المجموع : 25
الناس في الدَهر أَنباءٌ وَأَخبارُ
الناس في الدَهر أَنباءٌ وَأَخبارُ / وَالكَون كَونان أَعيان وَآثارُ
فَاعمل لما شئت أَن تَحيى عَليه بِهِ / وَكُن حَكيماً إِذا ما كُنت تَختار
لا خَير في العَيش إِن لَم يصطحب شَرَفاً / وَلا اقتحام الردى دُون العُلا عار
فَلا تَكُن تُزدرَى وَاحفظ وَقارَك إن / جار الزَمان وَخان العز وَالجار
وَاعمل مع الصَبر ما يَرضى الكَمالُ بِهِ / وَاكتُم مَصابك إِن الدَهر دوّار
لا يرغم الدَهر إِلا من يطيش بِهِ / فَاعتز بالنفس إِن خانتك أَنصار
الدَهر أَقبل بالإِقبال مَسرورا
الدَهر أَقبل بالإِقبال مَسرورا / وَالملك عز وَأَضحى الأَمر مَيسورا
وَلاحَ بَدرُ التَهاني في سَما شَرَفٍ / يَمحو بِشامل هَذا النور دَيجورا
فَروّح الفَرْحُ رُوحاً طالَ ما حزنت / وَواصل الجفن غمضاً كان مَهجورا
وَجمّع النَصر شَملاً كانَ مفترقاً / فَرُدَّ عَنهُ العِدا صَرعى مداحيرا
وَأَيد اللَه تَوفيق المَليك عَلى / رَغم الألى دمّروا الأَوطان تَدميرا
فَالحَمد لِلّه إِذ والى نعائمَه / وَأَصبَح اليَوم سَعيُ المَجد مَشكورا
فَالآن عززنا المَولى بنصرته / وَالآن قَد قارن التَدبير تَقديرا
فَيا زَمان التَهاني دم لَنا فَلَقد / عادَت أَعاديك في خزي مخاسيرا
وَيا مُنى النَفس عادَ الأنس فاحْظَ بِهِ / وَيا صَفا القَلب قَد فارقت تَكديرا
هَذا الخديو الَّذي يَسمو الزَمان بِهِ / وَافى وَيقدمه الإِجلال مَوفورا
هَذا الَّذي سرّت الدُنيا بطلعته / فَكرّرِ الشُكرَ للرحمن تَكريرا
قَدمت مَولاي بالرحمن منتَصِراً / ودامَ ملكُك بِالتَعزيز مَعمورا
مُرِ الزَمانَ وَأَهليه فَقَد خَضعت / لَكَ العِداةُ جَماهيراً جَماهيرا
وَاحكم بما شئت فيما رمت محتكماً / بحكمة تترك الصَنديد مَذعورا
وَاستعمل السَيفَ في رَأس علا فَطَغى / حَتّى غَدا بخمور الغَيّ مَخمورا
فَكَم رَأفتَ بهم حلماً وَلنتَ لهم / فَضلاً وَأَصبَح ذاكَ العرف مَنكورا
وَكَم منحتهم من نعمة فَأَبوا / شكرانَها وَغدا ما جدتَ مَكفورا
أَوليتَهم ما رعوا أَحسنتَ ما عَرفوا / رحمتَهم أَجرموا حَتّى اِغتَدوا بورا
فَاشدد لأعناقهم أَغلال ذلتهم / فَطالَ ما طوّقت فَضلاً وَتيسيرا
لا تجعلنَّ لهم في العفو مطمعةً / وَاجعل جزاءهم قتلاً وَتَتبيرا
عرّفهمُ بلسانِ السيف ما جلهوا / من الحدود التي جازوا لها سورا
وَطهر الأَرض منهم إِنَّهُم نجسٌ / وَاجعل لهم من ذُباب السيف تطهيرا
وَاجعلهم عبرةً للسائرين فكم / كانوا بفضلك في الدُنيا مشاهيرا
