المجموع : 41
يا حادِيَ العيسِ لا تَعجَل بِها وَقِفا
يا حادِيَ العيسِ لا تَعجَل بِها وَقِفا / فَإِنَّني زَمِنٌ في إِثرِها غادي
قِف بِالمَطايا وَشَمِّر مِن أَزِمَّتِها / بِاللَهِ بِالوَجدِ وَالتَبريحِ يا حادي
نَفسي تُريدُ وَلكِن لا تُساعِدُني / رِجلي فَمَن لي بِإِشفاقٍ وَإِسعادِ
ما يَفعَلُ الصَنَعُ النَحريرُ في شُغُلٍ / آلاتُهُ أَذِنَت فيهِ بِإِفسادِ
عَرَّج فَفي أَيمَنِ الوادي خِيامُهُمُ / لِلَّهِ دَرُّكَ ما تَحويهِ يا وادي
جَمَعتَ قَوماً هُمُ نَفسي وَهُم نَفَسي / وَهُم سَوادُ سُوَيدا خِلبِ أَكبادي
لا دَرَّ دَرُّ الهَوى إِن لَم أَمُت كَمَداً / بِحاجِرٍ أَو بِسَلعٍ أَو بِأَجيادِ
يا بدرُ بادر إلى المنادي
يا بدرُ بادر إلى المنادي / كَفيتَ فاشكر ضُرّ الأعادي
قد جاءك النور فاقتبسه / ولا تُعرِّج على السوادِ
فمن أتاه النُّضارُ يوماً / يزهد في الخط بالمدادِ
فقم بوصف الإله وانظر / إليه فرداً على انفرادِ
وحصن السَّمع إذ تنادي / وخلص القول إذ تنادى
والبس لمولاك ثوبَ فقرٍ / كي تحظى بالواهب الجوادِ
وقل إذا جئته فقيراً / يا سّيداً ودّه اعتمادي
اسق شرابَ الوصال صباً / ما زال يشكو صدى البعاد
تاه زماناً بغير قوتٍ / إذ لم يشاهد سوى العباد
فكن له القوتَ ما استمرت / أيّامه الغرُّ باقتصادِ
حتى يموت العذول صبراً / وتنطفي جمرة البعادِ
ويعجب الناس من شخيصٍ / يكون بعد الضلال هادي
من كان ميتاً فصار حياً / فقد تعالى عن النفاد
ما خلع النعل غير موسى / بشرطها عند بطن وادِ
من خلعتَ نعله تناهت / رتبة أقواله السَّداد
فإن تكن هاشميّ ورثٍ / فاسلك بها منهج السَّداد
والبس نعاليك إن من لم / يلبس نعاليه في وهادِ
فهل يساوي المحيط حالاً / من لم ير العينَ في الرمادِ
فميز الحال إذ تراه / في مركب القدس في الغوادي
ورتب العلم إذ يناجي / سرك بالسرِّ في الهوادي
وارقبه في وهم كل سرٍّ / في ساتر إن أتى وبادي
ولا تشتِّت ولا تفرِّق / عبديه من حاضر وبادي
فإن وهبتَ الرجوع فرِّق / بين الحواضر والبوادي
واحذر بأنْ تركب المهارى / إذ تقرن العير بالجواد
لا يحجبنك الشخوصُ واصبر / على مَهماته الشدادِ
وانظر إلى واهبِ المعاني / وقارنِ العينَ بالفؤاد
وأسند الأمر في التلقي / له تكن صاحبَ استناد
و لايغرّنك قولُ عبدي / فالحقُّ في الجمعِ لا ينادي
وإنّ هذا المقام أخفى / من عدم المثلِ للجوادِ
فكنه علماً وكنه حالاً / مع رائح إن أتى و غادي
وكنه نعتاً و لا تكنه / ذاتاً فعين المحال بادي
ولا تكن ذا هوى وحب / فيه فقلب المحب صادي
من بات ذا لوعةٍ محباً / شكا له حرقةَ الجواد
وانظر بعينِ الفراق أيضاً / فيه ترى حكمةَ العِناد
وحكمةُ الحزمِ والتواني / وحكمة السِّلم والجِلاد
فحكمةُ الصدِّ لا يراها / سوى حكيم لها وسادي
وانظر إلى ضاربٍ بعود / صفاة يبس فانساب وادي
واعجبْ له واتخذه حالاً / تجده كالنارِ في الزناد
فالماءُ للروحِ قوتُ علم / والجسم للنار كالمزاد
فإن مضى الماء لم تجده / بدارِ دنياك في المعاد
