القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الفاضِل الكل
المجموع : 17
وَأَغيَدٍ شُقَّ لي فيهِ قَميصُ تُقىً
وَأَغيَدٍ شُقَّ لي فيهِ قَميصُ تُقىً / وَفاضَ دَمعي عَلَيهِ مِن دَمٍ سَرِبِ
سَتَرتُهُ مِن عَذولٍ إِن رَضيتُ بِأَن / أَموتَ فيهِ فَما مَعناهُ بِالغَضَبِ
فَهوَ القَيمصُ الَّذي جِئتُ العِشاءَ بِهِ / وَما أَتَيتُ عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ
وَلا مَنِيَّةَ إِلّا قَبلَها سَبَبٌ / وَجَفنُهُ لِلمَنايا أَوكَدُ السَبَبِ
وَأَسطُرُ الحُسنِ في عَينَيهِ واضِحَةٌ / وَزادَ إيضاحَها شَكلٌ مِنَ الهَدَبِ
كَالسُحبِ مُسوَدَّةَ المَرأى وَدانِيَةً / وَفي جُفوني أَرى مُستَودَع السُحُبِ
تَقَدَّمَت هُدبُكَ الأَجفانَ شائِكَةً / مِثلَ السِهامِ الَّتي أَنذَرنَ بِالقُضُبِ
فاضَت عَلَيهِ دُموعي فِضَّةً فَإِذا / أَغلى الوِصالَ شَراهُ الجَفنُ بِالذَهَبِ
لَقَد حَلَفتُ وَلَم أَحلِف عَلى الكَذِبِ
لَقَد حَلَفتُ وَلَم أَحلِف عَلى الكَذِبِ / دَهري لَقَد حَلَفَ الواشي عَلى الكَذِبِ
لَم يَجرِ وَاللَهِ في سِرّي وَفي عَلَني / لا في رِضايَ وَلا وَاللَهِ في غَضَبي
إِنَّ الَّذي قالَ عَنّي لَم أَقُلهُ وَلا / شَغَلتُ قَطُّ بِهِ سِرّي وَلا طَلَبي
أَيَقتَضى عَدلُ مَولانا عَلى مَلَكٍ / يَرمي الشَياطينَ يُرمى مِنهُ بِالشُهُبِ
وَدَدتُ أَن لَو تَراجَعنا بِأَلسُنِنا
وَدَدتُ أَن لَو تَراجَعنا بِأَلسُنِنا / كَفى تَراجُعُنا مِن أَلسُنِ الكُتُبِ
وَكَم رَسائِلِ تَسليمٍ مُحَمَّلَةٍ / لِلطَيفِ وَالبَرقِ وَالأَرواحِ وَالسُحُبِ
وَلَيسَ يَخلو حَديثُ الطَيفِ مِن جَزَعٍ / وَلا حَديثُ نَسيمِ الريحِ مِن نُوَبِ
وَلا تَبسُّمُ وَجهِ البَرقِ مِن مَلَقٍ / وَلا تَصوُّبُ دَمعِ السُحبِ مِن حَصَبِ
وَفي اللِقاءِ لَوَ اَنَّ الدَهرَ جادَ بِهِ / مِنَ الأَحاديثِ صَفوٌ غَيرُ مُؤتَشِبِ
هُنالِكَ اِشتَعَلَت نارٌ فَما اِشتَعَلَت / غَيرُ الضُلوعِ وَلا أَورَيتُ بِالحَطَبِ
صَحِبتُ دُنيايَ لا مُستَصحِباً لِرِضاً / وَالمَوتُ مِن صُحبَةِ الدُنيا عَلى غَضَبِ
لَفظٌ يُصيخُ لَهُ سَمعُ البَليغِ فَما / يَذوقُ ذائِقُهُ ضَرباً مِنَ الضَرَبِ
هَذا المُحِبُّ المُخِبُّ السَيرِ نَحوَكُمُ / تُراهُ يَرجِعُ عَنكُم خائِبَ الخَبَبِ
مُعَمَّرٌ وُدُّهُ فيكُم وَمُغتَبِطٌ / رَجاؤُهُ مِنكُمُ كَالراحِ وَالحَبَبِ
لينُ القُدودِ وَتَضريجُ الخُدودِ وَتَف
لينُ القُدودِ وَتَضريجُ الخُدودِ وَتَف / ويقُ العُيونِ وَتَقويسُ الحَواجيبِ
أَبَت وَزادَ إِباءُ الصَبِّ حينَ أَبَت / تَصديقَ ما قالَ عُذّالي وَتَكذيبي
أَهلاً بِهِ مِن كِتابٍ بَعضُ واجِبِهِ
أَهلاً بِهِ مِن كِتابٍ بَعضُ واجِبِهِ / تَقبيلُ تُربٍ عَلَيهِ رِجلُ كاتِبِهِ
وارَحمَتي لِغَليلي عِندَ مَورِدِهِ / قَد كانَ يَعنُفُ بي عُنفَ الدَلالِ به
إِلَيكَ بَعدَ اِنقِضاءِ الجِدِّ وَاللَعِبِ
إِلَيكَ بَعدَ اِنقِضاءِ الجِدِّ وَاللَعِبِ / عَنّي فَلَم أَرَ بي ما يَقتَضي أَرَبي
ما زالَ جارُكَ ذو القُربى الفُؤادُ وَقَد / وَلّى الصِبا لَم يَسَل عَن جارِكَ الجُنُبِ
