المجموع : 11
لَقَد تشتت من خوف ومن ندم
لَقَد تشتت من خوف ومن ندم / جيش حوالي ديالي كان محتشدا
ما كنت أَرجو عَلى علمي بنزعتها / أن يَبدو الشر من أبنائها فبدا
أحزم بناس رأوا في أَرضهم فتناً / فَلَم يَكونوا لمن قاموا بها عضدا
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ / من الحوادِث تُنسي الوالدَ الولدا
وإذ أَلمت به دهياء كارثة / فأورثته الجوى وَالحُزنَ وَالكمدا
إذ عمَّه كوباء جارفٍ رهَجٌ / ما سارَ عَن بلد إلا أَتى بلدا
فَلَم يذر غير ممسوس به شرفاً / وَلَم يدَع غير مكلومٍ به كبدا
أَحب أن يجد اليوم الَّذي بهجت / أَنواره عين أَهليه فما وجدا
الأمْنُ قد زالَ والأيام قد فسدت / وَالعُود بعد اِعتدال منه قد أودا
لَم يَبقَ في الناس لا صبر ولا جلد / إن المصائب توهي الصبر وَالجلدا
لا دجلة دجلة من بعد نكبتها / وَلا الزَمان بواديها كَما عهدا
من كانَ يسكن في أمنٍ ضواحيها / قد قوَّض البيت والأوتاد وَالعمدا
ظنوا الهدى في الَّذي جاؤوه من عملٍ / وَقَد يَكون ضلالاً ما يُعدُّ هدى
من لم يهذِّبه علمٌ في شَبيبَته / فإنه لا يُلاقي بعدها رشدا
قالوا عَسى أن تنيل الشعب ثورته / سعادة غير أَنَّ الشعب ما سعدا
بل السَعادة في ترك الخصام وَفي / أن يصلح المَرء دنياه وَيجتهدا
لا يأمن المدلج الساري تورُّطَهُ / ما لَم يوطِّد له من عقله سندا
لَو قدَّروا الأمر ما ثارَت عجاجتها / وَلا شكت عينهم من خوضها الرمدا
ورب وارد ماء جاءه قدرٌ / فَما أَساغ له الماء الَّذي وردا
وَذي لهاث قد اِشتدت حرارته / حتى إِذا هُوَ لاقى حتفه بردا
هَذا جزاء امرئٍ قَد كانَ في سعة / من المَعيشة إلا أنه كندا
فَيا لَها فتنةً عمياءَ ثائرةً / قد عذَّبت من بنيها الروح وَالجسدا
ما نابَ غائبَها ما ناب شاهدَها / وَلَيسَ من غاب عَن شر كمن شهدا
وأسعد الناس من قد كان معتزلاً / يلازم الظل في اليوم الَّذي صخدا
قد أَفلح المتروي في عزيمته / وَكل قصد إذا زالَ الضلال هدى
ما نفع من عاش في أَيام مفسدة / من الحَياة إذا كانَت له نكدا
عد للعراق وأصلح منه ما فسدا
عد للعراق وأصلح منه ما فسدا / وابثث به العدل وامنح أَهله الرغدا
الشعب فيه عليك اليوم معتمد / فيما يَكون كَما قد كانَ معتمدا
حييت من قادم إبان حاجتنا / إليه نَرجو به للأمة الرشدا
إن العراق لمسعود برؤيته / أباً له من بلاد العدل قد وردا
مرحّباً بك أشرافٌ غطارفة / وَلَيسَ ترحيبهم ميناً ولا فندا
عجل بسعيك إصلاحاً نؤمله / فَلَيسَ يذهب سعي المصلحين سدى
حبل السياسة قد أمست به عقد / فحلَّ أنت بأيدي رأيك العقدا
ارأف بشعب بغاة الشر قد قصدوا / إثارة الشر فيه وهو ما قصدا
أما وقد جئت مصحوباً بمقدرة / فَلا أبالي أقام الشر أم قعدا
غدٌ إلى الناس في الأيام منتظر / والظن أنك تَلقى بالسلام غدا
غداً ستُسعد بغداداً تجارتُها / فليَجتَهِد للغنى من كان مجتهدا