وإن خَبت ناره عشاءً / فسوّ من مات في المهاد
أوضحتُ سرّاً إن كنتُ حرّاً / كنتُ به واري الزناد
من علم الحقَّ علمَ ذَوقٍ / لم يُقرن الغيّ بالرشاد
فمن أتاه الحبيبُ كشفاً / لم يدر ما لذة الرقاد
مثل رسول الإله إذ لم / يسكن له النومُ في فؤاد
لو بلغَ الزرعُ منتهاه / اشتغل القومُ بالحصاد
أو نازلَ الحصنَ قومُ حربٍ / لبادر الناسُ للجِهادِ
ناشدتك الله يا خليلي / هل فُرش الخزِّ كالقتاد
لا والذي أمرنا إليه / ما عنده الخير كالفساد
البدرُ في المحو لا يُجارى
البدرُ في المحو لا يُجارى / وفي تناهيه لا يحدّ
صحّ له النورُ بعد محو / ثم إليه يعود بعدُ
سرائر سرِّها ثلاث / ربٌ مليك والله فردُ
في المحو صحّت له فأثنتْ / عليه لما أتاه يعدو
النار تضرم في قلبي وفي كبدي
النار تضرم في قلبي وفي كبدي / شوقاً إلى نور ذاتِ الواحدِ الصمد
فجد عليّ بنورِ الذاتِ منفرداً / حتى أغيبَ عن التوحيد بالأحد
جاد الإله به في الحال فارتسمت / حقيقة غيبت قلبي عن الجسد
فصرتُ أشهدُه في كلِّ نازلة / عناية منه في الأدنا وفي البعد
أشهد في خالقي بجوده
أشهد في خالقي بجوده / ما شاء من سَنا وُجودِه
واختارني للعلومِ قلباً / عنايةً بي على عبيدِه
وقال لي لا تكن محلاً / لواردِ الكون في شهودِه
فإنما جنتي وناري / لكلِّ رسم دارا خلوده
فاذكر وجودي بعين وجودي / يكن عطاء على حسودِه
إذا تجرّدتُ عن وجودي
إذا تجرّدتُ عن وجودي / كنتُ أنا ألهو على الشهودِ
وكان كوني لأنَّ عيني / عينَ شهودي بلا مزيدِ
أسماء أسمائه الحسنى التي تبدي
أسماء أسمائه الحسنى التي تبدي / هي الكثيرة بالأوتار والعددِ
وما بأسمائه الحسنى التي خفيتْ / عن العقول سوى حقيقةِ الأحد
وإنّ أسماءَه الحسنى التي بقيت / لنا وإن جهات من أعظم العدد
ولا ظهور لها فإنها نسبٌ / فكيف أجعلها في الدفع معتمدي
والناس في غفلةٍ عما ذكرتُ لهم / فيها وعن سبلِ التحقيق في حيد
فليس يفقدها وليس يوجدها / والفقد والوجد في سلم وفي لدد
فليتَ شعري إذا مرَّ الزمانُ بها / هل يبقى للكون من خلدٍ ومن أبد
وكيف يبقى ولا دور يعدّ به / والدهر يعرف بالأدوار والمدَد
وما تسمي به الحقّ العليم سُدى / إلا من أجل الذي يعطيه من مدد
ها إن ذي حكمة تجري بصورتها / مع الزمان ولكن لا إلى أمد
لا بل إلى أبد الآباد جريتها / هل في الزمانِ زمانٌ فاعتبرْ تجدِ
والله لو علمت نفسي بما سمحت / من العلومِ التي أعطتكَ في الرّفَد
بذاتها وهي لم تشعر بما وهبتْ / من العطايا لماتت وهي لم تجد
فاشكر إلهك لا تشكر عطيتنا / إن العطايا لمن لو شاء لم تفد
هذا من الجهةِ المقصودِ جانبها / كما الوفودُ لمن شاء لم يفد
إن الورود الذي في الكون صورتُه / من النفوسِ التي لو شاء لم ترِد
هذا هو الأدب المشروعُ ليس له / إلاّ أداة امتناعِ الشيءِ لم يرد
قد قلتُ فيه مقالاً لستُ أنكره / إذِ النفوسُ عن التحقيق لم تحد
إنَّ العلومَ التي التحقيقُ جاء بها / هي العلومُ التي تهدي إلى الرشد
