القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 7
لا تَحسَبي شَيبَ رَأسي أَنَّهُ هَرَمُ
لا تَحسَبي شَيبَ رَأسي أَنَّهُ هَرَمُ / وَإِنَّما أَبيَضَّ لَمّا اِبيَضَّتِ اللِمَمُ
وَلا تَظُنّي نُحولَ الجِسمِ مِن أَلَمٍ / فَالهَمُّ يَفعَلُ مالا يَفعَلُ الأَلَمُ
كَتَمتُ حُبَّكِ دَهراً ثُمَ بُحتُ بِهِ / وَسِرُّ كُلِّ مُحِبٍّ لَيسَ يَنكَتِمُ
عَذَّبتُمُ بِالهَوى قَلبي وَلا عَجَباً / أَن شَرَّقَ الماءُ وَهوَ البارِدُ الشَبمُ
وَشَفَّ ما في ضَميري مِن مَحبَّتِكُم / وَإِنَّما شَفَّ لَمّا شَفَّني السَقَمُ
ضِنّي بِوَصلِكِ أَو مُنّي عَليَّ بِهِ / فَواحِدٌ عِنديَ الوِجدانُ وَالعَدَمُ
ما أَقبَحَ العِرضَ مَدنُوساً بِفاحِشَةٍ / يَخُطُّها اللَوحُ أَو يَجري بِها القَلَمُ
وَالحُسنُ لا حُسنَ في وَجهٍ تَأَمَّلُهُ / إِن لَم تَكُن مِثلَهُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
وَلِلشَبِيبَةِ بُنيانٌ تُكَمِّلُهُ / لَكَ الثَلاثونَ عاماً ثُمَّ يَنهَدِمُ
وَمَن يَكُن بِأَبي العُلوان مُعتَصِماً / فَإِنَّهُ بِحِبالِ اللَهِ مُعتَصِمُ
مُبارَكُ الوَجهِ صاغَ اللَهُ طِينَتَهُ / مِن طينَةٍ مِنها الجُودُ وَالكَرَمُ
تُريكَ هَضبَ هُمامٍ في حِجى مَلِكٍ / مِن آلِ مِرداسَ في عِرنينهِ شَمَمُ
أَغنى الجَزيرَةَ لَمّا أَن أَقامَ بِها / عَن أَن تُشامَ لَها الأَنواءُ وَالدِيَمُ
وَأَمَّنَ اللَهُ أَهلَ الرقَّتينِ بِهِ / أَن يَستَبِدّ بِهِم ظُلمٌ وَلا ظُلَمُ
جَنابُهُ لَهُمُ رِيفٌ وَجانِبُهُ / مِنَ المُلِمِّ الَّذي يَخشونَهُ حَرَمُ
ظَنَّ الأَعادي بِهِ ظَنّاً فَأَخلَفَهُ / لَمّا اِلتَقوا وَعُبابُ الظُلمِ يَلتَطِمُ
رَماهُمُ بِليوثٍ لَو رَمى بِهِمُ / دَعائِمَ الطَودِ لَم تَثبُت لَها دَعَمُ
وَفِتيَةٍ كَاللُيوثِ الغُلبِ لَيسَ لَهُم / إِلّا السَنَوَّر أَغيالٌ وَلا أَجَمُ
شابَت نَواصي الوَغى مِنهُم فَهُم عَجَمٌ / وَعُودُهُم غَيرُ خوّارٍ إِذا عُجِمُوا
مِن حَولِ أَروَعَ تُغنيهِم مَهابَتُهُ / عَنِ السُيوفِ الَّتي أَغمادُها القِمَمُ
حَتّى إِذا اِشتَجَرَ الخَطّيُّ بَينَهُمُ / تَبَيَّنَ القَومُ أَيُّ الحاضِرينَ هُمُ
في مَأزِقٍ زُوِّقَ المَوتُ الذُعافُ بِهِ / وَشابَتِ العُذرُ مِمّا تَنفُضُ اللُجُمُ
لَو كانَ غَيرُ اِبنِ فَخرِ المُلكِ حارَبَهُم / لَم يَنهَهُ عَنهُمُ قُربى وَلا رَحِمُ
وَإِنَّما حارَبُوا قَرماً يَعُوذُ بِهِ / خِيَمٌ كَريمٌ وَلَحمٌ طَيِّبٌ وَدَمُ
وَآلُ مِرداسَ خَيرُ الناسِ إِن رَحَلوا / وَإِن أَقامُوا وَإِن أَثَروا وَإِن عَدِمُوا
لا يَبخَلونَ بِمَعروفٍ إِذا سُئِلوا / وَلا يَخِفُّونَ عَن حِلمٍ إِذا نَقِمُوا
تَعَلَّموا كُلَّ فَضلٍ مِن نُفوسِهِمِ / فَما يُزادونَ عِلماً فَوقَ ما عَلِمُوا
لَو شاهَدَ اِبنُ أَبي سُلمى مَكارِمَهُ / لَكانَ غَيرَ كَريمٍ عِندَهُ هَرِمُ
