معاشر الناس من عرب ومن عجم
معاشر الناس من عرب ومن عجم / نصيحة فاسمعوا نصحي وتحذيري
دعوا قرى الشيخ ان الشيخ مقترح / لدى القرى كل شرط غير مقدور
سلوا به جاره الكردي حين أَتى / اليه يدعوه في ايام عاشور
فَقالَ من عادتي ان لا اجيب لها / ولست في ترك عاداتي بمعذور
فَلَم يَزَل جاره المسكين ملتمسا / يَرجو الاجابة في ذل وتحقير
ولا يَزال لكف الشيخ ملتثما / وَالعين تجري بدمع غير منزور
فَقالَ بشراك نص دار في خلدي / واي نص اتى في الجار مأَثور
فَلا تسؤني بالوان تقدمها / تريد في ذاكَ اعزازي وتوقيري
فانتَ جاري فلا تسرف بمأدبة / فالجار نقبل منه كل ميسور
يكفيك سبع دجاجات تقدمها / لا يقبل اللَه تكليفا بمعسور
وعنبر الارز من فيه بلغتنا / فاسمع تكن خير منهي ومأمور
وفي القليل من السبزى لو سمحت / يمناك كنت لدينا خير مشكور
فقال اهون شيء ما امرت به / وَبات ليلته في قلب مسرور
لكنه جاءَه راد الضحى خجلا / يلقي عليه حياء بالمعانير
فَقال مَولايَ طبخ ليس تحسنه / اهلي وذاك قصور غير تقصير
اجابه الشيخ في لطف ومرحمة / للجار عندي ذمام غير مخفور
فاذهب إِلى قدم تكفيك كلفته / فانها ذات معقول وتدبير
ومذاتي قدما يسعى على قدم / هشت وبشت وابدت بشر محبور
قالَت له هات من سمن ومن بصل / منين منين وابشر في تدابيري
وَهَكَذا حامض النومي مثلهما / فاحفظ واياك ان تنسى مقاديري
وَالملح اربع وزنات تقوم بها / اذ لم اكن ذات اسراف وتبذير
وفي الطغارين مما جف من حطب / قد نجتَزي بعد تقنيط وتقتير
وَالماء ستون حملا فيه تسوية / للأَمر من دون اجحاف وتكثير
واتبع ثلاثة ارطال يطيب بها / طعامنا من عطورات العطاطير
هَذا هو القدر الكافي لحاجتنا / يا خير جار لنا من جانب السور
فَلَم يَزَل جارها المغرور ممتثلا / ورب جار لبيت الشيخ مغرور
ومذ قضى جارها المسكين حاجتها / عاث الخراب ببيت منه معمور
وَباع ذاع المكاري الغر بغلته / ولا اراه على فعل بمأجور
واحرز الشيخ ممّا كان يلزمه / مؤنة العام رزقاً غير منزور
وقام ثمة للسودان معترك / على الحكاكة من حول التنانيري
وعندها فضة صالَت على قدم / حتى علت رأَسها ضربا بكفكير
واِستعرضت قدم في ظهر طاوتها / وجها لفضة حتىّ عاد كالقير
وعربدت خيزَران غب عولتها / كأَنَّها بغلة صاحت بياخور
وحين قامَت على ساق عويصتهم / شبه السخال وامثال السنانير
هناك تفاحة شجت براطمها / فاعولت جزعا اعوال خنزير
شبت لظى الحرب بين الام وابنتها / ضربا على الهام او فوق المناخير
فاللَه اللَه كَم للصفر من زجل / كما تمر على سوق الصفافير
فتلك بالطوس صكت هام جارتها / وتلك تضرب في كاسات فرفور
وهذه تتحراها بميجنة / وتلك تشتد في محراث تنور
فَلا ترى قط ابريقا ومصخنة / وانقريا وصحنا غير مكسور
رضت جميع اوانيهم فما تركوا / عَلى الرفوف ولا مشقاب بلور
لهفي على كسر البلور حين غدت / كلؤلؤ فوق وجه الارض منثور
تشع في غسق الظلماء ناصعة / فَيَنجَلي بسناها كل ديجور
ومذاتي الشيخ يسعى بالعصا مرحا / كَما سعى قبله موسى الى الطور
رأَى نجوما بصحن الدار قد نثرت / فَقالَ جل جلال العالم النوري
ان السما اتحفت داري ببهجتها / وَما درى ذاك رضراض القوارير
قزمجر الشيخ اذ قامَت قيامته / بصيحة اوهمتنا نفخة الصور
فَقامَ يجمع شملا غير مجتمع / منها ويجبر كسرا غير مجبور
فَما اِنقَضى الليل الا اصبحت قدم / آذانها نهب اطراف المسامير
وَذاكَ لا شك مِمّا قد جنت يدها / عدوا على الجار بالبهتان والزور
وَحيث كانَت من المولى بذاكَ يد / رضت جميع اوانيه بتكسير
فقل لحافر تلك البئر مقتنصا / لَقَد وقعت بها يا حافر البير