ما دامَ ينسَرِحُ الغزلانُ في الوادي
ما دامَ ينسَرِحُ الغزلانُ في الوادي / إحذَر يفوتُكَ صيدٌ يابنَ صيّاد
واعلم بأنّ أمامَ المرءِ باديَةً / وقاطعُ البرّ محتاجٌ إلى الزادِ
يا من تملّكَ مألوفَ الذين غدَوا / هل يطمئنُّ صحيحُ العقلِ بالغادي
وإنّما مثلُ الدنيا وزينتِها / ريحٌ تمرُّ بآكام وأطوادِ
إذ لا محالةَ ثوبُ العُمر منتزَعٌ / لا فرقَ بين سقُلّاطٍ وَلُبّادِ
ما لابنِ آدمَ عندَ اللّه منزِلَةٌ / إلّا ومنزلُهُ رحبٌ لقُصّادِ
طوبى لمَن جمعَ الدنيا وفَرَّقَها / في مصرفِ الخيرِ لا باغٍ ولا عادِ
كما تيَقَّنُ أنّ الوقتَ منصَرِفٌ / أيقِن بأنّك محشورٌ لميعاد
ورُبّما بلَغَت نفسٌ بجودَتِها / مالا يُبَلِّغُها تهليلُ عبّاد
ركبُ الحجازِ تجوبُ البرَ في طمَعٍ / والبِرُّ أحسَنُ طاعاتٍ وأوراد
جُد وابتسِم وتواضَع واعفُ عن زَلَل / وانفَع خليلَك وانقَع غُلَّةَ الصادي
ولا تضِرك عيونٌ منك طامِحَةٌ / إن الثعالِبَ ترجو فضلَ آسادِ
وهل تكادُ تُؤَدّى حَقَّ نعمتِهِ / والشكرُ يقصُرُ عن إنعامِهِ البادي
إن كُنتَ يا ولدي بالحقِّ منتَفِعاص / هذي نصيحةُ آباءٍ لأولادِ
ولم أخُصّك من بينِ الأنامِ بها / إلّا وأنتَ رشيدٌ قبلَ إرشادي
هذي طريقةُ مهديينَ من سلفس / هذي طويّةُ ساداتٍ وأمجادِ
لا تعتبنّ على ما فيه من عظَةٍ / إنّ النصيحةَ مألوفي ومعتادي
قَرَعتُ بابك والإقبالُ يهتِفُ بي / شرَعتُ في منهَلٍ عذبٍ لورّادِ
غنّيتُ باسمك والجدرانُ من طرَبٍ / تكادُ ترقُصُ كالبعرانِ للحادي
يا دولَةً جمعَت شملي برؤيتِه / بلّغتني أمَلاً رغماً لحُسّادي
يا أسعدَ الناس جداً ما سعى قدَمي / إليكَ إلّا ارادَ اللّه إسعادي
إني اصطفَيتُك دون الناس قاطبَةً / إذ لا يُشَبّهُ أعيانٌ بآحاد
دم يا سحابُ لجوِّ الفرسِ منبَسِطاً / وامطُر نداك على الحُضّارِ والبادي
خيرٌ أريدُ بشيرازٍ حلَلتَ بهِ / يا نعمَةَ اللَهِ دومي فيه وازدادي
لا زلتَ في سعَةِ الدنيا ونعمَتِها / ما اهتَزَّ روضٌ وغَنّى طيرُهُ الشادي
تمّ القصيدةُ أبقى اللَهُ شانِئَكُم / بقاءَ سمسِمَةٍ في كيرِ حدّادِ