جدَّدتِ ذاهبَ أحلامي وليلاتي
جدَّدتِ ذاهبَ أحلامي وليلاتي / فهل لديكِ حديثٌ عن صباباتي
يا كعبةً لخيالاتي وصومعةً / رتَّلتُ في ظلِّها للحسنِ آياتي
للحُبِّ أولُ أشعارٍ هتفتُ بها / وللجمالِ بها أولى رسالاتي
عليكَ وادي أحلامي وقفت أرى / طيفَ الحوادثِ تمضي بعد مأساتي
آوي إلى جنباتِ الصخرِ منفرداً / أبكي لأمسيةٍ مرَّت وليلاتِ
قد غيَّرتنا الليالي بعدها سِيراً / وخلفتنا العوادي بعضَ أشتاتِ
تلفَّتَ القلبُ في ليلاءَ باردةٍ / يبكي لياليك الغُرَّ المضيئاتِ
وذكرياتٍ من الماضي يطالعُها / بين الحقولِ وشطآن البحيراتِ
يا طولَ ما نغمتْ للصخر أناتي / وشدَّ ما رجَّعت للموجِ آهاتي
يا قلبُ وادي الصبا حالت مسارحه / وأقفرت من صباياه الجميلاتِ
فلا الجداولُ تحدوها مسلسلةً / ولا الخمائلُ تهفو بالنضيراتِ
صوَّحن من مشرقِ الوادي لمغربه / فما بهنَّ مُطيفٌ من خيالاتِ
ما في حياتكَ من سلوى تلوذ بها / لكنهُ الحبُّ ذاك القاهرُ العاتي
قد فاجأتك غواشيه التي سكنت / إن اللياليَ ملأى بالمفاجآتِ
يا للبحيرةِ من يرتادُ شاطئَها / ومن يُسِرُّ إلى الوادي مناجاتي
ومن يعيدُ لنا أطيافَ ليلتها / وما غنمنا عليها من أُويقاتِ
وخلوةٍ في حفافيها وقد عبثت / يَدُ الصّبا بحواشيها الموشَّاةِ
يضمنا باسقٌ في الشطِّ منفردٌ / ضمَّ الشتيتين في علياء جناتِ
وللقلوبِ أحاديثٌ يجاوبها / تناوحُ الطيرِ في ظلِّ الخميلاتِ
يا ليلةً قد ذهلنا عن كواكبها / في زورقٍ بين ضفَّاتٍ ولجَّاتِ
يسري بنا موهِناً والريحُ تدفعه / كالنجمِ يسبحُ في علويِّ هالاتِ
وفي الشواطئِ للمجدافِ أغنيةٌ / يَصُبُّها الموجُ في سحريِّ موجاتِ
ما كان أهنأها دنيا وأهنأنا / في ليلها الصحوِ أو في فجرها الشاتي
مرَّت خيالاتُ ماضيها وما تركت / سوى وجومِ لياليها الحزيناتِ
ومن تَلَهُّفِ أحنائي وثارتها / يا للجوانح من وجدي وثاراتي
يا صرخةَ القلبِ هل أسمعت منك صدى / من ذا يردُّ الصدى في جوف موماةِ
جوبي مفاوزَ أيامي فقد صفِرتْ / من نبعِ ماءٍ ومن أظلال واحاتِ
قضى على ظمإٍ قلبي بها وفمي / وضلَّت العينُ فيها إثرَ غاياتي
حتى العواصفُ صمَّتْ عن نداءاتي / فما تردُّ على الأيام صيحاتي
يا من قتلتَ شبابي في يفاعته / ورحتَ تسخرُ من دمعي وأناتي
حرمتَ أياميَ الأولى مفارحَها / فما نعمتُ بأوطاري ولذاتي
فَدَعْ فؤادي محزوناً يرفُّ على / ماضي لياليَّ وانعمْ أنت بالآتي
دعني على صخرةِ الماضي لعلَّ بها / من الصبابةِ والتحنان منجاتي