المجموع : 11
مَرَّت بِنا تُشرِقُ الدُنيا بِبَهجَتِها
مَرَّت بِنا تُشرِقُ الدُنيا بِبَهجَتِها / في مَوكِبٍ يَقسِمُ الأَمراضَ وَالكَمَدا
قالَت نَظَرتَ إِلى غَيري فَقُلتُ لَها / يَمينَ ذي قَسَمٍ بِاللَهِ مُجتَهِدا
ما أَضمَرَ القَلبُ شَيئاً تَغضَبينَ لَهُ / إِلا رَفَعتُ إِلَيكِ الطَرفَ مُعتَمِدا
وَإِن هَوَيتِ فَما عِندي مُخالَفَةٌ / فَقَأتُ عَينَيَّ حَتّى لا أَرى أَحَدا
لَقَد شَقيتُ لَئِن دُمنا كَذا أَبَداً / إِذا سَعَيتُ لِإِصلاحِ الهَوى فَسَدا
ما تَطرِفُ العَينُ إِلا وَهيَ واكِفَةٌ / لَو كُنتُ أَبكي بِماءِ البَحرِ ما نَفِدا
وَلا تَنَّفَستُ إِلا ذاكِراً لَكُمُ / لا شَيءَ يَشغَلُني عَن ذِكرِكُم أَبَدا
كَأَنَّ جَمرَ الغَضا مِما وَطِئتُ بِهِ / بَينَ الضُلوعِ إِذا سَكَّنتُهُ وَقَدا
يا رُبَّ ذي حَسَدٍ يا فَوزُ يُظهِرُهُ / لَو كانَ يَعلَمُ حَظّي مِنكِ ما حَسَدا
لا تَترُكي مِن فُؤادي خالياً جَسَدي / رُدّي الفُؤادَ وَإِلا فَاِقتُلي الجَسَدا
اِصرِف فُؤادَكَ يا عَبّاسُ مُلتَفِتاً
اِصرِف فُؤادَكَ يا عَبّاسُ مُلتَفِتاً / عَنها وَإِلا فَمُت مِن حُبِّها كَمَدا
إِنّي لَأَمنَحُ وُدّي كُلَّ ذي ثِقَةٍ / صِرفاً وَأَحفَظُهُ إِن غابَ أَو شَهِدا
عَصَيتُ فيها عِباد اللَهُ كُلَّهُمُ / مَن لامَني سَفَهاً أَو لامَني رَشَدا
لَم يُفقَدَ الوُدُّ مِن قَلبي لِمَفقَدِها / لَكِنَّ قَلبي غَداةَ البَينِ قَد فُقِدا
فيمَ البُكاءُ عَلى ما فاتَ وَاِنجَرَدَت / بِهِ اللَيالي مَعَ الأَيّامَ فَاِنجَرَدا
لَو أَنَّها مِن وَراءِ الرومِ في بَلَدٍ / ما كُنتُ أَسكُنُ إِلا ذَلِكَ البَلَدا
يا مَن شَكا شَوقَهُ مِن طولِ غَيبَتِهِ / اِصبِر لَعَلَّكَ أَن تَلقى الحَبيبَ غَدا
لَن يَستَطيعَ الفَتى كِتمانَ خُلَّتِهِ / حَتّى يُحَدِّثَ عَنها أَينَما قَعَدا
قَد كُنتُ أَكتُمُ ما أَلقى وَأَستُرُهُ / جُهدي فَأَزهَقَ شَوقي الصَبرَ وَالجَلَدا
حَتّى أَبانَ الهَوى ما كانَ يَستُرُهُ / ضَنّي بِها وَأَبادَ الروحَ وَالجَسَدا
إِنّي وَجَدتُ الهَوى في الصَدرِ إِن رَكَدا / كَالنارِ أَو فاقَ حَرَّ النارِ مُتَّقِدا
النارُ تُطفا بِبَرَدِ الماءِ إِن مُزِجَت / وَلَو مَزَجتَ الهَوى بِالماءِ ما بَرَدا
هِيَ المُنى لِيَ أَهواها وَأَطلُبُها / وَسائِرُ الناسِ يَهوى المالَ وَالوَلَدا
إِذا رَقَدتُ دَنَت مِن بُعدِها فَإِذا / أَصبَحتُ أَصبَحَ مِنها القُربُ قَد بَعُدا
أَبكي الَّذينَ أَذاقوني مَوَدَّتَهُم
أَبكي الَّذينَ أَذاقوني مَوَدَّتَهُم / حَتّى إِذا أَيقَظوني لِلهَوى رَقَدوا
وَاِستَنهَضوني فَلَمّا قُمتُ مُنتَصِباً / بِثِقلِ ما حَمَّلوا مِن وُدِّهِم قَعَدوا
