القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن عُثَيْمِين الكل
المجموع : 7
لِلَّهِ في الأَرضِ أَلطافٌ وَأَسرارُ
لِلَّهِ في الأَرضِ أَلطافٌ وَأَسرارُ / تَجري بِها عِبراً لِلنّاسِ أَقدارُ
يَومَ العُروبَةِ في البَيتِ الحرامِ جَرَت / حَوادِثٌ مِها الدينُ يَنهارُ
لَولا دِفاعُ إلهِ العالَمينَ إِذاً / ماجَت بِنا الأَرضُ أَو ضاقَت بِنا الدارُ
إِنَّ الزَنادِقَةَ الباغينَ كانَ لَهُم / مِن مِثلِ ذا في الشَقا وِردٌ وَإِصدارُ
راموا مرامَ شَقِيذٍ كانَ قَبلَهُم / يُدعى اِبنَ مُلجِمَ مَأواهُ وَهُم نارُ
فَأَصبَحوا وَهُمُ صَرعى بِمُعتَرَكٍ / مَن هَمَّ فيهِ بِإِلحادٍ لهُ النارُ
لا تَعجَبوا يا بَني الإِسلامِ إِنَّ لهُم / أَسلافَ سوءٍ لَهُم في الشَرِّ آثارُ
قالوا لِزَيدٍ مَقالاً لا يَليقُ بِهِ / فيهِ لِمُعتَقديهِ الإِثمُ وَالعارُ
اِبرَ لنا مِن أَبي بَكرٍ وَمن عُمَرٍ / نَقُل فِداؤُكَ أَموالٌ وَأَعمارُ
فَقالَ حاشا وَكَلّا لا أَقولُ بهِ / لِأَنَّهُم وَزَرا جَدّي وَأَصهارُ
وَكَيفَ ذا وَأَبو بَكرٍ خَليفَتُهُ / وَهوَ الرَفيقُ لهُ إِذ ضَمَّهُ الغارُ
فَعِندَ ذا رَفَضوهُ وَاِشتَروا سَفهاً / اِسمَ الرَوافِضِ بِئسَ الإِسمُ ما اِختاروا
إِنَّ الإِمامَ الذي راموا مَكيدَتَهُ / لهُ مِنَ اللَهِ حُرّاسٌ وَأَنصارُ
اللَهُ أَكرَمُ أَن يُخلي بَرِيَّتَهُ / مِن ناصِرٍ لِلهُدى وَاللَهُ يَختارُ
يا خَيرَ مَن مَرَحَت كُمتُ الجِيادِ بهِ / وَخَيرَ مَن أَمَّهُ بَدوٌ وَحُضّارُ
سَيَشكُرُ البَيتُ ما أَحيَيتَ من سُنَنٍ / وَيَشكُرُ العَدلَ حُجّاجٌ وَعُمّارُ
أَصلَحتَ لِلنّاسِ دُنياهُم وَدينُهُم / لِلنّاسِ أَمنٌ وَبِالمَعروفِ أَمّارُ
بَسَقتَ مِن محتدٍ طابَت مَنابَتُهُ / شَمسٌ عَناصِرُها في الكَونِ أَقمارُ
مُتَوَّجٌ بِجَلالِ المُلكِ مُتَّشِحٌ / بِحَليَةِ الفَضلِ نَفّاعٌ وَضَرّار
أَضحَت به مِلَّةُ الإِسلامِ باسِمةً / يُدعى لهُ بِالبَقا ما بَقيَ دَيّارُ
أَعَزُّ مَن ذَبَّ عَن مُلكٍ وَأَكرَمُ مَن / هُزَّت إِلَيهِ عَلى الأَنصاءِ أَكوار
تُحدى إِلَيهِ مَهاري العيسِ ضامِرَةً / تُدمي مَناسِمَها ميثٌ وَأَحجار
تَرى المُلوكَ قِياماً عِندَ سُدَّتِهِ / ذا مُستَميحٌ وَذا لِلعَفوِ مُمتاز
وَذاكَ مِن لُجَجِ البِحارِ يَقصدُهُ / يُؤَمِّلُ الرِفدَ منهُ وَهوَ مِكثارُ
هذي المَكارِمُ لا مَكرٌ وَشَعوَذَةٌ / بِها يَغُرُّ ضِعافَ العَقلِ أَغمار
يا أَيُّها المَلكُ المَيمونُ طائِرُهُ / طابَت بِمَسعاكَ أَيّامٌ وَأَعصارُ
إِنَّ العَدُوَّ وَإِن أَصفاكَ ظاهِرُهُ / حَرّانُ في طَيِّ ما يُبديهِ إِضمار
كَالماءِ يُبدي صَفاءً عِندَ رَكدَتِهِ / وَكامِنٌ تَحتَ ذاكَ الصَفوِ أَكدارُ
وَأَنتَ تَعرِفُ ما يُخفونَ لَو لَحَنوا / حاشا يَغُرُّكَ خَدّاعٌ وَمَكّارُ
لِلَّهِ مَجدُكَ يا عَبدَ العَزيزِ لَقَد / سارَت بِفضلِكَ في الآفاقِ أَذكارُ
هانَت عَلى نَفسِكَ الدُنيا فَجُدتَ بِها / حَتّى شَكا فُرقَةَ الدينارِ دينارُ
إِذا اِمرؤٌ حادَ عَن طَورٍ رَسَمتَ لهُ / أَو غَرَّهُ بِالتَغاضي عَنكَ غَرّارُ
أَوطَأتَهُ فَيلَقاً جَمّاً صَواهِلُهُ / كَأَنَّهُ لِطُيورِ الجَوِّ أَوكارُ
مَتى يَجُس في خِلالِ الدارِ يَترُكُها / إِذا عَصَت وَهيَ غَبرا الجَوِّ مِقفارُ
وَإِن أَطاعَت فَفي أَمنٍ وَفي دَعَةٍ / تَجري بِها في جِنانِ العَدلِ أَنهارُ
أَفعالُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ / مِمَّن عَصاهُ وَلِلزَّلّاتِ غَفّار
لا ناكِثٌ عَهدَ مَن أَعطاكَ صَفقَتَهُ / وَلا إِذا قُلتَ قَولاً فيهِ خَتّار
لَقَد أَراكَ الذي اِستَرعاكَ مَصلَحَةً / لِلمُسلِمينَ وَفَضلُ اللَهِ مِدرار