هذا جزا فئةٍ خانَت بما فجرت / لم تَخشَ حَقاً وَلم تلزمه توقيرا
هَذا جزاءٌ وفاقٌ طبق ما اجترموا / فَطال ما اجترحوا من سيِّئٍ جورا
كم رمّلوا من مصوناتٍ مخدّرةٍ / أَضحت محاجرها غرقى محاسيرا
كَم روّعوا من قُلوب لا قَرار لها / كَم فَجَّروا أَعيُناً بالحزن تَفجيرا
لَم يرقبوا اللَه في دينٍ وَلا وَطَنٍ / بغياً وَغيّاً وَإعداماً وَتغريرا
لَو أَنهم انصفوا الأَوطان ما جلبوا / حرباً وَلا اتّبعوا للحرب شرّيرا
لا تبق منهم وَلا ترأف بذلتهم / وَمر بهم وَاجعل الصمصام مأمورا
أَذقهم اليوم ما بالأَمس قَد فعلوا / وَاذكر لهم سيئاً جمّاً موازيرا
وَاجعل لبيض المواضي في رقابهمُ / صَدى نداهم ليبكي اليَوم زنجيرا
فَطالَ ما بتُّها سَوداء مظلمة / أَنادم الغيظ تعريفاً وَتنكيرا
وَطالما طاف بي هَولٌ أَهوّنه / وَأتبع الظن تصديقاً وَتَصويرا
فَالحَمد لِله يا مَولاي عدتَ لَنا / وَقَد نَظمت من الأَلباب مَنثورا
وَالعذر لي عَن قُصوري في مَديحك إِذ / طُول الهُموم أَعار الذهن تَقصيرا
وَاسلم وَدُم وَاحتكم وَاحكم فَأَنتَ لَنا / رُوحٌ نَعيش بِها دَوماً أَداهيرا
فذا قدومك وَالعليا تؤرّخه / تَوفيق عاد مَكين الملك مَنصورا
أَمدمعُ الطلّ في خدّ الزهور جَرى
أَمدمعُ الطلّ في خدّ الزهور جَرى / وَقال نرجسُها يا كم أَرى وَتَرى
وَالطير في الدَوح قَد هاجَت بلابلُها / كَأَنَّها أعملت من عُودها وترا
وَللنسيم وَأعطاف الغصون هَوىً / هَذا يميل وَذا يعتلّ حين سَرى
وَللخمائل وَشيٌ سندسٌ وَعَلى / خاماتِه رونقٌ يستوقف النَظَرا
وَالنَهر منطبعٌ فيهِ الجَميع كَما / قَد يَطبع الفكر في أَلبابنا صُوَرا
وَالجَوّ فَيروزجيّ اللَون زيَّنَهُ / طَرْزُ الكَواكب مَنظوماً وَمُنتثرا
وَاللَيل قَد مَدّ مِن أَستاره سُدُلاً / وَمِن دراريه أَمسى ينثر الدررا
حَتّى إِذا ما دجى وافى بزورته / حُبٌّ أَرانيَ بَدراً في الدُجى سحرا
وَافى بوعدٍ وَوفَّى وَاِصطَفى وَصَفا / يَميل سكراً براحِ الدلّ مُذ خطرا
مَورّدُ الخَدّ في أَلحاظه دعجٌ / مقوّم القدّ مهما لاين اقتدرا
كَأَنَّما جَنة الفَردوس طَلعتُه / لَكنها بَعُدت أَن تُثمر الوَطرا
وَافى وَلي مُهجةٌ يا طالما وَجدت / وَجداً إِلَيهِ وَطَرفٌ طالَما اِنتَظَرا
مهفهفٌ أَغيدٌ رقّت شَمائلُه / حلو الحَديث مَريرُ التيه إِن نَفَرا
مجعَّد الشَعر وَضّاح الجَبين فَما / أَسجى لَكَ اللَيلَ إِلا أَطلَع القَمَرا
تَجنَّب الراح وَالكَأس الشهيّ غنىً / بِما سَقاه لَماه قَرقَفاً عَطِرا