وَلَو رَأَى حاتمُ الطائِيُّ فَضلَهُمُ / لَقالَ مِن آلِ مِرداسٍ بَدا الكَرَمُ
يُصَغِّرونَ عَظيماً مِن مَحَلِّهِم / فَكُلَّما صَغَّرُوا مِن قَدرِهِم عَظُمُوا
سَمادِعٌ شَيَّعوا ذِكري بِذِكرِهِمُ / فَصرتُ أُعرَفُ بِالوَسمِ الَّذي وَسَمُوا
يا مَن يُحَمِّلُّ مِن شُكري لِنِعمَتِهِ / حِملاً تُحمِّلُ مِثلي مَثلَهُ الأُمَمُ
إِنّي وَزَنت بِكَ الأَملاكَ قاطِبَةً / فَما وَفى بِكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ
ما صَحَّ مَذهَبُ أَهلِ النَسخِ عِندَهُمُ / إِلّا بِأَنَّكَ أَنتَ الناسُ كُلُّهُمُ
جَمَعتَ ما في جَميعِ الناسِ مِن كَرَمٍ / فَالفَضلُ عِندَكَ مَجموعٌ وَمُقتَسَمُ
أَفدي بِنَفسي نَفيسَ النَفسِ عادَتُهُ / أَن لا يُذَمَّ لَهُ فِعلٌ وَلا ذِمَمُ
أَزُورُهُ وَبِوُدّي لَو مَشى بَصَري / عَنّي وَلَم يَمشِ لي ساقٌ وَلا قَدَمُ
وَلَو قَدِرتُ لَما زارَت مُقَفِّلَةً / إِلّا بِخَدّي إِلَيهِ الوُخد الرُسُمُ
كَرامَةً لِكَريمِ الخيمِ ما كَبُرَت / إِلّا لَهُ عِنديَ الآلاءُ وَالنِعَمُ
فَسَوفَ أَشكُرُهُ حَيّاً وَتَشكُرُهُ / عَنّي إِذا ما ثَوَيتُ الأَعظُمُ الرِمَمُ
لا زالَ سَعيُكَ مَقروناً بِهِ الرَشَدُ
لا زالَ سَعيُكَ مَقروناً بِهِ الرَشَدُ / وَطُولُ عُمرِكَ مَعموراً بِهِ الأَبَدُ
يا بَحرَ جُودٍ إِذا جادَت غَوارِبُهُ / فَكُلُّ بَحرٍ سِواهُ في النَدى ثَمَدُ
كَم مِن يَدلَكَ عِندَ المَجدِ قَد غَرَسَت / مَكارِماً ما لِمَخلوقٍ بِهِنَّ يَدُ
يَنتابُكَ الناسُ أَفواجاً فَتُصدِرُهُم / عَن مَورِدٍ غَيرِ مَذمومٍ إِذا وَرَدُوا
وَيُصبحُ القَومُ يَهدِي مِن حَدِيثِهمُ / إِلَيكَ حَمداً بَعيداً كُلَّما بَعُدُوا
أَمُّوا نَداكَ ففازُوا بِالَّذي طَلَبوا / وَفُزتَ مِنهُم بِما أَثنَوا وَما حَمَدوا
مِن كُلِّ مُجتَهدٍ يُثني وَأَنتَ لَهُ / فيما بَذَلتَ مِنَ الإِحسانِ مُجتَهِدُ
مَنَّت عَلَيكَ بِهِ البَيداءُ وَاِبتَدَأَت / فِعلاً جَميلاً إِلَيهِ العِرمِسُ الأُجُدُ
وَفِتيَةٍ أنجَدَت في المُقفِراتِ بِهِم / عَرامِسٌ طالَ مِن إِنجادِها النُجُدُ
أَسرَت يُغَمِّضُ طُولُ السَيرِ أَعيُنها / وَطالَما كَفَّ عَن أَبصارِها الرَمَدُ
تَلقى السِياطَ بِأَقرابٍ مُلَحَّبَةٍ / مِثلَ السِياطِ مِنَ الوَخدِ الَّذي تَخِدُ
مَجهولَةُ البِيدِ لَم يُمدَد بِها طُنُبٌ / مِنَ الغَريبِ وَلَم يُضرَب بِها وَتِدُ
كَأَنَّما الآلُ فيها حينَ تَنظُرُهُ / يَمٌّ وَمَوّارُها مِن فَوقِهِ زَبَدُ
ضَلُّوا بِها فَهَداهُم في الدُجى مَلِكٌ / جَبِينُهُ مِثلَ نُورِ الشَمسِ يَتَّقِدُ
أَغَرُّ لا يَقصِدُ القُصّادُ نائِلَهُ / إِلّا وَيَغمرُهُم مَعرُوفُ مَن قَصَدُوا
مِن آل مِرداسَ خَيرِ الناسِ إِن رَحَلَوا / وَإِن أَقامُوا وَإِن غابُوا وَإِن شَهِدُوا
تَلقى النَدى وَالرَدى فيهم فَقَد عُرِفُوا / بِالصِدقِ إِن أَوعدُ وَاشَرّاً وَإِن وَعَدُوا