تَرى الأُسودَ معَ الأَنعامِ راعِيَةً / قَد قُلِّمَت مِنهُمُ بِالعَدلِ أَظفار
فَدُم كَما رُمتَ في العَلياءِ مُرتَقِباً / عِزَّ المُطيعِ وَلِلأَعداءِ قَهّار
وَدونكَ الجُهدَ مِن مَملوكِ نِعمَتِكُم / لكُم مَدى عُمرِهِ في الناسِ شَكّارُ
وَأَشرَفُ المَدحِ ما حُلّي بِذِكرِكُمُ / لَو نُمِّقَت خُطبٌ فيهِ وَأَشعارُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ / وَصَحبهِ ما شَدا في الدَوحِ أَطيارُ
لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ
لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ / لُطفٌ تَحارُ بِهِ الأَفهامُ وَالفِكَرُ
إِنَّ الَّذي قَد شَكا عَينُ الزَمانِ لَهُ / شَكا لَهُ المُسلِمونَ البَدوُ وَالحَضَرُ
وَكَيفَ وَهوَ لَهُم روحٌ تَقومُ بِهِم / وَهُم وَإِن كَثُروا فيما تُرى الصُوَرُ
أَقولُ لِلنّاسِ إِذ راعَت شَكِيَّتُهُ / مَهلاً فَلِلَّهِ في أَحوالِنا نَظَرُ
اللَّهُ أَلطَفُ أَن يُخلي بِرِيَّتَهُ / مِن ناصِرٍ لِلهُدى بِالرُشدِ يَأتَمِرُ
وَلَيسَ فيما رَأَينا أَو أَتى خَبَرٌ / غَيرُ الإِمامِ لِدينِ اللَهِ يَنتَصِرُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي كانَت وِلايَتُهُ / لِلمُسلِمينَ حَياةً بَعدَ ما قُبِروا
لَهُ طُهورٌ وَنورٌ ثُمَّ عافِيَةٌ / وَزالَ عَنهُ إِلى اَعدائِهِ الضَرَرُ
فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً نَستَمِدُّ بِهِ / لَهُ مِنَ اللَهِ أَن يَنسا لَهُ الأَثَرُ
فَفيهِ لِلدّينِ وَالدُنيا الصَلاحُ كَما / فيهِ لِمَن حارَبَ الإِسلامَ مُزدَجَرُ
فَردٌ طَوى المَجدَ وَالتَقوى بِبُردَتِهِ / وَعاشَ في فَضلِهِ قَحطانُ أَو مُضَرُ
يا أَفضَلَ الناسِ فيما يُمدَحونَ بِهِ / وَأَوسَعَ الناسِ عَفواً حينَ يَقتَدِرُ
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَتَبلُغُها / نِتاجُها شَرَفُ الدارَينِ وَالعُمرُ
فَاِجعَل مُشيرَكَ فيما أَنتَ فاعِلُهُ / مُهَذَّبَ الرَأيِ لِلآثارِ يَقتَفِرُ
إِنَّ الرُكونَ إِلى مَن لَستَ تَأمَنُهُ / أَو مَن وَتَرتَ لَمَعقودٌ بِهِ الخَطَرُ
وَالنُصحُ إِن لَم يَكُن بِالدينِ مُرتَبِطاً / فَأَحرِ مِن صَفوِهِ أَن يَحدُث الكَدَرُ
وَاللَهُ يُبقيكَ لِلإِسلامِ مُدَّرَءاً / تَروحُ بِالعِزِّ مَحروساً وَتَبتَكِرُ
ظِلّاً لَنا مِن حَرورِ الجَورِ مُنتَعِشاً / لِبائِسٍ مَسَّهُ مِن دَهرِهِ عُسُرُ
أَجَلتَ أَقداحَ فِكري في الوَرى نَظَراً / أُصَوِّبُ الفِكرَ أَحياناً وَأَنحَدِرُ
فَلَيسَ إِلّاكَ في الدُنيا نُؤَمِّلُهُ / لِنُصرَةِ الدينِ وَالدُنيا وَنَنتَظِرُ
لَو اِستَطَعنا لَشاطَرناكَ مُدَّتَنا / وَكانَ بَيعاً بِهِ رِبحٌ وَمُتَّجَرُ
أَنتَ الَّذي قُدتَها جُرداً مُسَوَّمَةً / يوري الحُباحِبُ في أَرساغِها الحَجَرُ
مِن كُلِّ مُقرَبٍَ كَالسيِّدِ مُحكَمَةٍ / خَيفانَةٍ زانَها التَحجيلُ وَالغُرَرُ
تَكادُ تُعطيكَ عَن لَوحِ الهَوى خَبَراً / إِذا جَرَت قُلتَ لا سَهلٌ وَلا وَعِرُ
تَعدو بِشُعثِ مَساعيرٍ تَقودُهُم / يا مِسعَرَ الحَربِ حَيثُ الحَربُ تَستَعِرُ
فَكَم مَلاعِبِ أَرماحٍ أَقَمتَ بِها / سوقاً يُغَشَّمُ فيهِ الصارِمُ الذَكَرُ
بيضٌ تُباعِدُ هاماً عَن مَنابِتِها / وَتَستَذِلُّ الَّذي في خَدِّهِ صَعرُ
أَضحَت بِها عَذاباتُ الدينِ بارِضَةً / بَعدَ القُحولَةِ مُهتَزّاً بِها الثَمَرُ
تَشكو الرِماحُ العَوالي مِن تَقَصُّدِها / وَالبيضُ بَعدَ فُلولِ الحَد تَنبَتِرُ
في مَأزِقٍ يُكثِرُ الثَكلى تَأَجُّجُهُ / مِن ناكِثٍ أَو عَدُوٍّ حانَهُ قَدَرُ
كَم ظَنَّ قَومٌ إِذا حَقَّت شَقاوَتُهُم / بِأَن لَهُم عَنكَ إِمّا أَبعَدوا وَزَرُ
