المجموع : 4
وَفِتيَةٍ كَمَصابيحِ الدُجى غُرَرٍ
وَفِتيَةٍ كَمَصابيحِ الدُجى غُرَرٍ / شُمِّ الأُنوفِ مِنَ الصيدِ المَصاليتِ
صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلوا / فَلَيسَ حَبلُهُمُ مِنهُ بِمَبتوتِ
دارَ الزَمانُ بِأَفلاكِ السُعودِ لَهُم / وَعاجَ يَحنو عَلَيهِم عاطِفَ الليتِ
نادَمتُهُم قَرقَفَ الإِسفَنطِ صافِيَةً / مَشمولَةً سُبِيَت مِن خَمرِ تِكريتِ
مِنَ اللَواتي خَطَبناها عَلى عَجَلٍ / لَمّا عَجَجنا بِرَبّاتِ الحَوانيتِ
في فَيلَقٍ لِلدُجى كَاليَمِّ مُلتَطِمٍ / طامٍ يَحارُ بِهِ مِن هَولِهِ النوتي
إِذا بِكافِرَةٍ شَمطاءَ قَد بَرَزَت / في زَيِّ مُختَشِعٍ لِلَّهِ زِمّيتِ
قالَت مَنِ القَومُ قُلنا مَن عَرَفتِهُمُ / مِن كُلِّ سَمحٍ بِفَرطِ الجودِ مَنعوتِ
حَلّوا بِدارِكِ مُجتازينَ فَاِغتَنِمي / بَذلَ الكِرامِ وَقولي كَيفَما شيتِ
فَقَد ظَفِرتِ بِصَفوِ العَيشِ غانِمَةً / كَغُنمِ داوُدَ مِن أَسلابِ جالوتِ
فَاِحيَي بِريحِهِم في ظِلِّ مَكرُمَةٍ / حَتّى إِذا اِرتَحَلوا عَن دارِكُم موتي
قالَت فَعِندي الَّذي تَبغونَ فَاِنتَظِروا / عِندَ الصَباحِ فَقُلنا بَل بِها إيتي
هِيَ الصَباحُ تُحيلُ اللَيلَ صِفوَتُها / إِذا رَمَت بِشِرارٍ كَاليَواقيتِ
رَميَ المَلائِكَةِ الرُصّادِ إِذ رَجَمَت / في اللَيلِ بِالنَجمِ مُرّادَ العَفاريتِ
فَأَقبَلَت كَضِياءِ الشَمسِ نازِعَةً / في الكَأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ
قُلنا لَها كَم لَها في الدَنِّ مُذ حُجِبَت / قالَت قَدِ اِتُّخِذَت مِن عَهدِ طالوتِ
كانَت مُخَبَّأَةً في الدَنِّ قَد عَنَسَت / في الأَرضِ مَدفونَةً في بَطنِ تابوتِ
فَقَد أُتيتُم بِها مِن كُنهِ مَعدِنِها / فَحاذِروا أَخذَها في الكَأسِ بِالقوتِ
تُهدي إِلى الشَربِ طيباً عِندَ نَكهَتِها / كَنَفحِ مِسكٍ فَتيقِ الفارِ مَفتوتِ
كَأَنَّها بِزُلالِ المُزنِ إِذ مُزِجَت / شِباكُ دُرٍّ عَلى ديباجِ ياقوتِ
يُديرُها قَمَرٌ في طَرفِهِ حَوَرٌ / كَأَنَّما اِشتُقَّ مِنهُ سِحرُ هاروتِ
وَعِندَنا ضارِبٌ يَشدو فَيُطرِبُنا / يا دارَ هِندٍ بِذاتِ الجِزعِ حُيِّيتِ
إِلَيهِ أَلحاظُنا تُثنى أَعِنَّتُها / فَلَو تَرانا إِلَيهِ كَالمَباهيتِ
مِن أَهلِ هيتٍ سَخِيِّ الجَرمِ ذي أَدَبٍ / لَهُ أَقولُ مِزاحاً هاتِ يا هيتي
فَيَنبَري بِفَصيحِ اللَحنِ عَن نَغَمٍ / مُثَقَّفاتٍ فَصيحاتٍ بِتَثبيتِ
حَتّى إِذا فَلَكُ الأَوتارِ دارَ بِنا / مَعَ الطُبولِ ظَلَلنا كَالسَبابيتِ
فُزنا بِها في حَديقاتٍ مُلَفَّفَةٍ / بِالزَندِ وَالطَلحِ وَالرُمّانِ وَالتوتِ
تُلهيكَ أَطيارُها عَن كُلِّ مُلهِيَةٍ / إِذا تَرَنَّمَ في تَرجيعِ تَصويتِ
لَم يَنثَني اللَهوُ عَن غِشيانِ مَورِدِها / وَلَم أَكُن عَن دَواعيها بِصَمّيتِ
