزان وأكدار
ضاع الصواب ونفس المرء ساهمة / ما بين أقضية تجري وأقدار
بينا الفتى يطأ النيا بأخمصه / صبحاً اذا هو أمسى رهن أحجار
يا طائر البين لا قرّبت من سكن / ولا هدأت بأفنان وأوكار
نعيت خير فتى كنا نؤمله / يوم الرجاء لاوطان وأوطار
فاخلع علينا جناح منك نلبسه / حزناً على صادق العزمات مغوارد
أودى الهزبر فهل من بعد أسد / عبل الذراعين يحمى حوزة الدار
ليت المنون التي اصمته ما علقت / الا بكل خؤون العهد غدار
فليمرح الذئب ما شاءت مهانته / فقد عفت عنه عين الضيغم الضاري
لا أيَّد اللَه أعداءً أذلهمُ / حتى أقاموا بدار الذل والعار
إن يشمتوا فكؤس الموت دائرة / يأتي على الناس ساقيها بأدوار
يا بائع الصبر ان الناس في جزع / فبع لهم كل مثقال بدينار
لا كان يومٌ دفنَّا عند مغربه / بدر السناء خبا من بعد إسفار
ما زال يدأب حتى خانه قدر / ألقى اليه عصا دأب وتسيار
أبدى الاطباء ما أخفت ضمائرهم / خوف الهلوع وباحوا بعد إضمار
قالوا براه سُرىً أدمى حشاشته / فعاد منه طريحاً نضو أسفار
نعم براه رقيُّ الصعب يوم جرى / يسابق الشمس في بيد وامصار
فلم يجد منبراً الا أسرَّ له / ما بالجوانح من شجو واسرار
ولم يجد معركا الا أناف به / والموت ما بين إقبال وإدبار
وكم تهاون بالأيام تدفعه / الى مواقف أهوال وأخطار
وكم أهاب وكف الدهر صائلة / على العباد بعزم غير خوار
فما تراجع حتى فلَّ مقولُهُ / حسامَ كل عنيد الرأي جبار
له اليراع الذي كانت تجرده / كف الزمان لإيراد وإصدار
خذ عنه رأي بني التاميز فاطبة / محافظين ذوي حقد وأحرار
وسل جراي يخبر أنه قلم / قد كاد يصرعه في كل إنذار
تكفي الشهادة في الدنيا لطالبها / من معشر عرفوه بعد إنكار
فان ضحي ظله أحبت محامدَه / آثارُ ابلج بزّت كلَّ آثار
أعزز على حامليه فوق أعينهم / أن يرجعوا بأكف منه أصفار
كأنما النعش عرش زانه ملك / يمشي الهوينا باجلال وإكبار
كأنما العلم المصريُّ جلله / دم ترقرق فوق المنصل العاري
كأنما الراية الخضراء خافقة / جناح جبريل يغشى صاحب الغار
كأنم ذاك السواد الجون مرتفعاً / سحمٌ من الطير حطت فوق أشجار
كأنما الناس حول النعش مائجة / أمواج مضطرب الآذىّ زخار
فلو يعدون ما أوفى بهم عدد / كصيب القطر لا يحصى بمقدار
كأن أدمعهم تنهل واكفة / تهطال غيث ملث الودق مدرار
كأن أعينهم والحزن يقرحها / من البكاء زناد القادح الواري
كأنما لجب الباكين من هلع / هزيم رعد أجش الصوت هدار
كأنما السهل طرس فيه قد نظمت / من الهموم صفوف مثل أسطار
كأنما الارض قد سدت طرائقها / بالناس من ثابت فيها وسيار
قبر كاملَ بالصحراء وجهتهم / يبدو لهم بين أضواء وأنوار
أم حجرة المصطفى من يثربَ انتقلت / والناس ما بين طوّاف وزوَّار
يا من لبست من العلياء أنفسها / كيف ارتضيت بأسمال وأطمار
وكيف خلفت شوط المجد ينهبه / قوم شأوتهمُ في كل مضمار
وكيف أصحرت في بيداء بلقعة / نزلتها بين إمحال وإقفار
شلت يد الموت ما أقساه مفترساً / أنحي عليك بأنياب وأظفار
إنَّا أمنا من الأيام غائلها / ومن حتوف الليالي خوض اغمار
هيهات يثأر ريب الدهر من أحد / سودَ الثياب ولم تعبأ بأنظار
رأين أنَّ دموع القوم حائلة / فلم يقفن حياءً خلف أستار
وقد ظننت السحاب الجود منهمرا / حتى التفت فكان المدمع الجاري
نم هادئ الطرف واترك كل معضلة / من الأمور لأعوان وأنصار
فقد غرست بوادي النيل نابتة / علمّها كيف تأتينا بأثمار
غادرت أجفانهم مذ غبت ساهدة / كأن أهدابها شدّت بأثمار
كأن صبغ الدجى حبات أفئدة / ذابت لفقدك أو أحداق أبصار
في ذمة اللَه يا من حين أذكره / تجري الدموع دماً في كل تذكار
خذ من رياض القوافي كل عاطرة / تغنى ضريحك عن باقات أزهار
لك الفراديس فانزل من أرائكها / في ظل دانية الاغصان معطار
وقف عليك رثاء لا سواك له / أنت الشريف وهذا دمع مهيار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار / هون عليك فما في السجن من عار
ما أنت بالمرء يأبى سجنه وجلا / أو يرهب الموت أو يخشى الردى الجاري
اذا الفتى منح الاوطان مهجته / اذابها بين اهوال واخطار
يا منقذ الشعب من نار مسعرة / من يمسس النار لا ينجو من النار
ان يحجوك فان الشمس ما حجبت / في السحب الا وعادت ذات انوار
أو يحبسوك فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة الساري
او يشمتوا فصروف الدهر سائرة / يأتي على الناس ساقيها بادوار
كل من الخلق في اطوار عيشته / رهن لأقضية تجري وأقدار
نرضى بسجنك ان هم سلموا جدلا / أن الائمة كانوا غير احرار
لأنت في السجن كالصدّيق مختفياً / خوف العداة وقد آذوه في الغار
عبد العزيز ولا ادعو سوى يقظ / ما زال أسبقهم في كل مضمار
الشعب خلفك مدفوع بغيرته / كما تدفع تيار بتيار
فاصبر على السجن لا سارت ركائبه / اليك فاللَه يجزي كل صبار
ما لي أرى الشيخ قد زادت مثالبه
ما لي أرى الشيخ قد زادت مثالبه / واختار اهواءه يا بئس ما اختارا
كبر وكذب وتضليل ومنقصة / تملى الشنار وجيل يكتب العارا
تاللَه لولا تقى الرحمن يمنعنا / عن الهجاء لسودناه اسفارا
خذ من يراعي إذا عشنا مغلغلة / تذيقك السم والغسلين والنارا