فَكانَ مَحرَزُهُم لِلبَينِ يُبرِزُهُم / إِذ قَد وَفَيتَ لَهُم فَضلاً وَهُم غَدَروا
جَلَّلتَ فَضفاضَةَ النُعمى مَناكِبَهُم / عَفواً وَجوداً وَلَو عاقَبتَهُم عَذَروا
فَما سَمِعنا وَلَم تَسمَع أَوائِلُنا / بِمِثلِ حِلمِكَ فيما ضَمَّتِ السِيَرُ
وَلَيسَ رَأيُكَ في مالٍ تُجَمِّعُهُ / كَنزاً إِذا جَمَّعَ الخُزّانُ وَاِدَّخَروا
بَل لِلمَكارِمِ تَبنيها وَتَعمُرُها / حاشا يُخالِطُها زَهوٌ وَلا بَطَرُ
مَآثِرٌ لَكَ تُتلى بَينَ أَظهُرِنا / وَبَعدَنا هُنَّ في صُحفِ العُلى سُوَرُ
يَفديكَ قَومٌ يَرَونَ الكَنزَ مَكرُمَةً / وَما لَهُم في العُلى وِردٌ وَلا صَدرُ
تَسعى مُلوكُ بَني الدُنيا لِأَنفُسِهِم / وَأَنتَ تَسعى لِكَيما يَصلُحَ البَشَرُ
جَزَتكَ عَنّا جَوازي الخَيرِ مِن مَلِكٍ / عَمَّ الرَعِيَّةَ عَدلٌ مِنهُ فَاِنتَشَروا
لي فيكَ صِدقُ وَلاءٍ لا يُغَيِّرُهُ / نَأيُ المَزارِ وَلَو يَخرَوِّطُ السَفَرُ
وَكَيفَ أَنساكَ يا مَن عِشتُ في كَنَفٍ / مِن ظِلِّ إِحسانِهِ وَالناسُ قَد خَبَروا
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ يَجلو حُسنُ مَنطِقِها / عَلَيكَ مِنها ثَناءً نَشرُهُ عَطِرُ
وَما عَسى يَبلُغُ المُثني عَلَيكَ وَقَد / جاوَزتَ ما نَظَمَ المُدّاحُ أَو نَثَروا
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ مَعاً / عَلى الشَفيعِ إِذا ما الأَنبِيا اِعتَذَروا
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما طَلَعَت / شَمسٌ وَما لاحَ نَجمٌ أَو بَدا قَمَرُ
أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ
أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ / وَيُفقَدُ العِلمُ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ
خَبَت مَصابيحُ كُنّا نَستَضيءُ بها / وَطَوَّحَت لِلمَغيبِ الأَنجمُ الزُهُر
وَاِستَحكَمَت غُربَةُ الإِسلامِ وَاِنكَسَفَت / شَمسُ العُلومِ التي يُهدى بها البَشرُ
تُخُرِّمَ الصالحونَ المُقتَدى بهمُ / وَقامَ منهُم مقامَ المُبتَدا الخَبَرُ
فَلَستَ تَسمَعُ إِلّا كان ثمَّ مَضى / وَيَلحَقُ الفارِطُ الباقي كما غَبَروا
وَالناسُ في سَكرَةٍ من خَمرِ جَهلِهِمُ / وَالصَحوُ في عَسكَرِ الأَمواتِ لَو شَعَروا
نَلهو بِزُخرُفِ هذا العَيشِ من سَفهٍ / لَهوَ المُنَبِّتِ عوداً ما لهُ ثَمَرُ
وَنَستَحثُّ منايانا رَواحِلُنا / لِمَوقِفٍ ما لنا عَن دونهِ صَدَرُ
إِلّا إِلى مَوقِفٍ تَبدو سَرائِرُنا / فيهِ وَيَظهَرُ لِلعاصينَ ما سَتَروا
فَيا لهُ مَصدراً ما كانَ أَعظَمَهُ / الناسُ مِن هو لهِ سكرى وَما سَكِروا
فكُن أخي عابِراً لا عامِراً فَلَقد / رَأَيتَ مَصرَعَ من شادوا وَمن عَمَروا
اِستُنزِلوا بَعد عزٍّ عن مَعاقِلِهم / كَأَنَّهُم ما نَهَوى فيها وَلا أَمَروا
تُغَلُّ أَيديهِمُ يومَ القِيامةِ إن / بَرّوا تُفَكُّ وفي الأَغلالِ إن فَجروا
وَنُح على العِلمِ نوحَ الثاكلاتِ وَقُل / وَالهفَ نفسي على أَهلٍ لهُ قُبِروا
الثابتينَ على الإيمانِ جُهدَهُمُ / وَالصادِقينَ فما مانوا وَلا خَتَروا
الصادِعينَ بِأَمرِ اللَهِ لَو سَخطوا / أَهلُ البَسيطَةِ ما بالوا وَلو كثُروا
وَالسالِكينَ على نَهجِ الرَسولِ على / ما قَرَّرَت مُحكَمُ الآياتِ وَالسوَرُ
وَالعادِلينَ عن الدُنيا وَزَهرَتِها / وَالآمرينَ بخيرٍ بعدَ ما اِئتُمِروا
لَم يَجعَلوا سُلَّما لِلمالِ عِلمَهُم / بَل نَزَّهوهُ فَلَم يَعلُق بهِ وَضَرُ
فَحيَّ أَهلاً بهِم أَهلاً بِذِكرهِمُ / الطَيّبينَ ثَناءً أَينَما ذُكِروا
أَشخاصهُم تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَهُمُ / كَأَنَّهُم بَينَ أَهلِ العِلمِ قَد نُشِروا
