المجموع : 8
الجسمُ ينُقص مذ فارقتُكم سَقَماً
الجسمُ ينُقص مذ فارقتُكم سَقَماً / والشوقُ يكثر في قلبي ويزداد
لا تحسبوا أنّني لِلَّهْوِ بعدكُم / أَحِنّ أو للذيذ العيش أُقْتاد
قد عَزَّني فيكُم صبري وفارقني / تجلّدي فالأسى لي بعدكم زادُ
كأنّني والِهٌ قد شُرِّدت فنأتْ / كَرْهاً وأمسى لها في الحيّ أولاد
إن الأمور إذا اشتدّت معاقدُها
إن الأمور إذا اشتدّت معاقدُها / يفرِّجُ اللهُ منها كلَّ ما وردا
كذلك الدهر إن جاءت فوادِحُه / في اليوم فارْجُ لها ألاّ تدومَ غدا
كم من مُهِمٍّ قريب خِيف سطوتُه / فحلَّ من صعبه المِقدارُ ما عُقِدا
ما أحسنَ الصبرَ فالْبَسه وإن عظُمتْ / رَزِيَّةَ فالْزَم الإقدام والجلدا
والله لو كان لي حُكْمٌ على زمني / جعلتُه لك محضاً صافياً أبدا
لا نالك السقَم المحذورُ إن وردا
لا نالك السقَم المحذورُ إن وردا / وعِشْتَ فينا عزيزاً سالما أبدَا
اللهُ يعلمُ أني مذْ سمعتُ بما / دهاك عاود قلبي الشجوَ والكمدا
يا ليت ما يعتريه بي فأُنقِذَه / أو ليتني واجِدٌ كلَّ الذي وَجَدا
أو ليت كلَّ سرور يستبِدّ به / دوني وأغْدُو له مما يَهُمُّ فِدا
أمّا الزمانُ فلا يعلوك حادثه / قد ظلَّ يسعى بما ترضاه مجتهِدا
ألَنْتَ ما لم يَزْل صَعْبَ القِياد كما / حَلَلْتَ من صَرْف هذا الدهر ما انعقدا
فكيف أخشى عليك الحادثاتِ وقد / ملكت من حادثات الدهر كلَّ مَدى
سأستقيد بك الدنيا التي امتنعتْ / منّى وألبسُ أثواب العلا جُدُدا
الله ملَّكك الدنيا وساكنَها / والله أعطاك ما لم يعطه أحدا
والله جارُك ممَّا أنت تحذره / ومصطفِيك ومعطِيك الذي وعدا
صلَّى عليك إلهُ الخلق مِن مَلِكٍ / لولاه ما طاب لي عيش ولا بَردَا
ظَبيٌ بثوب الهوى تردَّى
ظَبيٌ بثوب الهوى تردَّى / يكاد باللحظ أن يُقَدَّا
يمشي كما حرَّكتْ شَمَالٌ / غُصْناً من البان قد تندَّى
كأنما اللحظ إذ رماه / أنبت في وجنتيه وَرْدا
كتَبتْ إليك يدي وطَرْفي جائلٌ / في الخطّ والمملي عليَّ فؤادي
وجميعُ أعضائي وفكري كلُّه / مستجمِع الإصدارِ والإيراد
فشُغِلتُ عن تبليغ شيخك ساهياً / فيه السلام وكان ذاك مرادي
قد يترك الإنسان حاجَة نفسه / فتفوت سهواَ وهي بالمِرصاد
والساغِب الظمآن يَنسَى شُرْبَه / للماء وهو إليه صبٌّ صادي
والعذر يكفِينيه عندك بعد ذا / علمي بأنك عالم بودادي
فإذا أتاك الشِّعْر عني بالذي / ضمَّنْتُه من نور عذرٍ بادي
فاقْرَ السلام على الإمام مقبِّلاً / للترب عني رائحاً أو غادي
فهْوَ الذي بجميله وجزيله / نلنا المنى مخضرَّةَ الأعواد
صلّى عليه الله مصطفِيا له / وكفاه شِرَّه أعُينِ الحُسَّاد
وأرَّق العينَ بالحيَّين مُتَّلهِ
وأرَّق العينَ بالحيَّين مُتَّلهِ / يُقَطِّع الليلَ تغريدا وتعديدا
موفٍ على غُصْن بانٍ تستميل به / نواسُم الريح تصويبا وتصعيدا
لانت خوافيه واخضلَّت قوادمُه / فَفُتْنَ في لينهنّ الخُرَّد الغِيدا
كأنما حَسَد الياقوتَ مقلتَه / في حُسْن تصريحها فاحمرّ توريدا
مَتْنٌ كِصْبغ الدجى نِيطت حوالِكُه / بِفضِّة صاغ منها النحر والجِيدا
كأنما خُضبت رِجلاه من دمه / وقُلِّد السَبَجَ المختار تقلِيدا
تبكي حمامتُه ما تأتلِي كَمَداً / تُردِّد الصوت بالتغريد ترديدا
لولاه ما ألق في آثار دارِهم / لي مُسْعداً يؤنِس الأطلال والبِيدا
بكى فأبكى جفوني مِلْئّهَنّ دماً / وجَدَّد النوح لي إِذْ ناح تجديدا
إلفي وإلفك بانَا يا حمامُ فنُحْ / حتى تَنوح ونستبكي الجلاميدا
ويلُ أمِّه ساق حرٍّ زاد مُحْزِنُه / بَثّا على حُزْن أيُّوبٍ وداودا
سألته قُبْلةً فجادا
سألته قُبْلةً فجادا / ثم لوى خدّه وحادا
وقال أَخشى من الأعادي / وأَتقي الأعْيُن الحِدادَا
لأنّ خَدِّي من مُدَام / يكتُب فيها الِلئام صادا
مازال في الحبّ شوقٌ موجِع وأَسىً
مازال في الحبّ شوقٌ موجِع وأَسىً / مَبَرَّحٌ يَقطَع الأحشاء والكبِدا
حتى رَمَى البينُ بالتفريق أُلفتَنا / وحَلَّ من وصلها ما كان قد عُقِدا
فآهِ من لوعةٍ مشبوبةٍ وجَوىً / في الصدر لم يُبْقِ لي صبراَ ولا جَلَدا
قالت وعَبْرتُها مخلوطةٌ بدمٍ / تجري وأنفاسُها مرفوعةٌ صُعُدا
لا تطلبِ النطقَ منّي بالسلام فما / أَبْقَى فراقُكَ لي رُوحاً ولا جسدا
فظَلْتُ ملتثما من صَحْن وجنتها / وَرْداً ومرتشِفاً من ثغرها بَرَدا
وطاويا في الحشى منها رَسِيس هوىً / لا أحسب الدهرَ يُبْلِي عهدَه أبدا
حدا الفِراق فمهلاً أيُّها الحادي
حدا الفِراق فمهلاً أيُّها الحادي / لا شيءَ أوجعُ من بَيْنٍ وإبعادِ
أَستودِع اللهَ مَنْ فَقِدي لرؤيتهمْ / أمَرُّ من فَقْدِ شُرب الماء للصادي
لولا دموعيَ في يوم الوَداع إذاً / لأَحرقَتْ زَفَراتي ثَمَّ عُوّادي
فإنْ قَضَى بالتلاقي اللهُ ثانيةً / فالشكرُ أعظمُ ما صيَّرتُه زادي