شُمُّ العَرانينِ في آنافِهِم أَنَفٌ / عَنِ القَبيحِ وَفي أَعناقِهم صَيَدُ
إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم في مَجالِسِهِم / قَوماً إِذا سُئِلُوا جادُوا بِما وَجَدُوا
نالُوا السَماءَ وَحَطّوا مِن نُفوسِهِم / إِنَّ الكِرامَ إِذا اِنحَطُّوا فَقَد صَعَدُوا
مُحَسَّدُونَ وَلَو لَم يَعلُ قَدرُهُم / عَن قَدرِ كُلِّ جَليلِ القَدرِ ما حُسِدُوا
بَنى المُعِزُّ لَهُم غَيطاءَ مُشرِفَةً / في العِزِّ لَم يَبنِها مِن قَبلِهِ أَحَدُ
يا عُدَّةَ الدَولَةِ القِرمُ الَّذي فَعَلَت / أَفعالَهُ الغُرُّ مالا تَفعَلُ العُدَدُ
جُزِيتَ مِن والِدٍ خَيراً عَلى نِعَمٍ / حَصَّلتَها فَتَلَقّى دَرَّها الوَلَدُ
وافى لِيَنعَمَ فيما قَد كَسِبتَ لَهُ / وَالشِبلُ يَأكُلُ مِمّا يَفرِسُ الأَسَدُ
فَاسلَم لَهُ وَلِثَغرٍ بِتَّ تَكَلأُهُ / مِنَ العَدُوِّ كَلاكَ الواحِدُ الأَحَدُ
وَلا خَلا مِنكَ لا سَمعٌ ولا بَصَرٌ / وَلا سَريرٌ وَلا قَصرٌ وَلا بَلَدُ
بَينَ اللَوى وَحَزِيزِ الأَجرَعِ العَقِدِ
بَينَ اللَوى وَحَزِيزِ الأَجرَعِ العَقِدِ / مَنازِلٌ أَخلَقَتها جِدّةُ الأَبَدِ
كَأَنَّها بَعدَ ما مُحّت مَعالِمُها / مامُحَّ لِلبَينِ مِن صَبري وَمِن جَلَدي
مَنازِلٌ طالَما طَلَّت عَقائِلها / دَماً جُباراً بِلا عَقلٍ وَلا قَوَدِ
مِن كُلِّ مَكحولَةِ العَينَينِ ما اكتَحَلَت / بِإِثمِدِ الحَضرِ بَل عُلَّت مِن الثَمَدِ
تَأَوَّدَت فَاِكتَسَت حُسناً وَأَحسَنُ ما / تَأَوَّدَ الفَنَنُ العالي مِنَ الأَوَدِ
ظَبيٌ تَعَوَّدَ قَتلَ الإِنسِ وَاعَجَباً / أَن يَقتُلَ الإِنسَ ظَبيٌ مِن بَني أَسَدِ
يا صاحِبيَّ سَقى رَبعاً بِكاظِمَةٍ / مَثَجِّجٌ مِن حَيِيِّ العارِضِ البَرِدِ
أَو يَكتَسي كُلُّ قُردُودٍ بِجَلهَتِه / ثَوباً مِنَ النَورِ لا ثَوباً مِنَ القَرَدِ
فَرُبَّ ساحِبَةِ الأَذيالِ خاطِرَةٍ / قَبلَ السَحابِ بِذاكَ السَفحِ وَالسَنَدِ
عُجنا عَلَيهِ المَطايا عَوجَةً قَدَحَت / نارَ الصَبابَةِ في قَلبٍ وَفي كَبِدِ
وَبَلدَةٍ كَسَراةِ الظَبي عارِيَةٍ / ذَعَرتُ غِيلانَها بِالعِرمِسِ الأُجُدِ
وَقُلتُ لِلرَّكبِ وَالأَنضاءُ لاغِيَةٌ / قَد بَلَّ أَكوارَها الإِنجادُ بِالنَجَدِ
خَلُّوا الثِمادَ فَإِنّي وارِدٌ بِكُمُ / بَحراً مِنَ الجُودِ طامي المَوجِ بِالزَبَدِ
وَقاصِدٌ خَيرَ مَقصودٍ وَمُنتَجِعٌ / ريفَ العَزيزَينِ مِن قَيسٍ وَمِن أُدَدِ
مُعِزَّ دَولَةِ عَدنانٍ وَأَيَّ فَتىً / فيهِ غَرائِبُ فَضلٍ لَيسَ في أَحَدِ
حامي الحَقيقَةِ في عِرنِينِهِ شَمَمٌ / وَنَخوَةُ اللَيثِ لا تَخلُو مِنَ العَنَدِ
مِن مَعشَرٍ أَصبَحَت غُراً مَناقِبُهُم / مِثلَ الكَواكِبِ لا يُدرَكنَ بِالعَدَدِ
بَنَوا لَنا بَيتَ عِزٍّ صَيَّروا عَمَداً / لَهُ الرِماحَ فَأَغنَوهُ عَنِ العَمَدِ
أَبناءُ مِرداسِ خَيرُ الناسِ ما وَعَدُوا / وَعداً فَأَبطاكَ وَعدَ اليَومِ خُلفُ غَدِ