حَتّى إِذا الشَيبُ فاجاني بِطَلعَتِهِ / أَقبِح بِطَلعَةِ شَيبٍ غَيرِ مَبخوتِ
عِندَ الغَواني إِذا أَبصَرنَ طَلعَتَهُ / آذَنَ بِالصَرمِ مِن وِدٍّ وَتَشتيتِ
فَقَد نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِن خَطَلٍ / وَمِن إِضاعَةِ مَكتوبِ المَواقيتِ
أَدعوكَ سُبحانَكَ اللَهُمَّ فَاِعفُ كَما / عَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ
سُقياً لِلُبنى وَلا سُقيا لِعاناتِ
سُقياً لِلُبنى وَلا سُقيا لِعاناتِ / سُقيا لِقَطرَبُّلٍ ذاتِ اللَذاذاتِ
وَإِنَّ فيها بَناتِ الكَرمِ ما تَرَكَت / مِنها اللَيالي سِوى تِلكَ الحُشاشاتِ
كَأَنَّها دَمعَةٌ في عَينِ غانِيَةٍ / مَرهاءَ رَقرَقَها ذِكرُ المُصيباتِ
تَنزو إِذا مَسَّها قَرعُ المِزاجِ كَما / تَنزو الجَنادِبُ أَوقاتَ الظَهيراتِ
وَتَكتَسي لُؤلُؤاتٍ مِن تَعَطُّفِها / عِندَ المِزاجِ شَبيهاتٍ بِواواتِ
لا أَستَزيدُ حَبيبي مِن مُواتاتي
لا أَستَزيدُ حَبيبي مِن مُواتاتي / وَإِن عَنُفتُ عَلَيهِ في الشِكاياتِ
هُوَ المُواصِلُ لي لَكِن يُنَغِّصُني / بِطولِ فَترَةِ ما بَينَ الزِياراتِ
قالوا ظَفِرتَ بِمَن تَهوى فَقُلتُ لَهُم / الآنَ أَكثَرُ ما كانَت صَباباتي
لا عُذرَ لِلصَبِّ أَن تَهوى جَوانِحُهُ / وَقَد تَطَعَّمَ فوهُ بِالمُواتاةِ
وَداهِريٍّ سَما في فَرعِ مَكرُمَةٍ / مِن مَعشَرٍ خُلِقوا في الجودِ غاياتِ
نادَيتُهُ بَعدَما مالَ النُجومُ وَقَد / صاحَ الدَجاجُ بِبُشرى الصُبحِ مَرّاتِ
فَقُلتُ وَاللَيلُ يَجلوهُ الصَباحُ كَما / يَجلو التَبَسُّمُ عَن غُرِّ الثَنِيّاتِ
يا أَحمَدَ المُرتَجى في كُلِّ نائِبَةٍ / قُم سَيِّدي نَعصِ جَبّارَ السَمَواتِ
وَهاكَها قَهوَةً صَهباءَ صافِيَةً / مَنسوبَةً لِقُرى هيتٍ وَعاناتِ
أَلُزُّهُ بِحُمَيّاها وَأَزجُرُهُ / بِاللينِ طَوراً وَبِالتَشديدِ تاراتِ
حَتّى تَغَنّى وَما تَمَّ الثَلاثُ لَهُ / حُلوُ الشَمائِلِ مَحمودَ السَجِيّاتِ
يا لَيتَ حَظِّيَ مِن مالي وَمِن وَلَدي / أَنّي أُجالِسُ لُبنى بِالعَشِيّاتِ
ما لي عَلى الحُبِّ مِن ثَباتِ
ما لي عَلى الحُبِّ مِن ثَباتِ / إِن كانَ مَولايَ لا يُواتي
كَيفَ مُواتاتُ مَن عَلَيهِ / أَهوَنُ مِن ذَرَّةٍ حَياتي
إِن قُلتُ كُذِّبتُ أَو شَكَوتُ / هانَت عَلى نَفسِهِ شَكاتي
يا عَبدَ أَصبَحتُ فَاِعلَميني / غَيرَ حَريصٍ عَلى وَفاتي
إِن قُلتِ مُت مِتُّ في مَكاني / أَو قُلتِ عِش عِشتُ مِن مَماتي
عاقَبتِني ظالِماً بِذَنبٍ / فَسُرَّ مَن سُرَّ مِن عُداتي
إِنّي عَلى ما اِرتَكَبتِ مِنّي / أَدعو لَكِ اللَهَ في صَلاتي
وَيلي عَلى شادِنٍ سَباني / أَحسَنُ مِن جُؤذَرِ الفَلاةِ
نِصفَينِ نِصفٌ نَقاً وَنِصفٌ / أَحلى اِستِواءً مِنَ القَناةِ