المجموع : 8
قضى وما قُضِيَتْ منكم لباناتُ
قضى وما قُضِيَتْ منكم لباناتُ / متيَّمٌ عبثتْ فيهِ الصبابات
ما فاضَ من جفنهِ يومَ الرحيل دمٌ / إلاَّ وفي قلبهِ منكم جراحات
غبتمْ فغابتْ مسرَّاتُ القلوبِ فلا / أنتم بزعمي ولا تلك المسرَّات
أحبابنا كلّ عضوٍ في محبَّتكِم / كليمُ وجدٍ فهل للوصلِ ميقات
يا حبَّذا في الصَّبا عن حيّكم خبرٌ / وفي بروقِ الغضَا منكم إشارات
وحبَّذا زمنُ اللهوِ الذي انْقرضت / أوقاته الغرّ والأعمالُ نيَّات
حيثُ المنازلُ روضاةٌ مدبجَةٌ / وحيثُ جاراتها غيثٌ سحابات
أيام ما شعرَ البينُ المشتّ بنا / ولا خلت من مغاني الأنس أبيات
حيثُ الشبابُ قضاياهُ منفَّذةٌ / وحيثُ لي في الذي أهوى وِلايات
وحيثُ أسعَى لأوطان الصبى مرحاً / ولي على حكمِ أيَّامي ولايات
وربَّ حانةُ خمارٍ طرقتُ ولا / حانت ولا طرقت للقصفِ حانات
سبقت قاصِد مغناها وكنت فتىً / إلى المدامِ له بالسبقِ عادات
أعشو إلى ديرِها الأقصى وقد لمعت / تحت الدجى فكأنَّ الدَّير مشكاة
وأكشف الحجبَ عنها وهي صافيةٌ / لم يبقَ في دنها إلاَّ صُبابات
راحٌ زحفت على جيشِ الهموم بها / حتَّى كأنَّ سنا الأكوابِ رايات
وبتُّ أجلو على الندمانِ رونقها / حتَّى لقد أصبحوا من قبلِ ما باتوا
مصونة السرّ ماتتْ دونَ غايتها / حاجاتُ قومٍ وللحاجاتِ أوقات
تجولُ حولَ أوانيها أشعَّتها / كأنَّما هي للكاسات كاسات
وتصبح الشرب صرعى دونَ مجلسِها / وهي الحياةُ كأنَّ الشربَ أموات
تذكرت عند قومٍ دوْس أرجلهم / فاسْترجعت من رؤوس القوم ثارات
واسْتضحكت فلها في كلّ ناحيةٍ / هبات حسنٍ وفي الآناف هبات
كأنَّها في أكفِّ الطائفين بها / نارٌ تطوف بها في الأرضِ جنَّات
من كلّ أغيدَ في دينارِ وجنته / توزَّعت من قلوب الناسِ حبَّات
مبلبل الصدغ طوع الوصل منعطف / كأنَّ أصداغه للعطفِ واوات
ترنَّحت وهي في كفَّيه من طربٍ / حتى لقد رقصت تلك الزجاجات
وقمتُ أشربُ من فيهِ وخمرتهِ / شرباً تُشَنُّ بهِ في العقلِ غارات
وينزلُ اللثمُ خدَّيه فينشدها / هي المنازلُ لي فيها علامات
سقياً لتلك اللييلاتِ التي سلفت / فإنَّما العمرُ هاتيك اللييلات
تقاصرت عن معانيها الدهور كما / تقاصرت عن كمال الدِّين سادات
حبرٌ رأينا يقينَ الجود من يدِه / وأكثرُ الجود في الدنيا حكايات
محجب العزّ في أيَّام سؤدَدهِ / للعزّ محوٌ وللأمداحِ إثبات
سما على الخلقِ فاسْتسْقوا مواهبه / ى غروَ أن تسقيَ الأرضَ السموات
واسْتشْرف العلم مصقولاً سوالفه / بدهره وزهتْ لليمن وجنات
واسْتأنف الناسُ للأيامِ طيب ثناً / من بعد ما كثرت فيها الشكايات
لا يختشِي موتَ نعمى كفهِ بشرٌ / كأنَّ أنعمهُ للخلقِ أقوات
ولا تزحزَحُ عن فضلٍ شمائلهُ / كأنَّها لبدورِ الفضلِ هالات
يا شاكيَ الدهرِ يممهُ وقدْ غُفرتْ / من حوْلِ أبوابهِ للدَّهرِ زَلاَّت
ويا أخا الذَّنبِ قابلْ عفوه أَمَماً / أيانَ لا ملجأ أوْ لا مغارات
ولا يغرَّنك غفران فتغمره / فللعقارِ على لينٍ شرارات
ويا فتى العلم إنْ أعيتكَ مشكلةٌ / هذا حماه المرجّى والهدايات
ويا أخا السعي في علمٍ وفي كرمٍ / هذي الهدايا وهاتيك الهدايات
لا تطلبنَّ من الأيَّامِ مشبهَهُ / ففي طِلابك للأيَّامِ إعنات
