المجموع : 6
لو لَمْ يُحَرَّمْ على الأَيامِ إِنجادِي
لو لَمْ يُحَرَّمْ على الأَيامِ إِنجادِي / ما واصَلَتْ بَيْنَ إِتْهامي وإِنْجادِي
طوراً أَسيرُ مع الحيتانِ في لُجَجٍ / وتَارةً في الفيافي بَيْنَ آسادِ
إِمّا بِطامِرَةٍ في ذَا وَطارِمَةً / أو في قَتَادٍ على هذا وأَقْتادِ
والناسُ كُثْرٌ ولكنْ لا يقدَّرُ لي / إِلا مرافَقَةُ المَلاَّح والحادي
هذا ولَيْتَ طَرِيقَيْ ما رَمَيْتُ لَهُ / مَسْلُوكَتَانِ لِرُوَّادٍ ووُرّادِ
وما أَسيرُ الى رومٍ ولا عربٍ / لكنْ لريحٍ وإِبراقٍ وإِرعادِ
أَقلَعْتُ والبَحْرُ قد لانَتْ شكائِمُهُ / جِدًّا وأَقلَعَ عن مَوْجٍ وإِزْبادِ
فعادَ لا عاد ذا ريحٍ مُدَمِّرَةٍ / كأَنَّها أُخْتُ تلك الرّيحِ في عادِ
ولا أقولُ أَبَى لي أَن افارقَكُمْ / فحيثُ ما سِرْتُ يلقاني بمِرْصادِ
وقد رأيتُ به الأَشراطَ قائِمَةً / لأَنَّ أَمواجَهُ تجرِي بأَطْوادِ
تعلُو فلولا كتابُ اللِه صَحَّ لنا / أَنَّ السّموات منها ذاتُ أَعمادِ
ونحنُ في منزلٍ يُسْرَى بِسَاكِنِهِ / فاسْمَعْ حديثَ مُفيمٍ بَيْتُه غادِ
أَبِيتُ إِنْ بِتُّ منها في مُصَوَّرَةٍ / من ضيقِ لَحْدٍ ومن إِظلامِ أَلْحادِ
لا يَسْتَقِرُّ لنا جَنْبٌ بمضْجَعِهِ / كأَنَّ حالاتِنا حالاتُ عُبَّادِ
فكم يُصَعَّرُ خَدٌّ غيرُ مُنْعَفِرٍ / وكم يَخِرُّ جبينٌ غيرُ سَجَّادِ
حتى كأَنَّا وكَفُّ النَّوْءِ تُقْلِقُنا / دراهمٌ قَلَّبَتْها كفُّ نَقَّادِ
وإِنما نحن في أَحشاءِ جاريةٍ / كأَنما حَمَلَتْ مِنَّا بأَوْلادِ
فلا تعُدُّوا لنا يومَ السَّلامَةِ إنْ / حُزْنا السَّلامَةَ إِلاَّ يومَ مِيلادِ
يا إِخوتي ولنا من وُدِّنا نَسَبٌ / على تبايُنِ آباءٍ وآجدادِ
نقرا حُروفَ التَّهَجِّي عن أَواخِرِها / ونحنُ نَخْبِطُ منها في أبي جادِ
ولا تلاوةَ إِلاَّ ما نُكَرِّرُهُ / من مُبْتَدَى النَّحْلِ أو من مُنْتَهَى صادِ
متى تُنَوِّرُ آفاقُ المنَارَةِ لي / بكوكبٍ في ظلامِ الليل وَقَّادِ
وأَلحَظُ الشُّرفاتِ البِيضَ مُشْرِفَةً / كالبَيْضِ مُشْرِفَةً في هامِ أَنْجادِ
وأَستجِدُّ من الباب القديمِ هوًى / عنِ الكنيسةِ فيه جُلّ أَسْنَادي
بِحيثُ أَنْشِدُ آثاراً وأُنْشِدُهَا / فَيُبْلِغُ العُذْرَ نِشْدانِي وإِنشادي
القصرُ فالنخلُ فالجَمَّاءُ بينهما / فالأثلُ فالقَصَبَاتُ الخُضْرُ فالوادي
عَلِّي أَروحُ وأَغدو في معاهِدِها / كما عَهِدْتُ سَقَاها الرَّائحُ الغادي
متى تعودُ ديارُ الظَّاعنينَ بِهِمْ / والبينُ يطلُبُهمْ بالماءِ والزَّادِ
بانَ الحبيبُ فبان الصّبرُ والجلَدُ
بانَ الحبيبُ فبان الصّبرُ والجلَدُ / وأورثَ الجسم ناراً حرّها كبَدُ
كيف السلوّ عن الأحباب ويحكُمُ / عند الرحيل وقلبي شفّهُ الكمَدُ
لله دَرُّ فتاةٍ غادةٍ جمعَتْ / من المحاسنِ شيئاً ما لهُ عددُ
