القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 13
أنضى الركاب إلى ربِّ السموات
أنضى الركاب إلى ربِّ السموات / وانبذ عن القلبِ أطوارَ الكراماتِ
واعكف بشاطىء وادي القدس مرتقياً / واخلع نعالك تحظى بالمناجات
وغِب عن الكونِ بالأسماء يا سندي / حتى تغيب عن الأسماء بالذات
ولُذ بجانب فرد لا شبيه له / ولا تعرِّج على أهل البطالات
بل صُم وصلِّ وفكِّر وافتقر أبداً / تنل معالم مِن علم الخفيَّات
فقد قضى الله بالميراثِ سيّدنا / لكلِّ عبدٍ صدوق ذي تقيات
فلو أرآني إذا أتاني
فلو أرآني إذا أتاني / سرَّاً وجهراً أنا بذاتي
وقلت أنعم فقلتُ طوعاً / وكان مني لي التفاتي
فنيت عني بعين أني / وعن عداتي وعن ثقاتي
وعن وعيدي وعن مزيدي / وعن نعيمي وعن عِداتي
وعن شهيدي وعن شهودي / وكنتَ لي بي نِعمَ المواتي
فيا أنا ردّني بعيني / إليَّ حتى أرى ثباتي
فردّني بي إليَّ مني / فلم يقم بي سوى صفاتي
فصال كفي على عصاي / وصالَ عُودي على صفاتي
فسال نهرُ البروجِ منها / عَشر أو ثنتين مُعلماتِ
فقلت لي يا أنا وزِدني / مني ثَباتاً على ثباتي
هذي علوم الحياةِ لاحتْ / على وجودي من النباتِ
فأين سرِّي اللطيفِ مني / ما أودع الله في الذوات
فزدتني ما طلبت مني / فدام شوقي إلى مماتي
فصرت أشكو الغرام مني / إليَّ كيما تبدو سماتي
إلى جُفوني من عين كوني / فزاد جمعي على شتاتي
وصلت ذاتي وحدا بذاتي / من أجل ذاتي مدى حياتي
ولم أعرِّج على جفائي / وطول هجري وسيئاتي
أنا حبيبي أنا محبي / أنا فتاي أنا فتاتي
الصومُ مَّيز ذاتَ الحقِّ مِنْ ذاتي
الصومُ مَّيز ذاتَ الحقِّ مِنْ ذاتي / لأنه بين آلامٍ ولذَّاتِ
إنَّ الوجودَ لعينِ الحكمِ والذاتِ
إنَّ الوجودَ لعينِ الحكمِ والذاتِ / تحققُّ آلامي ولذَّاتي
وحكمها صور بالذاتِ ظاهرةٌ / للعين في الحالِ لا ماضٍ ولا لآتي
نقولُ ذا فلك نقولُ ذا ملك / في أيِّ كونٍ من أرضٍ أو سموات
فالصّور مختلفٌ والعينُ واحدة / وإنّ فيه لما يدري لآيات
وهو الذي ينتفي إنْ كنت تعقله / وحكم أعياننا عينُ الدلالات
فما ترى صوراً لتجري نحو غايتها / وعِزة الحقِّ ما أدري بغايات
الأمر كالدور أو كالخط ليس له / في الامتداد انتهاء كالكميات
بالفرضِ كانت له الغاياتُ إن نظرتْ / عقولنا ليس هذا فيه بالذات
إن الوجودَ لدارٍ أنتَ ساكنها / بالوهم في عينِ ما يحوي من أبيات
وما هنالك أبياتٌ لذي نظرٍ / وإنها صورُ أولادِ علاَّتِ
إنَّ الذي أوجد الأعيان في نظري / لصانعٌ صنعُه بغيرِ آلات
لو لم يكن صنعُه لم يدرِ ذو نظرٍ / بأنه صانعٌ جميعَ ما يأتي
وإنها صورٌ للحسِّ ظاهرةٌ / لكنها بين أحياءٍ وأمواتِ
والكلُّ حيٌ فإنَّ الكل سبحه / بذاكَ أعلمني قرآنُه فاتِ
بمثله إن تكن دعواك صادقةٌ / وإن عجزتُ فذاك العجز من ذاتي
لولا معارضةٌ قامتْ بأنفسهم / له فأعجزهم برهانُ إثبات
الصدقُ أصلك في الإعجاز أعلمني / بذاك في مشهدِ رَبِّ البريَّات
فاصدق ترى عجباً فيم تفوه به / للسامعين له من الخفيات
ذاك الهدى للذي قد بات يطلبه / وليس يدري به أهلُ الضّلالاتِ
فاعكف بشاطىء واديه عساك ترى / ولا تقل إنه من المحالات
وانهض به طالباً ما شئت من حكم / ولا تعرِّج عل أهل البَطالات
وقم به علماً في رأسِ مَرقبةٍ / فإن فيه لمن يدري علامات
واحذرْ جهالةَ قومٍ إن همُ غضبوا / فالله يهلكُ أصحابَ الحميَّات
