ما شاق ركب ذاك الحي إذ نزحا
ما شاق ركب ذاك الحي إذ نزحا / كلا ولا هاج لي ترحاله برحا
ولا توسمت رسماً في منازلهم / ولا تطلعت برقاً بالغضا لمحا
أني وقد بت والآمال طوق يدى / أنادم المسعفين اللهو والفرحا
وغيهب الليل بحر ماج ملتطما / فليست الشهب إلا لؤلؤاً طفاحا
والبدر زورق تبر راح يحمله / نهر المجرة ينحو فيه حيث نحا
ترى الشقائق فيها وهي جمر غضا / يزيده الماء وقداً كلما سفحا
فاعجب لجمر يذكي الماء شعلته / والماء يطفي لهيب الجمر ما نضجا
يحمر خد ثراها من شقائقه / كأنما قبلته الريح فانجرحا
والأقحوانة ثغر بات يرمقه / للنرجس الغض طرف كلما انفتحا
وكم غزال كحيل الطرف ذي غنج / مهفهف القد في أرجائها سنحا
قد أخجل البدر حسناً فالندى عرق / في وجنة الورد من بدر السما رشحا
أما تراه لآل بات ينظمها مسرى / الصبا وبها غصن النقا اتشحا
فيا لها روضة لو كان يرمقها / طرف السنان بصدر الرمح لانشرحا
فلست أدري أأملي فيهم غزلاً / لما رأيتهم أم أنشئ المدحا
محمد الحسن الزاكي عميدهم / أكرم بذي حسب كالشمس رأد ضحى
نشا بحجر المعالي فانتشت طربا / ومدرقى متنها اهتزت له مرحا
شكائم الدهر ملقاة بساحته / بها يرد جماح الدهر ماجمحا
فليهنئ الكرخ من علياه في ملك / غلامه الدهر يجري حسبما اقترح
مخائل الجود لم تخلب ببارقة / وليس يخبو زناد الفضل ما قدحا
يا دهر كن طوعه مادمت فهو فتى / كصخرة الواد لم تعبأ بمن نطحا
يا أيها القمر المرخي أشعته / تهدي لساحته الغادين والروحا
إليك در قصيد رصفته يدا / فكر بغير رياض الود ما سرحا
فلك من الشعر في البحر البسيط سرى / مسرى النسيم وفي آدابه سبحا
ما كنت أهلاً لفوزي في مديحكم / لكنني لم أجد عن ذاك منتدحا
ولو نظمت دراري الأفق أجمعها / مدائحاً لك لاستقللها مدحاً
فهاكها جملاً أعيت مفصلها / فمتن فضلك لا يحصيه من شرحا
ولم أزدك علاً لكن لتبلغني / منك الوداد وحسبي ذلكم منحا
وأنت كالبدر أغناه تبلجه / للناظرين له عن مدح من مدحا