القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 41
يا حادِيَ العيسِ لا تَعجَل بِها وَقِفا
يا حادِيَ العيسِ لا تَعجَل بِها وَقِفا / فَإِنَّني زَمِنٌ في إِثرِها غادي
قِف بِالمَطايا وَشَمِّر مِن أَزِمَّتِها / بِاللَهِ بِالوَجدِ وَالتَبريحِ يا حادي
نَفسي تُريدُ وَلكِن لا تُساعِدُني / رِجلي فَمَن لي بِإِشفاقٍ وَإِسعادِ
ما يَفعَلُ الصَنَعُ النَحريرُ في شُغُلٍ / آلاتُهُ أَذِنَت فيهِ بِإِفسادِ
عَرَّج فَفي أَيمَنِ الوادي خِيامُهُمُ / لِلَّهِ دَرُّكَ ما تَحويهِ يا وادي
جَمَعتَ قَوماً هُمُ نَفسي وَهُم نَفَسي / وَهُم سَوادُ سُوَيدا خِلبِ أَكبادي
لا دَرَّ دَرُّ الهَوى إِن لَم أَمُت كَمَداً / بِحاجِرٍ أَو بِسَلعٍ أَو بِأَجيادِ
يا بدرُ بادر إلى المنادي
يا بدرُ بادر إلى المنادي / كَفيتَ فاشكر ضُرّ الأعادي
قد جاءك النور فاقتبسه / ولا تُعرِّج على السوادِ
فمن أتاه النُّضارُ يوماً / يزهد في الخط بالمدادِ
فقم بوصف الإله وانظر / إليه فرداً على انفرادِ
وحصن السَّمع إذ تنادي / وخلص القول إذ تنادى
والبس لمولاك ثوبَ فقرٍ / كي تحظى بالواهب الجوادِ
وقل إذا جئته فقيراً / يا سّيداً ودّه اعتمادي
اسق شرابَ الوصال صباً / ما زال يشكو صدى البعاد
تاه زماناً بغير قوتٍ / إذ لم يشاهد سوى العباد
فكن له القوتَ ما استمرت / أيّامه الغرُّ باقتصادِ
حتى يموت العذول صبراً / وتنطفي جمرة البعادِ
ويعجب الناس من شخيصٍ / يكون بعد الضلال هادي
من كان ميتاً فصار حياً / فقد تعالى عن النفاد
ما خلع النعل غير موسى / بشرطها عند بطن وادِ
من خلعتَ نعله تناهت / رتبة أقواله السَّداد
فإن تكن هاشميّ ورثٍ / فاسلك بها منهج السَّداد
والبس نعاليك إن من لم / يلبس نعاليه في وهادِ
فهل يساوي المحيط حالاً / من لم ير العينَ في الرمادِ
فميز الحال إذ تراه / في مركب القدس في الغوادي
ورتب العلم إذ يناجي / سرك بالسرِّ في الهوادي
وارقبه في وهم كل سرٍّ / في ساتر إن أتى وبادي
ولا تشتِّت ولا تفرِّق / عبديه من حاضر وبادي
فإن وهبتَ الرجوع فرِّق / بين الحواضر والبوادي
واحذر بأنْ تركب المهارى / إذ تقرن العير بالجواد
لا يحجبنك الشخوصُ واصبر / على مَهماته الشدادِ
وانظر إلى واهبِ المعاني / وقارنِ العينَ بالفؤاد
وأسند الأمر في التلقي / له تكن صاحبَ استناد
و لايغرّنك قولُ عبدي / فالحقُّ في الجمعِ لا ينادي
وإنّ هذا المقام أخفى / من عدم المثلِ للجوادِ
فكنه علماً وكنه حالاً / مع رائح إن أتى و غادي
وكنه نعتاً و لا تكنه / ذاتاً فعين المحال بادي
ولا تكن ذا هوى وحب / فيه فقلب المحب صادي
من بات ذا لوعةٍ محباً / شكا له حرقةَ الجواد
وانظر بعينِ الفراق أيضاً / فيه ترى حكمةَ العِناد
وحكمةُ الحزمِ والتواني / وحكمة السِّلم والجِلاد
فحكمةُ الصدِّ لا يراها / سوى حكيم لها وسادي
وانظر إلى ضاربٍ بعود / صفاة يبس فانساب وادي
واعجبْ له واتخذه حالاً / تجده كالنارِ في الزناد
فالماءُ للروحِ قوتُ علم / والجسم للنار كالمزاد