يا طالبَ الحقِّ والتحقيقِ من كلمي / أودعت ما تبتغيه طيَّ أبياتي
صغر وكبرٌ وقل ما شئتَ من لقبٍ / مثل التيا إذا صغرتْ واللاتي
يا آل عمران إنّ الله فضلكم
يا آل عمران إنّ الله فضلكم / بمريم بنت عمران التي كملتْ
بما رآه الذي لله كفلها / من العناية فيما فيه قد كفلتْ
أتى إليها وفي محرابها طبق / فقال ماذا فقالت رتبة عجلت
خذها إليكم فإنَّ الله أطلعكم / لتسألوه فإن النفسَ ما بخلت
فكان يحيى حصوراً مثلها وبها / لهمة من أبيه عنده حَصلت
فاستفرغت طاقة الإنسان حالتها / هذي مقالتها لو أنها سئلت
لقد نظرت إليها وهي سافرةٌ / فما به فصلت به لها وصلت
فانظر إليها وسلمها لخالقعا / فإن نفسك تُجزي بالذي عملت
إني قرأت كتابَ الله أجمعَه
إني قرأت كتابَ الله أجمعَه / فلم أجد سورةً لله إلا التي
في زوجها جادلت خير الأنام وقد / أرسلتْ من أجلها بأدمعي مقلتي
فهذه السورة الغرَّاء هيمني / سرٌّ بها ولذا جعلتها قبلتي
إنَّ البروجَ أماكن مقدَّرة
إنَّ البروجَ أماكن مقدَّرة / في أطلس تحدثُ الأيّامُ دورتَهْ
ولا تزال إلى ما لا انقضاءَ له / فاحفظه لا يحجبنكَ اليومَ سورتهْ
فما لغيرته في الخلد من أثرٍ / لكن تؤثر في الأركانِ غيرته
لولا تحركُه لم ندرِ ما زمَن / ففيه حيرتنا وفيه حيرته
وما استقامتُه إلاَّ تمايلُه / فإنه عورةٌ والكلُّ عورته
فما ترى في وجودِ الكونِ من أثر / إلا وفيه إذا حققت صورتَه
فكل منزلةٍ في الكونِ ظاهرةٌ / وإنما هي في التحقيق سورته
فلا تذّمنّ دهراً لستَ تعرفه / فالدهر من شهدتْ بالملك فطرته
به تواصلتِ الأشياء وانصرمتْ / فسيرةُ الدهر في الأشياء سيرته
وليس يدري بها إلا الذي حسنت / مع المهيمن في سرِّ سريرته
ما التفت الساقُ بالساق التي تُليت / إلا تقول قد التفَّت غديرته
لم يأتِ غيري بمثل قولي
لم يأتِ غيري بمثل قولي / فكلُّ ما قلت عنه قلته
لا بل هو العينُ من وجودي / فحيثُ ما كان ثم كنتهْ
حقاً فما في الوجود غير / تراه عيني إذا شهدته
والله لولا وجود لولا / ما جهل الخلق ما أردته
إنَّ الحجابَ علينا عينُ صورتِنا
إنَّ الحجابَ علينا عينُ صورتِنا / فإذ ولا بدَّ فاحجبني بصورته
ولا تنزلن فيما لا أسرُّ به / من بعد ما نلتُ منه عينَ سُورته
أنْ كنت مجتمعاً بالحقِّ في بصر / فالعبد يمتاز عنه في بصيرته
لو كان يحجبه كما تشاءُ به / فالحقُّ يطلبه بحُسنِ سيرته
لله قومٌ بقعر البحرِ منزلُهم
لله قومٌ بقعر البحرِ منزلُهم / فمن يراهم يقول الشخصُ مكبوتُ
وإنه في نعيم لا يزايله / لأنه عابدٌ بالأصل مسبوتُ
رآه شيخٌ صدوقٌ من مشايخنا / فقال مسكنكم فقال تكريتُ
إني أرى إبلا يقتادها رجلٌ
إني أرى إبلا يقتادها رجلٌ / من أمر خالقه يعتاده ذاتي
أسماؤه ظهرتْ من سيد عُصمت / أقواله قد أتت نحوي بإثبات
لقد رآني وجودُ الحقِّ من قبلي / وقال لي إن ذا من الكرامات
كأنه هو في المعنى وصورته / ولم أجد فارقاً بين العلامات
فعينَ الله لي من جودِه كرما / روحاً تنزَّه عن علمِ الإشارات
أفادني منه أسراراً مخبأة / معصومة الحال من علم الخفيات
فعندما حصلت في القلب عشت بها / وصرت حياً ولكن بين أموات
فلم أجد كرسولِ الله من بشر / أو وارثيه وهم أهل الحميات
لهم حبالاتُ صيد من ذواتهمُ / وهم ظهور فمن أهلِ الخيالات
والطيرُ صيدٌ ولكن أين قانصه / صيد يصيد قويُّ في الدلالات
من فاز بالنظر العلويّ فاز بما / في الغيب من فرحٍ فيه ولذات