وَالعُمرُ كَالكَأسِ وَالأَيّامُ تَمزُجُهُ / وَالشَيبُ فيهِ قَذىً في مَوضِعِ الحَبَبِ
أَقولُ إِذ فاضَ مِنّي فيضُ فِضَّتِهِ / يا وَحشَتي لِشَبابٍ ذاهِبِ الذَهَبِ
نارٌ وَإِن لَم تَكُن كَالنارِ مُحرِقَةً / فَإِنَّ في الشَعرِ مِنها آيَةَ اللَهَبِ
وَلّى صِباهُ وَأَبقى شُهبَ لَيلَتِهِ / وَالصُبحُ لَيسَ بِمَأمونٍ عَلى الشُهُبِ
ماذا يَعُدُّ عَلى دُنيا شَبيبتِهِ / تُريهِ وَجهَ الرِضا عَن خاطِرِ الغَضَبِ
أَبكي الشَبابَ فَأَمحو لَيلَ صِبغَتِهِ / بِذائِبٍ مِن ضِياءِ الشَيبِ مَنسَكِبِ
مَفلولُ حَربٍ صَقيلُ الشعرِ أَبيَضُهُ / فما أَتَمَّ الَّذي اِستَحلَيتُ مِن سَنِبِ
هَذا رَبيعُ لِآلِ فَصلِهِ / فَيا لَهُ مِن رَبيعٍ حَلَّ في رَجَبِ
وَيا لِغارَةِ أَيّامٍ سُلِبتُ بِها / شَبيبَتي وَمَضى المَسلوبُ في السَلَبِ
إِذا سَمِعتَ أَنيني عِندَ مُنصَرِفٍ / رَأَيتَ جَيشَ صَروفِ الدَهرِ ذا لَجَبِ
أَثارَ غارَتُها ما بِالمَفارِقِ مِن / عَجاجَةٍ وَعَلى الأَعضاءِ مِن تَعَبِ
أَصبَحتُ حَيَّ زَمانٍ مِثلَ مَيِّتِهِ / حَيَّ التَأَسُّفِ فيهِ مَيِّتَ الطَرَبِ
يا لَيلَةً ما أَظُنُّ الصبحَ يَذكُرُها / شَيَّبتِ رَأسي وَرَأسُ الفَجرِ لَم يَشِبِ
إِنّي أَمُتُّ إِلَيهِ لَو رَعاهُ بِما / بَينَ الهُمومِ وَبَينَ اللَيلِ مِن نَسَبِ
أَما رَأَيتَ قَميصَ الصُبحِ يا شَفَقاً / إِلّا أَتَيتَ عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ
وَخَيمَةُ العُمرِ إِن شَدَّ الصَباحُ لَها / عَمودَهُ كانَ حَبلُ الشَمسِ كَالطَنُبِ
وَنَحنُ نَأمُلُ أَسبابَ الحَياةِ بِما / مَثَّلتُهُ وَأَراهُ أَضعَفَ السَبَبِ
وَجُمَّةُ العُمرِ أَكدارٌ فَإِن غَلِطَت / بِالصَفوِ دُنياكَ فَاِعدُدهُ مِنَ التَعَبِ
يُحِبُّكَ الناسُ إِن أَمسَكتَ عَن طَلَبِ / وَاللَهُ يَمقُتُ إِن أَمسَكتَ عَن طَلَبِ
إِن كانَ رِزقٌ بِماءِ الوَجهِ مُجتَلَباً / فَرِزقُ رَبِّكَ يأِتي غَيرَ مُجتَلَبِ
فَما تَمَيَّزَ لي فِعلانِ بَحرُ نَدىً / يُمِدُّ مَوجَ الظُبا لِلعَيشِ وَالعَطبِ
بَحرٌ وَما قُلتُ تَشبيهاً وَكَيفَ بِهِ / إِنَّ البَحارَ لِذاكَ البَحرِ كَالقُلُبِ
صَرِّح بِذِكراهُ وَاِصدَح بِاِسمِ حَضرَتِهِ ال / سامي فَإِنَّ اِسمَهُ يَكفي عَنِ اللَقَبِ
إِن لَم يَكُن في سَبيلِ المَجدِ هِمَّتُهُ / إِذاً ثَنى بِسِلاحٍ غَيرِ مُختَضِبِ
كَأَنَّ جودَ يَدَيهِ عَينُ مَكرُمَةٍ / كِلاهُما ما عَداهُ مُسبَلُ الحُجُبِ
وَرُبَّ حاسِرِ رَأسِ البَغى أَلبَسَهُ / عِمامَةً لِلرَدى مُحمَرَّةَ العَذَبِ
وَرُبَّ راجِلِ رِجلِ الرُشدِ أَركَبَهُ / ظَهراً أَقامَ بِلا سَرجٍ وَلا قَتَبِ
ماضي المَراسيمِ مَدلولُ الفُؤادِ عَلى / ما لا تَرى العَينُ في الأَسرارِ مِن حَرَبِ
كَأَنَّما سَيفُهُ المِرآةُ في يَدِهِ / فَكُلُّ غائِبِ أَمرٍ عَنهُ لَم يَغِبِ
وَما رَأَيتُ صُروفَ الدَهرِ إِن أَخَذَت / طَريقَها لَم تَجِدهُ آخِذَ الأُهُبِ
فَضائِلٌ إِن تُشَم فَالنَجمُ في صَعَدٍ / وَنائِلٌ إِن يُسمَ فَالنيلُ في عَبَبِ
فِكرٌ عَلى رَصَدِ الأَخطارِ مُرتَقِبٌ / لَكُلِّ واقِعِ أَمرٍ غَيرِ مُرتَقَبِ