هذي المَكارمُ لا تَزويقُ أَبنِيَةٍ / وَلا الشُفوفُ التي تُكسى بها الجدُرُ
وابك على العَلَمِ الفَرد الذي حَسُنَت / بِذِكرِ أَفعالِهِ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
مَن لم يُبالِ بحقِّ اللَهِ لائِمَةً / وَلا يُحابي امراءً في خدِّهِ صَعَرُ
بَحرٌ من العِلمِ قد فاضَت جداوِلهُ / أَضحى وَقد ضَمَّهُ في بَطنهِ المَدرُ
فَلَيتَ شِعريَ مَن لِلمُشكِلات إِذا / حارَت بِغامِضِها الأَفهامُ وَالفِكَرُ
مَن لِلمَدارس بِالتَعليمِ يَعمُرُها / يَنتابُها زُمرٌ من بَعدِها زُمَرُ
هذي رُسومُ عُلومِ الدينِ تَندبهُ / ثَكلى عَليهِ وَلكن عَزَّها القَدرُ
طَوَتكَ يا سَعدُ أَيّامٌ طَوت أُمَماً / كانوا فَبانوا وَفي الماضينَ مُعتَبَرُ
إِن كان شَخصُكَ قد واراهُ مُلحِدهُ / فَعِلمُكَ الجَمُّ في الآفاقِ مُنتَشِر
وَالأُسوَةُ المُصطَفى نَفسي الفِداءُ لهُ / بِمَوتهِ يَتَأَسّى البَدرُ وَالحَضَرُ
بَنى لكُم حمدٌ يا لِلعَتيقِ عُلا / لم يَبنِها لكمُ مالٌ وَلا خَطَرُ
لكنَّهُ العِلمُ يَسمو من يَسودُ بهِ / عَلى الجهولِ وَلو من جدُّهُ مُضرُ
وَالعِلمُ إن كان أَقوالاً بلا عملٍ / فَلَيتَ صاحبهُ بِالجَهل مُنغَمِرُ
يا حامِلَ العِلمِ وَالقُرآنِ إِنَّ لَنا / يَوماً تُضَمُّ بهِ الماضونُ وَالأُخرُ
فَيَسأَلُ اللَهُ كلّاً عَن وَظيفَتهِ / فَلَيتَ شِعري بماذا منهُ تَعتَذِرُ
وَما الجَوابُ إِذا قالَ العَليمُ أَذا / قالَ الرَسولُ أَو الصَدّيقُ أَو عُمَرُ
وَالكُلُّ يَأتيهِ مَغلولَ اليَدينِ فمن / ناجٍ وَمن هالكٍ قَد لَوَّحَت سَقَرُ
فَجَدِّدوا نِيَّةً لِلَّهِ خالِصَةً / قوموا فُرادى وَمَثنى وَاِصبِروا وَمُروا
وَناصِحوا وَاِنصَحوا مَن وَليَ أَمرَكمُ / فَالصَفوُ لا بُدَّ يَأتي بَعدهُ كَدرُ
وَاللَهُ يَلطُفُ في الدُنيا بِنا وَبكُم / وَيومَ يَشخَصُ مِن أَهوالهِ البَصَرُ
وَصَفِّ رَبِّ على المُختارِ سَيِّدِنا / شَفيعِنا يَومَ نارُ الكَربِ تَستَعِرُ
محمدٍ خيرِ مَبعوثٍ وَشيعَتِهِ / وَصَحبِهِ ما بَدا من أُفقِهِ قَمَرُ
يا بارِقاً باتَ يُحيي لَيلَهُ سَهَرا
يا بارِقاً باتَ يُحيي لَيلَهُ سَهَرا / لَم تَروِ لي عَن أُهَيلِ المُنحَنى خَبَرا
وَهَل تَأَلَّقتَ في تِلكَ الرُبوعِ وَهَل / جَرَّت عَلَيها الصَبا أَذيالَها سَحَرا
لا أَستَقيلُ الهَوى مِمّا أُكابِدُهُ / وَلا أُبالي بِمَن قَد لامَ أَو عَذَرا
نَفسي الفِداءُ لِأَقوامٍ مى ذُكِروا / تَحَدَّرَت عَبَراتي تُشبِهُ المَطَرا
مَن لي بِأَحوَرَ مَهزوزِ القَوامِ إِذا / بَدا تَوَهَّمتُهُ في سَعدِهِ القَمَرا
يُجنيكَ مِن خَدِّهِ وَرداً وَمِن فَمهِ / شَهداً مُذاباً وَمن أَلفاظِهِ دُرَرا
يَحلو لِعَينَيكَ حُسناً في غَلائِلِهِ / وَيَطرُدُ الهَمَّ إِمّا كانَ مُؤتزِرا
أَستَغفِرُ اللَهَ ما لي بَعدَ بَزَغَت / شَمسُ المَشيبِ بِلَيلِ الفودِ وَاِنحَسَرا
فَدَع تَذَكُّرَ آرامٍ شُغِفتَ بهِم / أَيّامِ رَوضُ التَصابي بِالصِبا خَضِرا
وَاِصرِف مَقالَكَ فيمَن لَو نَظَمتَ لهُ / زُهرَ الكَواكِبِ مَدحاً كانَ مُحتَقَرا
مَلكٌ تَكوَّنَ من بَاسٍ وَمن كَرَمٍ / يُفني الصَفاتِ وَيَسقي ضِدَّه كَدرا
طَغَت بِيامٍ أَمانيها فَجرَّ لها / دُهمَ الكَتائِبِ فيها كلُّ لَيثِ شَرى
جُرداً مَتى صَبَّحت حيّاً بِمَنزِلهِ / لَم تَلقَ مُعتَصَماً مِها وَلا وَزَرا
فَصَبَّحَتهُم جُنودُ اللَهِ ضاحِيَةً / فَغادَرَتهُم لِحَدِّ المَشرَفي جُزُرا
قَواضِبٌ كَتَبَت أَيدي المنونِ بِها / آجالَ مَن خانَ عهدَ اللَهِ أَو غَدرا
أَهَجتُمُ أَسداً تُدمي أَظافِرهُ / كَم أَصيَدٍ تَرَكَت في التُربِ مُعتَفِرا
ما حكتمُ فَاِقتَضاكُم ذو مُماحَكَةٍ / ما اِعتداَ في طَبعهِ جُبناً وَلا خَورا
