القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الفضل الوليد الكل
المجموع : 8
رأيتُ زَهر النّوى نضيرا
رأيتُ زَهر النّوى نضيرا / فهيّج الحزنَ لا السّرُورا
أهوى نَضيراً من زَهرِ أرضي / وفي النّوى أكرَهُ النضيرا
فطالما هاجَ ذكرُ ماضٍ / أنشقُ مِن عَهدِهِ العَبيرا
أزهارُ أرضيَ كان شَذاها / يَملأ قَلبي الفتى حُبورا
ولونُها كانَ لون نَفسي / أيّامَ كانَ النَّدى نَثيرا
والحزنُ والهمُّ أذبلاها / وكم أرَتها النّوى سُرورا
فأصبَحت لا تُحبُّ نَضراً / ولا ابتساماً لا ثُغورا
فذُو الضّنى يحسدُ المُعافى / وذو العَمى يحسدُ البَصيرا
لمّا ذَوى الزَّهرُ في فؤادي / كَرِهتُ في الرَّوضِ أن أسيرا
فقدتُ شِعْرِي وكادَ قَلبي / يَفقُدُ مِن يأسِهِ الشعورا
تَشتاقُ عَيني دَمعي وحزني / يُغري دُموعي بأن تغُورا
الطلُّ يُنمي غصناً رطيباً / والغَيثُ لا يُنضِرُ الكَسيرا
الحكمةُ اليومَ أدّبتني / فَصرتُ من ضربها كَبيرا
وسِرتُ في عالمِ البَلايا / وغُربَتي أقطعُ الشّهورا
حتّى رأيتُ الربيعَ يُهدي / إِلى الوَرَى زَهرَهُ الكثيرا
فبتُّ أشري في السّوقِ زَهراً / مثلي غَدا عُمرُهُ قصيرا
وكنتُ أهوَى أن أَجتَنيهِ / وما اجتِنائي لهُ يَسيرا
فقلتُ يا قَلبُ شمَّ هذا / لا بدَّ يوماً مِن أن تَطيرا
ما زلتَ بعدَ انحِجابِ عدنٍ / تَذكُرُ مِنها شذاً ونُورا
يا ربّة الحسن والإيناسِ والخَفَرِ
يا ربّة الحسن والإيناسِ والخَفَرِ / تعهّديني بطيبِ الذّكر والأثرِ
زوّدتِ عيني وقَلبي ما سأنظمُه / شعراً وشعري هو الرّ‍يا من الزّهَر
إليكِ أُهدي رياحيني التي نضَرَت / وأنت ريحانةٌ للسمعِ والبصَر
هذي الرياحينُ من روحي مقدَّمةٌ / إِلى التي روحُها من نفحةِ السَحَر
من غصنِ قلبكِ زهرُ الحبّ ينتثرُ
من غصنِ قلبكِ زهرُ الحبّ ينتثرُ / أليسَ لي بعدَهُ ظلٌّ ولا ثمرُ
لئن يكن ماؤه قد جفَّ أنضَرَهُ / دَمعي فوَجداً على الأغصان ينهمر
ولّى الشتاءُ وريحُ الغربِ راكدةٌ / هذا الربيعُ وهذا العشبُ والزهَر
ما كنتُ أبسمُ للدنيا وبهجَتِها / لولا محيّاً عليهِ يطلع القمر
فأطلعيهِ على كربي ليؤنِسَني / فالغيمُ تحتَ ضياءِ البدرِ ينتشر
وعلِّليني بآمالٍ مزخرفةٍ / وصافِحيني ليبقى في يَدي أثر
إن السرورَ قليلٌ فاغنَمي فرصاً / يلذُّ فيها الهوى والكأسُ والوتر
كثيرةٌ هي أحزانُ القلوبِ أما / رأيتِ كيفَ كؤوسُ الشّربِ تنكسر
اليومُ لي فتعالي نَقتسِم فرَحاً / فالدَّهرُ يا ميُّ لا يُبقي ولا يَذَر
الطيرُ يشدو إذا لاحَ الصباحُ لهُ / والزّهرُ ينمو إذا ما جاده المطر
