لا الأنس أنس ولا الأفراح أفراح
لا الأنس أنس ولا الأفراح أفراح / كلا ولا الراح راح بعدما انزاحوا
مضوا وما بحت عن سرّ الهوى لهم / وما أبانوا لي الشكوى وما باحوا
يا صاح لا كفكفت كفّاي بعدهم / دمعي على أن دمع العين فضّاح
منحتهم كل ما شاء الغرام ولا / غرابة فصريع الكأس منّاح
يا قوم نفسي سالت لوعة وأسى / هلا عذرتم أهيل العشق إذ ناحوا
باللَه معذرة فالدهر جرّعني / صاب القنوط ومن يسقاه نوّاح
شقيت بالحبّ لا عاش السعيد به / إنّ الشقا بالهوى للغيب مفتاح
يا صاح لست بمرتاح فاشربها / صرفا وأشدوا متى يا صاح أرتاح
كل الأخلاء في لهو وفي طرب / وحسبهم منك عيدان وأقداح
وحسب قلبي آلامٌ مبرّحة / خرس وللوجد زند فيه قدّاح
لي من دموعي صهباءٌ أبلّ بها / غليل قلبي ودمعي المنهمي راح
يا خلّ والروح بالآفاق هائمة / ترجو العزاء وكم في الجوّ أرواح
سل الأصائل والأسمار ملتمسا / عسى تجيبك أمساء وأصباح
كم أغمض الجفنُ والأحلامُ شاردة / عنه وتدنو خيالات وأشباح
أوّاه لا بهجة الأيام في نظري / حسن وليس بها زهو وأفراح
كفّوا الملام فآمالي محطّمة / شيّعتها بالبُكا فالطرف سحّاحُ
وهكذا الحبّ شوقٌ ملحفٌ وأسى / مضنٍ ودمع وهمٌّ فيه ملحاح
جدّ الهوى بعدما شطّ المزارٌ وقد / ظننتُ من قبل إنّ الحبَّ مزّاح
يا روضة الوصل لا الأطيار ساجعة / ولا عبيرك بالأجواء فوّاح
ولا النديم طروب بعدما سكتت / ولا السمير رعاك اللَه ممراح
ولا ابنة الكرم بالكاسات ضاحكة / كلا ولا العود بالأسحار صدّاح
فهل يطيل ربيع الوصل غيبته / أم لا فتحتضن العشّاقَ أرواح
إغفاءةٌ الدهر لو طالت لما عبثت / بنا الصروف وصرف الدهر يجتاح
يا مرتع الروح يا ملهى طفولتنا / إني إليك وربّ البيت جنّاح
وكيف لا يا ملاذ العاشقين ولي / قلبٌ لأفقك خفّاقٌ وسبّاح
متى على رملك الفضيّ تجمعنا / على المحبّة والإخلاص أفراح
مع إخوةٍ في ضفاف النهر قد نزلوا / فمن لروحي وقلبي بعدما راحوا
يا من شغفتُ به لا حسن صورته / أغرت فؤادي فإنّ الحسن ينزاح
رحماك طال السرى والليل معتكر / فاسفر فوجهك وضّاح ولمّاح
حام الفؤاد كما حام الفراش ولم / يزل وطلعتك الغراء مصباح
مولاي زورق حبّي كيف تغرقه / فأنت ربّانهُ والقلب ملّاحُ