قِفْ بالدِّيارِ إذا الليلُ البهيمُ سَجا
قِفْ بالدِّيارِ إذا الليلُ البهيمُ سَجا / وقُلْ طريدٌ إلى نارِ الفريقِ لَجا
تَرَى الصَوارِمَ شُهباً تَستضئُ بِها / فإن بَدَتْ ميّةٌ فالصُّبحُ قد بلَجا
يا دارَ ميَّةَ حَيَّاكِ الحياءُ وإن / لم نَرتشِفْ منكِ قَطراً يُنعِشُ المُهَجا
إن يَمنَعِ القومُ إلمامي فما مَنَعوا / أنْ أنظُرَ الحيَّ أو استَنشِقَ الأرَجا
لي فيكِ فتَّانةٌ لام العَذُولُ بها / جَهلاً فقُلتُ هو الأعمى فلا حَرَجا
أجلَلتُ عينيَّ كبراً بعدَ رُؤْيتها / عن رؤْيةِ الغيرِ حتَّى البدرِ جِنحَ دُجَى
خَوْدٌ لها طِيبُ أنفاسٍ إذا ارتجَزَت / غَنَّت لها الوُرقُ في عِيدانِها هَزَجا
معسولةُ الثَغْر في لألآئهِ فَلَجٌ / دمعي النَضِيدُ يُباهِي ذلكَ الفَلَجا
شَكَوتُ من ضِيقِ تلك العينِ ظالمةً / قالت إذا اشتَدَّ ضيقٌ فانتَظِرْ فرَجا
وإن أردتَ نجاةَ الرَّأيِ من سَفَهٍ / فاذهَبْ ونادِ بأعلى الصَّوتِ يا ابنَ نَجَا
ذاك الذي لا يَرُوعُ الوَجدُ مُهجَتَهُ / ولا يُناظِرُ طَرْفاً للمَهَى غَنجِا
ذاك المُحبُّ بياضَ الصُحْفِ لا نَعَجاً / في عارضٍ وسَوادَ الحِبر لا الدَّعَجا
ذاك الإمامُ الحصيفُ الكاملُ العَلَمُ ال / فَرْدُ الذي لا تَرَى في خُلقِهِ عِوَجا
مُستجمِعُ الفضلِ في عِلمٍ وفي عَمَلٍ / تألَّفا فيهِ كالبَحْرَينِ قد مُرِجا
هانت على قلبهِ الأيَّامُ صاغِرةً / إذ كانَ يعرِف ما في طَيّها دُرِجا
فلا تَراهُ لَدَى الإيسارِ مُبتهِجاً / ولا تَراهُ لَدَى الإعسار مُنزَعِجا
وَداعةٌ في وَقارٍ عَزَّ جانِبُهُ / كالماءِ بالرَّاحِ في الأقداحِ قد مُزِجا
وهِمَّةٌ من بَقايا الدَّهرِ قد أخَذَتْ / سَبْعَ الطِّباقِ إلى مِحرابِها دَرَجا
تُدَبِّجُ الصُّحْفَ بالأقلامِ راحتُهُ / فتلكَ بيضُ خُدُورٍ تَلْبَسُ السَّبجَا
قد أزهرَ الأزهرُ الضَّاحي بطلْعتهِ / كالبدرِ من مَشرقِ الأفلاكِ قد خَرَجا
لِقاؤُهُ في عُيونِ الكاشِحينَ قَذىً / ولَفظُهُ في صُدُورِ الحاسِدينَ شَجا
طَوْدٌ تَرَى في ضواحي مِصرَ مَوْقِفَهُ / وظِلُّهُ في رُبَى لُبنانِ قد نُسِجا
عَهدِي بها النِيلُ يَسقي رِيفَها تُرَعاً / فصارَ آخَرُ يَسقي أرضَنا خُلُجا
يا كَعبةَ العلمِ لم تَحجُجْ لها قَدَمي / لكنَّ قلبي قَضَى في خَيْفها حِجَجا
إنْ كانَ قد جاءَ منكِ الخيرُ مُنفرِداً / فطالما جاءَ منكِ الخيرُ مُزْدَوِجا