أعرض عن الخير ما استطعتا
أعرض عن الخير ما استطعتا / فالخير يأتيك إن أطعتا
لبَّاكَ ربُّ العبادِ لما / دعوتَ بالصدقِ لو سمعتا
وقال يا عبدُ كُن حفيظاً / لكلِّ ما أنت قد جمعتا
واصدع بأمر الإله تبصر / نتيجة الصدقِ إن صدعتا
وانزع له رتبةَ المعالي / يحمد مسعاكَ إن نزعتا
واكرع إذا ما وردتَ حوضا / فالريُّ مضمونٌ إن كرعتا
لا تطمعن إن رأيتَ ربحاً / فالخسرُ يأتيك إن طمعتا
إن قلت في حكمة بأمر / مستحسنٍ أنت قد شرعتا
فلا تكن ذا هوى ورأي / ولا تقس جهد ما استطعتا
ولا تقلِّد ولا تعلل / إنْ أنت من أرسل ابتعتا
إن كنتَ عيسى وكنت تشفى / إليه من فوركم رفعتا
أو كنتَ عيسى وكنتَ تحيي / ميتَ أجداثِه وضعتا
أو كنتَ عيناً لكلِّ كونٍ / وفته رحمته برعتا
قد كنتَ للطبعِ في سفال / تحصد فيه الذي زرعتا
حتى إذا ما انتهيتَ فيه / رفعك الله فارتفعتا
تحشر في عينِ كلِّ كونٍ / تنظر فيه الذي صنعتا
من كلِّ خيرٍ وكلِّ شرٍّ / علمت فيه لما جمعتا
لله حبلٌ فِصله تصعد / فإنْ تكن حبلَه قطعتا
شقيت فانظر بأي أرضٍ / يكون مثواكَ إن وقعتا
إنَّ لك الخيرَ منه حتماً / إنْ أنتَ في حقه انتجعتا
أو كنت ذا فتنةٍ بولدٍ / أصبحت فيه وقد فجعتا
أو ظمئت نفسكم نهاراً / بالصوم أو كنت فيه جعتا
أصبحتَ خيراً بكلِّ وجهٍ / وتُهتَ تيهاً به وضعتا
ما كلُّ وقتٍ يكون فرداً / يخلع عنك الذي خلعتا
أو يمنعُ الله عنكَ أمرا / قد كنتَ من قبله منعتا
ما الشان أن تشتري نفوسَ / بيعِ فضولٍ فما انتزعتا
من ملكه ما شريت منه / حتى اشتراه وما ارتجعتا
ضاقت سماءُ الإله عنه / وأنت ربُّ العلى وسعتا
من غير كيفٍ ولا احتيالٍ / لو لم ير ذاك ما اتسعتا
وسعتنا رحمةً وعلماً / إذ لك يا ربنا اصطنعتا
يستفهمُ اللهُ كلَّ عبدٍ / في علمه منه هل شبعتا
فقل له ربِّ إنَّ جوعي / ما ينقضي للذي شرعتا
من كنت فيه أة كنت منه / أو كنته عنك ما رجعتا
فلا تقل للذي أتاني / من عندكم رحمة قنعتا
إن غبت في الغرب عنه شمسا / عليه من شرقه طلعتا
إن أنتَ جاهدت لا تبالي / بأيّ جنبٍ فيه صرعتا
قد كنتَ عبداً فصرتَ ملكا / لذاك والله ما انتفعتا
إن كان هو أنت لا تكنه / واحذر من القرع إنْ قرعتا
فإن دعاك الرسولُ يوماً / فافزع إليه إذا فزعتا
وحاذر الأمر من قريبٍ / تسعد فيه إذا جزعتا
يعلونك النهر في الخدار / لو جزعة منه قد جرعتا
وإن دعا للوصَال يوماً / فأنتَ والله ما انقطتا
المكر من شيمةِ الموالي / لا تنخدع فيه إن خدعتا
تقبض عند الرحيل حتما / على الذي فيه قد طبعتا
من أعجبِ الأمرِ أنَّ قولا / تجابُ فيه وما سمعتا
لأنه لم يكن كلامٌ / عنك ولا عنهم انقطعتا
انظر إلى قوله تعالى / في أهل كهفِ لو اطلعتا
ملئت رعباً فازددت بُعداً / ومع هذا فما اندفعتا
يا أشجعَ الناسِ في نزالٍ / أنتَ بتثبيته شجعتا
قد جعلَ الله يا حبيبي / بيدكَ الخير إنْ قنعتا
إني رأيتُ براهين العقول على
إني رأيتُ براهين العقول على / نفي التحيزِ لا تقوى دلالتها
إن البدور بعين الحس تشهدها / وقد أحاطت بها في الجوّ هالتها
ولم تكن غيرَ أنوارٍ بها انبعثت / منها إلى غايةٍ فيها حبالتها
على السواءِ فدارتْ كي يحيط بها / وما أحاط بها غير فآلتها
منها فنطقها بالمحالِ موجدها / حقاً وقد حققت فيها مقالتها
واعلم بأنَّ صفاتِ الحقِّ ليس لها / حدٌّ ينال فقد عالت فريضتها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025