المجموع : 9
أَشكو إِلى اللَهِ أَنَّ الدَمعَ قَد نَفِدا
أَشكو إِلى اللَهِ أَنَّ الدَمعَ قَد نَفِدا / وَأَنَّني هالِكٌ مِن حُبِّكُم كَمَدا
وَأَنَّ عَينِيَ في لَيلٍ مُسَهَّدَةٌ / فَلَستُ أَرقُدُ فيهِ مِثلَ مَن رَقَدا
قالوا الفِراقُ غَداً لا شَكَّ قُلتُ لَهُم / بَل مَوتُ نَفسِيَ مِن قَبلِ الفِراقِ غَدا
إِنّي إِذاً لَصَبورٌ إِن بَقيتُ وَقَد / قالوا الرَحيلَ وَإِن لَم يَرحَلوا أَبَدا
ماتَ وِصالٌ وَعاشَ صَدُّ
ماتَ وِصالٌ وَعاشَ صَدُّ / وَذُلَّ مَولىً وَعَزَّ عَبدُ
يا أَحسَنَ العالَمينَ وَجهاً / ما لَكَ مِن أَن تُحِبَّ بُدُّ
ما العَيشُ إِلّا كَأسٌ وَساقٍ / وَكُلُّ ما بَعدَ ذَينِ فَقدُ
لا تَلقَ إِلّا بِلَيلٍ مِن تَواصُلُهُ
لا تَلقَ إِلّا بِلَيلٍ مِن تَواصُلُهُ / فَالشَمسُ نَمّامَةٌ وَاللَيلُ قَوّادُ
كَم عاشِقٍ وَظَلامُ اللَيلِ يَستُرُهُ / لاقى أَحِبَّتَهُ وَالناسُ رُقّادُ
يا أَيُّها الراكِبُ المُستَعجِلُ الغادي
يا أَيُّها الراكِبُ المُستَعجِلُ الغادي / إِقرَ السَلامَ عَلى يَعقوبَ بِالوادي
وَقُل لَهُ اِلحَقهُ قَد خَلَّفتَهُ دَنِفاً / يَمُجُّ آخِرَ عَهدٍ بَينَ عوّادِ
يا حَبَّذا الدَهرُ إِذ نُسقى مَسَرَّتَهُ / صِرفاً وَنَمزُجُ إِنجازاً بِميعادِ
رَأَيتُهُ يَتَمَشّى مُتعَباً ضَجِراً
رَأَيتُهُ يَتَمَشّى مُتعَباً ضَجِراً / كَمِثلِ غُصنِ نَقاً في الرَوضِ أُملودِ
لَيتَ الغُبارَ الَّذي يُؤذيهِ لي كُحلٌ / وَلَيتَني جارُهُ في زَحمَةِ العيدِ
هَل لَكَ في لَيلَةٍ بَيضاءَ مُقمِرَةٍ
هَل لَكَ في لَيلَةٍ بَيضاءَ مُقمِرَةٍ / كَأَنَّها فِضَّةٌ ذابَت عَلى البَلَدِ
وَقَهوَةٍ كَشُعاعِ الشَمسِ صافِيَةٍ / كَأَنَّ أَقداحَها قَد عُمنَ بِالزَبَدِ
لَم يَبقَ في العَيشِ غَيرُ البُؤسِ وَالنَكَدِ
لَم يَبقَ في العَيشِ غَيرُ البُؤسِ وَالنَكَدِ / فَاِهرُب إِلى المَوتِ مِن هَمٍ وَمِن نَكَدِ
مَلَأتَ يا دَهرُ عَيني مِن مَكارِهِها / يا دَهرُ حَسبُكَ قَد أَسرَفتَ فَاِقتَصِدِ
يا صاحِبي قَد كَفاكَ الدَهرُ تَفنيدي
يا صاحِبي قَد كَفاكَ الدَهرُ تَفنيدي / جَزَعتَ مِن لَحَظاتِ الكاعِبِ الرَودِ
وَأَرسَلَ الشَيبُ في رَأسي وَمَفرِقِهِ / بُزاتَهُ البيضَ في غِربانِهِ السودِ
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحداً
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحداً / وأنت والد سوء تأكل الولدا
أستغفر الله بل ذا كله قدر / رضيت بالله رباً واحداً صمدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة / بالظاهرية مقصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تشحنها / أين الكنوز التي لم تحصها عددا
أين السرير الذي قد كنت تملؤه / مهابة من رأته عينه ارتعدا
أين القصور التي شيدتها فعلت / ولاح فيها سنا الإبريز فاتقدا
قد أتعبوا كل مرقال مذكرة / وجناء تنثر من أشداقها الزبدا
أين الأعادي الألى ذللت صعبهم / أين الليوث التي صيرتها نقدا
أين الوفود على الأبواب عاكفة / ورد القطا صفر ما جال واطردا
أين الرجال قياماً في مراتبهم / من راح منهم ولم يطمر فقد سعدا
أين الجياد التي حجلتها بدم / وكن يحملن منك الضيغم الأسدا
أين الرماح التي غذيتها مَهجاً / مذ مت ما وردت قلباً ولا كبدا
أين السيوف وأين النبل مرسلة / يصبن من شئت من قرب وإن بعدا
أين المجانيق أمثال السيول إذا / رمين حائط حصن قائم قعدا
أين الفعال التي قد كنت تبدعها / ولا ترى أن عفواً نافعاً أبدا
أين الجنان التي تجري جداولها / ويستجيب إليها الطائر الغردا
أين الوصائف كالغزلان رائحة / يسحبن من حلل موشية جددا
أين الملاهي وأين الراح تحسبها / ياقوتة كسيت من فضة زردا
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغياً / صلاح ملك بني العباس إذ فسدا
ما زلت تقسر منهم كل قسورة / وتحطم العاتي الجبار معتمدا
ثم انقضيت فلا عين ولا أثر / حتى كأنك يوماً لم تكن أحدا
لا شيء يبقى سوى خير تقدمه / ما دام ملك لإنسان ولا خَلدا