بانَ الخَليطُ وَلَم يوفوا بِما عَهِدوا
بانَ الخَليطُ وَلَم يوفوا بِما عَهِدوا / وَزَوَّدوكَ اِشتِياقاً أَيَّةً عَمَدوا
شَقَّت عَلَيكَ نَواهُم حينَ رِحلَتِهِم / فَأَنتَ في عَرَصاتِ الدارِ مُقتَصَدُ
لَمّا أُنيخَت إِلَيهِم كُلُّ آبِيَةٍ / جَلسٍ وَنُفِّضَ عَنها التامِكُ القَرِدُ
كادَت تُساقِطُ مِنّي مُنَّةً أَسَفاً / مَعاهِدُ الحَيِّ وَالحُزنُ الَّذي أَجِدُ
ثُمَّ اِغتَرَرتُ عَلى عَنسٍ عُذافِرَةٍ / سِيٌّ عَلَيها خَبارُ الأَرضِ وَالجَدَدُ
كَأَنَّها بَعدَ ما طالَ الوَجيفُ بِها / مِن وَحشِ خُبَّةَ مَوشِيُّ الشَوى فَرِدُ
طاوٍ بِرَملَةِ أَورالٍ تَضَيَّفَهُ / إِلى الكِناسِ عَشِيٌّ بارِدٌ صَرِدُ
فَباتَ في حَقفِ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها / كَأَنَّهُ في ذُراها كَوكَبٌ يَقِدُ
يَجري الرَذاذُ عَلَيهِ وَهوَ مُنكَرِسٌ / كَما اِستَكانَ لِشَكوى عَينِهِ الرَمِدُ
باتَت لَهُ العَقرَبُ الأولى بِنَثرَتِها / وَبَلَّهُ مِن طُلوعِ الجَبهَةِ الأَسَدُ
فَفاجَأَتهُ وَلَم يَرهَب فُجاءَتَها / غُضفٌ نَواحِلُ في أَعناقِها القِدَدُ
مَعروقَةُ الهامِ في أَشداقِها سَعَةٌ / وَلِلمَرافِقِ فيما بَينَها بَدَدُ
فَأَزعَجَتهُ فَأَجلى ثُمَّ كَرَّ لَها / حامي الحَقيقَةِ يَحمي لَحمَهُ نَجِدُ
فَمارَسَتهُ قَليلاً ثُمَّ غادَرَها / مُجَرَّبُ الطَعنِ فَتّالٌ لَها جَسَدُ
أَذاكَ أَم تِلكَ لا بَل تِلكَ تَفضُلُهُ / غِبَّ الوَجيفِ إِذا ما أَرقَلَت تَخِدُ
لَمّا تَخالَجَتِ الأَهواءُ قُلتُ لَها / حَقٌّ عَلَيكِ دُؤوبُ اللَيلِ وَالسَهَدُ
حَتّى تَزوري بَني بَدرٍ فَإِنَّهُمُ / شُمُّ العَرانينِ لا سودٌ وَلا جُعُدُ
لَو يوزَنونَ كِيالاً أَو مُعايَرَةً / مالوا بِرَضوى وَلَم يَعدِلهُمُ أُحُدُ
القاعِدينَ إِذا ما الجَهلُ قيمَ بِهِ / وَالثاقِبينَ إِذا ما مَعشَرٌ خَمِدوا
لا جارُهُم يَرهَبُ الأَحداثَ وَسطَهُمُ / وَلا طَريدُهُمُ ناجٍ إِذا طَرَدوا
وَما حَسَدتُ بَني بَدرٍ نَصيبَهُمُ / في الخَيرِ دامَ لَهُم مِن غَيرِيَ الحَسَدُ