المجموع : 4
لَمَحتُ مِن مِصرَ ذاكَ التاجَ وَالقَمَرا
لَمَحتُ مِن مِصرَ ذاكَ التاجَ وَالقَمَرا / فَقُلتُ لِلشِعرِ هَذا يَومُ مَن شَعَرا
يا دَولَةً فَوقَ أَعلامٍ لَها أَسَدٌ / تَخشى بَوادِرَهُ الدُنيا إِذا زَأَرا
بِالأَمسِ كانَت عَلَيكِ الشَمسُ ضاحِيَةً / وَاليَومَ فَوقَ ذُراكِ البَدرُ قَد سَفَرا
يَؤولُ عَرشُكِ مِن شَمسٍ إِلى قَمَرٍ / إِن غابَتِ الشَمسُ أَولَت تاجَها القَمَرا
مَن ذا يُناويكِ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ / بِما تَشائينَ وَالدُنيا لِمَن قَهَرا
إِذا اِبتَسَمتِ لَنا فَالدَهرُ مُبتَسِمٌ / وَإِن كَشَرتِ لَنا عَن نابِهِ كَشَرا
لا تَعجَبَنَّ لِمُلكٍ عَزَّ جانِبُهُ / لَولا التَعاوُنُ لَم تَنظُر لَهُ أَثَرا
ما ثَلَّ رَبُّكَ عَرشاً باتَ يَحرُسُهُ / عَدلٌ وَلا مَدَّ في سُلطانِ مَن غَدَرا
خَبَرتُهُم فَرَأَيتُ القَومَ قَد سَهِروا / عَلى مَرافِقِهِم وَالمُلكُ قَد سَهِرا
تَشاوَروا في أُمورِ المُلكِ مِن مَلِكٍ / إِلى وَزيرٍ إِلى مَن يَغرِسُ الشَجَرا
وَكانَ فارِسُهُم في الحَربِ صاعِقَةً / وَذو السِياسَةِ مِنهُم طائِراً حَذِرا
بِالبَرِّ صافِنَةٌ داسَت سَنابِكُها / مَناجِمَ التِبرِ لَمّا عافَتِ المَدَرا
وَفي البِحارِ أَساطيلٌ إِذا غَضِبَت / تَرى البَراكينَ فيها تَقذِفُ الشَرَرا
وَهُنَّ في السِلمِ وَالأَيّامُ باسِمَةٌ / عَرائِسٌ يَكتَسينَ الدَلَّ وَالخَفَرا
حَتّى إِذا نَشِبَت حَربٌ رَأَيتَ بِها / أَغوالَ قَفرٍ وَلَكِن تَنهَشُ الحَجَرا
اليَومَ يُشرِقُ إِدوارٌ عَلى أُمَمٍ / كَأَنَّها البَحرُ بِالآذِيِّ قَد زَخَرا
لَو أَمطَرَ الغَيثُ أَرضاً تَستَظِلُّ بِهِم / عَدَت رُؤوسَهُمُ عَن وَجهِها المَطَرا
اليَومَ يَلثِمُ تاجُ العِزِّ مُحتَشِماً / رَأساً يُدَبِّرُ مُلكاً يَكلَأُ البَشَرا
يُصَرِّفُ الأَمرَ مِن مِصرٍ إِلى عَدَنٍ / فَالهِندِ فَالكابِ حَتّى يَعبُرَ الجُزُرا
قَد سالَمَتهُ اللَيالي حينَ أَعجَزَها / عَقدٌ لِما حَلَّ أَو تَقويمُ ما أَطَرا
إِدوارُ دُمتَ وَدامَ المُلكُ في رَغَدٍ / وَدامَ جُندُكَ في الآفاقِ مُنتَصِرا
حَقَنتَ بِالصُلحِ وَالرَأيِ السَديدِ دَماً / رَوّى الشِعابَ وَرَوّى الصارِمَ الذَكَرا
هُم يَذكُرونَكَ إِن عَدّوا عُدولَهُمُ / وَنَحنُ نَذكُرُ إِن عَدّوا لَنا عُمَرا
كَأَنَّما أَنتَ تَجري في طَريقَتِهِ / عَدلاً وَحِلماً وَإيقاعاً بِمَن أَشِرا
قُل لِلرَئيسِ أَدامَ اللَهُ دَولَتَهُ
قُل لِلرَئيسِ أَدامَ اللَهُ دَولَتَهُ / بِأَنَّ شاعِرَهُ بِالبابِ مُنتَظِرُ
إِن شاءَ حَدَّثَهُ أَو شاءَ أَطرَبَهُ / بِكُلِّ نادِرَةٍ تُجلى بِها الفِكَرُ
طالَ الحَديثُ عَلَيكُم أَيُّها السَمَرُ
طالَ الحَديثُ عَلَيكُم أَيُّها السَمَرُ / وَلاحَ لِلنَومِ في أَجفانِكُم أَثَرُ
وَذَلِكَ اللَيلُ قَد ضاعَت رَواحِلُهُ / فَلَيسَ يُرجى لَهُ مِن بَعدِها سَفَرُ
هَذي مَضاجِعُكُم يا قَومُ فَاِلتَقِطوا / طيبَ الكَرى بِعُيونٍ شابَها السَهَرُ
هَل يُنكِرُ النَومُ جَفنٌ لَو أُتيحَ لَهُ / إِلّا أَنا وَنُجومُ اللَيلِ وَالقَمَرُ
أَبيتُ أَسأَلُ نَفسي كَيفَ قاطَعَني / هَذا الصَديقُ وَما لي عَنهُ مُصطَبَرُ
فَما مُطَوَّقَةٌ قَد نالَها شَرَكٌ / عِندَ الغُروبِ إِلَيهِ ساقَها القَدَرُ
باتَت تُجاهِدُ هَمّاً وَهيَ آبِسَةٌ / مِنَ النَجاةِ وَجُنحُ اللَيلِ مُعتَكِرُ
وَباتَ زُغلولُها في وَكرِها فَزِعاً / مُرَوَّعاً لِرُجوعِ الأُمِّ يَنتَظِرُ
يُحَفِّزُ الخَوفُ أَحشاهُ وَتُزعِجُهُ / إِذا سَرَت نَسمَةٌ أَو وَسوَسَ الشَجَرُ
مِنّي بِأَسوَأَ حالاً حينَ قاطَعَني / هَذا الصَديقُ فَهَلّا كانَ يَدَّكِرُ
يا اِبنَ الكِرامِ أَتَنسى أَنَّني رَجُلٌ / لِظِلِّ جاهِكَ بَعدَ اللَهِ مُفتَقِرُ
إِنّي فَتاكَ فَلا تَقطَع مُواصَلَتي / هَبني جَنَيتُ فَقُل لي كَيفَ أَعتَذِرُ
يا ساهِدَ النَجمِ هَل لِلصُبحِ مِن خَبَرِ
يا ساهِدَ النَجمِ هَل لِلصُبحِ مِن خَبَرِ / إِنّي أَراكَ عَلى شَيءٍ مِنَ الضَجَرِ
أَظُنُّ لَيلَكَ مُذ طالَ المُقامُ بِهِ / كَالقَومِ في مِصرَ لا يَنوي عَلى سَفَرِ