أعد لبغداد أياماً موالية / كانَت كَما وصفوا ترقى بها صعدا
مضت هنالك أيام مسالمة / لساكنيها فَلا ينسونها أبدا
لَقَد أتيت بإنذار ومرحمة / فَلَن ترى فوق أرض الرافدين عدى
أتيت توفي بوعد كنت معلنه / إن الكَريم لموفٍ بالَّذي وعدا
معاهد العلم في بغداد قد هجرت / فَلا تلاقي على أبوابها أحدا
فاِجهد وأَرجع بعزم منك رغبتها / ترض الخلائق والتاريخ والبلدا
إن الرزايا تريد موتي
إن الرزايا تريد موتي / لكنما النفس لا تريد
أيتها النفس لا تخافي / فإنما الموت قد يفيد
نحن بوقت من مات فيه / فإنه الرابح السعيد
من ذا سوى اللَه وهو رب / الورى وإبليس لا يبيد
عسى الذي عاف أرضه أن / يضمه عالم جديد
جهنم للذين ماتوا / في كفرهم حرها شديد
لكنما الخالدون فيها / نوابغ كلهم رشيد
لتلك خير لي من جنان / أكثر أصحابها بليد
وليس من قد أباد قوماً / لهم على ما أرى يعيد
أحقر بعصر به الإنسان يعبد ما
أحقر بعصر به الإنسان يعبد ما / في وهمه وله يعنو وينقاد
أن الذي عبد الأصنام أفضل من / ذي غرة هو للأوهام عباد
يرجون بالدين أنهم إن
يرجون بالدين أنهم إن / ماتوا يعيشون من جديد
كم من شهيد للدين فيهم / وليس للعلم من شهيد
إن الذين عن الأفراد قد بعدوا
إن الذين عن الأفراد قد بعدوا / لم يجحدوا انهم منهن قد ولدوا
اما الألى لم يزالوا في مداركهم / ادنى الى اصلهم منها فقد جحدوا
ما للحياة وراء الموت تجديد
ما للحياة وراء الموت تجديد / فلا يقوم من الاجداث ملحود
فيها النهار كليل لا صباح له / اما الليالي فتلكم كلها سود
القبر آخر بيت للألى هلكوا / والحس في الهالك الملحود مفقود
فليس يدرى الذي هيل التراب على / جثمانه ان ما يحويه اخدود
ولي الشتاء وانواء الشتاء وقد / جاء الربيع ولما يورق العود
هناك جذع على الارض الخلاء لقى / كأنه في مهب الريح جلمود
وهكذا المرء شلو في نهايته / وهكذا المرء منه الركن مهدود
اما القصور فتلكم في مناكبها / مثل القبور عباديد عباديد
للحي جهد جهيد للحياة وما / للميت كيما يدوم الموت مجهود
سل الجماعات من عرب ومن عجم / هل بينهم واحد في العيش مسعود
اشكوا الى اللَه تعساً لا يفارقني / كأنه بي حتى الموت معقود
داء عقام واوجاع مبرحة / وفوقهن من الاشرار تهديد
لم يبق لي غير باب الموت منفتحا / وكل باب سواه فهو مسدود
اليوم التمس اللذات كاذبة / في ذكر عهد به انصاعت لي الغيد
لقد تلقص ظل كنت الزمه / من الشباب زمانا وهو ممدود
لا خمرة منه لي احسو سلافتها / ولا على كرمة الآمال عنقود
كان الشباب ربيعاً فيه تطربني / من العصافير في الصبح الاغاريد
مات الشباب وافراح الشباب معاً / الا هموما بهن الروح مكدود
الشعر كالفارس المغوار ذو جرة
الشعر كالفارس المغوار ذو جرة / ويومه في قديم العهد مشهود
واللفظ غمد لمعناه ومن عجب / ان يقطع النصل منه وهو مغمود
والشعر في لفظه كالماء مجتمعاً / ان كان في السمع عذبا فهو مورود
