المجموع : 9
قد كنتُ أطلب منك الوصل مقتصدا
قد كنتُ أطلب منك الوصل مقتصدا / فصرتُ أطلب منك الهجرَ معتمِدا
رأيتُ رأيك مما كنتُ آملُهُ / على العناد وطول الهجر مفتقدا
فصرتُ أهوى الجفا إذ صرتَ تعشقه / وازدد صدوداً وإن لم تُبقِ لي جلدا
واللَه لو سرَّ منك النفس قطعُ يدي / لَما ثنيتُ على قدٍّ يقدُّ يدا
أو كان يرضيك إلا أن ترى قدمي / تمشي على الأرض ما قاربته أبدا
أوليتُك الحكم في روحي وفي جسدي / فأمضِ حكمك غيّاً كان أو رشدا
أو زد جفاك فمالي فيك من حيل / عما قليل ترى لي فيك معتقدا
هذا اعتقادي ومجهودي ومقدرتي / حتى الممات وفي يوم الحساب غدا
عليك منّي سلام لا انقضاء له / فلستُ أولَ مجهود قضى كمدا
اليومَ فاشرب على وردٍ وتوريدِ
اليومَ فاشرب على وردٍ وتوريدِ / ولا تَبِع فيه موجوداً بمفقودِ
نحن الشهود وخفق العود خاطبنا / يزوِّجُ ابنَ سماءِ بنتَ عنقودِ
كأس إذا أبصرت في اليوم محتشماً / قال السرورُ له قم غير مطرودِ
أما ترى الحسن والاحسان قد جمعا / فاطرب فإنك في عرسٍ وفي عيدِ
أكتمُ ما حلَّ بي لأني
أكتمُ ما حلَّ بي لأني / أخاف أن يشمت الحسودُ
إن قلتُ أشمَتَّ بي الأعادي / قال فهذا الذي أُريدُ
أو قلتُ غادرتَني قتيلاً / قال قتيل الهوى شهيدُ
أشكو وأبكي فما يبالي / كأنما قلبه حديدُ
عبدك أمرضتَه فعدْهُ
عبدك أمرضتَه فعدْهُ / أمتَهُ إن لم تكن تُرِدْهُ
قد ذاب لو فتَّشت عليه / يداك في الفرش لم تَجِدهُ
خانوا وإني على العهد الذي عهدوا
خانوا وإني على العهد الذي عهدوا / يا ليتهم وجدوا بعضَ الذي أجِدُ
ما كان أسرع ما خانوا وما نكثوا / عن الوفاء ولم يوفوا بما وعدوا
أبالخيانةِ جازوني وقد علموا / أني لقيتُ الذي لم يلقه أحدُ
لهفي عليهم فإني من تذكُّرهم / ما تنقضي حسرتي أو ينقضي الأبدُ
تمكَّن الوجد من قلبي ومن كبدي / فليس لي معه قلب ولا كبدُ
من ذا يسدُّ طريق الحزن عن كلِفٍ / طرائقُ الشوق في أحشائه تقدُ
كأنَّ قلبي أسيرٌ قد أحاط به / جيش من الكرب لا يحصى له عَدَدُ
سلَّ الغرام سيوف الموت يبرقها / على الحياة فعزَّ الصبر والجَلَدُ
تُغشي على القلب ذكراكم إذا خطرت / بالقلب مما على قلبي لكم يردُ
كأنما الدهر أغرى بيننا حسداً / ونعمةُ اللَه مقرونٌ بها الحسدُ
اللَه يحكم ما بيني وبينكُمُ / بكم شقيتُ وأعدائي بكم سعدوا
بَدوُ الإساءة حبٌّ كان عن زللٍ
بَدوُ الإساءة حبٌّ كان عن زللٍ / وما لخلقٍ بردِّ الفائتات يَدُ
إذا لسان الفتى أضحى يقاتله / بسيف حتفٍ فمن يأخذ له القوَدُ
خطيئةٌ أخرجَتني من جنان مُنىً / وأضرمت فيَّ نار اليأس تَتَّقد
لو كان بي خَرَسٌ مما نطقتُ به / لكان في الخرس التوفيق والرَّشد
فإن تكن غفلةٌ جاءت بسيئةٍ / مني فقد كان إحساني له مددُ
إذا الأحبَّة لم يرعوا ولم يَصِلوا / فالموت إن قربوا والموت إن بعدوا
صبراً عليهم وإن جاروا وإن ظلموا / هم الأحبَّة إن غابوا وإن شهدوا
إني لأُنشِد بيتاً قد لهجتُ به / لأن شجوي على معناه يطَّردُ
لأخرجنَّ من الدنيا وحبُّكُمُ / بين الجوانح لم يشعر به أحدُ
بي مثل ما بك من شوق ومن كمدِ
بي مثل ما بك من شوق ومن كمدِ / لكن أغطّي الهوى بالصبر والجلدِ
أصون نفسيَ عن لعب الوشاة بها / وإن تلاعبتِ الأسقام في جسدي
إني تعاطيتُ صبراً تحته حرجٌ / فصرتُ في حال مجهودٍ ومجتهدِ
لولا الحفاظ ولولا العهد لم ترني / أذوب شوقاً ولا أشكو إلى أحدِ
لأستعيننَّ بالكتمان منتظراً / فربَّ مكروه يومٍ فيه خير غدِ
تطلُّعُ الموت في روحي وفي بدني / ولا تطلُّعَ أعدائي إلى خلدي
كانوا يخوضون في لومي فساعدني / وصلُ الحبيب فخاضوا اليوم في حسدي
عابوه عندي قديماً وهو يهجرني / وزاحموني عليه وهو طوع يدي