جاروا عَلَّيَ وَلَم يوفوا بِعَهدِهِمُ / قَد كُنتُ أَحسَبُهُم يوَفونَ إِن عَهِدوا
لَأَخرُجَنَّ مِنَ الدُنيا وَحُبُّكُمُ / بَينَ الجَوانِحِ لَم يَشعُر بِهِ أَحَدُ
أَلفَيتُ بَيني وَبَينَ الهَمِّ مَعرِفَةً / لا تَنقَضي أَبَداً أَو يَنقَضي الأَبَدُ
حَسبي بِأَن تَعلَموا أَن قَد أَحَبَّكُمُ / قَلبي وَأَن تَسمَعوا صَوتَ الَّذي أَجِدُ
يا مَن أَحَسَّ رُقاداً بِتُّ أَنشُدُهُ
يا مَن أَحَسَّ رُقاداً بِتُّ أَنشُدُهُ / مُذ غابَ عَن مُقلَتي وَاِستَخلَفَ الكَمَدا
أَنا المَشومُ عَلى نَفسي كَسَبتُ لَها / هَذا البَلاءَ الَّذي لا يَنقَضي أَبَدا
إِنّي لَأَحسَبُ وَالأَقدارُ غالِبَةٌ
إِنّي لَأَحسَبُ وَالأَقدارُ غالِبَةٌ / أَنّي وَإِيّاكِ مِثلُ الروحِ في الجَسَدِ
حَتّى سَعَت بَينَنا يا فَوزُ ساعِيَةٌ / مَشهورَةٌ عُرِفَت بِالنَفثِ في العُقَدِ
فَلَم تَزَل بِالرُقى حَتّى لَقَد تَرَكَت / ما بَينَنا مِثلَ حَربِ الثَورِ وَالأَسَدِ
لَقَد نَهَيتُكُمُ عَنها وَقُلتُ لَكُم / فيها مَقالَ شَفيقِ القَولِ مُجتَهِدِ
يا فَوزُ لا تَسمَعي مِن قَولِ واشِيَةٍ / لَو صادَفَت كَبِدي عَضَّت عَلى كَبِدي
إِن كُنتُ قُلتُ الَّذي قالَت فَأَلبَسَني / رَبّي سَرابيلَ نارٍ جَمَّةَ العَدَدِ
ما كُنتُ قُلتُ لَكُم شَيئاً يَسوؤُكُمُ / وَلا مَدَدتُ إِلى ما تَكرَهينَ يَدي
وَقَد غَنيتُ زَماناً لا أَظُنُّكُمُ / مِمَن يُصدِّقُ فينا قَولَ ذي حَسَدِ
أَمّا الهَوى فَهوَ شَيءٌ لا خَفاءَ بِهِ / شَتّانَ بَينَ سَبيلِ الغَيِّ وَالرَشَدِ
إِنَّ المُحِبّينَ قَومٌ بَينَ أَعيُنِهِم / وَسمٌ مِنَ الحُبِّ لا يَخفى عَلى أَحَدِ
إِنّي لَأَحبِسُ نَفسي أَن تَعودَ لَكُم / إِلى الَّذي كانَ مِنها آخِرَ الأَبَدِ
قَد كُنتُ قُلتُ لَكُم إِنّي إِذا اِنصَرَفَت / نَفسي عَنِ الشَيءِ لَم تَرجِع وَلَم تَكَدِ
إِنّي بُليتُ بِذي لَونَينِ يُظهِرُ لي
إِنّي بُليتُ بِذي لَونَينِ يُظهِرُ لي / مِنهُ هَواهُ فَإِن وافَقتُهُ جَحَدا
لَم يَظلِمِ اللَهُ قَلبي حينَ أَودَعَهُ / بِكِ البَلاءَ وَأَعطى قَلبَكِ الجَلَدا
لَو شِئتُ سَمَّيتُ فيكُم مَن يُعَرِّضُ لي / بِالوَصلِ طَوعاً فَلَم أَبسُطُ إِلَيهِ يَدا
كَأَنَّ جَمرَ الغَضا مَمّا أُجِنُّ لَكُم / بَينَ الضُّلوعِ إِذا أَطفأتُهُ وَقَدا
ما إِن لِما بِي دَواءٌ غَيرُ رُؤيَتِها
ما إِن لِما بِي دَواءٌ غَيرُ رُؤيَتِها / دَواءُ ما بِي عَزيزٌ غَيرُ مَوجودِ
يا شُغلَ نَفسي عَنِ الدُنيا وَبَهجَتِها / ما تَأمُرينَ بِصَبِّ القَلبِ مَعمودِ
كَأَنَّهُ يَومَ يَأَتيهِ رَسولُكُمُ / قَد نالَ مُلكَ سُلَيمانَ بنِ داوُدِ