رشد المعارفِ لا رشد السعادةِ و / الإيمانُ يسعدُ أهلَ الصُّور والجسدِ
فاحمدْ إلهك لا تحمد ْ سواءه فما / يعطي السعادةَ إلا حمده وقد
لا تنكروا الطبعَ إن الطبعَ يغلبني / والحقُّ يغلبه إنْ كانَ ذا فَند
دين العجائزِ مأوانا ومذهبُنا / وهو الظهور به في كلِّ معتَقد
به أدين فإنَّ الله رجحه / على التفكُّر في كشفٍ وفي سَنَدِ
في كلِّ طالعةٍ عُليا ونازلةٍ / سُفلى معَ القولِ بالتوحيدِ للأحد
سكَّن إلهي روعاتي فإن لها / مَيلاً شديداً إلى ما ليس مستندي
إن الركون إلى الأدنى من السبب / الأعلى تجد طعمَه أحلى من الشَّهد
ولا أخص به أنثى ولا ذكراً / ولا جَهولاً ولا مَن قال بالرَصد
بل حكمه لم يزل في كلِّ طائفةٍ / من كلٍّ صاحبِ برهانٍ ومعتَقَد
لولا مسامحةُ الرحمن فيك لما / رأيتُ شخصاً سعيداً آخر الأبد
هو الإله الذي عمت عوارفُه / لما سرى الجودُ في الأدنى وفي البعد
ألا ترى الجودَ بالإيجاد عمَّ فلم / يظهر به أحد فضلاً على أحد
قد سمع الله قولَ عبدِه
قد سمع الله قولَ عبدِه / إذ حمدَ الله حقَّ حمدِهِ
لقد وفى الربُّ لي بعهدي / لما وفينا له بعهدِه
وقد أرانا الإله جوداً / من كرمِ الذات صدقَ وعدِه
وهو معي حيث كنت منه / بقربٍ إن كان أو ببعده
دعا قومه نوحٌ ليغفر ربهم
دعا قومه نوحٌ ليغفر ربهم / لهم فأجابوه لما كان قد دعا
أجابوا بأحوالٍ فغطوا ثيابهم / لسر بستر والسميعُ الذي وعى
ولو أنهم نادوا ليكشف عنهمُ / غطاءُ العمى ما ارتد شخصٌ ولا سعى
وهذي إشاراتٌ لأمّة أحمد / وليست لنوحٍ والحديث هما معا
رعى الله شخصاً لم يزل ذا مهابة / كريماً إماما ًحرمة الحق قد رعى
لو أنَّ له الخلق ينزل وحيه / على جبلٍ راسٍ به لتصدَّعا
وأثبتَ منه قلبَ شخصٍ علمته / ولما أتاه وحيه ما تزعزعا
وإن كان من قومٍ إذا ليلهم دجا / تراهم لديه ساجدين ورُكَّعاً
وتبصرهم عند المناجاة حُسَّراً / حيارى سكارى خاضعين وخُشعا
الحق في شاهد يبدو ومشهود
الحق في شاهد يبدو ومشهود / والخلقُ ما بين مفقود وموجود
إن قلت هذا هو المخلوق قيل أنا / الحق باطنه من غير تقييد
أو قلت هذا هو الحق الذي شهدت / له دلالته في عين توحيد
يقال لي بل هو الحق الذي عرفوا / وجودُه أنه من حضرة الجود
قد أقسم الله لي في سورة البلد
قد أقسم الله لي في سورة البلد / بأنه خَلَقَ الإنسانَ في كَبَدِ
وما أراد بهذا الخلقَ من أحد / من نشأتي سوى روحي مع الجسدِ
وإنها حضرةُ الأسماءِ حضرته / تسعٌ وتسعون لم تنقصْ ولم تزد
وإنها درجاتٌ في الجنان على / أعدادها نزلت بحكمها وقد
وما لنا سند في ذاك أسردُه / للسامعين وإن الأمر في سند
إني تعوذت بي مني فإن لنا
إني تعوذت بي مني فإن لنا / النورَ بالروحِ والإظلامَ بالجسدِ
ولا أزال كذا ما دام مسكننا / فلو ترحلت عن أهلٍ وعن بلد
وجدتُ فيه ضياءً لا ظلامَ به / يغني عن الأهل والأموالِ والولدِ
لكنَّ له الظلُّ ذاكَ الظلُّ راحتنا / في صورةِ الجسمِ لا في صورةِ الجسد
منزه العينِ من تأثير ما ظهرتْ / به الطبيعةُ في الأركانِ من مَدَد