تَوارَثُوا الفَخرَ فَالماضي إِذا مُنِيَت / لَهُ المَنِيَّةُ خَلىَّ الفَخرَ لِلوَلَدِ
لا خَلقَ أَكرَمُ مِنهُم حينَ تَقصِدُهُم / وَلا أَشَدُّ مِراساً بِالقَنا القُصُدِ
أَحلاسُ حَربٍ فَما يُربى صَغيرِهُمُ / إِلّا عَلى نَوفِ الضامِرِ العَنِدِ
إِنّي سُرِرتُ وَمِمّا سَرَّني لَكُمُ / مَوتُ الحَسُودِ بِما يَلقى مِن الكَمَدِ
عادُوا إلى خَير ما اِعتادُوا فَإِن سُئِلُوا / جادُوا وَذادُوا عَنِ الأَعراضِ بِالصَّفَدِ
تَمَلَّكُوا الرَقَّةَ البَيضاءَ وَاِنتَقَلوا / بِالعِزِّ مِن بَلَدٍ رَغدٍ إِلى بَلَدِ
مِثلُ السَحائِبِ ساقَ اللَهُ رَيِّقَها / إِلى ثَرىً لَم تَبِت مِنهُ عَلى خَلَدِ
إِن كُنتُ حُرّاً فَحَمدي دائِمٌ لَهُمُ / فَرضٌ عَلَيَّ كَحَمدِ الواحِدِ الصَمَدِ
أَبى لَكَ اللَهُ إِلّا رِفعَةَ الأَبَدِ
أَبى لَكَ اللَهُ إِلّا رِفعَةَ الأَبَدِ / وَمَوتَ شانيكَ مِن غَيظٍ وَمِن كَمَدِ
كَم قَد تَمَنَّت لَكَ الأَعداءُ مِن سَبَبٍ / لَم يَبلُغُوهُ بِلُطفِ الواحِدِ الصَمَدِ
وَدُونَ ما يَبتَغي الحُسّادُ ضَربُ طُلىً / بِالمُرهَفاتِ وَطَعنٌ بِالقَنا القُصُدِ
حَتّى تَرى الأَرضَ مَصبُوغاً جَوانِبُها / صَبغَ العُيونِ إِذا اِحمَرَّت مِنَ الرَمَدِ
إِن كانَ عَزَّ شآمٌ أَنتَ مالِكُهُ / فَلَيسَ يُنكَرُ عزُّ الغِيلِ بِالأَسَدِ
ثِق بِالإِمامِ وَلا تَسمَع لِبَوحِهِم / فَما الإِمامُ عَلى شَرٍّ بِمُعتَقِدِ
أَخلَصتَ سِرَّكَ إِخلاصاً لَبِستَ بِهِ / ثَوباً قَشيباً مِنَ التَوفيقِ وَالرَشَدِ
وَلَم يَدَع حُسنُ ما أَثَّرتَ عِندَهُمُ / تَشَوُّقاً لِذَوي الأَضغانِ والحَسَدِ
قَد جَرَّبُوكَ فَما وافوكَ مُنتَقِلا / عَن حُسنِ طَبعٍ وَلا مُصغٍ إِلى فَنَدِ
يَعِزُّ كُلُّ مَكانٍ أَنتَ نازِلُهُ / عِزَّ الشَرى بِأَبي شِبلَينِ ذِي لِبَدِ
أَمّا الإِمامُ فَقَد سَدَّت عَزائِمُهُ / هَذي الثُغُور بِهَذا الأَروَعِ النَجِدِ
وَمَدَّهُ اللَهُ بِالتَوفيقِ مُذ رُكزَت / فيها قَناهُ فَأَغناها عَنِ المُدَدِ
يا طالِبَ الجُودِ شَمِّر إِنَّ في حلَبٍ / بَحراً مِنَ الجُودِ طامي المَوجِ وَالزَبَدِ
عَذبَ المَشارِبِ مازالَت مَوارِدُهُ / تُغشى وَمَهما تَزِد وُرّادُها تَزِدِ
لَهُ مُنادٍ يُنادي حَولَ لُجَّتِهِ / يا ظامِئاً يَشتَكي طُولَ الأُوامِ رِدِ
تَراهُ يَملِكُ ما ضَمَّت حَيازِمُهُ / فَما يَطيشُ حِجاهُ ساعَةَ الحَرَدِ
تُعطيكَ في اليَومِ كَسبَ اليَومِ راحَتُهُ / وَلا يُغادِرُ مالاً باقِياً لِغَدِ
عُدَّ المُعِزَّ وَعُدَّ الناسَ كُلَّهُمُ / تُصادِفِ البَعضِ مِثلَ الكُلِّ في العَدَدِ
سَعى إِلى الأَمَدِ الأَقصى فَأَدرَكَهُ / فَلَم يَدَع أَحَداً يَسعى إِلى أَمَدِ
يا مُنعِماً أَنا مِن نُعماهُ في رَغَدٍ / وَحاسِدي مِنهُ في ضُرٍّ وَفي نَكَدِ
فِداكَ كُلُّ حُسودٍ ضَلَّ ذِي بُخُلٍ / يَمشي إِلى الضَيفِ مَشيَ الأَجرَدِ الحَفِدِ