فإن مضى الماء لم تجده / بدارِ دنياك في المعاد
وإن خَبت ناره عشاءً / فسوّ من مات في المهاد
أوضحتُ سرّاً إن كنتُ حرّاً / كنتُ به واري الزناد
من علم الحقَّ علمَ ذَوقٍ / لم يُقرن الغيّ بالرشاد
فمن أتاه الحبيبُ كشفاً / لم يدر ما لذة الرقاد
مثل رسول الإله إذ لم / يسكن له النومُ في فؤاد
لو بلغَ الزرعُ منتهاه / اشتغل القومُ بالحصاد
أو نازلَ الحصنَ قومُ حربٍ / لبادر الناسُ للجِهادِ
ناشدتك الله يا خليلي / هل فُرش الخزِّ كالقتاد
لا والذي أمرنا إليه / ما عنده الخير كالفساد
البدرُ في المحو لا يُجارى
البدرُ في المحو لا يُجارى / وفي تناهيه لا يحدّ
صحّ له النورُ بعد محو / ثم إليه يعود بعدُ
سرائر سرِّها ثلاث / ربٌ مليك والله فردُ
في المحو صحّت له فأثنتْ / عليه لما أتاه يعدو
النار تضرم في قلبي وفي كبدي
النار تضرم في قلبي وفي كبدي / شوقاً إلى نور ذاتِ الواحدِ الصمد
فجد عليّ بنورِ الذاتِ منفرداً / حتى أغيبَ عن التوحيد بالأحد
جاد الإله به في الحال فارتسمت / حقيقة غيبت قلبي عن الجسد
فصرتُ أشهدُه في كلِّ نازلة / عناية منه في الأدنا وفي البعد
أشهد في خالقي بجوده
أشهد في خالقي بجوده / ما شاء من سَنا وُجودِه
واختارني للعلومِ قلباً / عنايةً بي على عبيدِه
وقال لي لا تكن محلاً / لواردِ الكون في شهودِه
فإنما جنتي وناري / لكلِّ رسم دارا خلوده
فاذكر وجودي بعين وجودي / يكن عطاء على حسودِه
إذا تجرّدتُ عن وجودي
إذا تجرّدتُ عن وجودي / كنتُ أنا ألهو على الشهودِ
وكان كوني لأنَّ عيني / عينَ شهودي بلا مزيدِ
أسماء أسمائه الحسنى التي تبدي
أسماء أسمائه الحسنى التي تبدي / هي الكثيرة بالأوتار والعددِ
وما بأسمائه الحسنى التي خفيتْ / عن العقول سوى حقيقةِ الأحد
وإنّ أسماءَه الحسنى التي بقيت / لنا وإن جهات من أعظم العدد
ولا ظهور لها فإنها نسبٌ / فكيف أجعلها في الدفع معتمدي
والناس في غفلةٍ عما ذكرتُ لهم / فيها وعن سبلِ التحقيق في حيد
فليس يفقدها وليس يوجدها / والفقد والوجد في سلم وفي لدد
فليتَ شعري إذا مرَّ الزمانُ بها / هل يبقى للكون من خلدٍ ومن أبد
وكيف يبقى ولا دور يعدّ به / والدهر يعرف بالأدوار والمدَد
وما تسمي به الحقّ العليم سُدى / إلا من أجل الذي يعطيه من مدد
ها إن ذي حكمة تجري بصورتها / مع الزمان ولكن لا إلى أمد
لا بل إلى أبد الآباد جريتها / هل في الزمانِ زمانٌ فاعتبرْ تجدِ
والله لو علمت نفسي بما سمحت / من العلومِ التي أعطتكَ في الرّفَد
بذاتها وهي لم تشعر بما وهبتْ / من العطايا لماتت وهي لم تجد
فاشكر إلهك لا تشكر عطيتنا / إن العطايا لمن لو شاء لم تفد
هذا من الجهةِ المقصودِ جانبها / كما الوفودُ لمن شاء لم يفد
إن الورود الذي في الكون صورتُه / من النفوسِ التي لو شاء لم ترِد
هذا هو الأدب المشروعُ ليس له / إلاّ أداة امتناعِ الشيءِ لم يرد
قد قلتُ فيه مقالاً لستُ أنكره / إذِ النفوسُ عن التحقيق لم تحد
إنَّ العلومَ التي التحقيقُ جاء بها / هي العلومُ التي تهدي إلى الرشد