حَزمٌ يُعِدُّ لِنارِ الحَزمِ لُجَّتَهُ / كَم مُسعِرٍ وَيُلاقي النارَ بِالحَطَبِ
تُريهِ عُقبى لَياليهِ أَوائِلُها / وَفارِسُ الرَأيِ مَن يُلقي عَلى العُقُبِ
عَجائِبُ الدَهرِ لا تَفنى فَلا عَجَبٌ / إِلّا لِيَومِكَ إِذ يَفنى بِلا عَجَبِ
أَمّا البَشاشَةُ في أَفلاكِ أَنعُمِهِ / فَإِنَّها لِمَدارِ الفَضلِ كَالقُطُبِ
حَسبُ الحَسيبِ بِها لِلمَجدِ صاقِلَةً / وَما البَشاشَةُ إِلّا صَيقلُ الحَسَبِ
في وَجهِهِ نَجمُ جَدٍّ غَيرُ مُنكَدِرٍ / وَوَعدُهُ بُرجُ سَعدٍ غَيرُ مُنقَلِبِ
لَم أَلقَ دَهري بِأَحمى مِن عِنايَتِهِ / وَلا بِأَحنى عَلى المَجفُوِّ مِن أَدَبِ
إِلَيكَ عَنّي فَلا جَدبٌ وَلا رَهَبٌ / فَإِنَّني في ذِمامِ اللَهِ وَالسُحُبِ
لَو لَم تَكُن سُحُبُ الإِحسانِ تُمطِرُني / ما كانَ يُنبِتُ طَرسي مِثلَ ذا العُشُبِ
وَما أَزالُ عَلى إِحسانِ دَولَتِكُم / مُثني الحَقائِبِ لا بَل مُثني الحِقَبِ
فَجَرِّدوها عَلى الأَعقابِ دافِعَةً / ما لا يُدافِعُ عَنها أَقطَعُ القُضُبِ
وَاِستَثمِروها عَلى الأَحقابِ مُثمِرَةً / ما لَيسَ مُستَثمِراً مِن أَصفَرِ القَصَبِ
لَيسَ الكُنوزُ عَلى الأَموالِ مُشفِقَةً / فَاِستَودِعوها لَدى الأَحرارِ وَالكُتُبِ
وَبَيتُكَ العامِرُ المَغشِيُّ مَشهَدُهُ / يَجَلُّ مِقدارُهُ عَن بَيتِهِ الخَرِبِ
يَموتُ شِعرٌ وَما جَفَّ اليَراعُ بِهِ / وَبَعضُ ما قيلَ مَذبوحٌ عَلى النُصُبِ
لا أَشتَكي نُوَبَ الدُنيا وَكَيفَ بِها / لَو راوَحَت بَينَها يَومَينِ كَالنُوَبِ
المُشرِقاتُ بَنوها حينَ تَسمَعُها / تَرى بِها وَجَناتِ الخُرَّدِ العُرُبِ
حَنَّت إِلَيكَ قَوافي الشِعرِ وَاِستَلَبَت / مِنّا العِنانَ حَنينَ الوُلَّهِ السُلُبِ
ما أَغرَبَت في صَوابٍ وَهوَ عادَتُها / وَما إِصابَةُ مَرمى سَهمِكَ الغَرَبِ
إِذا أَصَبتَ بِسَهمٍ قَد رَمَيتَ بِهِ / وَما اِعتَمَدتَ فَذاكَ السَهمُ لَم يُصِبِ
ماءٌ مِنَ السُحبِ أَشطانُ اليَراعِ غَدَت / تَمتاحُهُ مِن قُلوبٍ هُنَّ كَالقُلُبِ
جَرَّ النَسيمُ بِمَعناها الذُيولَ وَلا / زالَت مُوَشَّحَةَ الغُدرانِ بِالعُشُبِ
حَلَّت دِيارَكَ آمالُ العُفاةِ وَلا / حَلَّت يَدُ الدَهرِ مِنها مَعقِدَ الطُنُبِ
وَكَم يَدٍ تَحمِلُ الأَقلامَ قاصِرَةٍ / عَن حَقِّها فَتُرى حَمّالَةَ الحَطَبِ
إِمامُكَ الصُبحُ كَم يَشكو دُجىً وَوَجىً / فَظاظَةُ الشَوكِ قَد تُفضي إِلى الرُطَبِ
قِصارُ أَقلامِهِ يَصنَعنَ في كُتُبِ / بِالعَقلِ ما تَصنَعُ القُضبانُ في كُثُبِ
كأَنَّ أَحرُفَهُ كَأسٌ يَدورُ بِها / ساقي يَراعٍ عَلَيها الشَكلُ كَالحَبَبِ
فَاِعجَب لِذا السُكرِ تَزدادُ العُقولُ بِهِ / نَعَم إِذا الخَمرُ كانَت لِاِبنَةِ الأَدَبِ
صَديقَةُ العَقلِ مِنها يُستَفادُ وَما / عَدَاوَةُ العَقلِ إِلّا لِاِبنَةِ العِنَبِ
وَهيَ المَعاني الَّتي الأَسيافُ تَخدُمُها / مَسلولَةً وَهِيَ لِلأَلفاظِ في القُرُبِ
ما الثَيِّباتُ مِنَ العُجمِ الَّتي جُلِيَت / عَلَيكَ بِالأَمسِ مِن أَبكارِها العُرُبِ
عَتَبتُم عَلى بيضِ السُيوفِ وَأَصبَحَت
عَتَبتُم عَلى بيضِ السُيوفِ وَأَصبَحَت / رِقابُ عِداكُم بِالعَزائِمِ تُضرَبُ