والشعر يكبر اما كان مبتكرا / والشعر لا ينبغي في الشعر تقليد
والشعر يهتف دهراً بعد قائله / والشعر للشاعر الخنذيذ تخليد
وشاعر الحب ما ان فيه من ثقل / فطالما حمل الصيداح املود
يا روضة الشعر مالي عنك من حول / ما دام في ايكك الفينان غريد
وقد اثوب الى عقلي فينبئني / ان القريض خيال فيه تبعيد
قد لمت دهري على ما جاء من رهق / وقلت لم ينج من عدواك موجود
الموت امضى سلاح في يديك وكم / به تجندل صنديد وصنديد
فقال لي لا تلمني قبل معرفتي / فانني بنواميس لمصفود
نصيبي العجز عن نفع وعن ضرر / فانما في يدي غيري المقاليد
لم يكذب الدهر فيما قال معتذرا / حتى يسفهه دحض وتفنيد
لا تجزعنّ اذا ما فتنة حدثت / ما انت وحدك بالاضرار مقصود
تأبى الطبيعة الا ان تطاوعها / وانت تؤثر ما تبغى التقاليد
فاختر لرأسك جلمودا لتضربه / ولا تقلّ على الارض الجلاميد
ذممت للناس دنياهم تزهدهم / وانت ان ذكر اسم الموت رعديد
تخشى الردى واجفا في كل نازلة / وانت بالجنة الغناء موعود
تصدق القول ترويه مقلدة / وان وهت منه في النقل الاسانيد
قل للذي ذهبت ايام عزته / لا تأس فالدهر تنزيل وتصعيد
الناس يحيون بالآمال تنعشهم / وانت من دونهم في اليأس موؤد
لا يسبق الراكب اليعفور ينخسه / من تحتهم تتبارى الضمر القود
ولا حجارتنا تحكى قنابلهم / كلاّ ولا عندنا علم وتمهيد
ما اسبق الجيل شأواً في حضارته / لو لم تثبطه للجهل التقاليد
لقد تمنيت ان الموت يمهلني / او انني بعد الف منه مولود
ان الوجود الذي حفّ الفضاء به / في واسع اللا تناهى منه ممدود
لقد ضحكت فكان الضحك ملء فمي / من الذي قال ان الكون محدود
تحكي السماء لعين لا نفوذ لها / روضا كأن الثريا فيه عنقود
اما الذين لهم علم بما وسعت / فعندهم كل ما قد قيل مردود
ما الارض بين شموس لاعداد لها / الا حصاة حواليها جلاميد
وكم بها سدماً تمتد واسعة / فيها النجوم عناقيد عناقيد
الشعر ما قاله الكرخيّ عبود
الشعر ما قاله الكرخيّ عبود / ففيه للأدب الشعبي تجديد
شعر يفيض من القلب المشع له / على اللسان فما ان فيه تعقيد
كالدر يزداد حسنا في تألقه / اذا تحلت به اللبات والجيد
على ابتكار معانيه له حسدوا / وكل مبتكر في الشعر محسود
لا يستوي الناس في اتقان صنعتهم / والقول كالفعل مذموم ومحمود
ما في الذي لم يلن للشعر من صمم / وانما عنده الاحساس مفقود
الشعر ليس بمبق فيه من اثر / كأنما قلبه في الصدر جلمود
يا حبذا البلبل الشادي بروضته / وحبذا منه هايتك الاغاريد
عبّود ان عدت الافذاذ في بلد / فانت في اول الافذاذ معدود
خلدت شعرك اذ جددت كسوته / من البيان وفي التجدبد تخليد
فتحت للشعر ابوابا ولا عجب / ففي يمينك للشعر المقاليد
اذا عتبت فنيران مؤججة / وان شدوت فاغرود واغرود
لا تجزعن اذا ما نكبة حزبت / فانما الدهر ارخاء وتشديد
وربما بات يذوي العود من ظمأ / به وبعد قليل اورق العود
افرح بدنياك ما آنست طيبتها / فما لياليك فيها كلها سود