فَجاءَكم حيثُ لا خُفٌ يَسيرُ بكُم / وَلا جَناحٌ إِذا ما طِرتُمُ شُهرا
وَلَّيتُمُ بينَ مَقتولٍ وَمُنهَزمٍ / قَدِ اِستَعارَ جناحَ الرَألِ إِذ ذُعِرا
يَدعو الوَليدُ أَباهُ بعدَ مَعرِفَةٍ / فَما يُردُّ له ليتاً وَإن جَأرا
لَمّا اِنجَلَت عَنكمُ غُمّاءُ جَهلِكمُ / كُنتُم كنا كِثَةِ الغَزلِ الذي ذُكرا
وَبَعدَها إِن أَرَدتُم سوءَ مُنقَلبٍ / فَشاغِبوا أَو فَقولوا لا إِذا أَمرا
فَمن يَكونُ كَعبدِ اللَهِ يومَ وَغىً / إِذا الكُماةُ تَهابُ الوِردَ وَالصَدَرا
الضارِبِ القِرنَ هَبراً وَالقَنا قَصداً / وَمُكرِهِ الخَيلِ حَتّى تَركب الوَعر
شِبلُ الأُسودِ التي كانَت فرائِسهُم / صيدَ المُلوكِ إِذا ما اِستَشعَرُ صَعرا
هلّا سَأَلتُم عُماناً كيفَ أَشعَلَها / ناراً إِلى الآنِ فيها تَقذِفُ الشَررا
لاذوا بِمَعقَلِهِم أَن سَوفَ يَمنَعُهُم / فَجاءَهُم كَعُقابِ الجَوِّ إذ كَسَرا
وَأَنتُمُ ذُقتُمُ من بَأسِهِم طَرفاً / يَومَ العُنَيقا دِماكُم أُلغِيَت هَدرا
وَفي البَطاريقِ يَومَ الشَقبِ مُعتَبَرٌ / لَو كانَ فيكُم رجالٌ تَعقِلُ الخَبَرا
يا أَيُّها المَلكُ المَيمونُ طائِرهُ / اِنشُر لِواءَكَ تَلقَ العِزَّ وَالظَفرا
بِسَعدِ جدِّكَ هذا الدَهرُ مُبتَسِماً / بَعدَ العَبوسِ وَهذا المَجدُ مُفتَخرا
فَاِنهَض فَأنت بِحَولِ اللَه مُنتَصَرٌ / وَاِملِك إِذا شِئتَ باديها وَمن حَضرا
وَشِد قَواعِدَ مَجدٍ كان وطَّدَهُ / قِدماً أَبوك وَبحرُ الموتِ قد زَخرا
وَاِشدُد يَدَيكَ بِسَيفٍ إِن ضَرَبتَ بهِ / أَصبَحتَ تَحمدُ من أَفعالهِ الأَثَرا
أَمضى مِنَ العَضبِ مَصقولاً عَزائِمهُ / طَوعاً لِأَمرِكَ فيما جَلَّ أَو صَغُرا
سامي المَكارمِ وَهّابُ الكَرائِمِ رَكّ / ابُ العَظائِمِ لا يَستَعظِمُ الخَطَرا
أَخوكَ صِنوُكَ حامي كُلِّ عاثِرَةٍ / عَبدُ الرحيمِ الذي بِالبَأسِ قَد شُهِرا
لا زِلتُما فَرقَدَي أُفقٍ بِلا كَدَرٍ / تُقَضِيّانِ بأسنى الرُتبَةِ العُمُرا
تَلَألَأَت بِكَ لِلإِسلامِ أَنوارُ
تَلَألَأَت بِكَ لِلإِسلامِ أَنوارُ / كَما جَرَت بِكَ لِلإِسعادِ أَقدارُ
إِنَّ الَّذي قَدَرَ الأَشيا بِحِكمَتِهِ / لِما يُريدُ مِنَ الخَيراتِ يَختارُ
وَالعَبدُ إِن صَلُحَت لِلَّهِ نِيَّتُهُ / لا بُدَّ يَبدو لَها في الكَونِ آثارُ
سِرٌّ بَديعٌ أَرادَ اللَهُ يُظهِرُهُ / لَمّا أَتَيتَ وَكَم في الغَيبِ أَسرارُ
وَحِكمَةٌ بِكَ رَبُّ العَرشِ أَظهَرَها / كَالنورِ واراهُ قَبلَ القَدحِ أَحجارُ
تَأَلَّفَت بِكَ أَهواءٌ مُفَرَّقَةٌ / تَأَجَّجَت بَينَهُم مِن قَبلِكَ النارُ
فَأَصبَحوا بَعدَ تَوفيقِ الإِلهِ لَهُم / بَعدَ الشَقا وَالجَفا في الدينِ أَخبارُ
قُل لِلَّذينَ بِلَفظِ الرُشدِ قَد نُبِزوا / الاِسمُ إِن لَم يُطابِق فِعلَه عارُ
أَرداكُم ظَنُّكُم بِاللَهِ مِن سَفَهٍ / أَن لَيسَ يوجَدُ لِلإِسلامِ أَنصارُ
رَأَيتُمُ طاعَةَ الأَتراكِ واجِبَةً / لِأَنَّهُم عِندَكُم لِلبَيتِ عُمّار
كَأَنَّكُم لَم تَرَوا ما في بَراءَةَ أَم / زاغَت بَصائِرُكُم عَنها وَأَبصارُ
كَذلِكَ الشِركُ وَالكُفرُ العَظيمُ لَهُم / فيهِ وَفي الشَرِّ إِقبالٌ وَإِدبارُ
وَعِندَهُم أَنَّ أَحكامَ الكِتابِ بِها / عَلى الخَليفَةِ أِجحافٌ وَإِضرارُ
فَخالَفوها بِأَوضاعِ مُلَفَّقَةٍ / وَهُم بِأَوضاعِهِم لاشَكَّ كُفّارُ
فَلَيتَ شِعري أَذا جَهلٌ بِحالِهِمُ / أَمِ اِتِّباعُ الهَوى وَالغَيِّ خَمّارُ
لَمّا عَوَت أَكلُبُ الأَتراكِ بَينَكُمُ / رَقَصتُمُ حينَ لا لِلدّينِ أَنصارُ
هَلّا اِتَّبَعتُم إِماماً جُلُّ مَقصَدِهِ / لِلمُسلِمينَ وَلِلإِسلامِ إِظهارُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي اِشتاقَت لِرُؤيَتِهِ / وَعَهدِِهِ في فَسيحِ الأَرضِ أَمصار
