المجموع : 13
أنضى الركاب إلى ربِّ السموات
أنضى الركاب إلى ربِّ السموات / وانبذ عن القلبِ أطوارَ الكراماتِ
واعكف بشاطىء وادي القدس مرتقياً / واخلع نعالك تحظى بالمناجات
وغِب عن الكونِ بالأسماء يا سندي / حتى تغيب عن الأسماء بالذات
ولُذ بجانب فرد لا شبيه له / ولا تعرِّج على أهل البطالات
بل صُم وصلِّ وفكِّر وافتقر أبداً / تنل معالم مِن علم الخفيَّات
فقد قضى الله بالميراثِ سيّدنا / لكلِّ عبدٍ صدوق ذي تقيات
فلو أرآني إذا أتاني
فلو أرآني إذا أتاني / سرَّاً وجهراً أنا بذاتي
وقلت أنعم فقلتُ طوعاً / وكان مني لي التفاتي
فنيت عني بعين أني / وعن عداتي وعن ثقاتي
وعن وعيدي وعن مزيدي / وعن نعيمي وعن عِداتي
وعن شهيدي وعن شهودي / وكنتَ لي بي نِعمَ المواتي
فيا أنا ردّني بعيني / إليَّ حتى أرى ثباتي
فردّني بي إليَّ مني / فلم يقم بي سوى صفاتي
فصال كفي على عصاي / وصالَ عُودي على صفاتي
فسال نهرُ البروجِ منها / عَشر أو ثنتين مُعلماتِ
فقلت لي يا أنا وزِدني / مني ثَباتاً على ثباتي
هذي علوم الحياةِ لاحتْ / على وجودي من النباتِ
فأين سرِّي اللطيفِ مني / ما أودع الله في الذوات
فزدتني ما طلبت مني / فدام شوقي إلى مماتي
فصرت أشكو الغرام مني / إليَّ كيما تبدو سماتي
إلى جُفوني من عين كوني / فزاد جمعي على شتاتي
وصلت ذاتي وحدا بذاتي / من أجل ذاتي مدى حياتي
ولم أعرِّج على جفائي / وطول هجري وسيئاتي
أنا حبيبي أنا محبي / أنا فتاي أنا فتاتي
الصومُ مَّيز ذاتَ الحقِّ مِنْ ذاتي
الصومُ مَّيز ذاتَ الحقِّ مِنْ ذاتي / لأنه بين آلامٍ ولذَّاتِ
إنَّ الوجودَ لعينِ الحكمِ والذاتِ
إنَّ الوجودَ لعينِ الحكمِ والذاتِ / تحققُّ آلامي ولذَّاتي
وحكمها صور بالذاتِ ظاهرةٌ / للعين في الحالِ لا ماضٍ ولا لآتي
نقولُ ذا فلك نقولُ ذا ملك / في أيِّ كونٍ من أرضٍ أو سموات
فالصّور مختلفٌ والعينُ واحدة / وإنّ فيه لما يدري لآيات
وهو الذي ينتفي إنْ كنت تعقله / وحكم أعياننا عينُ الدلالات
فما ترى صوراً لتجري نحو غايتها / وعِزة الحقِّ ما أدري بغايات
الأمر كالدور أو كالخط ليس له / في الامتداد انتهاء كالكميات
بالفرضِ كانت له الغاياتُ إن نظرتْ / عقولنا ليس هذا فيه بالذات
إن الوجودَ لدارٍ أنتَ ساكنها / بالوهم في عينِ ما يحوي من أبيات
وما هنالك أبياتٌ لذي نظرٍ / وإنها صورُ أولادِ علاَّتِ
إنَّ الذي أوجد الأعيان في نظري / لصانعٌ صنعُه بغيرِ آلات
لو لم يكن صنعُه لم يدرِ ذو نظرٍ / بأنه صانعٌ جميعَ ما يأتي
وإنها صورٌ للحسِّ ظاهرةٌ / لكنها بين أحياءٍ وأمواتِ
والكلُّ حيٌ فإنَّ الكل سبحه / بذاكَ أعلمني قرآنُه فاتِ
بمثله إن تكن دعواك صادقةٌ / وإن عجزتُ فذاك العجز من ذاتي
لولا معارضةٌ قامتْ بأنفسهم / له فأعجزهم برهانُ إثبات
الصدقُ أصلك في الإعجاز أعلمني / بذاك في مشهدِ رَبِّ البريَّات
فاصدق ترى عجباً فيم تفوه به / للسامعين له من الخفيات
ذاك الهدى للذي قد بات يطلبه / وليس يدري به أهلُ الضّلالاتِ
فاعكف بشاطىء واديه عساك ترى / ولا تقل إنه من المحالات
وانهض به طالباً ما شئت من حكم / ولا تعرِّج عل أهل البَطالات
وقم به علماً في رأسِ مَرقبةٍ / فإن فيه لمن يدري علامات
واحذرْ جهالةَ قومٍ إن همُ غضبوا / فالله يهلكُ أصحابَ الحميَّات
يا طالبَ الحقِّ والتحقيقِ من كلمي / أودعت ما تبتغيه طيَّ أبياتي