رشد المعارفِ لا رشد السعادةِ و / الإيمانُ يسعدُ أهلَ الصُّور والجسدِ
فاحمدْ إلهك لا تحمد ْ سواءه فما / يعطي السعادةَ إلا حمده وقد
لا تنكروا الطبعَ إن الطبعَ يغلبني / والحقُّ يغلبه إنْ كانَ ذا فَند
دين العجائزِ مأوانا ومذهبُنا / وهو الظهور به في كلِّ معتَقد
به أدين فإنَّ الله رجحه / على التفكُّر في كشفٍ وفي سَنَدِ
في كلِّ طالعةٍ عُليا ونازلةٍ / سُفلى معَ القولِ بالتوحيدِ للأحد
سكَّن إلهي روعاتي فإن لها / مَيلاً شديداً إلى ما ليس مستندي
إن الركون إلى الأدنى من السبب / الأعلى تجد طعمَه أحلى من الشَّهد
ولا أخص به أنثى ولا ذكراً / ولا جَهولاً ولا مَن قال بالرَصد
بل حكمه لم يزل في كلِّ طائفةٍ / من كلٍّ صاحبِ برهانٍ ومعتَقَد
لولا مسامحةُ الرحمن فيك لما / رأيتُ شخصاً سعيداً آخر الأبد
هو الإله الذي عمت عوارفُه / لما سرى الجودُ في الأدنى وفي البعد
ألا ترى الجودَ بالإيجاد عمَّ فلم / يظهر به أحد فضلاً على أحد
قد سمع الله قولَ عبدِه
قد سمع الله قولَ عبدِه / إذ حمدَ الله حقَّ حمدِهِ
لقد وفى الربُّ لي بعهدي / لما وفينا له بعهدِه
وقد أرانا الإله جوداً / من كرمِ الذات صدقَ وعدِه
وهو معي حيث كنت منه / بقربٍ إن كان أو ببعده
دعا قومه نوحٌ ليغفر ربهم
دعا قومه نوحٌ ليغفر ربهم / لهم فأجابوه لما كان قد دعا
أجابوا بأحوالٍ فغطوا ثيابهم / لسر بستر والسميعُ الذي وعى
ولو أنهم نادوا ليكشف عنهمُ / غطاءُ العمى ما ارتد شخصٌ ولا سعى
وهذي إشاراتٌ لأمّة أحمد / وليست لنوحٍ والحديث هما معا
رعى الله شخصاً لم يزل ذا مهابة / كريماً إماما ًحرمة الحق قد رعى
لو أنَّ له الخلق ينزل وحيه / على جبلٍ راسٍ به لتصدَّعا
وأثبتَ منه قلبَ شخصٍ علمته / ولما أتاه وحيه ما تزعزعا
وإن كان من قومٍ إذا ليلهم دجا / تراهم لديه ساجدين ورُكَّعاً
وتبصرهم عند المناجاة حُسَّراً / حيارى سكارى خاضعين وخُشعا
الحق في شاهد يبدو ومشهود
الحق في شاهد يبدو ومشهود / والخلقُ ما بين مفقود وموجود
إن قلت هذا هو المخلوق قيل أنا / الحق باطنه من غير تقييد
أو قلت هذا هو الحق الذي شهدت / له دلالته في عين توحيد
يقال لي بل هو الحق الذي عرفوا / وجودُه أنه من حضرة الجود
قد أقسم الله لي في سورة البلد
قد أقسم الله لي في سورة البلد / بأنه خَلَقَ الإنسانَ في كَبَدِ
وما أراد بهذا الخلقَ من أحد / من نشأتي سوى روحي مع الجسدِ
وإنها حضرةُ الأسماءِ حضرته / تسعٌ وتسعون لم تنقصْ ولم تزد
وإنها درجاتٌ في الجنان على / أعدادها نزلت بحكمها وقد
وما لنا سند في ذاك أسردُه / للسامعين وإن الأمر في سند
إني تعوذت بي مني فإن لنا
إني تعوذت بي مني فإن لنا / النورَ بالروحِ والإظلامَ بالجسدِ
ولا أزال كذا ما دام مسكننا / فلو ترحلت عن أهلٍ وعن بلد
وجدتُ فيه ضياءً لا ظلامَ به / يغني عن الأهل والأموالِ والولدِ
لكنَّ له الظلُّ ذاكَ الظلُّ راحتنا / في صورةِ الجسمِ لا في صورةِ الجسد
منزه العينِ من تأثير ما ظهرتْ / به الطبيعةُ في الأركانِ من مَدَد