مَهذَّبُ الطَبع عَذبُ اللَفظ يعشقه ال / لبُّ التقيُّ وَفيهِ تَصدقُ الشُعَرا
إِذا رَنا فَسيوف الهند تعبدُهُ / وَإِن تَثنَّى أَتاه الرُمحُ فاعتَذَرا
لا تسبق العَينُ قَلباً في محاسنه / إِلا كَما تسبق المقدورةُ القدرا
وَلا يَردّ هَواه ناصحٌ حذرٌ / إِلا كَما ردّ عَهنٌ يابسٌ شررا
يا صاحبيَّ سَلاه الرفقَ في تلَفي / إِن شاءَ فَالفَضلُ أَو فَالأمرُ ما أَمرا
بَين الملاحة صان اللَه نضرتَها / وَبَين عز المَعالي حيَّرَ الفِكَرا
إِن قُلتَ ظبيُ الحِمى قالَت لَواحظُه / تِلكَ العُيون وَأَين الغَنجُ إِن نَظَرا
أَو قُلتَ شَمسُ الضُحى قالَ الجَبينُ نَعم / وَأَين ما في الخُدود الزُهرِ مزدَهِرا
أَو قُلتَ غُصنُ النَقا قال القوامُ بَلى / لَولا الدَلال وَلَولا التيه كُنت أَرى
أَستغفرُ اللَهَ ما شبَّهتُه أَبَداً / بِغَيره وَعَسى إن أَعتذر عذرا
أَوّاهُ مِن مَوقفٍ وَالدَهرُ مبتسمٌ / وَقَد صَفا وَقتُنا وَالأنسُ حَيثُ جَرى
ناولتُه زَهرةً كَيما تَفوز بِهِ / وَكَيفَ أُهدي إِلى غُصنِ النَقا زَهَرا
فَاسترحموه لصبٍّ قلّ ناصرُه / وَأَيّ نَصرٍ عَلى من لحظُه انتصرا
ما أَحسنَ الآسَ فَوق الوَرد مُزدَهِرا
ما أَحسنَ الآسَ فَوق الوَرد مُزدَهِرا / يا خدَّه وَعذارٌ مُهجتي أَسرا
لِلّه أَعينُك النجلاءُ كَم فتكَت / بِمُهجةٍ وَقَوامٍ في نُهىً خَطرا
يا مَن إِذا مال قُلتَ الغُصنُ منعطفٌ / وَإِن تبدّى يُرينا وَجهُه القَمَرا
أَشكو لخصرك من سقمي وَمن عدمي / فتستبيح دمى همزاته هَدرا
فَيا مليكَ الهَوى رفقاً بعبد هَوىً / تَجني عَلَيهِ وَكَم تَلقاه معتذرا
اللَهَ اللَهَ في قَلبي وَفي تَلَفي / مِن لَوعة صَدعَت أَو مدمعٍ وَجَرى
وُدّي جَميلٌ وَقَلبي في هَواك بِهِ / جُنونُ عشقٍ فَمَن لَيلَى وَمَن ذكرا
أَهواك أَهواك فَاحكم ما تَشاءُ وَلا / تَخشى التَجنّي وَسُد يا سَيِّدَ الأُمَرا
فَالأَمر ممتَثَلٌ وَالعَبدُ مبتهِلٌ / وَالعَقل منذهِلٌ وَالحال كَيفَ تَرى
وَالوَجدُ مستعِرٌ وَالدَمعُ منهمِرٌ / يا طالما قَد جَنى في جسم من سهرا
ماذا تَقول وَقَد أَفنيتَني أَسَفاً / إِن قُلت جارَ حَبيبي بَعدما اِقتَدَرا
إِني وَإِن كُنتُ أَشكو في المَحبة ما / أَلقى فَشُكري لِمَن في حبِّكم عَذَرا
تُغنيك أَلحاظُك النجلاءُ في تَلَفي / إِن شئتَه فَاقترب حَتّى أَرى وَتَرى
حيّا وَجاد وَنهجُ الودّ مَحظورُ
حيّا وَجاد وَنهجُ الودّ مَحظورُ / وَفَى ووافي وَذكرُ القُربِ مَحذورُ
جاد الزَمانُ عَلى بُخلٍ بطلعتِه / وَحثَّه خُلُقٌ بالصدق مَشكور