عَرَفتَ وَلائي في أَبيكَ وَإِنَّهُ / مِنَ النَسَبِ الزاكي أَحَقُّ وَأَقرَبُ
يا ذا الَّذي مَرَجَ البَحرَينِ خاطِرُهُ
يا ذا الَّذي مَرَجَ البَحرَينِ خاطِرُهُ / بِحراً مِنَ العِلمِ أَو بَحراً مِنَ الذَهَبِ
لِم خَمرَةُ الرومِ تَنهى اليَومَ سائِلَها / وَقَد سَنَنتَ إِلَينا خَمرَةَ العَرَبِ
حاشاكَ في كُلِّ فِعلٍ مِن مُناقَضَةِ / فَرَّقتَ في الفِعلِ بَعدَ الجَمعِ في النَسَبِ
لِأَكتُبَنَّ عَنِ السُلطانِ مُحتَسِباً / وَالسَيفُ أَصدَقُ ما يُنبيكَ عَن كُتُبي
بِالنَهيِ عَن كُلِّ خَمرٍ لِلعُقولِ بِها / سُكرٌ وَأَسلبُ مِن خَمرِ اِبنَةِ العِنَبِ
فَاِشغَل لِسانِيَ أَن يُنهَى بِسَكرَتِهِ / فَأَلسُنُ السُكرِ لا يُعرِبنَ عَن أَرَبِ
وَسَقِّني خَمرَةً لِلعَقلِ مُطرِبَةً / فيها فَما طَلَبي مِنها سِوى طَرَبي
مِن كُلِّ بَيتٍ كَبَيتٍ أَنتَ ساكِنُهُ / كِلاهُما في المَعالي سَيِّدُ النَسَبِ
هَذا وَكُلُّ يَدٍ إِن لَم تُفِد وَتُفِت / وَتَحتَوي قَصَبَ العَلياءِ بِالقُضُبِ
فَلا وَهَتها قَناةٌ لا وَلا قَلَمٌ / فيها فَتِلكَ يَدٌ حَمّالَةُ الحَطَبِ
نَظمٌ كَمَنظومِ حَبِّ الدُرِّ أَرشَفَني / مِن خَمرَةِ الحُبِّ لا مِن خَمرَةِ الحَبَبِ
أَشِعَّةٌ تَحتَ سُحبِ الكَأسِ رائِعَةٌ / تَكسو المَفاليسَ أَكماماً مِنَ الذَهَبِ
حَتّى كَأَنَّ قَميصي حينَ تَنفُذُهُ / قَميصُ يوسُفَ وافى بِالدَمِ الكَذِبِ
فَالآنَ قَد حَمَلَت آلاتِها حَطَباً / قُم يا زَمانُ إِلَيها بَل أَبا لَهَبِ
أَما وَمِنكَ عَلى أَعدائِكَ الطَلَبُ
أَما وَمِنكَ عَلى أَعدائِكَ الطَلَبُ / فَإِنَّ أَعدى عَدُوٍّ عِندَنا الهَرَبُ
أَنتَ الحَياةُ الَّتي ما بَعدَها رَغَبٌ / أَو الحِمامُ الَّذي ما قَبلَهُ رَهَبُ
فَلَيسَ يَعصِمُهُم في الفُلكِ ما رَكِبوا / وَلَيسَ يُنجيهِمُ في الأَرضِ ما ضَرَبوا
وَلا يُقِلُّهُمُ سَرجٌ وَلا قَتَبٌ / وَلا يُظِلُّهُمُ بَيتٌ وَلا طُنُبُ
فَما دُروعُهُمُ إِلّا مَقاتِلُهُم / لَكِنَّهُم بِسُيوفِ اللَهِ قَد ضُرِبوا
مَن كانَ مُضطَرِباً في فَرضِ طاعَتِكُم / فَما لَهُ في بِلادِ اللَهِ مُضطَرَبُ
لَو أَضمَرَت سُحُبُ الأُفُقِ النِفاقَ لَكُمُ / لَقاتَلَتها إِلى أَن تَنجَلي الشُهُبُ
وَقائِلٍ وَثَبَ الأَعداءُ قُلتُ نَعَم / كَما الفَراشُ عَلى نيرانِهِ يَثِبُ
لا يَعجَبِ الناسُ لمَّا أَوقَدوا فِتَناً / فَالبَغيُ نارٌ وَمُذكِيها لَها حَطَبُ
كَأسٌ مِنَ البَغيِ لِلأَلبابِ ناهبَةٌ / كَذَلِكَ الكَأسُ لِلأَلبابِ تَنتَهِبُ
وَلا عَجيبٌ إِذا ما قامَ بِأسُكُمُ / بِالحَدِّ في ذَلِكَ الكَأسِ الَّذي شَرِبوا
فَطالَما وَأُنوفُ الخَطبِ راغِمَةٌ / قَضَيتُمُ مِن حُقوقِ اللَهِ ما يَجِبُ
وَعِندَكُم طَوقُ سَيفٍ لِلرِقابِ إِذا / لَم يَنفَعِ الطَوقُ في الأَقوامِ وَالقُضُبُ
تِلكَ الكُئوسُ الَّتي تُسمى السُيوفَ لَها / مِنَ الفِرِندِ عَلى حافاتِها حَبَبُ
يا شَمسَ دَهري وَلَكِن حَبلُ آمِلِهِ / ما كانَ مِثلَ حِبالِ الشَمسِ يَنقَضِبُ
قُل لِلَّذي بِأَراجيفِ النُجومِ أَتى / ما هَذِهِ الشَمسُ مِمّا يَكسِفُ الذَنَبُ