ولا تُصِخْ لأحاديث الذين مضوا / ألوى العنان بما تملى الروايات
طالع فتاويهِ واسْتنزِلْ فتوَّتهُ / تلقَ الإفاداتِ تتلوها الإفادات
وحبر الوصف في فضلٍ بأيسره / تكادُ تنطقُ بالوصفِ الجمادات
فتىً تناولَ صحفَ المجدِ أجمعهَا / من قبلِ ما رقمت في الخدِّ خطّات
حامي الدِّيار بأقلامٍ مسدَّدة / تأخر الشك عنها والغوايات
حامي الذّمار بأقلامٍ لها مدَدٌ / من الهدى واسمه في الطرسِ مدَّات
قويمة تمنع الإسلام من خطرٍ / فأعجب لها ألفات وهي لامات
تعلمت بأس آساد وصوب حياً / منذ اغْتدتْ وهي للآساد غابات
وعُوِّدتْ قتل ذي زيغ وذي خطل / كأنَّها من كسير الحظِّ فضلات
وجاورَت يد ذاكَ البحر فابْتسمت / هنالك الكلماتُ الجوهرِيات
لفظٌ تشفّ عن المعنى لطافته / كما تشفّ عن الرَّاحِ الزجاجات
عوّذ بياسينَ أطراساً براحتهِ / فيها من الزخرفِ المشهودِ آيات
واسْتجلِ منطقه الأعلى وطاعته / تجلى الشكوك ولا تشكى الدّجنات
أغرٌّ يهوى مُعادَ الذكر عنه إذا / قيل المُعادات أخبارٌ معادات
تعجُّ طلاَّبه من حول ساحتهِ / فما تفهّمُ من ناديه أصوات
وفدٌ وخيلٌ وآبالٌ محبرة / مدحاً قد اختلفت فيهِ العبارات
إذا تعمَّق في نعماء ضاعفها / كأنَّ كلّ نهاياتٍ بدايات
وإن خطا للمعالي خطوةً بهرت / كأنَّ أولَ ما يخطوه غايات
لا عيبَ فيهِ سوى علياء معجزة / فيها لأهلِ العُلى قِدماً نكايات
يجرِي دمُ التبرِ للنزَّالِ بعدهمُ / هذا هو الجود لا نابٌ ولا شاة
ويجتلَى من سجاياه التي اشْتهرت / للضدِّ هلكٌ وللمعتزِّ منجاة
فلا وقايةَ تحمِي وفدَ راحته / بلى على عرضهِ الأنقى وقايات
ولا مثالَ لما شادتْ عزائمه / إلاَّ إذا نيلت الشهبُ المنيرات
في كل يومٍ دروسٌ من فوائده / ومن بوادئِ نعماه إعادات
صلَّى وراءَ أياديهِ الحياء فعلى / تلك الأيادِي من السحبِ التحيات
وصدَّ عمَّا يروم اللوم نائله / فما تفيد ولا تجدِي الملامات
يرامُ تأخيرُ جدواه وهمتهُ / تقول إيهاً فللتأخير آفات
من معشر نجب ماتوا وتحسبهم / للمكرُمات وطيب الذكر ما ماتوا
ممدّحين لهم في كلّ شارقةٍ / برٌّ وتحت سجوف الليل إخبَات
لا تشتكي الجور إلاَّ من تعاندهم / ولا تذمهمُ في المحلِ جارات
ولا تسوق رياح المزنِ أيسر ما / ساقتهُ تلك النفوس الأرْيحيَّات
بيتٌ أتمتْه أوصافُ الكمال كما / تمت بقافيةِ المنظومِ أبيات
ما روضة قلدت إحياء سوسنها / من السحابِ عقودٌ لؤلؤيات
وخطَّتِ الريحُ خطاً في مناهلها / كأن قطرَ الغوادي فيه جريات
وللجداولِ تصفيقٌ بساحتِها / والقطر روضٌ وللأطيارِ رنَّات
يوماً بأبهجَ من أخلاقهِ نظرا / أيَّام تعْيي السجيَّات السخيات
ولا الشموسُ بأجلى من فضائلِهِ / أيام تدجو الظنون اللوذعيَّات
ولا النجومُ بأنأى من مراتبه / أيَّام تقتصر الأيدِي العليات
قدرٌ علا فرأى في كلّ شمس ضحىً / جماله فكأنَّ الشمس مرآة
وهمَّةٌ ذكرها سارٍ وأنعمها / فحيثما كنت أنهارٌ وروضات
يا ابنَ المدائحِ إن أمدحْ سواك بها / فتلك فيهم عوارٍ مستردات
لي نيَّةٌ فيك إذ لي فيهمُ كلمٌ / وإنَّما لبني الأعمالِ نيَّات
الله جارك من ريبِ الزمانِ لقد / تجمَّعت للمعالي فيك أشتات
جاورت بابك فاسْتصلحت لي زمنِي / حتى صفَا وانْقضت تلك العداوات