وَالقدّ جار عَلَينا وَهوَ معتدلٌ / وَاللحظُ فينا بكسرِ الجفن مَنصور
وَوَجنةٌ جادَها ماءُ الشَباب صَفت / تِلكَ اللَواحظ في جناتها حور
تَفيّأت فَوق نُور الوَجهِ طرّتَهُ / فَقُلت يا حَبّذا ظلٌّ وَمنظور
ناديتُه وَزَمانُ القُرب معتذرٌ / عَن بُعده وَهوَ بَعد القُرب مَغفور
بِنفسجُ اللَيل ضمَّ الوَردَ مِن شَفَقٍ / وَنَرجسُ الزَهرِ مثل الزَهر مَنثور
فَعاطني فَعَزيزُ العُمر ما سمحت / بِهِ اللَيالي وَلم يُهمله تَقصير
وَذُق لَماها حَديثاً عَن قَديم هَوى / بِكْرٍ ثَوى دونَها في العَصر سابور
تُحيي الصَفا وَتُميت الهمَّ نشأتُها ال / أَخرى وَنشأتُها الأُولى قَوارير
قانونُها حاكمٌ في عقلِ شاربِها / وَنشرُها طَيِّبٌ للشرب مَنشور
إِذا استوت فَوقَ عَرش الكأس باسمةً / فَكلُّ حَزمٍ بِملك الصَفوِ مَغرور
وَلَمعةُ الكَأسِ عَن قابوس يُخبرُنا / نُعمانُها منذرٌ وَاللَونُ كافور
كَأَنَّها حينَ رقت من لطافتها / رُوحٌ تضمَّنها رُوحٌ وَبلّور
يا حَبذا الراح إِذ تُبدي سَرائرَنا / مَع الكَمال وَقَلبُ الكُلِّ مَسرور
إِني لأَشربُها لو أنَّ مطربنا / زَأرُ الأُسود وَساقي الكَأس زئير
فَعاطينها خَليلي وَهي صافيةٌ / وَلا يَروعنْك مِن دُنياك تَكدير
وَلا تهب من غَد غَدراً تحاذره / فَكلُّ شَيء لَهُ حَدٌّ وَمَقدور
وَلا تَدَع أُنسَ يَومٍ أَنتَ مالكه / فَما وَراء الَّذي عاينتَ مَستور
وَما عَلَيك إِذا عاجلت فرصتَها / بِالجدّ تغنمها وَالجَدُّ مَأثور
إِني لَأَعجَبُ مِنها كَيفَ ضلّ بِها / قَومٌ وَمصباحُها في كَأسها نُور
فَلا يَهولنْك هَجرُ الصَحبِ زورتَنا / فَكُلُّ ذي خَطر في الناس مَهجور
وَلا يضيرنْك مَن أَلوى الزَمانُ بِهِ / إِنَّ الجَبانَ عَلى ما كانَ مَعذور
إِني لأَعلم أَن الناس خلَّتهم / ذاتُ اختلال وَأَحلى قَولهم زور
وَلَستُ أَعجَبُ مِن تَفريق جَمعهمُ / فَكُلُّ جَمعٍ عَلى التَفريق مَفطور
وَلَستُ آسفُ مِن تَحويل حالهمُ / فَكُلُّ حالٍ عَلى التَحويل مَجبور
وَهَل يَظنُّ فَتى أَنّي أَهونُ لَهُ / ما دام في غِيَرِ الأَكوان تَغيير
فَقُل لَهُم بئس ما جازيتمُ رجلاً / وَفَى لَكُم وَجنانُ الدَهر مَذعور
يا مَعشراً صدَّهم عن ودّ صاحبهم / حُبُّ الحَياة وَطَبعٌ فيهِ تَغرير
وَدَع مَقالَ صِحابٍ لا خَلاقَ لَهم / فَقلّ أن يصطفي الخلان مغدور
وَاذكر محاسنَهم وَاللَه يرحمهم / فَكلُّهم ميّتٌ بالجبن مقبور
وَاعذر فَللوقت حكمٌ يخضعون لَهُ / وَللزمان عَلى الأَخلاق تَأثير