بُروجُ سُلطانِها في العِزِّ ثابِتَةٌ / وَبُرجُ أَموالِها لِلجودِ مُنقَلِبُ
وَكَم ضَرَبتَ بِسَيفٍ مالَهُ قَرَبٌ / كَما زَحَفتَ بِجَيشٍ ما لَهُ لَجَبُ
حَتّى أَطَرتَ رِقاباً ما لَهُنَّ دَمٌ / وَحُزتَ نَهبَ نُفوسٍ ما لَها سَلَبُ
اِغمِد سُيوفَكَ فَالدُنيا تُعاقِبُهُم / وَنَم فَإِنَّ اللَيالي عَنكَ تَعتَقِبُ
فَكُلُّ بَرقٍ إِذا ما شِمتَهُ مَطَرٌ / وَكُلُّ مَرمىً إِذا ما سُمتَهُ كَثَبُ
وَإِنَّ ثَوبَ الَّذي عاداكُمُ كَفَنٌ / كَما بُيوتُ الَّذي عاصاكُمُ تُرَبُ
وَكَّلتُمُ السَعدَ يا أَبناءَهُ لَكُمُ / فَلَن يُضيعَ حُقوقاً أَصلُها النَسَبُ
فَنِلتُمُ ما تَمَنَّيتُم عَلى يَدِهِ / وَما أَصابَكُمُ كَدٌّ وَلا نَصَبُ
في كُلِّ يَومٍ لَنا مِن فِعلِها عَجَبُ / فَاليَومَ لَم يَبقَ مِن أَفعالِها عَجَبُ
سيقَت رُءوسُ أَعاديكُم بِأَرجُلِهِم / مُقَرِّبٌ حَتفَها التَقريبُ وَالخَبَبُ
يَستَعذِبونَ المَنايا مِن سُيوفِكُمُ / كَأَنَّما الضَربُ في أَثنائِهِ الضَرَبُ
وَذَلَّتِ العُجمُ في أولى الزَمانِ لَكُم / وَاليَومَ ذَلَّت عَلى أَعقابِها العَرَبُ
وَما أَسِدتُم عَلى أَعداءِ دَولَتِكُم / هَذا التَأَسُّدَ إِلّا بَعدَ ما كَلِبوا
وَلَن تَلينَ إِذا قَوَّمتَها خُشُبٌ / لَكِن تَلينُ إِذا جَرَّدتَها القُضُبُ
وَسَعدُكُم يُثمِرُ الغُصنَ اليَسيرُ لَها / نَعَم وَيُثمِرُ مِن أَعدائِها الخَشَبُ
بَلَّغتُموهُم مُناهُم في تَرَفُّعِهِم / وَالقَومُ ما اِرتَفَعوا إِلّا إِذا صُلِبوا
وَكُلُّ يَومٍ خَطيبٌ فَوقَ مِنبَرِها / وَالخَطبُ يُسمِعُ ما لا تُسمِعِ الخُطَبُ
فَإِن يَكُن بَعدَها لِلقَومِ باقِيَةٌ / فَبَعضُ ذا القَتلِ لِلأَعمارِ يَستَلِبُ
لَيسَ الرُءوسُ عَلى هَذا بِباقِيَةٍ / تَفنى وَتَفنى عَلى آثارِها العُصَبُ
لا يَرقُبوا فيكَ أَن تَنتابَ نائِبَةٌ / فَإِنَّ مَجدَكَ مِن أَنصارِهِ النُوَبُ
لا يَحسَبوا المُلكَ أَمراً أَنتَ كاسِبُهُ / فالمُلكُ أَمرٌ بِأَمرِ اللَهِ مُكتَسَبُ
سِرٌّ وَلَيسَ كَبَعضِ السِرِّ مُنكَشِفاً / مالٌ وَلَيسَ كَمِثلِ المالِ يُغتَصَبُ
فَليَسلُهُ كُلُّ مَغرورٍ فَلَيسَ لَهُ / بِرَغمِهِم في سِوى أَربابِهِ أَرَبُ
وَإِن تَبَسَّطَ بَعدَ القَومِ خَطوُهُمُ / مَدَّت إِلَيهِ الخُطا الخَطِّيَّةُ السُلُبُ
نَصَّلتُموها بِأَلحاظٍ فَما حُجِبَت / عَنها ضَمائِرُ بِالإِصلاحِ تَنتَقِبُ
وَكُلُّ شَعبٍ عَصى ما تَأمُرونَ بِهِ / أَرَتهُ أَن عَصاهُ عِندَها شُعَبُ
هَلِ السُيوفُ عُيونٌ في الجُفونِ لَكُم / كَأَنَّها لِرِقابِ البَغيِ تَرتَقِبُ
لَولا تَوَفُّرُ خَوفٍ مِن مَهابَتِكُم / كانَت إِلى القَومِ مِن أَغمادِها تَثِبُ
يَااِبنَ الكِرامِ وَلَولا فَضلُ نِسبَتِهِ / كَفَتهُ نَفسٌ إِلَيها الفَضلُ يَنتَسِبُ
وَيا أَخا الفَضلِ فينا وَاِبنَ والِدِهِ / فَكَم تَكَفَّلَ فَتحاً مِن أَبيكَ أَبُ
تَلقى العِدا بِالعِدا حَدِّث بِهِ عَجَباً / أَنَّ الهُدى خَدَمَت في نَصرِهِ الصُلُبُ
عَمائِمُ السُمرِ في أَيمانِكُم قِمَمٌ / لَها الذَوائِبُ مِن أَعدائِكُم عَذَبُ
وَلِلنُصولِ زِحامٌ فَوقَ أَدرُعِكُم / كَما تَزاحَمَ فَوقَ المَنهَلِ الحَبَبُ