صادَتْ بمقلتِها الآسادَ خاضعة / وما عجيب لها أن تخضع الأسْدُ
في جيدها ذهبٌ في ثغرِها شنبٌ / في طرفها قُضُبٌ في ريقها شُهُدُ
الخصْرُ ذو وهَنٍ والردفُ ذو سِمَنٍ / والناسُ من زمنٍ ماضٍ لها شهِدوا
أنّ المحاسن طُراً فيك قد جمعت / وفي أعاديك نارٌ في الحشى تقِدُ
إن لامني في هواكَ اللائمونَ لقد / حادوا عن الحقّ حقاً والهُدى جحَدوا
لو أبصروكِ وحقِّ الله طالعةً / كالبدرِ فوق قضيبٍ ناعمٍ سجدوا
لما غدَتْ عيسُها تمشي على مَهَلٍ / نادَيْتُ من حُرَقٍ هل في الورى أحدُ
يُجيرُني من هواها إن في كبِدي / ناراً من الشوقِ لا يسطيعُها الكبِد
يا أيها الحافظُ الحبْرُ الإمامُ ومَن / عليه من بعدِ ربِّ العرشِ يُعتمَدُ
أنت الذي ما يضاهيه ويشبهُه / في الخَلْقِ والخُلق ما بين الورى أحد
فأنت بحرٌ لمن وافاكَ مجتدياً / وأنت بدرٌ وما بين العدى أسدُ
واللهِ لو رام أهلُ الأرضِ قاطبةٍ / مِثلاً له طولَ هذا الدهرِ لم يجِدوا
أكرِمْ به أريحيّاً مِصقَعاً فطِناً / عليه ألويةُ الأفضالِ تنعقِدُ
يروي حديثَ النبيّ المصطفى فله / فيه سماعٌ صحيحٌ زانَه السّندُ
قد صحّ عندي وعند الناس كلّهمُ / بأنه في علوم الشرعِ منفَردُ
يحنو علينا كما يحنو على ولدٍ / أبٌ رؤوفٌ ويوفي بالذي يعِدُ
وما نُبالي إذا ما كان مقترباً / منا نداه جميعَ الناسِ لو بعُدوا
يا مَنْ أياديه تَتْرى ليس يجحَدُها / إلا أناسٌ لفضل الله قد جحَدوا
تهنّ قد أقبل الشهرُ الأصمّ وقد / وقاكَ صرْفَ الردى ربُّ العُلى الصّمدُ
وهاكَها غادةً بكراً أتاكَ بها / نصرٌ وأنتَ له دون الورى السّندُ
واسلَمْ وعش في نعيمٍ دائمٍ أبداً / وأنعُمٍ ما لها حدٌّ ولا عددُ
ما لاح برقٌ وما ناحت مطوّقةٌ / وما بدا كوكبٌ جِنْحَ الدُجى يقِدُ
تبقى كذا في نعيمٍ ما له أمدٌ / تعيشُ ألفاً ولا تعلو عليك يدُ
انزعْ لباسَك فالآجالُ حاكمةٌ
انزعْ لباسَك فالآجالُ حاكمةٌ / أن لا ترُدَّ سِهامَ الموتِ بالزّرَدِ
إذا ابْنُ آوى تولّتْهُ سعادته / أوى إليه مُطيعاً كاسرُ الأسدِ
وإن ألمّتْ بليثِ الغِيلِ منحَسَةٌ / صالتْ على لَبدَتَيْهِ راحةُ النّقَدِ
لا تثْنِ جيدَك إنّ الروضَ قد جِيدا
لا تثْنِ جيدَك إنّ الروضَ قد جِيدا / ما عطّل القَطْرُ من نُوّارِه جيدا
إذا تبسّم ثغرُ المُزْنِ عن يقَقٍ / فانظُرْهُ في وجَناتِ الوردِ توريدا
وإن تنثّر درٌّ منه فاجْتَلِهِ / بمبسم الأقحوان الغضّ مَنصودا
واستنطق العودَ أو فاسمعْ غرائبَهُ / من ساجعٍ لحنُه يسترقصُ العودا
يشدو وينظرُ أعطافاً منمّقةً / كأنه آخذٌ منها الأغاريدا
ماذا على العيس لو عادتْ بربّتها / مِقدارَ ما تتقضّاها المواعيدا
رُدَّ الركابَ لأمرٍ عزّ نائبُه / وسمِّه في بديع الحُبِّ ترديدا
وقِفْ أبُثّك ما لانَ الحديدُ له / فإن صدقتَ فقُلْ هل صرْتَ داودا
حُلّتْ عُرى النوم عن أجفانِ ساهرة / ردّ الهوى هُدْبَها بالنجم معقودا