شتان ما بين مَن أَبقى الوُجود لَنا / وَبَين من سبقت فيهِ المَقادير
إِن الرِجال الأُلى ولّوا لنا تركوا / عَهداً نَفيهِ وَتُبقيهِ الأَساطير
فَخلّ عَنّا وَفاءً لا سَبيلَ لَهُ / مات الوَفا وَتَخلّى مِنهُ مَعمور
وَخُذ بنا في حَديث الراح نَشربُها / فَأَنعمُ الناسِ بِالأَيام مَخمور
لِلّه أَوقات أُنسٍ مَتَّعت نظري
لِلّه أَوقات أُنسٍ مَتَّعت نظري / يَومَ السِباق بظبيٍ ساحر الحَوَرِ
كَأَنّه فَوق طِرفٍ جال مستبقاً / طودٌ عَلا فعلاه مطلع البدر
لِلّه ما كان أَجراه بحلبتنا / جَرى الهَوى مِنهُ في سَمعي وَفي بَصَري
يَومٌ مَضى ظَلّ يَرعاني بِهِ زَمَني / في الأَرض أَسعى وَلَكني مَع القَمَر
يَومٌ رَأَيت الثريّا في يَدي نَزلت / وَالعَزمَ في وَجلٍ وَالحَزمَ في حذر
اللَهَ اللَهَ يا يَومَ السباق لَقَد / أَوليتَها ساعةً أَحلى مِن العُمر
ما عاقَني عَن عِناقي مَن أُحبُّ سِوى / قَولِ العَذولِ فَلانٌ قَد أَرادَ فَري
لَمّا تَجلّى ودّك الطور من جلدي / عاينت نار فُؤادي دُون مصطبري
وَظلّ قَلبي يُناجي طَرفه شَغَفاً / حَتّى أَخذت كِتابي في الهَوى العُذُري
اللَهَ اللَهَ يا للترك كَم فَتَكت / أَلحاظُها بفؤادٍ ضائعٍ هَدِر
دَع ما رمت ثُعَلٌ وَالهندُ إن طبعت / وَانظر فَإِنّهما في اللَحظ وَالنَظر
مهفهفٌ ماله في عَصره مثلٌ / وَلَيسَ يَعدلُهُ في التيه وَالخفر
أَهواه أَهواه لا أَرجو السلُوَّ وَقَد / عَلمت أَني بِمَن أَهوى عَلى خَطر
فَالعَينُ في خدّه تَرعى الجِنانَ بِهِ / وَالقَلبُ مِن حبه يَسعى إِلى سقر
وَهَكذا نَحنُ أَربابَ الهَوى سِيَرٌ / نَفنَى فَنَبقى عَلى الدُنيا لمدَّكر
ثَغرٌ نَقيٌّ وَخدٌّ زاهرٌ نَضِرُ
ثَغرٌ نَقيٌّ وَخدٌّ زاهرٌ نَضِرُ / وَأَعينٌ سحرُها يَلهو بِهِ الحَورُ
وَغرّةٌ وَقَوامٌ إِن رَأيتَهما / هَيهات يُلهيك غُصنُ البان وَالقَمَرُ
حُسنٌ لَهُ الآيةُ الكُبرى وَمِن عَجَبٍ / أَن لا يَراها اللواحي حَيثُما نَظروا
أُمسي بِهِ كَلِفاً أُضحي بِهِ دَنِفاً / لا الوَصل يُرجَى وَلا عَن ذاكَ مصطبر
وَزادَني أَسَفاً قَولُ الكَذوب سَلا / تَبّت يَداه أَيسلى السَمعُ وَالبَصَرُ
وا حبّذا صولةُ الأَجفانِ بالحَوَرِ
وا حبّذا صولةُ الأَجفانِ بالحَوَرِ / وَحبّذا زَهرةُ الوَجنات بالخفرِ
وَحبذا حسنُ هاتيك الشمائل إِذ / تَحكي الشَمائل في الجَنّات بالسحر
قد نبَّهت نرجساً قد غضَّ أَعينَه / وَالطلُّ كلَّل تاجَ الزَهر بالدرر
وَالرَوضُ يبسط من أَنواره فُرُشاً / وَالطَيرُ تشدو عَلى عودٍ من الشجر