إِذا تَفازَعَ أَهلُ الحَيِّ أَيَّدَهُ / خَوفُ المَنِيَّةِ بَينَ الكَسرِ وَالنَضَدِ
لَم يَسعَ مَسعاكَ لِلعَلياءِ مُجتَهِدٌ / وَلا شَرى المَجدَ بِالغالي مِنَ الصَفَدِ
يا مَن نَسَجتُ لَهُ مِن مَنطِقي حُلَلاً / جَديدَةَ الحَمدِ لا تَبلى عَلى الأَبَدِ
لِيَ الهَناءُ بِأَن تَبقى فَعِش أَبَداً / مُعَمِّراً عُمرَ نَسرِ الجَوِّ لا لُبَدِ
وَاسعَد بِعيدكِ وَاسلَم خالِداً أَبَداً / لا دارَ يَومُكَ لِلأَيّامِ في خَلَدِ
ما قُدِّمَ البَغيُ إِلّا أُخِّرَ الرَشَدُ
ما قُدِّمَ البَغيُ إِلّا أُخِّرَ الرَشَدُ / وَالناسُ يُلقونَ عُقبى كُلِّ ما اِعتَقَدُوا
مَن ساسَ خَيراً رَأى خَيراً وَمَن وَلَدَت / أَفعالُهُ الشَرَّ لاقى شَرَّ ما تَلِدُ
بَغى عَلَينا رِجالٌ عادَ بَغيُهُمُ / عَلَيهِمُ وَأَعانَ الواحِدُ الصَمَدُ
وافَوا وَقَد عَقَدُوا عَقداً فَما ظَفِرُوا / بِما أَرادُوا وَحَلَّ اللَهُ ما عَقَدُوا
ظَنُّوا السَلامَةَ حَتّى خابَ ظَنُّهُمُ / وَالخَيلُ عَن يَمنَةِ السَعدِيِّ تَطَّرِدُ
فَلَم تَجُل جَولَةً حَتّى رَأَيتَهُمُ / في جِيدِ كُلِّ كَمِيٍّ مِنهُمُ مَسَدُ
مُجَنَّبِينَ وَصَرعى تَحتَ أَرجُلِنا / كَما تُصَرَّعُ يَومَ الرِحلَةِ العَمَدُ
سالَت مَذانِبُ صَيدا مِن دِمائِهِمُ / وَطَرّحَت حائِرَ الراسُومَةِ العُدَدُ
وَعاوَدُوا نَحوَ دانِيث فَشَكَّهُمُ / صُمُّ الأَنابِيبِ ما في خَلقِها أَوَدُ
في كَفِّ كُلِّ كَمِيِّ مِن فَوارِسِنا / سَردُ الدِلاصِ عَلى أَكتافِهِ لِبَدُ
وَعاوَدُوا يَطلُبُونَ الشَرَّ ثانِيَةً / وَلِلمَنايا عَلى أَرواحِهِم رَصَدُ
وَلَم تَكُن يَومَ أَعزالٍ فَوارِسُنا / بِئسَ الفَوارِسُ وَالقَسطالُ مُنعَقِدُ
ثُمَّ استَقَلَّت إِلى السَعديِّ ظُعنُهُمُ / فَمُنذُ صارُوا إِلى السَعدِيِّ ما سُعِدوا
وَلَو وَمِن خَلفِهِم جَيشٌ فَوارِسُهُ / قَد أَبحَدَتنا بِها الجَوزاءُ وَالأَسَدُ
لَم يَعلَمُوا حينَ باتَ السَيلُ يَدهَمُهُم / أَنَّ المُدُودَ لَنا مِن خَلفِهِم مَدَدُ
تَرى الخِيامَ عَلى التَيّارِ طافِيَةً / كَأَنَّما هِيَ في حافاتِهِ زَبَدُ
وَالسَيلُ قَد جَرَّ ما ضَمَّت عِيابُهُمُ / حَتّى تَشابَهَتِ الأَمواجُ وَالزَرَدُ
يا أَيُّها الراكِبُ العادي يَخُبُّ بِهِ / عَبلُ الشَوى مُجفِرٌ أَو عَبلَةٌ أُجُدُ
بَلِّغ تَحِيَّتَنا طَيّاً وَقُل لَهُمُ / ما ضَرَّنا ذَلِكَ الحَشدُ الَّذي حَشَدُوا
عَققتُمُونا وَقَد قُمنا بِبِرِّكُمُ / كَما يَقومُ بِبِرِّ الوالِدِ الوَلَدُ
فَما رَعَت حَقَّنا كَلبٌ وَلا حَفِظَت / لَنا الصَنيعَةَ قَحطانٌ وَلا أُدَدُ
قَصَدتُمُ الشامَ إِذ غابَت فَوارِسُهُ / وَالذِئبُ يَرقُصُ حَتّى يَحضُرَ الأَسَدُ
وَأَطمَعَتكُم حَماةُ في مَمالِكِنا / وَالمَطمَعُ السُوءُ مَقرونٌ بِهِ الحَسَدُ
سَتُستَعادُ بِبيضِ الهِندِ ثانِيَةً / إِذا نَزَلنا وَمِن قَبليِّنا صَدَدُ