ان الزمان عجوز من تقادمه / وما على وجهه البسام تجعيد
قد عدت بعد ذهاب منك يا عيد
قد عدت بعد ذهاب منك يا عيد / اذ كل شيء يسر النفس مفقود
أانت عيد به الافراح شاملة / ام مأتم فيه للاحزان تجديد
عيد اجل انت عيد الاسلام به / الا لمن قلبه بالغش معقود
عيد به عنك هذا الناس في شغل / بهمها ما بها في الالف مسعود
عيد الم على يأس بمملكة / وليس فيه لجرح سال تضميد
حيث الدخيل سعيد من تزلفه / وعن مواطنه للحر تشريد
عيد تمج جراح الحق فيه دما / وخنجر الضيم في الاحشاء مغمود
عيد يكابد فيه المسلمون اسى / مبرحا ما عليه الصبر محمود
يبغون ركناً لهم يستعصمون به / والركن من ضربات الدهر مهدود
يؤملون زعيما فيه تسرية / وهل يسري عن المصفود مصفود
يشكو تباريحه الاسلام مضطهدا / اين الاباة واين الذادة الصيد
الحق يوطأ بالاقدام منسحقا / وما هنالك يحمى الحق صنديد
باب المنية مفتوح لمضطهد / وكل باب سواه فهو مسدود
الغيد تبكي شجاها في المصاب وما / اشجى دموعا همت تبكي بها الغيد
ما ان لها من عقود غير ادمعها / منها تحلى بها اللبات والجيد
نالت مطالبها الاقوام قاطبة / ومطلب العرب المهضوم مردود
في كل يوم تصيب القوم كارثة / فداحة ويروع القوم تهديد
لا قلب الا وفيه الحزن مرتكم / وما لأبعاد هذا الحزن تحديد
لا الروض نضر كما قد كنت تعهده / ولا لبلبله الصيداح تغريد
اتى على الروض حتى جف من ظمأ / يوم من الدهر يشوى النبت صيخود
تسر بالعيد اقواما اولى شمم / ايامها البيض لا ايامها السود
اذهب فان قلوب الشعب دامية / ما ان لها من سلو فيك يا عيد
وكيف تفتح ابواب السرور لها / وفي يد غير ايديك المقاليد
كنا نرحب بالاعياد عائدة / لو كان في العيد للاحزان تبديد
لا وحدة في النظام اليوم تجمعهم / فان قومي عباديد عباديد
وما بكل بلاد العرب من جذل / ولا بكل بلاد العرب مسعود
قد كان وجهك بساما لناظره / واليوم يملأ منك الوجه تجعيد
اظافر الدهر غاصت فيه عابثة / ففيه من كل ظفر منه اخدود
الدهر يعطى سروراً يمنعه / وذلكم منه لا بخل ولا جود
ما كان قبلا لهذا الشعب من خطل / حتى اطمأن فغرته المواعيد
ان السهام وان كانت منصلة / يعوزها منه عند الرمي تسديد
ذم المدافع للاسماع قارعة / كما تصادم جلمود وجلمود
نريد ظلا يقينا الحر من شجر / لم يبق اخضر منه اليوم املود
لم يبق عندي بغير الشعر من ولع / وانما الشعر اغرود واغرود
وما الحياة سوى نار مؤججة / يثيرها في دم الشبان بارود
وانها لاصطدامات بمنحدر / كما تصادم بالسيل الجلاميد
قد علمتني تجاريبي التي سبقت / ان ليس يظفر بالحاجات رعديد
ايام ذي العز اعياد برمتها / اما الذليل فهذا ماله عيد
تجرد العود لما هيض من ورق / فهل ستصبر حتى يورق العود
لم استمع ردحا للحق من نبأ / حتى تظنيت ان الحق ملحود
يا حق انك من كل الذين بهم / عثت يد الحيف في الاقطار منشود
للحق حام وفي الايام متسع / الست تؤمن ان الله موجود