وَالقَطرُ يَبكي وَأَزهارُ الرُبَى ضحكت / وَالغُصنُ يَرقصُ بين الطيرِ وَالوَتر
فَيا لَها نظرةً قَد أَسلمَت كَبدي / إِلىالهَوى وَسَعَت بي موقفَ الخطر
وَكان أَوّلَ أَمرٍ بيننا نظرٌ / وَجلُّ نارٍ تُرَى من أَضعفِ الشرر
فَصُلتَ عزّاً وَذلّي أَنتَ عالمُه / وَتهتَ عنّيَ لمّا تاه مصطبري
وَكَم ليالٍ وَأَيامٍ أُكايدُها / بَين انتظار وَبين الفكر وَالسهر
وَمذ تسترتَ عَني بِالنَوى افتُضِحت / سَرائري وَكفى خُبْري عن الخَبَر
يا أَهيفاً راعني بعد الوَفا بجفا / وَزادَني بالنَوى يأساً عَلى ضجري
وَدّعتَني وَتَرى حالي وَما فعلت / يَدُ اللَيالي بصبرٍ غير منتصر
أَوكلت عينيَ أَن تجري مدامعُها / وَذُدتَ نوميَ بالتسهاد وَالعِبَر
وَقال قومٌ لواحٍ لا خَلاقَ لهم / اسْلُ المُنائينَ وَاخْلِ القَلبَ عن كدر
وَكَيفَ أَسلو وِداداً قَد تحكَّم مِن / قَلبي وَخامرَه في غرَّةِ العُمُر
سقياً لعصرِ اللقا ما كان أَطيبَهُ / لَو لم يُشَبْ فيهِ عَهدُ الوَصلِ بالقِصَر
عصر الصبا وَالتَصابى وَالهَوى مُزِجَت / كؤوسُه بلذيذِ الأُنسِ وَالسمر
لقد تَوالت لذاذاتٌ فما رَضِيَت / نَفسي الوصالَ وَصَفواً غيرَ منحصر
حَتّى تولّت وَما قضّيت واجبَها / كَأَنَّها في سُراها طارِئ الفِكَر
لو كُنتُ أَملكُ ذا أَو كان يملكُه / لكان سَهلاً وَلَكن سابِقُ القدر
فَها أَنا بعدَهم أَبكي معاهدَهم / وَأذكرُ العهدَ ذكرَ العين بالأثر
وَهَكذا الدَهرُ هَمٌّ وَانشراحُ فما / حالٌ يَدوم عَلى صَفوٍ وَلا كدر
مثلي وفِيٌّ بما استُودِعتُه وَكذا / يفي الكَريمُ عَلى يَأسٍ وَفي خَطر
غصن تَهادى نديُّ الزَهرِ في يَده
غصن تَهادى نديُّ الزَهرِ في يَده / لَما تَبدّى بعزِّ التيه وَالخفرِ
كَأَنه حَيثما أَهداه مبتسماً / وَقَد سَبى القَلبَ وَاستولى عَلى الفِكَر
كَواكبٌ ذاتُ أَلوانٍ منوّعةٍ / تَجمّعت فَاستهلّت في يَدي قمر
أَما تَرى اللَيلَ وَالأَفلاكُ دائرةٌ
أَما تَرى اللَيلَ وَالأَفلاكُ دائرةٌ / وَالشَمسُ غاربةٌ وَالبَدرُ مستورُ
كَأَنَّما النجمُ في جوّ السَماء سما / بساطُ نَدٍّ عَلَيهِ الدُرُّ مَذرورُ
وَالرَوض نرجسُه قَد غضَّ أَعينَه / وَالوَردُ يَضحكُ وَالمَنثور مَنثور
وَالنَهر يَسقي غُصوناً وَهيَ مائِلَةٌ / كَالصَبِّ يَبكي حَبيباً وَهوَ مَغرور
يا لَهف نَفسي وَلَست أَدري
يا لَهف نَفسي وَلَست أَدري / بِأَيّ حال أَصون سرّي
فَلا عُيوني تَرى مَنامي / وَلا فُؤادي يُطيع أَمري
وَلا خَليل إِلَيهِ أَشكو / وَلا حَبيب يَصون صَبري