فَرعُ الأَئِمَّةِ مِن بَعدِ الرَسولِ وَهُم / لِوائِلٍ في قَديمِ الدَهرِ أَقمارُ
كُنّا نَمُرُّ عَلى الأَمواتِ نَغبِطُهُم / مِن قَبلِهِ إِذ تَوَلّى الأَمرَ أَشرارُ
فَالآنَ طابَت بِهِ الأَيّامُ إِذ أُخِذَت / بِهِ لِأَهلِ الهُدى وَالدينِ أَوتارُ
إِنّي أَقولُ وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ / إِن كانَ يَنفَعُكم نَذرٌ وَإِنذارُ
لا تَحسَبوها أَحاديثاً مُزَخرَفَةً / يَلهو بِها وَسطَ نادي الحَيِّ سُمّارُ
لَتَقرَعَنَّ قَريباً سِنَّ ذي نَدَمٍ / غَداةَ يُسلِمُكُم لِلحَينِ غَرّارُ
إِذا أَتَتكُم حُماةُ الدينِ يَقدُمُهُم / لَيثٌ هِزَبرٌ لَهُ نابٌ وَأَظفار
شَثنُ البَراثِنِ لا تَعدو فَرائِسُهُ / صَيدَ المُلوكِ وَإِلّا تُخرَبُ الدارُ
مِنَ الأُولى اَتَّخَذوا الماذي لِباسَهُمُ / إِذا تَشاجَرَ لَدنُ السُمرِ خَطّارُ
الجابِرينَ صُدوعَ المُعتَفينَ وَما / عَنهُم مُجيرٌ لَدى بَغيٍ وَلا جارُ
كَم قَد أَعادَ وَأَبدى نُصحَكُم شَفَقاً / لَو كانَ مِنكُم لَكُم بِالرُشدِ أَمّارُ
وَأَجهَلُ الناسِ مَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ / أَو غَرَّهُ إِن خَلا المَيدانُ إِحضارُ
وَمَن بَنى في حَميلِ السَيلِ مَنزِلَهُ / لا بُدَّ يَأتيهِ يَوماً مِنهُ دَمّارُ
لكِنَّهُ غَرَّكُم مَن لَيسَ يسعِدُكُم / عَبيدُ سوءٍ وَأَعرابٌ وَصُفّارُ
إِنَّ الحُصونَ إِلى البَلوى سَتُسلِمُكُم / كَما جَرى لِلَّذي أَعلى سِنِمّارُ
لكِن رَأى حَصرَكُم في قَعرِ دارِكُمُ / فيهِ اِحتِقارٌ لكُم أَيضاً وَإِصغارُ
فَأَضرَمَ النارَ جَهراً في جَوانِبِكُم / حامي الحَقائِقِ لِلهَيجاءِ مِسعارُ
اِبنُ الإِمامِ الَّذي قَد كانَ أَرصَدَهُ / لَكُم أَبوهُ شِهاباً فيهِ إِعصارُ
وَالشِبلُ لا غَروَ أَن تَعدو مَسالِكُهُ / مَسالِكَ اللَيثِ لَو يَمتَدُّ مِضمارُ
تُرِكتُمُ صورَةً جَذماءَ لَيسَ لَها / كَفٌّ لِبَطشٍ وَلا رِجلٌ إِذا ساروا
إِن لَم تُنيبوا إِلى الإِسلامِ فَاِنتَظِروا / يَوماً عَلَيكُم لَهُ ذِكرٌ وَأَخبارُ
هذا مَقالُ اِمرىءٍ يُهدي نَصيحَتَهُ / وَالنُصحُ فيهِ لِأَهلِ اللُبِّ تَذكارُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ / وَصَحبِهِ ما شَدا في الأَيكِ أَطيارُ
هيَ الرُبوعُ فِقِف في عَرصَةِ الدارِ
هيَ الرُبوعُ فِقِف في عَرصَةِ الدارِ / وَحَيِّها وَاِسقِها مِن دَمعِكَ الجاري
مَعاهِدي وَلَيالي العُمرِ مُقمرَةٌ / قَضَيتُ فيها لُباناتي وَأَوطاني
بَكَت عَلَيها غَوادي المُزنِ باكِرَةً / وَجَرَّتِ الريحُ فيها ذَيلَ مِعطارِ
مَجَرَّ أَذيالِ غَضّاتِ الصِبا خُردٍ / حورِ المَدامِعِ المَدامِعِ مِ الأَدناسِ أَطهارِ
كَأَنَّما أُفرِغَت مِن ماءِ لُؤلُؤَةٍ / نوراً تَجَسَّدَ في أَرواحِ أَبشارِ
لِلسَّمعِ مَلهىً وَلِلعَينِ الطَموح هَوىً / فَهُنَّ لَذَّةُ أَسماعٍ وَأَبصار
إِذا هَزَزنَ القُدودَ الناعِمات تَرى / أَغصانَ بانٍ تَثَنَّت شبهَ أَقمارِ
تَشكو مَعاطِفُها إِعيا رَوادِفِها / يا لِلعَجائِب ذا كاسٍ وَذا عاري
فَكَم صَرَعنَ بِسَهمِ اللَحظِ من بَطَلٍ / عَمداً فَعَلنَ وَما طولِبنَ بِالثارِ
يَصبو إِلَيهِنَّ مَخلوعٌ وَذو رَشَدٍ / وَلَيسَ يَدنينَ مِن إِثمٍ وَلا عارِ
تِلكَ العُهودُ التي ما زِلتُ أَذكُرها / فَكَيفَ لا وَالذي أَهواهُ سَمّاري
أَستَغفِرُ اللَهَ لكِنَّ النَسيبَ حُلىً / يُكسى بِها الشِعر في بادٍ وَفي قاري
قَد أَنشَدَ المُصطَفى حَسّانُ مُبتَدِئاً / قَولاً تَغَلغَل في نَجدٍ وَأَغوار
غَرّاءُ واضِحَةُ الخَدَّينِ خُرعُبَةٌ / لَيسَت بِهَوجا وَلا في خَمسِ أَشبارِ