تفجّرتْ وعصا الجوزاءِ تضربُها / فذكّرَتْني موسى والجلاميدا
يا ثعلبَ الفجرِ لا سرحانَ أوله / خذ الثريا فقد صادفتَ عنقودا
مالي وما للقوافي لا أسيّرها / إلا وأقعُدُ محروماً ومحسودا
وكم أقوّمُ منها كلّ نافذةٍ / وأستجيشُ مناكساً رعاديدا
أسكرتُهُم بكؤوسِ المدح مترعةً / ولم أفِدْ منهمُ إلا العرابيدا
سمعتُ بالجودِ مفقوداً فهل أحدٌ / يقول لي قد وجدتُ الجودَ موجودا
الحمدُ لله لا والله ما نظرَتْ / عيناي بعد أبي المنصورِ محمودا
ملْكٌ إذا همّ ألقى الهمّ منتضياً / مهنّداً في جبينِ الخَطْبِ مغمودا
عهدي بعهدي يحوي منه ليثَ وغىً / فصار مذ سارعَتْهُ يحتوي سِيدا
ولو تكلّف حب فوقَ طاقتِه / سعتْ إليه رُباه تقطعُ البيدا
أغرُّ كالقمر الوضّاح مكتملاً / سرى تَمامَ قويمِ النهجِ مَسعودا
والقائدُ الخيلَ أرسالاً مضمّرةً / والقائدُ الجيشَ أبطالاً صناديداً
والطاعنُ الطعنةَ النّجلاءَ نافذةً / والضاربُ الضربةَ الفوهاءَ أخدودا
وجدي بنحوكَ لا عَطفاً ولا بدلاً / فانظُرْ إليه تجدْهُ الكلّ توكيدا
فإن قطعتَ هجيراً في مهاجرتي / فكم تفيأتُ ظلاً منك ممدودا
والصبُّ بالبيضِ ما احمرّتْ غلائلُها / إلا أتَتْ بالمنايا بينها سودا
والعاشقُ السُّمْرَ يثنيها الطعانُ كما / يثني نسيمُ الدلالِ الغادةَ الرّودا
من كل نجلاءَ مذ أيقظتَ ناظرَها / ملأت أعينَ مَنْ عاداك تسهيدا
وما تأخرتَ إخلالً فيُلزِمُني / ذنباً أبيتُ حرّانَ مجهودا
لكنْ سديدُك منّاني فأخْلفَني / فأسهُمي نحوَهُ لم تأتِ تسديدا
يا من ألمّت به الأهواءُ واتّفقتُ / على فضائلهِ علماً وتقليدا
ولم يزَلْ في العطايا غيرَ مقتصدٍ / وإن غدوتَ على التقديمِ مقصودا
سُمْرٌ تصولُ بزُرْقٍ كلما نظرت / من خلفِ سِتْرِ غبارٍ صادتِ الصّيدا
إذا هوَتْ في دياجي النقْعِ أنجمُها / مرّت ولم تتركْ في القوم مريَّدا
تنافسَ الجودُ في كفٍّ مباركة / يلقى لها السلمُ والبأسُ المقاليدا
ما إن يزال ليومي نائلٍ وُسطا / شهادة محفلاً ما كان مشهودا
يا من إذا لاذ ذو فَقْرٍ براحتِه / يروحُ عنها بجيشِ الجودِ مَنجودا
عبّت بك العرَبُ العرباءُ في يَمَنٍ / من مَنهَلٍ بات قيسٌ عنه مصدودا
واحرزتْ سنبسٌ إذ صفتها شرفاً / بها تُخلّدُ في العلياءِ تخليدا
والدهرُ موعدُ محمودٍ تضْمنَهُ / يومٌ أقامَتْهُ في أيامنا عيدا
واسترقصَ الفرحُ الأعطافَ فاشتهبتْ / فيه القوارعُ والهيفَ الأماليدا
من كان في الناس ذا حبٍّ وصفْتُ له
من كان في الناس ذا حبٍّ وصفْتُ له / إن كان في غفلةٍ أو كان لم يجِدِ
الحبُّ أولُهُ عذبٌ وآخرُه / مثلُ الحرارةِ بين القلبِ والكبِدِ
سلني عن الحب يا من ليس يعرفُهُ
سلني عن الحب يا من ليس يعرفُهُ / ما أطيبَ الحُبَّ لولا أنه نكِدُ
طعامنِ مرٌّ وحلوٌ ليس يعدِلُه / في حلقِ ذائقهِ مُرٌّ ولا شُهُدُ