فامشي على الزَّهرِ ما دامَ الربيعُ لنا / حيث النسيمُ عليلٌ طاهرٌ عَطِر
وارضي بما لجميعِ الناسِ فيه رِضاً / ولا تكوني مَلاكاً إننا بشر
العينُ تدمعُ من حزنٍ ومن ضحكٍ / دَعي الهمومَ فماذا ينفعُ الكدر
إني ذكرتكِ تحتَ الزّهرِ ساطعةً / كأنها عقدُكِ الدريِّ ينتثر
فكاد حبُّكِ يُبكيني وأرّقني / شوقي إليكِ فلذَّ الدمعُ والسهر
فهل تذكَّرتِ يا حسناءُ ليلَتَنا / حيثُ الصّبابةُ سحرٌ رقيُهُ السَحر
إلى الثريّا رَفعتِ الكفَّ قائلةً / اذكر فما العيشُ إلا الحبُّ والذكر
إذاً تعالي إلى اللذّاتِ ذاكرةً / ما مرَّ منها ففي الذكرى لنا عِبر
الكونُ أنتِ فكوني لي أعُد ملكاً / يقولُ بين يديّ الأرضُ تنحصِر
هيّجتِ من أبلغِ اللذّات أذكارا
هيّجتِ من أبلغِ اللذّات أذكارا / لما هَتَكتِ من الأسرارِ أستارا
يا وردةً أزهرت مَيلاءَ ناضرةً / تشتاقُ طَلّاً وهبّاتٍ وأنوارا
هذا القوامُ كغصنٍ رفَّ مُنتثراً / والحسنُ أصبَحَ في خدَّيكِ آثارا
لكنّ عينكِ لم تفقد حلاوتها / والقلبُ تحتَ رَمادٍ لم يزل نارا
لهيبُهُ لاحَ فيها فالتَظَت كبدي / لا بِدع إن أشكُ إحراقاً وإحرارا
أذبَلتِ حسنَك بالإهمال غافلةً / فبتُّ أُكسِبُهُ باللّمسِ إنضارا
حرارتي أرجَعَت ماضي حرارتِه / حتى أرَيتُكِ في أيلولَ أيارا
الحبُّ ماويةٌ للقلبِ تُنضِرهُ / فالقلبُ كالغصنِ إيراقاً وإزهارا
إني أُحبُّ من الأزهارِ أجمَلها / لأجلِ وجهٍ يُريني الحسنَ أطوارا
أحبب بحمرتِه مِن بعد صفرتِهِ / إذا التقينا فخفتِ الأهلَ والجارا
أو الرقيبَ الذي يمشي على مهلٍ / كي لا يُنفّرَ في التَّنقير أطيارا
سميةَ الجَوهرِ الأغلى التي انفردت / فقتِ النساءَ وهذا فاقَ أحجارا
تباركَ اللهُ في وجهٍ هُديتُ بهِ / كان الرضيَّ وقلبي كان مِهيارا
الخدُّ مزهرةٌ والثغرُ معطرةٌ / هل كان جدُّك عطّاراً وزَهّارا
لما تنفَّستِ عطّرتِ الصَّبا أُصُلاً / ولم تكوني بغيرِ الثّغرِ معطارا
جودي بما فيهِ من درٍّ ومن عَسلٍ / للجوهريِّ الذي وافاكِ مشتارا
سعَّرت بالنّبلِ قلباً غيرَ مدَّرعٍ / ولم أكن لأظنَّ الطَّرفَ أسوارا
أوتيتِ نصراً وهذا الحبُّ معركةٌ / لكِ الهناءُ فقد أخضعتِ جبّارا
هذا المُحيَّا عليهِ أشرَقَ النورُ
هذا المُحيَّا عليهِ أشرَقَ النورُ / فنوَّرَ الزَّهرُ فيهِ وهو ممطورُ
لكنَّهُ جنَّةٌ لا يُجتَنى زهرٌ / مِنها لأنَّ سياجَ الشَّعرِ مضفور
إن جئتُ أجنيه أو أسقيه روَّعني / سيفٌ من العينِ فيهِ النارُ والنور
ما زلتُ في حبِّها أرتدُّ مندحراً / وكيفَ أظفرُ والسفّاحُ منصور