وَلِلعُقوبَةِ أَسبابٌ إِذا وَقَعَت / مِنهُم وَما لِلعَطايا عِندَهُم سَبَبُ
كَالدَهرِ إِن طَلَبوا وَالمَوتِ إِن غَضِبوا / وَالريحِ إِن رَكِبوا وَالبَرقِ إِن وَثَبوا
حَدِّث بِأَفعالِهِم عَنهُم وَلا حَرَجٌ / فَلَيسَ يُعجَبُ مِن غَلبٍ إِذا غَلَبوا
آنَستُمُ رُتَبَ العَليا وَغَيرُكُمُ / لَها بِهِ يَومَ يَعنو فَوقَها رِيَبُ
وَقَبلَ مَجدِكُمُ لَم نَدعُها رُتَباً / لَكِن لَها بَعدَ ما صِرتُم بِها الرُتَبُ
وَما أَقولُ بَلَغتُم فَوقَ غايَتِها / هَذِي البِدايَةُ وَالغاياتُ تُرتَقَبُ
ناموا فَإِنَّ عُيونَ السَعدِ تَحرُسُكُم / وَكَيفَ لا يَحرُسُ اِبناً مِن عِداهُ أَبُ
هِيَ السَعادَةُ إِن تَقرَع بِساعِدِها / تَحَطَّمَ النَبعُ مِمّا يَقرَعُ الغَرَبُ
لِيَهنَ مِصرَ الرَخا وَالأَمنَ في قَرَنٍ / فَما بِها شَغَبٌ يُخشى وَلا سَغَبُ
ما مِصرُ إِلّا عَروسٌ في زَمانِكُمُ / تُجلى وَيُعقَدُ مِن أَهرامِها القُبَبُ
عَرِّجْ بِها فَشُجاعٌ دونَها أَسَدٌ / هِيَ السَلامَةُ مَحفوفٌ بِها العَطَبُ
في كُلِّ يَومٍ بِها عُرسٌ وَمَحضَرُهُ / بِها السُيوفُ الَّتي في العُرسِ تَختَضِبُ
نُصِرتُمُ مِثلَ نَصرِ المُصطَفى فَلَكُم / جَيشانِ أَدناهُما مِن نَصرِكَ الرُعُبُ
حَزَمتُمُ إِذ حَسَمتُم داءَها فَبِها / تُعدى البِلادُ كَما قَد جُرِّبَ الجَرَبُ
بِوَثبَةٍ تُدرِكُ الأَعداءَ في مَهلٍ / كَأَنَّما الجِدُّ في أَفعالِها لَعِبُ
لَولا اِحتِقارُهُمُ الدُنيا لَخِلتَهُمُ / مِن بِشرِهِم وُهِبوا المالَ الَّذي وَهَبوا
لَولا عَوائِدُهُم في النَصرِ خِلتَهُمُ / مِن اِحتِقارِهِمُ الأَعداءَ قَد غُلِبَوا
يُقَبِّلُ الأَرضَ ثَغرُ السُحْبِ عِندَهُمُ / وَالقَطرُ ريقَتُهُ وَالأَنجُمُ الشَنَبُ
مَكارِمٌ مُذ طَما في الأَرضِ زاخِرُها / عَلى العِدا أَقلَعَت مِن خَوفِها السُحُبُ
البَرقُ في وَجنَتَيها لَمحُهُ خَجَلٌ / وَالرَعدُ في حافَتَيها صَوتُهُ صَخَبُ
وَقَصَّرَت عَن عُلا حِلمٍ وَعَن كَرَمٍ / فَلا تَقُل سُحُبٌ بَل قُل لَها قُلُبُ
لَيسَ السَحابُ الَّذي أَمطارُهُ نُطَفٌ / بَلِ السَحابُ الَّذي أَمطارُهُ ذَهَبُ
لِلَهِ وَجهُ شُجاعٍ إِنَّ آيَتَهُ / كَالصُبحِ مُبصِرَةٌ لَم يَمحُها الغَضَبُ
وَالغَيظُ نارٌ فَأَمّا في مَعاطِفِهِ / فَهوَ الزُلالُ فَما فيها لَهُ لَهَبُ
لِلَهِ مُضمَرُهُ عَنّا وَمظهَرُهُ / فينا وَفي اللَهِ ما يَأتي وَيَجتَنِبُ
وَما رَأَيتُ لَهُ لَونَينِ في خُلُقِ / وَمَن أَرابَ فَما في قُربِهِ أَرَبُ
يا كامِلاً عَرَّفَ اللَهُ الكَمالَ بِهِ / فَهوَ اِسمُهُ وَهوَ في مَظنونِهِم لَقَبُ
يا مَن لَهُ نورُ بَرٍّ ظَلَّ يَحجُبُهُ / عَنّا وَما دونَنا مِن مِثلِهِ حُجُبُ
قَد حُزتَ في الفَضلِ مالا حازَتِ الكُتُبُ / أَستَغفِرُ اللَهَ بَل لا حازَتِ الكُتُبُ
في مَنظَري مُخبِرٌ عَن فَيضِ فَضلِكُمُ / كَما يُخَبِّرُ عَن فَيضِ الحَيا العُشُبُ
كَم قَدرُ ما تُملِلُ الأَفكارُ قادِرَةً / وَجُهدُ ما تُسمِعُ الأَيّامُ وَالكُتُبُ
إِن قُلتُ فيكُم فَأَقوالي مُقَصِّرَةٌ / كَما تَجيءُ وَما تَأتي كَما يَجِبُ
