المجموع : 3
كل ابنِ آدم مقهور بعادات
كل ابنِ آدم مقهور بعادات / لهنّ يَنقاد في كل الارادات
يَجري عليهنّ فيما يبتغيه ولا / يَنفكّ عنهنّ حتى في الملّذات
قد يَستلِذّ الفتى ما أعتاد من ضرر / حتى يرى في تعاطيه المسرّات
عادات كل امرىءٍ تأبى عليه بأن / تكون حاجاته إلاّ كثيرات
أنّي لفي أسْر حاجاتي ومن عَجبِ / تَعوُّدي ما به تزداد حاجاتي
كل الحياة افتقار لا يفارقها / حتى تنال ِغناها بالمنيّات
لو لم تكن هذه العادات قاهرةُ / لما أسيغت بحالٍ بنت حانات
ولا رأيت ِسكارات يدخّنها / قوم بوقت انفراد واجتماعات
أن الدخان لثانٍ في البلاء إذا / ما عُدّتِ الخمر أولى في البليّات
وربّ بيضاءِ قيدِ الأصبع احترقت / في الكفّ وهي احتراق في الحشاشات
أن مَرّ بين ِشفاه القوم أسودها / ألقي اصفراراً على بيض الثنيّات
وليتها كان هذا حظُّ شاربها / بل قد تفُتّ بكفّيه المرارات
عوائد عمّت الدنيا مصائبُها / وإنما أنا في تلك المصيبات
أن كلّفَتْني السكاري شُربَ خمرتهم / شربت لكن دخاناً من سكاراتي
واخترت أهون شرّ بالدخان وأن / أحرقت ثَوبي منه بالشرارات
وقلت يا قوم تكفيكم مشاركتي / أياكم في التذاذ بالمُضِرّات
أنّي لأمتصَ جمراً ُلفَّ في وَرَق / إذ تشربون لَهيباً ملء كاسات
كلاهما حُمُق يَفتّر عن ضرر / يَسُمّ من دمنا تلك الكُرَيّات
حسبي من الحمق المُعتاد أهونه / أن كان لابد من هذي الحماقات
يا مَن يدخّن مثلي كل آوِنةٍ / لُمْني أَلُمْك ولا تَرض َأعتذاراتي
أن العوائد كالأغلال تَجمعنا / على قُلوب لنا منهنّ أشتات
مقيَّدين بها نمشي على حَذَر / من العيون فنأتي بالمداجاة
قد نُنكِر الفعل لم تألفه عادتنا / وأن علمناه من بعض المُباحات
وربّ شَنعاء من عاداتنا حَسُنت / في زعمنا وهي من أجلَى الشناعات
عناكب الجهل كم ألقت بأدمغة / من الأنام نسيجاً من خرافات
فحرّموا وأحَلّوا حسب عادتهم / وشَوّهوا وَجه أحكام الديانات
حتى تراهم يرون العلم مَنقَصةٌ / عند النساء وأن كنّ العفيفات
وحجّبوهنّ خوف العار لَيتهم / خافوا عليهنّ من عار الجهالات
لم تُحصِ سيّئةَ العادات مقدرتي / مهما تَفَنّنت منها في عباراتي
فكم لها بِدَع سُود قد أصطَدَمت / في الناس منهنّ آفات بآفات
لو لم يكُ الدهر سوقاً رابح باطلها / ما راجتِ الخمر في سوق التجارات
ولا أستمرّ دخان التَبغ ُمنتشراً / بين الورى وهو مطلوب كأقوات
لو أستطعت جعلت التبغ محتكَراً / فوق أحتكار له أضعافَ مَرّات
وزِدت أضعاف أضعاف ضَريبته / حتى يَبيعوه قيراطاً ببدْرات
فيستريحَ فقير القوم منه ولا / يُبْلى به غير مُثرٍ ذي سفاهات
الحُرّ من خرق العادات مُنْتَهِجاً / نهج الصواب ولو ضدّ الجماعات
ومن إذا خَذَل الناس الحقيقة عن / جهل أقام لها في الناس رايات
ولم يَخَف في أتّباع الحق لائمةً / ولو أتَته بحدّ المَشرَفِيّات
وعامل الناس بالإنصاف مُدَّرعا / ثوب الأخوّة من نسج المساواة
أغبىَ البريّة أرفاهم لعادته / وأعقل الناس خرّاق لعادات
وكيف يُصبح من دنياه في دَعة
وكيف يُصبح من دنياه في دَعة / من بات
أما المعُزّان في دنيا فإنهما / هما على
كلاهما ضامن للناس حُرمتهم / هذا له ال
مَن لم يك العَلم الخفاق شارتهم / فليس يُج
وليس ينفع قوماً لا علوم لهم / أن يُنشر
فالعِلم في أمة ليس بحاكمةٍ / كالسيف
والعِلم أوهن من ان يُستظَلَّ به / إن لم تقم
ما أحسن العَلم الخفاق منتصباً / به تُشير
قد علمتني الليالي في تقلُّبها / أن الموفق
يا موطناً ما انتضيناها مُهَنّدةً
يا موطناً ما انتضيناها مُهَنّدةً / إلاّ لردع الأعادي عن إهانته
ولا ركبِنا منايانا مُطَهَّمةً / إلاّ لنكسب عزّاً من صيانته
سقياً ورعياً لروض منك ذي أنَق / قد كادت الحرب تُذوي غصن بانته
تا الله لم ينكسر في الحرب عسكرنا / من أجل قِلّته أو من جبانته
وكيف وهو تفوق الطَيْس كثرته / وتستعير الرواسي من رزانته
لكن قائده ما كان يَمْأنه / ولا يُبالي بأمرٍ من مَعانته
حتى لقد نِفدت في الحرب عِينَته / بحيث لم يَبق سَهم في كنانته
فظلّ يرسُف في النيران مُرتبكاً / مستفرغاً كل جهد من متانته
حتى غدا جُلُّه للنار مَأكلةً / وما تزحزح شبراً عن مكانته
ولا استكان لهَول الحرب من فَرَق / بل كان يَفرَق من هول استكانته
فخاض غَمر المنايا صابراً وأبى / على الفرار انغماراً في مهانته
ليس الفرار لجند المسلمين ألا / إن الفرار لكفرٌ في ديانته
وكيف يَغلِب جيش كان قائده / يَحُفّه بجيوش من خيانته
فالجيش تَلتَهِم النيران أنفسه / وقائد الجيش لاهٍ في مَجانته
أقام في القصف والأجناد طاوية / مُعاقراً بهناء بنت حانته
صَبحانَ غَبقانَ في أقصى معسكره / محَرورِفاً بين رهط من بِطانته
تلقاه من بين ذاك الرهط في مَرَح / كأنه الجاب يَنزُو بين عانته
لَهفي على الجيش جيش المسلمين فقد / قضى ولم يقضِ شيئاً من لُبانته