أَوّاه من حسرة أَراها / جلّت وَطالَت وَطالَ عُمري
قَد كانَ لي في الزَمان حُبٌّ / كَالشَمس تجري لمستقرّ
جَمالُه قبلتي وَديني / هَواه حشري بهِ وَنَشري
وَعزَتي ذلتي لديه / وَكُل ذي رفعة لقدري
كانَت لَيال بِهِ وَكُنا / لَها نَدامى سرت وَنَسري
وَشَمس راحي بكف بَدرٍ / أَفديهِ مِن أَغيد بدهري
للضم قدّاً حوى كغصن / للَّثمِ خدّاً حَوى كَزَهر
لا تذكروا بعدهم عُيوناً / إِلا عُيوني جَرَت كَنَهر
وَلا تَقولوا عَساك تَسلو / فَذاكَ قَول يَضيق صَدري
وَكَيفَ أَسلو وَكَيفَ أَنسى / أَنسى زَماناً مَضى بمصر
هَيهات هَذا وَذاكَ مني / بَل كَلّفوا بِالسلوّ غَيري
أَما أَنا فَالوَفاء ديني / فَكَيفَ أَرضي لَهُم بغدر
وَأَيّ عذر إِذا التقينا / يَقوم عَن سَلوَتي بعذري
يا صاحبي لا تلم محباً / مَهلاً فَحُكم القَضاء يَجري
إِن كُنت مثلي فَلُم وإلا / فَكُن محباً بُلِي بهجر
وَثمّ قُل ما تَشا وَحدّث / وَلا تعربد بِغَير سكر
طَيفُ الحَبيبِ سَرى وَاللَيلُ معتكرُ
طَيفُ الحَبيبِ سَرى وَاللَيلُ معتكرُ / وَالقَلب مستعرٌ وَالجفن منهمرُ
فَقُمتُ أَشكو إِلَيهِ من تباعده / وَأَرتجي وَصله جَهلاً وَأَنتظرُ
يُقبِّلُ الوَهمُ من خدّيهِ زاهرةً / وَيَهصرُ القدَّ منهُ الظَنُّ وَالفِكَرُ
أَقول يا زائري وَالجَمعُ مفترقٌ / كَيفَ استطعت سَبيلاً وَالمَدى خَطِر
أَفديك من زائرٍ يلهو بِهِ خلَدٌ / وَلم يَنل وَصلَه سمعٌ وَلا بصر
هَلِ للزَمانُ عَلى ما كانَ يَجمعنا / يوماً وَهَل مُسعدي من بعد ذا القَدر
وَهَل تَعود لَيالٍ بِالحمى سلفَت / وَيُطرِبُ الأنسُ وَالإِيناسُ وَالوتر
وَهل يَروق مُدامٌ بِالمُنى وَتُرَى / وَينقضي مِن زَمانٍ بِاللقا وَطَر
وَهَل يَكُون لَنا أنسٌ وَمجتمعٌ / وَتشتفي مهجةٌ بِالهجرِ تنفطر
وَهَل يُراعُ خَليّ بَعدَ ما انبسطت / آمالُه بنوانا وَالوَرى سِيَر
فَقالَ ثق بِالَّذي أَمضى بنا وَقَضى / وَاذكر ففي يوسفِ الصدّيق معتبر
فَكَم بَعيدٍ وفَضْلُ اللَه قرّبهُ / وَكَم ذَليلٍ عَلى يَأسٍ وَيَنتصر
يا سادةً باعدونا بعدَما ملكوا
يا سادةً باعدونا بعدَما ملكوا / منا القُلوبَ فطاش السمعُ وَالبصرُ
قَد خاننا كُلُّ شَيء بَعد بُعدكم / إِلا الوَفيانِ دَمعُ العَينِ وَالفِكَرُ
وَلم يَزل أَملي يُدني إِلى أَجلي / حَتّى اِستَوى العاديانِ الصَفوُ وَالكدرُ
مَن لَم يَنل فرصةَ الآداب في صِغَرِهْ
مَن لَم يَنل فرصةَ الآداب في صِغَرِهْ / فَقَد أَصابَ هُمومَ الدَهر في كِبَرِهْ
يَمضي الوليّ وَيَبقى بَعده هَدفاً / لِسَهم لوّامةٍ تَصفو عَلى كدرهْ