لي النقاء بها ما دمتُ أسكنُها / واللبثُ لا ينتهي فيها إلى أمَد
لو لم يكن فيه من خيرٍ ومن دَعةٍ / إلا تخلصنا من باعثِ الحَسَدِ
فالأوّلُ الحقُّ بالوجودِ
فالأوّلُ الحقُّ بالوجودِ / والآخر الحقُّ بالشهودِ
إليه عادتْ أمور كوني / فإنما الربُّ بالعبيدِ
فكلُّ ما أنت فيه حقٌّ / ولم تزل فيه في مزيد
ما في الوجود اختيار عند من شهدا
ما في الوجود اختيار عند من شهدا / وكيف ينكر ما في الكون قد وجدا
وقد أتاك به القرآن في سور / يدري بها عندما تتلى الذي حجدا
لذاك قيدته بذي الشهودِ فلا / تزد عليه ولا تشركْ به أحدا
فمن أجوز وما في العلم من أحد / سوى الإله الذي في خلقه شِهدا
الصورُ صورهمُ والخلقُ عينهمُ / نعم وصورتهم حقاً كما وردا
لأنه سمعنا بل كان نشأتنا / روحا ًوصورة جسم لا تقل جسدا
فما يخاطبه إلا حقيقته / مقصودةٌ عينه وهو الذي قصدا
ما ثم غير فتفنيه هويته / لذاك جاء بأنَّ الحقَّ ما ولدا
ولا تولد عن شيءٍ تقدّمه / فبالوجودِ القديمِ الحادثِ انفردا
الأمر أعظمُ أن يحظى به أحد
الأمر أعظمُ أن يحظى به أحد / فما له في وجودِ العلمِ مُستندُ
جاء الحديثُ فما تُدري حقيقته / ولا بعينها فكْرٌ ولا سَنَد
والكشفُ ليس له فيها مداخلةٌ / لأنه بوجودِ الصور ينفرد
أمر الإله كما قد جاء واحدة / والعبد من سرِّه بالحقِّ متحد
فما ترى جسداً إلا ويعقبه / إذا مضى عينه من حينه جسد
الوهم يصلح ما الألباب تفسده
الوهم يصلح ما الألباب تفسده / في الحق لكنها ما الوهم تعبدهُ
العقلُ يحكم والأوهام تحكمه / فيه فتضبطه ولا تحدِّدهُ
وكيف يحكم عقلٌ قاصراً حدثٌ / على مكوّنه والعجز مشهده
تنوّع الذات بالأفكار إن لها / مثل الهيولى ولكن لا تعدّده
يرمي الإله بها من كان عنه به / وليس يرمي به إلا ويُقصِده
العقلُ بالنظر الفكريّ يمسكه / والكشفُ يرسله ولا يقيده
لو كان للعقلِ حكمٌ في مكوّنه / لما أتى شرعه وقتاً يفنده
من يعبدِ الله إنَّ الله قد عُبدا
من يعبدِ الله إنَّ الله قد عُبدا / ذاك الوحيد فلا تشركْ به أحدا
كما أتاك بآي الكهفِ آخرها / وقد أضاف إليه ذاك فاستندا
ذا الفعل كلف والأفعال أجمعها / لله ليس لكونِ فعله أبدا
وقد أضيف إليه وهو فاعله / لكي يميز من أقرَّ أو جحدا
إن الحقائقَ لم تتركْ لنا سَبَداً / بما أتينا به فيه ولا لَبدا
فكل فعل فإن الله خالقه / وقد جعلت له من دونه سندا
لكي يصيب فلا تحظى إضافته / إذا أضاف إليه فعل ما شهدا
ولا يحاسب إلا من عقيدته / هذا الذي قلته عَدلاً كما وردا
إلا الذي قالها في الله من أدبٍ / لا باعتقادٍ فيجزيه بما قصدا
وتلك مسألةٌ حار الأنام لها / وليس يعرفها إلا الذي شهدا
نعتُ المهيمنِ بالإطلاق تقييدُ
نعتُ المهيمنِ بالإطلاق تقييدُ / وكلُّ ما قيل فيه فهو تحديدُ
وإن سكتُ على عجزٍ أفوز به / فذلك العجزُ أيضاً في تقييد
فليس يخرجُ في ظني ومعرفتي / شيءٌ عن القيد لا شركٌ وتوحيد
تنزيهك الحق حدّ أنت تعلمه / إن التنزيه بنفي الحدّ محدود
