أَمَّا الزمانُ ففي تنبيههِ عِظَةٌ
أَمَّا الزمانُ ففي تنبيههِ عِظَةٌ / لولا الغِشاوةُ في أجفانِ مسبوتِ
عصراهُ قد حَذَّرا تأكيدَ سحرِهما / كما سَمِعْتَ بهاروتٍ وماروتِ
أهوِنْ بصرفيهِ من بُؤسٍ ومن نُعُمٍ / ولا تُبَالِ بما يأتِي وما يوتي
ولا تخصَّ بمقتٍ بعض سيرتِه / فليس في الدهرِ شيءٌ غيرُ ممقوتِ
لو كان يُعجِبني شيءٌ لأعجبني / فيه شماتةُ مكبوتٍ بمكبوتِ
قالوا وحَظِّيَ محدودٌ ولو نظروا / رأوا تشابُهَ محدودٍ ومبخُوتِ
تحافظوا بوصايا الجهلِ بينَهُمُ / طُرَّاً فما شئتَ من جبتٍ وطاغوتِ
وقِلَّةُ الفِكْرِ ما زالت مؤدِّيةً / إِلى عبادةِ مطبوعٍ ومنحوتِ
أما رأيتَ حظوظَ الدَّهْرِ قد عُكستْ / فالماءُ للضَّبِّ والرمَضاءُ للحُوتِ
ومبسِمُ ابنِ رسولِ اللّه قد عبثتْ / بنو زيادٍ بثَغْرٍ منه منكوتِ
فاقنعْ من العيشِ بالميسورِ تَحظَ به / فلا خَلاقَ لما أربَى على القُوتِ
قوتٌ ودَرُّ سَحابٍ أمسكا رمقاً / فما التنافسُ في دُرٍّ وياقوتِ
وإنَّ للعقلِ لو أبصرتَ معتَبراً / بغَرفةٍ فَرْدةٍ من نهرِ طَالُوتِ
يا شاكياً نكأةَ القَرْحِ التي نكأَتْ / يَدُ الزمانِ بمغتالٍ ومبغوتِ
اطمَحْ بطرفكَ وانظرْ هل ترى وزراً / في مطمعِ النَّسْرِ أو في مسبح الحُوتِ
تعاقبٌ بين مجموعٍ ومفتَرِقٍ / ونوبةٌ بين موصولٍ ومبتوتِ
وللحقيقةِ سِرٌّ لا يباحُ به / أضحى له الناسُ في بَهماءَ سَبروتِ