صغر وكبرٌ وقل ما شئتَ من لقبٍ / مثل التيا إذا صغرتْ واللاتي
يا آل عمران إنّ الله فضلكم
يا آل عمران إنّ الله فضلكم / بمريم بنت عمران التي كملتْ
بما رآه الذي لله كفلها / من العناية فيما فيه قد كفلتْ
أتى إليها وفي محرابها طبق / فقال ماذا فقالت رتبة عجلت
خذها إليكم فإنَّ الله أطلعكم / لتسألوه فإن النفسَ ما بخلت
فكان يحيى حصوراً مثلها وبها / لهمة من أبيه عنده حَصلت
فاستفرغت طاقة الإنسان حالتها / هذي مقالتها لو أنها سئلت
لقد نظرت إليها وهي سافرةٌ / فما به فصلت به لها وصلت
فانظر إليها وسلمها لخالقعا / فإن نفسك تُجزي بالذي عملت
إني قرأت كتابَ الله أجمعَه
إني قرأت كتابَ الله أجمعَه / فلم أجد سورةً لله إلا التي
في زوجها جادلت خير الأنام وقد / أرسلتْ من أجلها بأدمعي مقلتي
فهذه السورة الغرَّاء هيمني / سرٌّ بها ولذا جعلتها قبلتي
إنَّ البروجَ أماكن مقدَّرة
إنَّ البروجَ أماكن مقدَّرة / في أطلس تحدثُ الأيّامُ دورتَهْ
ولا تزال إلى ما لا انقضاءَ له / فاحفظه لا يحجبنكَ اليومَ سورتهْ
فما لغيرته في الخلد من أثرٍ / لكن تؤثر في الأركانِ غيرته
لولا تحركُه لم ندرِ ما زمَن / ففيه حيرتنا وفيه حيرته
وما استقامتُه إلاَّ تمايلُه / فإنه عورةٌ والكلُّ عورته
فما ترى في وجودِ الكونِ من أثر / إلا وفيه إذا حققت صورتَه
فكل منزلةٍ في الكونِ ظاهرةٌ / وإنما هي في التحقيق سورته
فلا تذّمنّ دهراً لستَ تعرفه / فالدهر من شهدتْ بالملك فطرته
به تواصلتِ الأشياء وانصرمتْ / فسيرةُ الدهر في الأشياء سيرته
وليس يدري بها إلا الذي حسنت / مع المهيمن في سرِّ سريرته
ما التفت الساقُ بالساق التي تُليت / إلا تقول قد التفَّت غديرته
لم يأتِ غيري بمثل قولي
لم يأتِ غيري بمثل قولي / فكلُّ ما قلت عنه قلته
لا بل هو العينُ من وجودي / فحيثُ ما كان ثم كنتهْ
حقاً فما في الوجود غير / تراه عيني إذا شهدته
والله لولا وجود لولا / ما جهل الخلق ما أردته
إنَّ الحجابَ علينا عينُ صورتِنا
إنَّ الحجابَ علينا عينُ صورتِنا / فإذ ولا بدَّ فاحجبني بصورته
ولا تنزلن فيما لا أسرُّ به / من بعد ما نلتُ منه عينَ سُورته
أنْ كنت مجتمعاً بالحقِّ في بصر / فالعبد يمتاز عنه في بصيرته
لو كان يحجبه كما تشاءُ به / فالحقُّ يطلبه بحُسنِ سيرته
لله قومٌ بقعر البحرِ منزلُهم
لله قومٌ بقعر البحرِ منزلُهم / فمن يراهم يقول الشخصُ مكبوتُ
وإنه في نعيم لا يزايله / لأنه عابدٌ بالأصل مسبوتُ
رآه شيخٌ صدوقٌ من مشايخنا / فقال مسكنكم فقال تكريتُ
إني أرى إبلا يقتادها رجلٌ
إني أرى إبلا يقتادها رجلٌ / من أمر خالقه يعتاده ذاتي
أسماؤه ظهرتْ من سيد عُصمت / أقواله قد أتت نحوي بإثبات
لقد رآني وجودُ الحقِّ من قبلي / وقال لي إن ذا من الكرامات
كأنه هو في المعنى وصورته / ولم أجد فارقاً بين العلامات
فعينَ الله لي من جودِه كرما / روحاً تنزَّه عن علمِ الإشارات
أفادني منه أسراراً مخبأة / معصومة الحال من علم الخفيات
فعندما حصلت في القلب عشت بها / وصرت حياً ولكن بين أموات
فلم أجد كرسولِ الله من بشر / أو وارثيه وهم أهل الحميات
لهم حبالاتُ صيد من ذواتهمُ / وهم ظهور فمن أهلِ الخيالات
والطيرُ صيدٌ ولكن أين قانصه / صيد يصيد قويُّ في الدلالات
من فاز بالنظر العلويّ فاز بما / في الغيب من فرحٍ فيه ولذات