لي النقاء بها ما دمتُ أسكنُها / واللبثُ لا ينتهي فيها إلى أمَد
لو لم يكن فيه من خيرٍ ومن دَعةٍ / إلا تخلصنا من باعثِ الحَسَدِ
فالأوّلُ الحقُّ بالوجودِ
فالأوّلُ الحقُّ بالوجودِ / والآخر الحقُّ بالشهودِ
إليه عادتْ أمور كوني / فإنما الربُّ بالعبيدِ
فكلُّ ما أنت فيه حقٌّ / ولم تزل فيه في مزيد
ما في الوجود اختيار عند من شهدا
ما في الوجود اختيار عند من شهدا / وكيف ينكر ما في الكون قد وجدا
وقد أتاك به القرآن في سور / يدري بها عندما تتلى الذي حجدا
لذاك قيدته بذي الشهودِ فلا / تزد عليه ولا تشركْ به أحدا
فمن أجوز وما في العلم من أحد / سوى الإله الذي في خلقه شِهدا
الصورُ صورهمُ والخلقُ عينهمُ / نعم وصورتهم حقاً كما وردا
لأنه سمعنا بل كان نشأتنا / روحا ًوصورة جسم لا تقل جسدا
فما يخاطبه إلا حقيقته / مقصودةٌ عينه وهو الذي قصدا
ما ثم غير فتفنيه هويته / لذاك جاء بأنَّ الحقَّ ما ولدا
ولا تولد عن شيءٍ تقدّمه / فبالوجودِ القديمِ الحادثِ انفردا
الأمر أعظمُ أن يحظى به أحد
الأمر أعظمُ أن يحظى به أحد / فما له في وجودِ العلمِ مُستندُ
جاء الحديثُ فما تُدري حقيقته / ولا بعينها فكْرٌ ولا سَنَد
والكشفُ ليس له فيها مداخلةٌ / لأنه بوجودِ الصور ينفرد
أمر الإله كما قد جاء واحدة / والعبد من سرِّه بالحقِّ متحد
فما ترى جسداً إلا ويعقبه / إذا مضى عينه من حينه جسد
الوهم يصلح ما الألباب تفسده
الوهم يصلح ما الألباب تفسده / في الحق لكنها ما الوهم تعبدهُ
العقلُ يحكم والأوهام تحكمه / فيه فتضبطه ولا تحدِّدهُ
وكيف يحكم عقلٌ قاصراً حدثٌ / على مكوّنه والعجز مشهده
تنوّع الذات بالأفكار إن لها / مثل الهيولى ولكن لا تعدّده
يرمي الإله بها من كان عنه به / وليس يرمي به إلا ويُقصِده
العقلُ بالنظر الفكريّ يمسكه / والكشفُ يرسله ولا يقيده
لو كان للعقلِ حكمٌ في مكوّنه / لما أتى شرعه وقتاً يفنده
من يعبدِ الله إنَّ الله قد عُبدا
من يعبدِ الله إنَّ الله قد عُبدا / ذاك الوحيد فلا تشركْ به أحدا
كما أتاك بآي الكهفِ آخرها / وقد أضاف إليه ذاك فاستندا
ذا الفعل كلف والأفعال أجمعها / لله ليس لكونِ فعله أبدا
وقد أضيف إليه وهو فاعله / لكي يميز من أقرَّ أو جحدا
إن الحقائقَ لم تتركْ لنا سَبَداً / بما أتينا به فيه ولا لَبدا
فكل فعل فإن الله خالقه / وقد جعلت له من دونه سندا
لكي يصيب فلا تحظى إضافته / إذا أضاف إليه فعل ما شهدا
ولا يحاسب إلا من عقيدته / هذا الذي قلته عَدلاً كما وردا
إلا الذي قالها في الله من أدبٍ / لا باعتقادٍ فيجزيه بما قصدا
وتلك مسألةٌ حار الأنام لها / وليس يعرفها إلا الذي شهدا
نعتُ المهيمنِ بالإطلاق تقييدُ
نعتُ المهيمنِ بالإطلاق تقييدُ / وكلُّ ما قيل فيه فهو تحديدُ
وإن سكتُ على عجزٍ أفوز به / فذلك العجزُ أيضاً في تقييد
فليس يخرجُ في ظني ومعرفتي / شيءٌ عن القيد لا شركٌ وتوحيد
تنزيهك الحق حدّ أنت تعلمه / إن التنزيه بنفي الحدّ محدود
إن قلت ليس كذا أثبته بكذا / وذا لباس نزيه فيه تجريد