قَد جَمَّعَ اللَهُ لِي شَملي بِقُربِكُمُ
قَد جَمَّعَ اللَهُ لِي شَملي بِقُربِكُمُ / مِن بَعدِ ما كانَ يا نَفسي الفِدا بَدَدَا
وَعادَ نَومي وَقَد كانَ الرُّقادُ جَفا / عَيني وَبُدِّلتُ مِن لَذّاتِهِ السَهَدا
وَكانَ قَد غابَ لَمّا غِبتِ عَن جَسَدي / قَلبي وَأورِثتُ همّاً فَتَّتَ الكَبِدا
وَكُنتُ أَسخَنَ خَلقِ اللَهُ كَلِّهِمُ / عَيناً وأَطوَلَهُم مِن وَحشَتي كَمَدا
فَقَرَّتِ العَينُ يا نَفسي بِقُربِكُمُ / وَغابَ هَمّي وَوافَى روحِيَ الجَسَدا
فَالحَمدُ لِلَّهِ ذي النَعماءِ يا سَكَني / حَمداً كَثيراً لِرَبِّي دائِماً أَبَدا
ما كانَ شَأنِيَ لَولا أَنَّهُ نَكَدٌ / وَشَأنُ كُلِّ غَليظِ القَلبِ وَالكَبِدِ
إِن هُنتُ عَزَّ وَإِن واصَلتُ صَدَّ وَإِن / أَغضَيتُ لَم يَلتَفِت نَحوي وَلمَ يَكَدِ
أَقولُ لمّا مَلاني جَفوَةً وَهَوىً / يا مَن كَلِفتُ بِهِ لِلشُّؤمِ وَالنَّكَدِ
أَشكو هَواكَ وَلا أَبغي سِواكَ وإِن / جَرَّعتَني غُصَصَ الأَحزانِ وَالكَمَدِ
قَد خِفتُ أَن لا أَراكُم آخِرَ الأَبَدِ
قَد خِفتُ أَن لا أَراكُم آخِرَ الأَبَدِ / وأَن أَموتَ بِهذا الشَوقِ وَالكَمَدِ
المَوتُ يا فَوزُ خَيرٌ لي وَأَروَحُ لي / مِن أَن أَعيشَ حَليفَ الهَمِّ وَالسَهَدِ
لمّا أَتاني كِتابٌ مِنكِ يا سَكَني / جَعَلتُه شَبَهَ التَعويذِ في عَضُدي
يا فَوزُ يا زَهَرَةَ الدُنيا وَزينَتَها / أَنضَجتِ قَلبي وَأَلبَستِ الهَوى كَبِدي
ما ضَرَّ قَوماً وَطِئتِ اليَومَ أَرضَهُمُ / أَن لا يَرَوا ضَوءَ شَمسٍ آخِرَ الأَبَدِ
مَن جَاوَرَتهُ جَرى بِالسَعدِ طَالِعُهُ / وَمَن رَآها فَلَن يَخشَى الرَمَدِ
أَمسَت بِيَثرِبَ لا يَأتي لَها خَبَرٌ / وَلا إِذا حَجَّ بَعضُ الناسِ مِن بَلَدي
إِنّي أُعيذُكُمُ أَن تَطلُبوا بِدَمي / يا أَهلَ يَثرِبَ أَهلَ النُسكِ وَالرَشَدِ
تَتَبَّعَ الحُبُّ روحي في مَسالِكِهِ / حَتّى جَرى الحُبُّ مَجرى الروحِ في الجَسَدِ
فَدَيتُ مَن لا أُفَدّي غَيرَهُ أَبَدا
فَدَيتُ مَن لا أُفَدّي غَيرَهُ أَبَدا / وَمَن أَرى الغَيَّ فيما سَرَّهُ رَشَدا
وَمَن يَغيبُ فَأَرعاهُ وأَحفَظَهُ / وَلا أَرى عِندَهُ حِفظاً إِذا شَهِدا
أَمّا رَسولي فَمَمنوعُ اللِقاءِ بِكُم / وَلا يَهُمُّكُمُ أَن تُرسِلوا أَحَدا
قالوا قَدِ اِعتَلَّ مَن تَهوى فَقُلتُ لَهُم
قالوا قَدِ اِعتَلَّ مَن تَهوى فَقُلتُ لَهُم / وَيلي إِذا لَم أَجِد مِثلَ الَّذي وَجَدا
فَإِنَّ خالِقَنا لِلحُبِّ مُبتَدِعاً / لَم يُفرِدِ الروحَ لمّا أَفرَدَ الجَسَدا
فَلَن أَصِحَّ إِذا ما كانَ ذا سَقَمٍ / وَلَن أَعيشَ إِذا ما اِستُودِعَ اللَحَدا