تَاللَهِ يَبقى عَلى الأَيّامِ مُبتَقِلٌ
تَاللَهِ يَبقى عَلى الأَيّامِ مُبتَقِلٌ / جَونُ السَراةِ رَباعٍ سِنُّهُ غَرِدُ
في عانَةٍ بِجُنوبِ السِيِّ مَشرَبُها / غَورٌ وَمَصدَرُها عَن مائِها نُجُدُ
يَقضي لُبانَتَهُ بِاللَيلِ ثُمَّ إِذا / أَضحى تَيَمَّمَ حَزماً حَولَهُ جَرَدُ
فَاِمتَدَّ فيهِ كَما أَرسى الطِرافَ بِدَو / داةِ القَرارَةِ سَقبُ البَيتِ وَالوَتِدُ
مُستَقبِلَ الريحِ تَجري فَوقَ مِنسَجِهِ / إِذا يُراحُ اِقشَعَرَّ الكَشحُ وَالعَضُدُ
يَرمي الغُيوبَ بِعَينَيهِ وَمَطرِفُهُ / مُغضٍ كَما كَسَفَ المُستَأخِذُ الرَمِدُ
فَاِختارَ بَعدَ تَمامِ الظِمءِ ناجِيَةً / مِثلَ الهِراوَةِ ثَنياً بِكرُها أَبِدُ
إِذا أَرَنَّ عَلَيها طارِداً نَزَقَت / فَالفَوتُ إِن فاتَ هادي الصَدرِ وَالكَنَدُ
وَلا شَبوبٌ مِنَ الثيرانِ أَفرَدَهُ / عَن كَورِهِ كَثرَةُ الإِغراءِ وَالطَرَدُ
مِن وَحشِ حَوضى يُراعي الصَيدَ مُبتَقِلاً / كَأَنَّهُ كَوكَبٌ في الجَوِّ مُنَجَرِدُ
في رَبرَبٍ يَلَقٍ حورٍ مَدامِعُها / كَأَنَّهُنَّ بِجَنبَي حَربَةَ البَرَدُ
أَمسى وَأَمسَينَ لا يَخشَينَ بائِجَةً / إِلّا الضَوارِيَ في أَعناقِها القِدَدُ
وَكُنَّ بِالرَوضِ لا يُرغَمنَ واحِدَةً / مِن عَيشِهِنَّ وَلا يَدرينَ كَيفَ غَدُ
حَتّى اِستَبانَت مَعَ الإِصباحِ رامِيَها / كَأَنَّهُ في حَواشي ثَوبِهِ صُرَدُ
فَسَمِعَت نَبأَةً مِنهُ وَآسَدَها / كَأَنَّهُنَّ لَدى أَنسائِهِ البُرَدُ
حَتّى إِذا أَدرَكَ الرامي وَقَد عَرِسَت / عَنهُ الكِلابُ فَأَعطاها الَّذي يَعِدُ
غادَرَها وَهِيَ تَكبو تَحتَ كَلكَلِهِ / يَكسو النُحورَ بِوَردٍ خَلفَهُ الزَبَدُ
حَتّى إِذا أَمكَنَتهُ كانَ حينَئِذٍ / حُرّاً صَبوراً فَنِعمَ الصابِرُ النَجِدُ