سلبُ التحير عنه لا يشرفه / وكيف يشرُف بالتنزيه معبودُ
لو لم يكن في كذا لزال عنه كذا / وزال عنه به حمدٌ وتمجيد
أسماؤه تطلبُ الأكوانَ أجمعها / فنعتها بالغنى المعلومِ مفقودُ
لولا القبولُ الذي منا لما ظهرتْ / آثارها فلنا من ذلك الجود
إن الوجودَ الذي أثبته نسبٌ / فلا وجود فما في العين موجودُ
بذا المحال الذي ترمي به فطر / وكيفَ يقبله والكون مشهود
أثبت عينك عند النفي نافية / فمن نفيت وباب النفي مسدود
وكيف تنفي وجوداً أنت تثبته / عقلاً وحوض العقل مورود
والله لا ناله مما أنا سبَدٌ
والله لا ناله مما أنا سبَدٌ / من المعارفِ والزُّلفى ولا لَبدُ
ولا تعين في شيءٍ يكون لنا / ولو يعيش الذي قد عاشه لبدُ
لله قومٌ لهم علمٌ ومعرفةٌ / وهم عليه إذا يدعوهمُ لبد
عميٌ وأبصارهم بالنور ناظرةٌ / لو يشهدون الذي شهدته شهدوا
لا يشهدون وإن قامتْ حقائقهم / بهم معاينة من ربهم شهدوا
إن العبيد الذين الحق عينهم / لنفسه واصطفاهم كلهم عبدوا
جلاله واستمروا في عبادته / ولو تجلى لهم في عينهم عبدوا
ولا تردّد فيه من تردّده / إلا رجال به من نفسهم عبدوا
لذاك أنزلهم في الخلقِ منزلةً / بها على كل حال في الورى عبدوا
لنا حبيبٌ نزيه الذاتِ في خلدي / وما تضمنه روحٌ ولا جسدُ
من أجله قام بي ما يشهدون به / المسك والندُّ والتخليقُ والجسد
وإنني لتجليه إذا نظرت / عين المحققِ في ذاتي له جسد
لما تعين مني ما اتصفتُ به / لذاك قام بمن يدري به الحسد
دنوا من الحضرةِ العلياء حين بدتْ / أعلام صدقهمُ منهم وما بعدوا
إن أسلدت حجب الأغيار ودونهمُ / أبقاهمُ ويرفعِ الستر قد بعدوا
لله قومِ غزاةٌ ما لهم عددٌ / وإن أسماءَه الحسنى هي العدد
مقدَّم العسكر الجرّارِ سيدهم / وهم كثيرون لا يحصى لهم عدد
إن ينصروا الله ينصرهم بهمته / ومن خواطرهم ياتيهم المدد
تاه الزمانُ فلم يظفر بحصرهم / وما حواهم فلم تقطعهم المدد
لما تعرّض لي من كنت أحسبه / معي ومستندي لم يبق لي سند
من كان أسماؤه الحسنى له سنداً / معنعناً في ترقيه علا السند
إذا ذكرت الذي بالذكر يحجبني
إذا ذكرت الذي بالذكر يحجبني / عنه ويحصره ذكراه في خلدي
الذكر باللفظِ عينُ الذكر منه بنا / فنحن نذكره في حالة الرصدِ
لولا تحوُّله في العينِ في صور / ما صحَّ ذكر على الوجهين من أحد
والذكر بالقلبِ ذكر لا حروفَ له / لأنه واحد من ساكني البلد
إني أرى نشأة الديهور قائمة / وهي التي خُلقت بالطبع في كَبَدِ
هو النزيه الذي لا شيء يشبهه / وإن تقيّد لي بالجسمِ والجسد
هو المقيد في الإطلاق صورته / فهو الكثير بكثر ليس عن عدد
لكنها نِسَبٌ والعين واحدة / هوية دُعيتْ بالواحد الصمد
ألفيت أسماءه الحسنى بحضرتنا / تسعاً وتسعين لم تنقصْ ولم تزد
فكلمتْ مائة فيها حقائقنا / وغبت فيه مغيب الشفع في الأحد
الحقُّ توحيدٌ ولكنه / كثره في بصري عينهْ
وعلة التكثير أحكامها / لأعيننا فكوننا كونه
لا كون للأعيان في ذاتها / وإنما الكونُ له بينه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025