إِنَّ اِبنَ برد رَأى رُؤيا فَأَوَّلَها
إِنَّ اِبنَ برد رَأى رُؤيا فَأَوَّلَها / بِلا مَشورَةِ إِنسانٍ وَلا أَثَرِ
رَأى العَمى نِعمَةً لِلَّهِ سابِغَةً / عَلَيهِ إِذ كانَ مَكفوفاً عَنِ النَّظَرِ
وَقالَ لَو لَم أَكُن أَعمى لَكُنتُ كَما / قَد كانَ برد أَبي في الضّيقِ وَالعُسُرِ
أكدُّ نَفسي بِالتَّطيينِ مُجتَهِداً / إِمّا أَجيراً وَإِمّا غَيرُ مُؤتَجَرِ
أَو كُنتُ إِن أَنا لَم أَقنَع بِفِعلِ أَبي / قَصّابَ شاءٍ شَقِيَّ الجَدِّ أَو بَقَرِ
كَإِخوَتي دائِباً أَشقى شَقاءَهُم / في الحَرِّ وَالبَردِ وَالإِدلاجِ وَالبُكَرِ
فَقَد كَفاني العَمى مِن كُلِّ مَكسَبَةٍ / وَالرِّزقُ يَأتي بِأَسبابٍ مِنَ القَدرِ
فَصِرتُ ذا نَشَبٍ مِن غَيرِ ما طَلَبٍ / إِلّا بِمَسأَلَتي إِذ كُنتُ في صِغَري
أَضُمُّ شَيئاً إِلى شَيءٍ فَاِذخَرُهُ / مِما أجمعُ مِن ثَمرٍ وَمِن كِسرِ
مَن كانَ يَعرِفُني لَو لَم أَكُن زَمناً / أَو كانَ يَبذُلُ لي شَيئاً سِوى الحَجَرِ
فَقُل لَهُ لا هَداهُ اللَّهُ مِن رَجُلٍ / فَإِنَّها عَرَّةٌ تُربي عَلى العُرَرِ
لَقَد فَطِنتَ إِلى شَيءٍ تَعيشُ بِهِ / يا اِبنَ الخَبيثَةِ قَد أَدقَقتَ في النَّظَرِ
يا اِبنَ الَّتي نَشَزَت عَن شَيخِ صِبيَتِها / لِأَيرِ ثَوبانَ ذي الهاماتِ وَالفُجَرِ
أَما يكُفُّكَ عَن شَتمي وَمَنقَصَتي / ما في حِر أُمِّكَ مِن نَتنٍ وَمِن دَفَرِ
نَفَتكَ عَنها عُقَيلٌ وَهي صادِقَةٌ / فَسَل أُسَيداً وَسَل عَنها أَبا زُفَرِ
يا عَبدَ أُم الظِباءِ المُستَطِبِّ بِها / مِنَ اللَّوى لَستَ مَولى الغُرِّ مِن مُضَرِ
بَل أَنتَ كَالكَلبِ ذُلّاً أَو أَذَلّ وَفي / نَزالَةِ النَّفسِ كَالخِنزيرِ وَاليَعَرِ
وَأَنتَ كَالقِردِ في تَشويهِ مَنظَرِهِ / بَل صورَةُ القِردِ أَبهى مِنكَ في الصُوَرِ