وَما جَنى الذنبَ إِلا أَنّ والده / أَضاعه فَغدا يَشقى عَلى أَثرهْ
تُصادِمُ الدَهرَ أَم تَسطو عَلى القَدرِ
تُصادِمُ الدَهرَ أَم تَسطو عَلى القَدرِ / بِأَيّ جندٍ من الإقدامِ وَالحذرِ
هذا يفاصل ما واصلت من أَرب / وَذاكَ يَعكس ما أَوردتَ بالصدر
فَلا أَكف المُنى يَملكن بعضَ مُنىً / وَلا العُيون تردّ المدّ بِالبَصر
وَصائِلُ المَوتِ لا يَنهاضُ جانبُه / عن ذي جنان وَلا يَنبو لمبتدر
وَالدار عافية الناجين إِن صلحت / وَالأَمر يَقضى عَلى غاد وَمبتكر
وَاللَه يَبقى وَيَفنى كُلُّ ذي أَملٍ / وَيذكر المَرء بَعد العين بِالأَثر
وَلَو دَرى المَرء ما في الغَيب من عَجَب / ما باتَ يَسبح في بحرٍ من الفِكَر
أَو كانَ يُغنيه صفقُ الكَفِّ من ندم / ما جرّ همّاً لراج خذل منتصر
وَكَم نَرى عبرةً في الدَهر لو جُليت / عَنا الغَياهبُ أَغنى الخُبْرُ عن خَبَر
نؤتى وَنُفجَعُ وَالآمالُ طائلةٌ / نَلهى وَنطربُ في أُنسٍ وَفي سمر
وَتفزع الضأن من ذئبٍ أَلمّ بها / وَنَحنَ نَأمن كَيدَ المدرك الخطر
وَنُنفدُ العمر في لَهو وَفي لعب / وَالترب ننسى كمتعوب على سَفر
أَشكو إِلى اللَه من نَفس أَعلّلها / كَم حملتني عبءَ الشرّ وَالضَرر
إِن ملت عنها استقامت أَو سهرتُ تَنَمْ / أَو استقمتُ تمل وَتنام في سهري
وَكَيفَ آمالُها تَصفو وَقَد خُلقت / من معدن ما خَلا يَوماً من الكَدر
لَكن فَضلك رَبي لَستُ أَذكرُه / إِلا وَآبت لي الآمال بِالظفر
لا تَجعلنّ رَجائي دُونه عَملي / فَلن تَردّ الدَياجي بَهجة القَمر
هويت روميةً تقسو طبائعها
هويت روميةً تقسو طبائعها / كقلبها وتجاريه بما جارا
تزهو بإسكندر الروميِّ إن شربت / ولا تبالي ولو كاس الطلى دارا
كفى الفؤاد على الدنيا جوىً وأسىً
كفى الفؤاد على الدنيا جوىً وأسىً / والعين دمعاً يحاكي صيَّبَ المطرِ
إني وصلت فلم أقنع بغرته / واليوم أقنع بالتذكار والفِكَرِ
مضى زمانُ الصبا تعدو رواحلُهُ
مضى زمانُ الصبا تعدو رواحلُهُ / والدهرُ طوعى وصفوي خالي الكدرِ
فليته لو بقي ما لست أحمدُهُ / واليوم أقنع بعد العين بالأثرِ
تقهقهَ الرعدُ فانهلت مدامعُهُ
تقهقهَ الرعدُ فانهلت مدامعُهُ / والضحكُ يجري دموعُ العين وافرُهُ
فهاتها وزهور الروض زاهرةٌ / والغصن يعتبُهُ بالنوح طائرُهُ
عش لا تمت إن بين العالمين لذي ال
عش لا تمت إن بين العالمين لذي ال / أفضال عمراً طويلاً ليس يندثرُ
ما الميت فاعلمه بين العالمين سوى / من عاش أو مات لا عينٌ ولا أثرُ