ونطَّقتني الأيادي بالعيونِ ثنىً / فللكواكبِ كالآذانِ إنصات
وبتُّ لا أشتكِي حالاً إذا شكيت / في بابِ غيرك أحوال وحالات
إلاَّ ذوي كلمٍ لو أنَّ محتسباً / تكلمت من جميع القوم هامات
يزاحمُون بأشعارٍ ملفَّقةٍ / كأنَّها بين أهلِ الشعرِ حشوات
ويطرحون على الأبوابِ من حمقٍ / قصائِداً هي في التحقيق بابات
من كل أبلهَ لكن ما لفطنتِه / كالبُلهِ في هذه الدنيا لإصابات
يحمّ حين يعاني نظمَ قافيةٍ / عجزاً فتظهرها تلك الخرافات
ويغتدِي فكرهُ المكدودُ في حرَقٍ / وقد أحاطت بما قالَ البرودات
وقد يجيء بمعنىً بعد ذا حسنٍ / لكن على كتِفَيهِ منه كارات
أعيذُ مجدَكَ من ألفاظِهم فلها / جنىً كأنَّ معانيهم جِنايات
لا يغرهم بندىً يأتيهمُ فكفى / مدحاً بأن يتأتَّى منك إنصات
إن لم تفرِّق بفضل بين نظمهمُ / وبين نظمي فما للفضلِ لذَّات
حاشاك أن تتساوى في جنابك من / قصائدِ الشعر سوْآتٌ وجَبهات
خذْها عروساً لها في كلّ جارحةٍ / لواحظٌ وكؤسٌ بابليَّات
أوردت سؤددك الأعلى مواردَها / وللسها في بحارِ الأُفقِ عبَّات
شمَّاء يرْكعُ نظمُ الناظمين لها / كأنما ألفاتُ الخطِّ دالات
نعم الفتَى أنتَ يستصغى الكلام لهُ / حتَّى تسير لهُ في العقلِ سوْرَات
ويطرب المدحُ فيه حينَ أكتبه / كأن منتصب الأقلامِ نايات
ما بعد غيثك غيثٌ يستفادُ ولا / من بعدِ إثبات قولِي فيكَ إثبات
خصصت بالمدحِ اللاتي قد ارْتفعت / منِّي الثناء ومن نعماك آلات
فسدْ وشدْ وابقَ ما دامَ الزمانُ ففي / بقياك للدِّين والدُّنيا عنايات
حزتَ المحامِد حتَّى ما لِذي شرفٍ / من صورةِ الحمدِ لا جسمٌ ولا ذات
جدت وأفحمتني بما قد
جدت وأفحمتني بما قد / سمعت من لفظك الموَاتي
فاقبله ذا سكر بياض / إن عجز السكر النباتي
هبْ أنها الظبي لكن غير ملتفتٍ
هبْ أنها الظبي لكن غير ملتفتٍ / فعطفها اللّينُ هلاّ غير ذي عنت
وقبلة بعثتها في الكرى شفةٌ / بالليل منك فهلاّ عاودت شفتي
كما تعاهدني فضل المواهب من / عليّ أهل العلى والاسم والسمةِ
من ابن فضل الإله المعتلي رتباً / لم يعتلِ مثلها نجمٌ على الكرةِ
من ليس ينسى نداه حال أشعث إن / أضحى على قلة أمسى على قلتِ
لحمي وعظمي على نعماه قد نبتا / كلّ النبات ولا كلت ولا نبتِ
لأشكرنّ أياديه بذاك وذا / إن أحي في هذه الدنيا وإن أمت
قالوا عهدناك ذا شعرٍ نلذّ به
قالوا عهدناك ذا شعرٍ نلذّ به / ما باله قد تولى حسنهُ الآتي
فقلتُ من كُثرِ ما أشكو بهِ ضرراً / والشعرُ يفسده كُثرُ الضرورات
لم أنس مخطوبة الأطراف في يدِها
لم أنس مخطوبة الأطراف في يدِها / كأس لطرفِي وروحِي منهما قوت
شبيه جمرٍ على ياقوت أنملها / ثمَّ انْطفى الجمر والياقوت ياقوت
أفديهِ لاعب شطرنجٍ قد اجتمعتْ
أفديهِ لاعب شطرنجٍ قد اجتمعتْ / في شكلِه من معاني الحسنِ أشتات
عيناهُ منصوبةٌ للقلبِ غالبةٌ / والخدُّ فيهِ لقتل النفس شامات
حلا ثنائي على عليٍّ
حلا ثنائي على عليٍّ / كما حلا جوده المواتي
فرحتُ ذا سكر بياضِي / وراحَ ذا سكَّرٍ نباتي
أهوى الصغار فإن لاحَ العِذار فقلْ
أهوى الصغار فإن لاحَ العِذار فقلْ / في لوعةٍ خمدت من بعدِ ما حميت
وقلْ لمن قالَ في خدِّي زمرُّدةٌ / لذاكَ حيَّةُ إيري عنكَ قد عميَتْ