ماذا أَقولُ وَكُلُّ المَدح دونَكُمُ / تُثني الحَقائِبُ قَبلي فيكَ وَالحِقَبُ
وَما أَخافُ مِنَ الأَيّامِ تَغلِبُني / إِذا أَمَرتَ بِنَصري كانَ لي الغَلَبُ
وَلا أُبالي عَلى مالٍ وَلا نَشَبٍ / إِذا سَلِمتَ فَأَنتَ المالُ وَالنَشَبُ
لَو كُنتَ في الأَرضِ لَكِن في السَماءِ عُلاً / لَقُلتُ أَنّيَ فيها جارُكَ الجُنُبُ
فَاِسمَع خَليلَ أَميرِ المُؤمِنينَ لَهُ / دُرّاً يُريكَ بِأَنَّ الدُرَّ مَخشَلَبُ
بِكرٌ إِذا صَمَتَت دَهراً فَلا عَجَبٌ / فَالصَمتُ لِلبِكرِ رَسمٌ حينَ تُختَطَبُ
إِذا أَغَرتُ عَلى سَمعِ اللَبيبِ بِها / عادَت وَفي يَدِها مِن لُبِّهِ سَلَبُ
وَلِلمَراشِفِ مِن كاساتِها نُغَبٌ / وَلِلمَسامِعِ مِن أَصواتِها نُخَبُ
رَقَّت وَراقَت عَلى سَمعٍ وَفي بَصَرٍ / فَالحَليُ مُنسَبِكٌ وَالماءُ مُنسَكِبُ
لَو لَم يَكُن لِيَ طَبعٌ في القَريضِ لَما / شَكَكتُ أَنِّيَ مِن ذا المَجدِ أَكتَسِبُ
فَاِسلَم عَلى رَغمِ أَيّامِ الزَمانِ كَما / تَهوى وَتَبغي وَنَفنى نَحنُ وَالحِقَبُ
وَلا تَميلُ عَلى ملكٍ يَميلُ عَلى / جَوانِبِ الجودِ مِنهُ العِلمُ وَالأَدَبُ
قالوا رَأَينا الأُسودَ الصَبرُ عادَتُهُم
قالوا رَأَينا الأُسودَ الصَبرُ عادَتُهُم / فَقُلتُ أَبناءُ أَيّوبٍ وَلا عَجَبُ
الشارِبونَ كُئوسَ المَوتِ مُترَعَةً / وَلِلأَسِنَّةِ في حافاتِها حَبَبُ
وَالمُضرِمونَ لِنارِ الحَربِ لَيسَ لَها / إِلّا الرِماحُ وَأَضلاعُ العِدا حَطَبُ
اطلُبْ عَلى كُلِّ حالٍ مِنهُمُ وَإِذا / كانوا غِضاباً فَلا يَثني النَدى الغَضَبُ
لا تَشغَلِ الوَقتَ في تَسبيبِ مَسأَلَةٍ / فَلَيسَ كُلُّ عَطاياهُم لَها سَبَبُ
القَومُ هُم واصِلوا الأَرحامِ دَهرَهُمُ / وَبَينَ أَموالِهِم وَالمُعتَفي نَسَبُ
هَذي قُرونُ حماةٍ جِئتَ تَأخُذُها
هَذي قُرونُ حماةٍ جِئتَ تَأخُذُها / وَإِنَّ إِمساكَها يُفضي إِلى حَلَبِ
وَلَيلَةٍ قَد دَنَت مِنّي غَياهِبُها
وَلَيلَةٍ قَد دَنَت مِنّي غَياهِبُها / بِقَدرِ ما بَعُدَت عَنّي كَواكِبُها
فَلا نُجومُ اللَيالي بِتُّ أَحسُبُها / وَلا اللَيالي عَلى هَمّي أُحاسِبُها
يا دَهرُ لا تَحسَبَن أَنَّ النُجومَ عَلى / بُعدٍ عَلى هِمَّتي إِنّي أُطالِبُها
يُشَبِّهونَ اللَيالي بِالبِحارِ لَنا / وَفي عَجائِبِها عِندي عَجائِبُها
ما العُجبُ في خُلقِ ذاكَ الخَلقِ بِالعَجَبِ
ما العُجبُ في خُلقِ ذاكَ الخَلقِ بِالعَجَبِ / لا تُنكِريهِ فَما لِلشَيبِ وَالشَنَبِ
قالَت بَكَيتُ دَماً زَكَّتهُ وَجنَتُها / فَقُلتُ قَد جِئتِ عَنّي بِالدَمِ الكَذِبِ
شَهِدتُ أَنَّ مِثالَ الشَهدِ مِن فَمِها / وَأَنَّ في سِرِّهِ ضَرباً مِنَ الضَرَبِ
وَأَنَّهُ في مَذاقِ الثَغرِ مِن بَرَدٍ / وَأَنَّهُ في مَذاقِ القَلبِ مِن لَهَبِ
لا تَعذِلوا الجَفنَ في صَوبَي دَمٍ وَكَرىً / لَو لَم يُصَب بِسِهامِ الجَفنِ لَم يَصُبِ
لا يَخدَعَنَّكَ في خَدَّيهِ ماءُ رِضاً / فَإِنَّ في قَلبِهِ ناراً مِنَ الغَضَبِ
وَما ذَكَرتُ لَيالينا الَّتي سَلَفَت / إِلّا بَكَيتُ بُدورَ الحُسنِ بِالشُهُبِ
لَأَبكِيَنَّ دَماً بَعدَ الدُموعِ لَها / وَقَلَّ تَشييعُ ذاكَ السِربِ بِالسَرَبِ