لَولا الإِمامُ وَلَولا فَرطُ خَشيَتِهِ / لَم يَقطَعِ الجِسرَ مِن فُرسانِكُم أَحَدُ
وَإِنَّما نَهنَهتَنا طاعَةٌ تَرَكَت / سُيُوفَكُم عَن أَذانا لَيسَ تَنغَمِدُ
فَحينَ أَحوَجتُمُونا لَم نُلَقِّكُمُ / غَيرَ السُيوفِ المَواضِي وَالقَنا القُصُدُ
وَمِن كِلابٍ رِجالٌ غابَ أَكثَرُهُم / عَنكُم وَوا أَسَفا لَو أَنَّهُم شَهِدُوا
حَتّى تَرَوا بِالمُصَلّى كَيفَ طَعنُهُم / بِالسَمهَرِيَّةِ وَالأَرواحُ تُفتَقَدُ
وَقَد عَرَفتُم وَجَرَّبتُم فَوارِسَنا / بِالمَشهَدَينِ وَنارُ الحَربِ تَتَّقِدُ
ذَادُوكُمُ بِالعَوالي عَن خِيامِهِم / فَما استُبيحَ لَها طُنبٌ وَلا وَتِدُ
كُنتُم ثَلاثَةَ آلافٍ فَرَدَّكُمُ / ثَلاثَةٌ وَأَبى أَن يَنفَعَ العَدَدُ
وَما القَليلُ قَليلاً حينَ تَخبُرُهُ / وَلا الكَثيرُ كَثيراً حينَ يَنتَقَدُ
لا واخَذَ اللَهُ قَوماً مِن عَشِيرَتِنا / تَأَلَّبوا في زَوالِ العِزِّ وَاِجتَهَدُوا
باعُوا العَشِيرَةَ بَيعَ البَخسِ وَاِنقَلَبُوا / بِالذُلِّ ما أَخلَفُوا العِزَّ الَّذي فَقَدُوا
وَدَرَّ دَرُّ رِجالٍ مِنهُمُ مَنَعُوا / أَعداءَهُم جانِبَ الوِردِ الَّذي وَرَدُوا
وَمانَعُوا دُونَ شامٍ لَو نَبا بِهِمُ / وَحاوَلوا عِوَضاً مِنهُ لَما وَجَدُوا
قَد ناصَحُونا فَلافَوا غِبَّ نُصحِهِمُ / وَعاهَدُونا وَأَوفَوا بالَّذي عَهِدُوا
يا عائِدينَ إِلى الأَوطانِ مِن حَلَبٍ / وَفي قُلوبِهِمُ مِن فَوتِها كَمَدُ
لَستُم بِأَوّلِ قَومٍ حاوَلُوا طَمَعاً / مِنها وَضَلُّوا عَنِ القَصدِ الَّذي قَصَدُوا
لَم تَنزِلوها بِأَمرٍ غَيرَ أَنَّكُمُ / رُمتُم فَسادَ أُمُورٍ لَيسَ تَنفَسِدُ
وَعُقتُمُ القَودَ أَن تَمضي وَلا عَجَباً / أَنَّ الخَليفَةَ يَدري ثُمَّ لا يَجِدُ
وَما اِعتَمَدنا عَلى قَودٍ تُقَرِّبُنا / مِنهُ وَلَكِن عَلى النِيّاتِ نَعتَمِدُ
حاشا الإِمامَ وَحاشا طِيبَ عُنصُرِهِ / أَن يَظهرَ الزُهدُ في قَومٍ وَما زَهِدُوا
لا تَطلُبُوا مَصعَداً في هَضبِ شاهِقَةٍ / زَلَّت بِأَقدامِ قَومٍ قَبلَكُم صَعِدُوا
فَالدِزبِرِيُّ حَطَطنا مَن عَصى مَعَهُ / عَلى الإِمامِ وَفي آنافِهِم عُبُدُ
مِن بَعدِ ما تَرَكَ المُرّانُ أَكثَرَهُم / صَرعى يُهالُ عَلى مَثواهُمُ السَنَدُ
خانُوا الإِمامَ وَما خُنّا وَأَفسَدَهُم / ضَعفُ اليَقينِ وَلَم نَفسُد كَما فَسَدوا
وَلا عَصَينا أَميرَ المُؤمِنينَ كَما / عَصى المُظَفَّرُ وَهوَ السَيفُ وَالعَضُدُ
لَكِن أَطَعنا وَناصَحنا وَما عَلِقَت / لآلِ مِرداسِ إِلّا بِالإِمامِ يَدُ
لَو كانَ يُعبَدُ غَيرُ اللَهِ ما اِمتَنَعُوا / أَن يَعبُدُوهُ مَعَ الرَبِّ الَّذي عَبَدُوا
أَمّا الإِمامُ فَما حالَت مَحَبَّتُهُ / وَإِنَّما في رِجالٍ حَولَهُ حَسَدُ
سامُوا لَنا عِندَهُ أَمراً لِيَحمَدَهُم / فَالحَمدُ لِلّهِ قَد لِيموا وَما حُمِدُوا
وَنَحنُ أَنفَعُ مِنهُم إِن أَلَمَّ بِهِ / خَطبٌ وَأَوجَدُ لِلهَمِّ الَّذي يَجِدُ