في غصنِ قامتِها ما شئتُ من ثمرٍ / فليتَ قلبي على الأثمارِ عصفور
عيناكِ بلّلتا خَدَّيكِ فارتسمت / لي وردةٌ أزهرت والطلُّ منثور
فأمطري الوردَ في خدَّيكِ حاجَتَهُ / من مزنِ عينيكِ فالإحسانُ مشكور
يا ليلةَ الحبِّ أغري الغيمَ بالقمرِ
يا ليلةَ الحبِّ أغري الغيمَ بالقمرِ / وأسبلي فوقنا ستراً من الشَّجر
لسنا نهمُّ بما تأباهُ عفَّتُنا / لكنّنا نختشي ريباً من النظر
حبيبةَ القلبِ ما أحلاكِ ساهرةً / والأرضُ قد نوّرتها طلعةُ القمر
لا بل مُحيّاكِ إذ لولاهُ لا قمرٌ / يَحلو وما التَذَّتِ الأجفانُ بالسهر
لا تَجزَعي فحياةُ المرءِ ماضيةٌ / إمّا على فرحٍ في الحبِّ أو كدر
ضَعي على عُنُقي رأساً بهِ اجتَمَعَت / كلُّ المحاسنِ من نورٍ ومن زهر
هذا قِرانٌ سعيدٌ أكسَبَ الدارا
هذا قِرانٌ سعيدٌ أكسَبَ الدارا / من جنَّةِ الخلدِ أطياباً وأنوارا
فأشبَهت روضةً غناءَ قابلني / فيها الأحبةُ أزهاراً وأطيارا
أرى السعادةَ للزوجينِ باسمةً / مع الربيعِ وقد زاداهُ إنضارا
والآنَ أسمعُ من قلبيهما نغماً / به الهوى صيّرَ الأعراقَ أوتار
تفتَّحَ الزهرُ من عشبٍ ومن شجرٍ / مثلَ القلوبِ لعرسٍ زانَ أوطارا
وجنةُ الحبِّ قد لاحت مزخرفةً / ليقطفا اليومَ أزهاراً وأثمارا
يا حبّذا عرسُ محبوبينِ شاقَهما / ما شاق في الحبِّ أخياراً وأطهارا
كأنه ذلك العرسُ الذي سكبت / يدُ المخلِّصِ فيهِ الخمرَ مِدرارا
على ابن لبنانَ بنتُ الشامِ قد عَطَفت / فالشامُ تصبُو إلى لبنانَ مِعطارا
وفي اتحادِهما حبّاً ومصلحةً / رمزٌ لأُمنيِّةٍ تهتاجُ أحرارا
فللعروسينِ منّي خيرُ تهنئةٍ / ضمَّنتُها لهما حبّاً وإيثارا
فلا يزالا برَغدٍ من زواجهما / حيثُ الملائكُ تحمي منهُ أخدارا
واللهُ يُسبغُ طولَ العمرِ نعمتَهُ / عليهما ويزيدُ البيتَ إعمارا
والحبُّ آفاقهُ بالنَّجمِ ساطعةٌ / ورَوضُه يُنبتُ الريحانَ والغارا
تبسَّمَت لهما الدنيا فبتُّ أرى / في رَونقِ العرسِ من آذارَ أيارا
والحاضرونَ جميعاً قائلونَ معي / الله باركَ أهلَ الدارِ والدارا
لولا الكتابةُ كان العِلمُ مُندثرا
لولا الكتابةُ كان العِلمُ مُندثرا / فالخطُّ يَنظُمُ في الأوراقِ ما انتَثرا
وصورةُ النَّفسِ ما قد سالَ من قلمٍ / فالعاثرُ الجِدِّ من في طِرسِهِ عَثرا
فكُن مُقِلّاً مُجيداً في صِناعتهِ / ما يُعجِبُ الناسَ يبقى قلَّ أو كثُرا
الكفُّ تُعطي خلوداً وهي فانيةٌ / لا يحفظُ الدَّهرُ إلا الذِّكرَ والأثرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025