أحيد عنهم لإشفاقي فأُوهمهم / أني سلوتُ وقلبي عنه لم يَحِدِ
تحمُّلي عُدَّةٌ لي في الهوى فإذا / جوزيتُ في الأمر لم أغفل عن العُدد
هذا وصالٌ وهذا دونه طمعٌ / فأرصُد العيشَ والتنغيص في رصدِ
فيا لها نعمةً ذقتُ الشقاءَ بها / ففي فمي علقم من مضغة الشهد
القرب أفتن للمُبلى من البعدِ / وإنما حسرتي إذ نحن في بلدِ
أرى المنى وأراني كيف أُحرَمُها / لذاك ألقى الذي ألقى من الكمدِ
ما غاب عنّيَ بل غاب السرورُ به / فصرت أبكي فقيداً غير مفتَقَدِ
أبكي لشجوي ولا أبكي لمنزِلِه / أخنى عليه الذي أخنى على لبدِ
أثني الرجاء على الصبر الجميل ولا / أثني القتود على عيرانَةٍ أُجد
للعيد أوعدني من لم يزل عيدا
للعيد أوعدني من لم يزل عيدا / طوباي إن أنجز العيدَ المواعيدا
فلي مع الناس عيدٌ في الهلال ولي / وحدي هلال وعيدٌ فيهما زِيدا
إن مهَّد الوعد للإنجاز تمهيدا / حتى أرى شاهداً فيه ومشهودا
أفطرتُ فطرَين أني لم أزل بفمي / صوم الصدود بصوم الدين معقودا
إن صحَّ عيدُ هوانا كان خاطبُنا / فيه ومنبرُنا الأوتارَ والعُودا
وجه الحبيب مُصلّى ناظري فأرى / هناك كلَّ صفات الحُسن موجودا
حتى أضمَّ إلى قلبي أنامله / عسى أحسُّ لهذا الوجد تبريدا
هناك أجعل محرابي وقِبلتَه / من ذلك الشخص ذاك النحر والجيدا
شرطي إذا ما رأيت الردف مرتدفاً / والخصر مختصراً والقدَّ مقدودا
شرطٌ لو اَنَّ هلال الدين أبصره / لم يستطع لشروط الفقه توكيدا
ورد الخدود ورمّان النهود وأع / طاف القدود تصيد السادة الصيدا
فيرحم اللَهُ عبداً للمحبِّ دعا / بزورة تجعل المرحوم محسودا
أنفاسه نفَّست عن نفسه كرباً / وخدَّ في خدِّه بالدمع أُخدودا
حتى اذا ما قناع الشيب جلله / عاف الصبا وتحامى العذل والغيدا
ثم انثنى للأيادي البيض يشكرها / لأنها بيَّضت أيامنا السودا
نقلتُ عشقي إلى شكري وممتدحي / لسيِّد يعشق الإحسان والجودا
من بسط جدواه أغناني ومهَّد لي / عند الملوك ببسط الجاه تمهيدا
فالحمد لله إذ أرعى رعيته / من ليس إحسانه في الناس مجحودا
أمّا القلوب فقد ألقَت بأجمعها / إلى الأمير ابن يزداد المقاليدا
لا غرو أن كان كلُّ الناس حامده / من لم يزل محسناً لازال محمودا
اللَه سلَّ به سيف المهابة لل / بُقيا وأصبح سيف البغي مغمودا
كم سربلت رحماءَ الناس رحمته / وكم تجرَّد فيمن كان مِرِّيدا
وكم ببذل الندى أحيا المحاميدا / وكم برغم العدى أردى الصناديدا
مانَ الرعايا بجهد من عنايته / كأنه والد قد مان مولودا
يقسو ويرحم إملاجاً بذاك وذا / فيبسط العدل تلييناً وتشديدا
يقلِّب الرأي تصويباً وتصعيدا / ويبرم الأمر تقريباً وتبعيدا
يا من له عند كل الناس مكرمة / آويتَ كلَّ رجاءِ كان مطرودا
أحييتَ من كرم الأخلاق ميِّتَها / فأنتَ تُوجد فضلاً كان مفقودا
ألَّفت بين قلوب الناس فائتلفت / باللطف منك وقد كانت عباديدا
أنت المبارك والميمون طلعته / ترعى الرعية توفيقاً وتسديدا
فانعم بعيدك يا عيد الإمارة في / عزٍّ يزيد على الأيام تجديدا
ولا تزل تلبس الأعياد في نعم / ورد الخدود بها يزداد توريدا
في عيد خير جديد نستفيض به / بحراً لديك من الآمال مورودا
صامت سجاياك عن كل العيوب فما / تزال في رمضان ليس معدودا
وسرتَ في الناس بالحسنى فأبهجهم / فصيَّروا كلَّ يوم عندهم عيدا
فأنت دهرَك في صوم العفاف لهم / ودهرهم فرح قد صار تعييدا
لا زلت ركناً لمن والاك ذا ثبت / ولا يزل ركن من عاداك مهدودا
فزادك اللَه في بَدوٍ وعاقبةٍ / عزاً ونصراً وتمكيناً وتأييدا
قد قلتُ إذ خان حبّي مَن كلفتُ به
قد قلتُ إذ خان حبّي مَن كلفتُ به / ولم يكن عنه لي صبرٌ ولا جَلَدُ
إن كان شاركني في حبِّه وقحٌ / فالنهر يشرب منه الكلب والأسَدُ