وَلِلخَليفَةِ مِنّا حينَ يَندُبُنا / أَموالُنا وَالقَنا وَالمالُ وَالوَلَدُ
لا نَرتَضي غَيرَهُ مَولىً نُعَزُّ بِهِ / وَلا يُغَيِّرُنا عَن حُبِّهِ الأَبَدُ
يا مُزنَةَ الحَيِّ يَحدُو عِيسَها الحادي
يا مُزنَةَ الحَيِّ يَحدُو عِيسَها الحادي / هَلّا شَفَيتِ بِرِيٍّ غُلَّةَ الصادي
زَوَّدتِني نَظرَةً زادَت جَوىً كَبِدِي / ما كانَ ضَرَّكِ لَو أَكثَرتِ مِن زادي
أَمّا فُؤادي فَقَد أَضحى أَسيرَكُمُ / يا وَيحَهُ مِن فُؤادٍ مالَهُ فادي
مَنُّوهُ زُوراً وَمَنُّوا في المُنى وَعِدُوا / وَعداً جَميلاً وَلا تُوفوا بِميعادِ
كَيفَ الخَلاصُ وَقَد أَضرَمتِ في كَبِدي / زَندَينِ ضِدَّينِ مِن خافٍ وَمِن بادي
أَيّامَ نَحنُ بِأَعلى الشِعبِ مَنزِلُنا / وَمَنزِلُ الحَيِّ بَينَ السَفحِ وَالوَادي
ما كانَ ضَرَّكُمُ وَالدارُ جامِعَةٌ / وَغُربَةُ البَينِ لَم تَجلِسُ بِمِرصادِ
لَو أَنعَمت بِالمُنى نُعمٌ وَلَو كَرُمَت / سُعدى فَجادَت بِإِسعافٍ وَإِسعادِ
لَم أَنسَها يَومَ وَلَّت وَهيَ غادِيَةٌ / بِمُهجَتي في الفَريقِ المُزمِعِ الغادي
حَسّانَةُ الجِيدِ مَصقُولٌ تَرائِبُها / مِثلُ العَقيقَةِ في وَطفاءَ مِرعادِ
قالَت فَدَتكَ حَياتي وَهِيَ هازِلَةٌ / رُوحي الفِداءُ لِذاكَ الهازِلِ الفادِي
أَمسَت أُمامَةُ قَد ضَنَّت بِنائِلِها / فاعتادَ قَلبَكَ مِنها شَرُّ مُعتادِ
كَأَنَّ لُبَّكَ مُذ بانَ الخَليطُ بِها / لُبُّ المُعَلَّلِ مِن صَفراءَ كَالجادي
مُقتُولَةٌ بِنَمير الماءِ قاتِلَةٌ / تَرى المُصَبَّح مِنها مائِلَ الهادي
وَفِتيَةٍ لَوَّحَتهُم كُلُّ طامِسَةٍ / قَفرٍ وَكُلُّ سَحيقِ الرِعنِ مُنقادِ
تَهوي بِهم شَدَنيّاتٌ مُزَمَّمَةٌ / تَضِلُّ في البِيدِ أَعضاداً بِأَعضادِ
كَأَنَّهُم مِن نَعامِ الدَوِّ سارِحَةٌ / تَخدي بِجِنٍّ عَلى الأَكوارِ مُرّادِ
تَشدُو بِذِكرِ ابنِ مِرداسٍ فَيُطرِبُها / حَتّى تَهِمَّ بِأَن تَشدُو مَعَ الشادي
مُتَوَّجٌ مِن مُلوكِ الأَرضِ هِمَّتُهُ / مَقسُومَةٌ بَينَ إِصدارٍ وَإِيرادِ
زُرنا المُعِزَّ فَزُرنا مِن فَتى مُضَرٍ / بَحرَ النَدى وَشِهابَ الحَيِّ وَالنادي
وَباتَتِ العيسُ في مَغناهُ حامِدَةً / لِفَضلِهِ وَلِإتهامي وَإِنجادي
فَتىً إِذا قَصَدَ القُصّادُ نائِلَهُ / أَمُّوا مُعَرَّسَ وُفّادٍ وَقُصّادِ
أَغَرُّ أَبلَجُ يَلقى الوَفدَ مُبتَسِماً / بِمُشرِقٍ مِثلِ ضَوءِ الشَمسِ وَقّادِ
يُهدى بِهِ الرَكبُ وَالظَلماءُ عاكِفَةٌ / لا يُبعِدُ اللَهُ ذاكَ المُرشِدِ الهادي
فَخرٌ مُنيفٌ بَناهُ في القَديمِ لَهُم / كَعبُ بنُ عَبدٍ وَإِدريسُ بنُ شَدّادِ
ما كُلُّ قَومٍ إِذا طالُوا بِأَنفُسِهِم / طالُوا بِها وَبِآباءٍ وَأَجدادِ
تَرى الثِيابَ عَلى أَجسادِهِم فَتَرى / تِلكَ الثِيابَ عَلى أَجسادِ آسادِ
إِذا نَضَوها نَضَوها عَن مَناكِبِهِم / كَما نَضَوتَ سُيُوفاً حَشوَ أَغمادِ
إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم مَعشَراً نُجُباً / أَكبادُهُمُ في الرَزايا غَيرُ أَكبادِ
كَأَنَّهُم وَعِتاقُ الخَيلِ تَحمِلُهُم / أَطوادُ حِلمٍ جُلوساً فَوقَ أَطوادِ
شُمُّ العَرانينِ طَعّانينَ إِن غَضِبُوا / بِالسَمهَرِيَّةِ بِذّالِينَ لِلزّادِ
يا بنَ المُلوكِ كَلاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ / مُدَرَّبٍ بِفَعالِ الخَيرِ مُعتادِ
كَم مِنَّةٍ لَكَ عِندي ثَمَّرَت جِدَتي / وَكَثَّرَت فَوقَ ظَهرِ الأَرضِ حُسّادي
لَأَجزِيَنَّكَ أَوصافاً مُحَبَّرَةَ / كَأَنَّهُنَّ عُقُودٌ فَوقَ أَجيادِ
تَبقى عَلى غُبَّرِ الأَيّامِ خالِدَةً / خُلودَ ذِكرِكَ في حَضرِ وَفي بادي
يا لَيلُ طُلتَ وَطالَ الوَجدُ وَالكَمَدُ
يا لَيلُ طُلتَ وَطالَ الوَجدُ وَالكَمَدُ / كِلاكُما مُستَمِرٌّ ما لَهُ أَمَدُ
لا دَرَّ درّك مِن لَيلٍ كَواكِبُهُ / طَلائِحُ الخَطوِ لا تَردي وَلا تَخِدُ
كَأَنَّها مِن فِراقِ اللَيلِ خائِفَةٌ / وَفي الصَباحِ عَلَيها لِلكَرى قَوَدُ
وَقَد تَعَرَّضت لِلجَوزاءِ طالِعَةً / مِثلَ الهَدِيِّ عَلَيها التاجُ مُنعَقِدُ
يا لَيلُ ما طُلتَ عَمّا كُنتُ أَعرِفُهُ / وَإِنَّما طالَ بي فيكَ الَّذي أَجِدُ
يا أُمَّ عَمروٍ لَقَد كَلَّفتِني كُلَفاً / مِنَ الصُدودِ فَقَلبي للرَدى صَدَدُ
أَتلَفتِ رُوحي وَما خَلَّفتِ لي جَسَداً / فَعُدتُ لَم يَبقَ لي رُوحٌ وَلا جَسَدُ
قَد كُنتُ جَلداً وَأَمَّا بَعدَ نَأيِكُمُ / فَلَيسَ لي في الهَوى صَبرٌ وَلا جَلَدُ
أَهوى المَزارَ وَكَم بَيني وَبَينَكُمُ / مِن شاهِقِ الصَمدِ أَعلى سَمكَهُ الصَمَدُ
وَمِن فَلاةٍ شَطونِ البِيدِ نازِحَةٍ / تَكِلُّ مِن دَونِها العَيرانَةُ الأَجُدُ
يَسري الخَيالُ فَيَلقى دُونَكُم نَصَباً / فَما يُعاوِدُ إِلّا وَهوَ مُضطَهَدُ
دَع ذِكرَ هِندٍ وَلَكن رُبَّ مَهلَكَةٍ / أَضحَت بِيَ العِيسُ في أَجوازِها تَفِدُ
إِلى المُعِزِّ الَّذي أَضحَت مَناقِبُهُ / يُحصى الحَصا قَبلَ أَن يُحصى لَها عَدَدُ
إِلى فَتىً نالَ بِالمَعروفِ مُنذُ نَشا / مَحامِداً لَم يَنلها قَبلَهُ أَحَدُ
أَلوى أَشَمُّ بَعِيدُ الشَوفِ مُنصَلِتٌ / جَبِينُهُ مِثلُ ضَوءِ الشَمسِ يَتَّقِدُ
أُثني عَلَيهِ وَلي في كُلِّ جارِحَةٍ / قَلبٌ لِأَضعافِ ما أُبديهِ مُعتَقِدُ
يا مَن هُوَ البَحرُ جَيّاشاً بِنائِلِهِ / وَغَيرُهُ المَنهلُ الضَحضاحُ وَالثَمَدُ
فَذاكَ نَزرٌ تَكادُ الأَرضُ تَنشِفُهُ / وَأَنتَ يَطمي عَلَيكَ المَوجُ وَالزَبَدُ
يا واهِبَ المالِ لا مَطلٌ يَحُولُ بِهِ / وَلا يُكَدِّرُهُ مَنٌّ وَلا نَكَدُ
إِذا حَضرتَ وَغابَ الناسُ كُلُّهُمُ / عَن مَشهَدٍ لَم يَغِب عَنهُم وَقَد شَهِدُوا
لا فارَقَت شَخصَكَ الدُنيا فَأَنتَ بِها / كَالشَمسِ لَم يَخلُ مِن نُورٍ لَها بَلَدُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025