أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ
أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ / قد عشَّرت فيك آمالي ولا تلدُ
طال الزمان وعندي بعدُ أمنيةٌ / يأتي عليها ولا يأتي بها الأمد
تمضي الليالي ولا أقضي المرام فهب / أنّي ابن عاد فكم يبقى له لبد
علام أحبس عن غاياتها هممي / ولي هموم تفانى دونها العدد
ولا أداوي بإتلاف العدى سقمي / وكم يقيم على أسقامه الجسد
والدهر يبطش بي جهلاً فتحسبني / يغضُّ عيني عنه العجز لا الجلد
وما درى بل درى لكن تجاهل بي / إنّي مخيف الردى والضيغم الأسد
لو كان يجهل فتكي في الحروب لما / ظلت فرائصه إن صلتُ ترتعد
فيا مغذّاً علىوجناء مرتفعها / قطع الفجاج ولمع الآل ما ترد
تطوى القفار به حرفٌ عملَّسةٌ / شملالة حرة مرقالة أجد
كأنها عرش بلقيسٍ وقد علقت / بها أماني سليمان إذا أجد
جُب بالمسير هداك الله كل فلاً / عن الهدى فيه حتى للقطا رصد
جُب يبوِّئك الترحال ناحيةً / تحل من كرب اللاجي بها العقد
وبقعة ترهب الأيام سطوتها / وليس تهرب من ذؤبانها النقد
وروضة أنجم الزهراء قد حسدت / حصباءها وعليها يحمد الحسد
وأرض قدس من الأفلاك طاف بها / طوائف كلما مرُّوا بها سجدوا
فأرخص الدمع من عينين قد غلتا / على لهيب جوى في القلب يتَّقدُ
وقل ولم تدع الأشجان منك سوى / قلب الفريسة إذ ينتاشها الأسد
يا صاحب العصر أدركنا فليس لنا / وِردٌ هنيٌّ ولا عيش لنا رغد
طالت علينا ليالي الانتظار فهل / يا ابن الزكيِّ لليل الانتظارِ غد
فاكحل بطلعتك الغرَّا لنا مُقَلاً / يكاد يأتي على إنسانها الرمد
ها نحن مرمى لنَبل النائبات وهل / يغني اصطبار وهي من درعه الجَلَدُ
كم ذا يؤلفُ شمل الظالمين لكم / وشملكم بيدي أعدائكم بدد
فانهض فدتك بقايا أنفس ظفرت / بها النوائب لما خانها الجلد
هب أن جتدك معدود فجدك قد / لاقى بسبعين جيشاً ما له عدد
غداة جاهد من أعدائه نفراً / جدُّوا بإطفاء نور الله واجتهدوا
وعصبة جحدوا حقّ الحسين كما / من قبل حق أبيه المرتضى جحدوا
وعاهدوه وخانوا عهده وعلى / غير الخيانة للميثاق ما عهدوا
سمَّوا نفوسهم بالمسلمين وهم / لم يعبدوا الله بل أهواءهم عبدوا
تجمَّعت عدة منهم يضيق بها / صدر الفضا ولها أمثالها مدد
فشدَّ فيهم بأبطال إذا برقت / سيوفهم مطروا حتفاً وما رعدوا
صالوا وجالوا وأدَّوا حق سيدهم / في موقف فيه عَقَّ الوالدَ الولدُ
وشاقهم ثمر العقبى فأصبح في / صدورهم شجر الخطيِّ يختضد
وعاد ريحانة المختار منفرداً / بين العدا ما له حام ولا عضد
وِترٌ به أدركت أوتار ما فعلت / بدرٌ ولم تكفهم ثأراً لها أُحُدٌ
يكرُّ فيهم بماضيه فيهزمهم / وهم ثلاثون ألفاً وهو منفرد
لو شئت يا علة التكوين محوهمُ / ما كان يثبت منهم في الوغى أَحَدُ
لكن صبرت لأمر الله محتسباً / إياه والعيش ما بين العدا نكد
فكنت في موقف منهم بحيث على / رحيب صدرك وفَّاد القنا تفد
حتى مضيت شهيدا بينهم عميت / عيونهم شهدوا منك الذي شهدوا
يا ثاوياً في هجير الصيف كَفَّنَهُ / سافي الرياح ووارته القنا القصد
لاَ بَلَّ ذا غلة نهر قُتِلتَ به / موري الفؤاد أواماً وهو مطرد
على النبي عزيزٌ لو يراك وقد / شفى بمصرعك الأعداء بما حقدوا
وأصدروك لهيف القلب لا صدروا / وحلأّوك عن المورود لا وردوا
ولو ترى أعين الزهراء بقرتها / والنبل من فوقه كالهدب ينعقد
له على السمر راس تستضيء به / سمر القنا وعلى وجه الثرى جسد
إذاً لحنَّت وأنَّت وانهمت مقلٌ / منها وحرت بنيران الأسى كبد
عجبت للأرض ما ساخت جوانبها / وقد تضعضع منها الطود والوتد
وللسماوات لِم لا زلزلت وعلى / مَن بعد سبط رسول الله تعتمد
الله أكبر مات الدين وانطمست / أعلامه وعفى الإِيمان والرَّشَدُ
وقَوِّضَت خيم الأطهار من حرم ال / مختار لما هوى من بينها العمد
وربَّ بارزة من خدرها ولها / قلب تقاسمه الأشجان والكمد
تقول يا إخوتي لا تبعدوا أبداً / عن حيِّكم وبلى والله قد بعدوا
لم يبق لي إذ نأيتم لا فقدتكم / حامٍ فيرعى ولا راع فيفتقد
إلا فتًى صدَّه عن رعي أسرته / أسارةً ونحول الجسم والصفد
وكيف يملك دفعاً وهو مرتهنٌ / بالسير ممتهن بالأسر مضطهد
ونحن فوق النياق المصعبات بنا / يجاب حَزنُ الربى والغور والسند
في كل يوم بنا للسير مجهلة / تطوى ويبرزنا بين الورى بلد
يا آل أحمد جودوا بالشفاعة لي / في يوم لا والد يغني ولا ولدُ
لكم بقلبي حزن لا يغيره / مَرُّ الزمان ويفنى قبله الأبد
ثوب الجديدين يبلى من تقادمه / وخطبكم أبداً أثوابه جدد