إن قلت ليس كذا أثبته بكذا / وذا لباس نزيه فيه تجريد
سلبُ التحير عنه لا يشرفه / وكيف يشرُف بالتنزيه معبودُ
لو لم يكن في كذا لزال عنه كذا / وزال عنه به حمدٌ وتمجيد
أسماؤه تطلبُ الأكوانَ أجمعها / فنعتها بالغنى المعلومِ مفقودُ
لولا القبولُ الذي منا لما ظهرتْ / آثارها فلنا من ذلك الجود
إن الوجودَ الذي أثبته نسبٌ / فلا وجود فما في العين موجودُ
بذا المحال الذي ترمي به فطر / وكيفَ يقبله والكون مشهود
أثبت عينك عند النفي نافية / فمن نفيت وباب النفي مسدود
وكيف تنفي وجوداً أنت تثبته / عقلاً وحوض العقل مورود
والله لا ناله مما أنا سبَدٌ
والله لا ناله مما أنا سبَدٌ / من المعارفِ والزُّلفى ولا لَبدُ
ولا تعين في شيءٍ يكون لنا / ولو يعيش الذي قد عاشه لبدُ
لله قومٌ لهم علمٌ ومعرفةٌ / وهم عليه إذا يدعوهمُ لبد
عميٌ وأبصارهم بالنور ناظرةٌ / لو يشهدون الذي شهدته شهدوا
لا يشهدون وإن قامتْ حقائقهم / بهم معاينة من ربهم شهدوا
إن العبيد الذين الحق عينهم / لنفسه واصطفاهم كلهم عبدوا
جلاله واستمروا في عبادته / ولو تجلى لهم في عينهم عبدوا
ولا تردّد فيه من تردّده / إلا رجال به من نفسهم عبدوا
لذاك أنزلهم في الخلقِ منزلةً / بها على كل حال في الورى عبدوا
لنا حبيبٌ نزيه الذاتِ في خلدي / وما تضمنه روحٌ ولا جسدُ
من أجله قام بي ما يشهدون به / المسك والندُّ والتخليقُ والجسد
وإنني لتجليه إذا نظرت / عين المحققِ في ذاتي له جسد
لما تعين مني ما اتصفتُ به / لذاك قام بمن يدري به الحسد
دنوا من الحضرةِ العلياء حين بدتْ / أعلام صدقهمُ منهم وما بعدوا
إن أسلدت حجب الأغيار ودونهمُ / أبقاهمُ ويرفعِ الستر قد بعدوا
لله قومِ غزاةٌ ما لهم عددٌ / وإن أسماءَه الحسنى هي العدد
مقدَّم العسكر الجرّارِ سيدهم / وهم كثيرون لا يحصى لهم عدد
إن ينصروا الله ينصرهم بهمته / ومن خواطرهم ياتيهم المدد
تاه الزمانُ فلم يظفر بحصرهم / وما حواهم فلم تقطعهم المدد
لما تعرّض لي من كنت أحسبه / معي ومستندي لم يبق لي سند
من كان أسماؤه الحسنى له سنداً / معنعناً في ترقيه علا السند
إذا ذكرت الذي بالذكر يحجبني
إذا ذكرت الذي بالذكر يحجبني / عنه ويحصره ذكراه في خلدي
الذكر باللفظِ عينُ الذكر منه بنا / فنحن نذكره في حالة الرصدِ
لولا تحوُّله في العينِ في صور / ما صحَّ ذكر على الوجهين من أحد
والذكر بالقلبِ ذكر لا حروفَ له / لأنه واحد من ساكني البلد
إني أرى نشأة الديهور قائمة / وهي التي خُلقت بالطبع في كَبَدِ
هو النزيه الذي لا شيء يشبهه / وإن تقيّد لي بالجسمِ والجسد
هو المقيد في الإطلاق صورته / فهو الكثير بكثر ليس عن عدد
لكنها نِسَبٌ والعين واحدة / هوية دُعيتْ بالواحد الصمد
ألفيت أسماءه الحسنى بحضرتنا / تسعاً وتسعين لم تنقصْ ولم تزد
فكلمتْ مائة فيها حقائقنا / وغبت فيه مغيب الشفع في الأحد
الحقُّ توحيدٌ ولكنه / كثره في بصري عينهْ
وعلة التكثير أحكامها / لأعيننا فكوننا كونه
لا كون للأعيان في ذاتها / وإنما الكونُ له بينه