أعرض عن الخير ما استطعتا
أعرض عن الخير ما استطعتا / فالخير يأتيك إن أطعتا
لبَّاكَ ربُّ العبادِ لما / دعوتَ بالصدقِ لو سمعتا
وقال يا عبدُ كُن حفيظاً / لكلِّ ما أنت قد جمعتا
واصدع بأمر الإله تبصر / نتيجة الصدقِ إن صدعتا
وانزع له رتبةَ المعالي / يحمد مسعاكَ إن نزعتا
واكرع إذا ما وردتَ حوضا / فالريُّ مضمونٌ إن كرعتا
لا تطمعن إن رأيتَ ربحاً / فالخسرُ يأتيك إن طمعتا
إن قلت في حكمة بأمر / مستحسنٍ أنت قد شرعتا
فلا تكن ذا هوى ورأي / ولا تقس جهد ما استطعتا
ولا تقلِّد ولا تعلل / إنْ أنت من أرسل ابتعتا
إن كنتَ عيسى وكنت تشفى / إليه من فوركم رفعتا
أو كنتَ عيسى وكنتَ تحيي / ميتَ أجداثِه وضعتا
أو كنتَ عيناً لكلِّ كونٍ / وفته رحمته برعتا
قد كنتَ للطبعِ في سفال / تحصد فيه الذي زرعتا
حتى إذا ما انتهيتَ فيه / رفعك الله فارتفعتا
تحشر في عينِ كلِّ كونٍ / تنظر فيه الذي صنعتا
من كلِّ خيرٍ وكلِّ شرٍّ / علمت فيه لما جمعتا
لله حبلٌ فِصله تصعد / فإنْ تكن حبلَه قطعتا
شقيت فانظر بأي أرضٍ / يكون مثواكَ إن وقعتا
إنَّ لك الخيرَ منه حتماً / إنْ أنتَ في حقه انتجعتا
أو كنت ذا فتنةٍ بولدٍ / أصبحت فيه وقد فجعتا
أو ظمئت نفسكم نهاراً / بالصوم أو كنت فيه جعتا
أصبحتَ خيراً بكلِّ وجهٍ / وتُهتَ تيهاً به وضعتا
ما كلُّ وقتٍ يكون فرداً / يخلع عنك الذي خلعتا
أو يمنعُ الله عنكَ أمرا / قد كنتَ من قبله منعتا
ما الشان أن تشتري نفوسَ / بيعِ فضولٍ فما انتزعتا
من ملكه ما شريت منه / حتى اشتراه وما ارتجعتا
ضاقت سماءُ الإله عنه / وأنت ربُّ العلى وسعتا
من غير كيفٍ ولا احتيالٍ / لو لم ير ذاك ما اتسعتا
وسعتنا رحمةً وعلماً / إذ لك يا ربنا اصطنعتا
يستفهمُ اللهُ كلَّ عبدٍ / في علمه منه هل شبعتا
فقل له ربِّ إنَّ جوعي / ما ينقضي للذي شرعتا
من كنت فيه أة كنت منه / أو كنته عنك ما رجعتا
فلا تقل للذي أتاني / من عندكم رحمة قنعتا
إن غبت في الغرب عنه شمسا / عليه من شرقه طلعتا
إن أنتَ جاهدت لا تبالي / بأيّ جنبٍ فيه صرعتا
قد كنتَ عبداً فصرتَ ملكا / لذاك والله ما انتفعتا
إن كان هو أنت لا تكنه / واحذر من القرع إنْ قرعتا
فإن دعاك الرسولُ يوماً / فافزع إليه إذا فزعتا
وحاذر الأمر من قريبٍ / تسعد فيه إذا جزعتا
يعلونك النهر في الخدار / لو جزعة منه قد جرعتا
وإن دعا للوصَال يوماً / فأنتَ والله ما انقطتا
المكر من شيمةِ الموالي / لا تنخدع فيه إن خدعتا
تقبض عند الرحيل حتما / على الذي فيه قد طبعتا
من أعجبِ الأمرِ أنَّ قولا / تجابُ فيه وما سمعتا
لأنه لم يكن كلامٌ / عنك ولا عنهم انقطعتا
انظر إلى قوله تعالى / في أهل كهفِ لو اطلعتا
ملئت رعباً فازددت بُعداً / ومع هذا فما اندفعتا
يا أشجعَ الناسِ في نزالٍ / أنتَ بتثبيته شجعتا
قد جعلَ الله يا حبيبي / بيدكَ الخير إنْ قنعتا
إني رأيتُ براهين العقول على
إني رأيتُ براهين العقول على / نفي التحيزِ لا تقوى دلالتها
إن البدور بعين الحس تشهدها / وقد أحاطت بها في الجوّ هالتها
ولم تكن غيرَ أنوارٍ بها انبعثت / منها إلى غايةٍ فيها حبالتها
على السواءِ فدارتْ كي يحيط بها / وما أحاط بها غير فآلتها
منها فنطقها بالمحالِ موجدها / حقاً وقد حققت فيها مقالتها
واعلم بأنَّ صفاتِ الحقِّ ليس لها / حدٌّ ينال فقد عالت فريضتها