كَأنَّ ريقَتَها من بَعدِ رَقدَتِها / مِسكٌ يُدافُ بِما في دَنِّ خُمّار
أَقولُ لِلرَّكبِ لَمّا فَرَبّوا سَحَراً / لِلسَّيرِ كلَّ أَمونٍ عَبرِ أَسفارِ
عيساً كَأنَّ نعامَ الدَوِّ ساهَمها / ريشَ الجَناحِ فَزَفَّت بعدَ إِحضارِ
حُثّوا المَطِيَّ فَغِبَّ الجِدِّ مَشرَبُكُم / مِن بحرِ جودٍ خَضمِّ الماءِ زَخّارِ
يُروي عِطاشَ الأَماني فَيضُ نائِلِهِ / إِذا اِشتَكَت مِن صدى عُدمٍ وَإِقتار
مَلكٌ تَجَمَّلتِ الدُنيا بِطَلعَتِه / وَأَسفَر الكَونُ عَنهُ أَيَّ إِسفارِ
ملكٌ تَفَرَّعَ من جُرثومَةٍ بَسَقَت / في باذِخِ المَجدِ عَصراً بَعدَ أَعصارِ
هُم جَدَّدوا الدين إِذ خَفيَت مَعالِمُهُ / وَفَلَّلوا حَدَّ كِسرى يَوم ذي قارِ
هُم المُصيبونَ إِن قالوا وَإن حَكَموا / وَالطَيّبونَ نَثا مَجدٍ وَأَخبارِ
وَالباذِلونَ نَهارَ الرَوعِ أَنفُسَهم / وَالصائِنوها عَنِ الفَحشاءِ وَالعارِ
مَجدٌ تَأَثَّلَ في نَجدٍ وَسارَ إِلى / مَبدى سُهَيلٍ وَأَقصى أَرض بُلغارِ
مَحامِدٌ في سَماءِ المَجدِ مُشرِقَةٌ / مِثلَ النُجومِ التي يَسري بِها الساري
لكِنَّ تاجَ مُلوكِ الأَرضِ إِن ذُكروا / يَوماً وَأُرجِحَ في فَضلٍ وَمِقدار
عَبدُ العَزيزِ الذي كانَت خِلافَتُهُ / مِن رَحمَةِ اللَهِ لِلبادي وَلِلقاري
أَعطاهُمُ اللَهُ أَمناً بَعد خَوفِهِمُ / لَمّا تَوَلّى وَيُسرً بَعدَ إِعسارِ
أَشَمُّ أَروعُ مَضروبٌ سُرادِقُهُ / عَلى فَتى الحَزمِ نَفّاعٍ وَضَرّارِ
مُظَفَّرُ العَزمِ شَهمٌ غَيرُ مُؤتَشِبٍ / مُسَدَّدُ الرَأيِ في وِردٍ وَإِصدارِ
ما نالَ ما نال إِلّا بَعدَ ما سَفَحَت / سُمرُ العَوالي دَماً مِن كلِّ جَبّارِ
وَجَرَّها شُزَّباً تَدمى سَنابِكُها / تَشكو الوَجا بَينَ إِقبالٍ وَإِدبارِ
تَعدو بِأُسدٍ إِذا لاقَوا نَظائِرَهُم / باعوا النُفوسَ وَلكِنَّ القَنا الشاري
يَحكي اِشتِعالُ المَواضي في أَكُفِّهِمُ / تَأَلُّقَ البَدرِ في وَطفاءَ مِدرارِ
وَكَم مَواقِفِ صِدقٍ في مَجالِ وَغىً / حَكَّمتَ فيها سِنانَ الصَعدَةِ الواري
وَكَم عُلا طَلَّقَتها نَفسُ عاشِقِها / مِن خَوفِ بِأَسكَ لا تَطليقَ مُختارِ
قَهراً أَبَحتَ حِماهُم بِالقَنا وَهُمُ / أُسدٌ وَلكِن أَتاهُم ضَيغَمٌ ضاري
سَربَلتَ قَوماً سَرابيلَ الندى فَبَغوا / فَسُمتَهُم حَدَّ ماضي الضَربِ بَتّار
نَسَختَ آياتِ مَجدِ الأَكرَمينَ وَما / يَبني المَعالي سِوى سَيفٍ وَدينارِ
ذا لِلمُقيمِ عَلى النَهجِ القَويمِ وَذا / لِكُلِّ باغٍ بِعَهدِ اللَهِ غَدّارِ
فَدُم شَجىً في حُلوقِ الحاسِدينَ هُدىً / لِلمُهتَدينَ غِنىً لِلجارِ وَالطاري
وَهاكَ مِنّي مَديحاً قَد سَمِعتَ لهُ / نَظائِراً قَبلُ مِن عونٍ وَأَبكارِ
غَرائِباً طَوَّقَ الآفاقَ شارِدُها / تَبقى عَلى الدَهرِ طَوراً بَعد أَطوارِ
لَولاكَ ما كُنتُ بِالأَشعارِ ذا كلَفٍ / وَلا شَرَيتُ بِها مَعروفَ أَحرارِ
وَمَوقِفُ الهونِ لا يَرضى بِهِ رَجُلٌ / لَو أَنَّهُ بَينَ جَنّاتٍ وَأَنهارِ
طَوَّقتَني كَرماً نُعمى فَخَرتُ بِها / بَينَ البَريَّةِ مِن بَدوٍ وَحُضّار
لَأَحمَدَنَّ زَماناً كان مُنقَلَبي / فيهِ إِلَيكُم وَفيكم ضُغتُ أَشعاري
فَإن شَكَرتُ فَنُعماكَ التي نَطَقَت / تُثني عَليكَ بِإِعلاني وَإسراري
وَصلِّ رَبِّ على الهادي وَشيعَتهِ / وَصَحبهِ وَارضَ عَن ثانيهِ في الغار
وُفِّقتَ مُرتَحِلاً في الوِردِ وَالصَدرِ
وُفِّقتَ مُرتَحِلاً في الوِردِ وَالصَدرِ / وَأُبتَ مُغتَنِماً بِالعِزِّ وَالظَفَرِ
مَواهِبٌ خَصَّكَ المَولى الكَريمُ بِها / مِن فَضلِهِ لَم تَكن في قُدرَةِ البَشَر
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَتَبلُغُها / تُرى بها سَيِّداً لِبَدوِ وَالحَضَرِ
إِنَّ السَعادَةَ قَد لاحَت مَخايِلُها / عَلَيكَ مِن قَبلِ ذا في حالَةِ الصِغَرِ
مِنها اِسمُكَ اِشتُقَّ إِذ كُنتَ السُعودَ لَنا / فَجِئتَ أَنتَ وَإِيّاها عَلى قَدَرِ
إِنَّ الذينَ سَروا في لَيلِ بَغيِهِم / مُنوا بِسَوطِ عَذابِ اللَهِ في السَحَر
ظَنّوا تَغاضِيَكُم عَنهُم وَحِلمَكمُ / عَن جَهلِهِم أَنَّهُ ضَربٌ مِنَ الخورِ
أَما دَرَوا وَيلَهُم أَنَّ الأُسودَ لها / إِغضاءُ مُستَصغِرٍ لِلضِدِّ مُحتَقِرِ
لكِن إِذا أَصحَرَت كانَ المُهيجُ لها / فَريسَةً بينَ نباِ اللَيثِ وَالظُفُر
يا بنَ الهداةِ حُماةِ الدينِ إِنَّ لكُم / نُصحاً عَلَينا كَما قَد جاءَ في السُوَرِ
وَالنُصحُ إِن لَم يَكُن رَأيٌ يُؤَيِّدُهُ / مِنَ السِياسَةِ لَم يُؤمَن مِنَ الضَرَرِ
وَالعِلمُ إِن لَم يَكُن عَقلٌ يُؤازِرهُ / فَإِنَّ صاحِبَهُ مِنهُ عَلى خَطرِ
كَذاكَ لِلمُلكِ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ / هُنَّ القِوامُ لهُ مِن سالِفِ العُمُرِ
الوَحيُ والسَيفُ وَالحَزمُ الحَصيفُ كَذا / رَأيُ المُحَنَّكِ بِالتَجريبِ ذي البَصَرِ
وَقِس عَلى ما مَضى باقي الزَمانِ فَكَم / نَورٍ تَفَتَّقَ عَن مُرٍّ مِنَ الثَمَرِ
إَنَّ الرَعِيَّةَ لا تُصفيكَ طاعَتَها / حَتّى تَشوبَ لها التَرغيبَ بِالحَذرِ
فَالحُرُّ يَكفيهِ أَن تُسدي إِلَيهِ نَدىً / وَذو اللامَةِ حدَّ الصارِمِ الذَكرِ
وَالسوءُ يُزجَرُ قَبلَ الفِعلِ قائِلهُ / إِنَّ المَقالَ بَريدُ الفِعلِ فَاِعتَبر
لا تَحقِر الشَرَّ نَزراً في بِدايَتِهِ / كَم أَحرَقَ الزَندُ يَوماً حُرجَةَ الشَجَرِ
لا تَطمَئِنَّ إِلى مَن أَنتَ واتِرُهُ / إِنَّ العَداوَةَ كَسرٌ غَيرُ مُنجَبِرِ
إِن بانَ خَصلَةُ سوءٍ مِن فَتىً فَلَها / نَظائِرٌ عِندَهُ قَد جاءَ في الخَبرِ
وَعاجِلِ الداءِ حَسماً قَبلَ غائِلَةٍ / إِنَّ العِلاجَ لَبَينَ البُرءِ وَالخَطرِ
اِنظُر إِلى عُمَرَ الفاروقِ كَيفَ نَفى / نَصراً بِلا رُؤيَةٍ بِالعَينِ أَو خَبَرِ
وَلم يَكُن ذاكَ عَن ذَنبٍ تَقَدَّمَهُ / لكِن لِأَمرٍ بِسِرِّ الغَيبِ مُستَتِرِ
بَل عَن تَمَنّي فَتاةٍ لَيسَ يَعلَمُها / وَلَم تَكُن مِن ذَواتِ الفُحشِ وَالعَهَرِ
هذا دَليلٌ عَلى أَنَّ الإِمامَ لهُ / أَن يُعمِلَ الظَنَّ في مَن بِالفَسادِ حَري
فَاِعمَل لِوَقتِكَ أَعمالاً تَليقُ بهِ / فَذا زَمانُ اِمتِزاجِ الصَفوِ بِالكَدَرِ
فَيا جَمالَ بَني الدُنيا وَبَهجَتَهُم / وَاِبنَ الأُولى هُم جَمالُ الكُتبِ وَالسِيَرِ
فُقتَ المُلوكَ بِبَأسٍ في الوَغى وَنَدىً / إِنَّ النُجومَ لِيُخفيها سَنى القَمَرِ
أَبوكَ عَبدُ العَزيزِ المُرتَضى كَرَماً / وَمُكرِمُ البيضِ وَالعَسّالَةِ السُمُرِ
مَلكٌ تَجَسَّدَ مِن بَأسٍ وَمن كَرَمٍ / كَالغَيثِ وَاللَيثِ في نَفعٍ وَفي ضَرَرِ
أَرعى الجَزيرَةَ عَيناً غَيرَ راقِدَةٍ / فَلَم يَبِت ضِدُّهُ إِلّا عَلى حَذَرِ
وَأَنتَ تَتلوهُ مُستَنّاً بِسُنَّتِهِ / أَكرِم بِها سُنَناً مَحمودَةَ الأَثرِ
أَرضَيتَ رَبَّكَ في حَربِ البُغاةِ كَما / أَرضَيتَ سَيفَكَ في اللَبّاتِ وَالنَحَرِ
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ أَمثالاً مُهَذَّبةً / كَالتِبرِ فُصِّلَ بِالياقوتِ وَالدُرَرِ
تَختالُ بَينَ الوَرى تيهاً بِمَدحِكُمُ / إِنَّ المَدائِحَ فيكُم حَليُ مُفتَخِرِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / أَزكى البَرِيَّةِ وَالمُختارِ مِن مُضَرِ
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما صَدَحَت / وَرقاءُ في فَنَنٍ قَد حُفَّ بِالزَهَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025