دَعني فَفي أَدمُعي غالٍ وَمُرتَخَصٌ / أَبكي عَلى مُذهِباتِ الهَمِّ بِالذَهَبِ
بَيني وَبَينَ النَوى مِن بَعدِكُم نُوَبٌ / العَيشُ مِن بَعدِها مِن جُملَةِ النُوَبِ
عَيشٌ حَلا وَخَلا مَن لي بِعَودَتِهِ / هَيهاتَ يا طَرَبي أَبعَدتَ في الطَلَبِ
إِنَّ اِشتِعالَ ضِرامِ الشَيبِ يُخبِرُني / بِأَنَّ غُصنِيَ مِمّا عُدَّ في الحَطَبِ
حَضَرتُهُ غائِباً عَنّي بِفِكرَتِهِ / عَجِبتُ مِنِّيَ لَم أَحضُر وَلَم أَغِبِ
إِذا أَغَرتَ عَلى قَلبي فَخُذ جَلَدي / وَنَومَ عَيني وَدَعهُ آخِرَ الطَلَبِ
وَهِمَّةُ الحُسنِ يَومَ القَتلِ عالِيَةٌ / مِن شأنِها طَلَبُ المَسلوبِ لا السَلَبِ
بَيني وَبَينَكَ فَاِحفَظهُ ذِمامُ هَوىً / وَقَد يُرَدُّ أَخيذُ العُربِ بِالحَسَبِ
لا تَقطَعوا سُبُلَ المَعروفِ لاحِبَةً / شَريعَةٌ أَسَّسَتها نَخوَةُ العَرَبِ
إِن كُنتَ تُنقِذُ نَفساً أَنتَ آخِذُها / فَالآنَ فَاِبكِ وُقوعَ النَفسِ في العَطَبِ
قَلبٌ تَغَرَّبَ مُغتَرّاً بِخادِعِهِ / فَهَل تَرِقُّ لِمُغتَرٍّ وَمُغتَرِبِ
إِذا تَذَكَّرَ رَوضاً مِن وِصالِكُمُ / بَكى عَلَيهِ بِما شِئتُم مِنَ السُحُبِ
سُحبٌ إِذا هَطَلَت في وَجهِهِ اِنقَشَعَت / وَحَلَّتِ القَلبَ إِذ حَلَّتهُ بِالعُشُبِ
عُشبٌ إِذا كانَ قَلبُ الصَبِّ مُنبِتَهُ / أَعادَهُ حينَ عاداهُ إِلى التُرَبِ
سُقيتُمُ وَسَقى الدارَ الَّتي رُقِمَت / سُطورُها مِن قُلوبِ الوَجدِ في كُتُبِ
سَحابُ وادِقَةٍ صَخّابُ بارِقَةِ / مُبيَضَّةُ العَذبِ أَو مُحمَرَّةُ العَذَبِ
يَزيدُ لامِعُهُ وَالرَعدُ تابِعُهُ / وَجهُ الرِضا يَقتَفيهِ مَنطِقُ الغَضَبِ
يَقضي حُقوقَ لَياليهِ الَّتي وَجَبَت / فَكَم قَضَينَ لَنا حَقّاً وَلَم يَجِبِ
كانَ الفِراقُ عَلى جَدِّ الأَسى لَعِباً / فَفَرَّقَ الشَيبُ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
أَنهَضتَ يا دَهرُ عَمداً كُلَّ ذي أَرَبٍ / مِنّا وَلَم أَرَ بي نَهضاً إِلى أَرَبي
فَإِن طَمِعتُ فَما أَروَيتَ مِن بَحَرٍ / وَإِن قَنَعتُ فَما أَنقَعتَ مِن ثَغَبِ
أَنَلتَ غَيرِيَ ما يَهوى بِلا سَبَبٍ / وَنِلتَني بِالَّذي أَخشى بِلا سَبَبِ
إِن أَخلَفَ الخِلفُ مِن مِصرٍ فَوا عَطَشي / إِن رُمتُ في حَلَبٍ ما رُمتُ مِن حَلَبِ
الجارُ ذو القُربِ وَالقُربى مُضَيِّعَةٌ / حَقوقَهُ ما يُرى في جارِها الجُنُبِ
تُبدي إِليَّ قُلوبٌ ما اِغتَرَرتُ بِها / وَذا هُوَ الماءُ فيهِ البَثرُ كَالحَبَبِ
وَقائِلٍ قَد قَطَعتَ الدَهرَ ذا تَعَبٍ / فَقُلتُ لي راحَةٌ في ذَلِكَ التَعَبِ
الرِزقُ كَالطَيفِ يَأتي كُلَّ ذي سِنَةٍ / أَو لا فَكالصَيدِ يَأتي كُلَّ ذي طَلَبِ
سَلوا المَطامِعَ يا أَهلَ المَطامِعِ هَل / أَشُدُّ لُبّي وَلا أُرخي لَها لَبَبي
أَشكو إِلى قَلَمي نارَ الهُمومِ وَيا / ما أَصعَبَ النارَ إِذ تُشكى إِلى القَصَبِ
تِلكَ المَساعي أَراها غَيرَ مُثمِرَةٍ / فَاليَومَ لَيسَ سِوى الشَكوى إِلى القُضُبِ
سَلِ اللَيالِيَ هَل ثابَت عَوائِدُها / فَلَم أَثُب وَاِستَحاشَتني فَلَم أَثِبِ
وَهَل نَهَضتُ أَمامَ اليُسرِ مِن مَرَحٍ / وَهَل جَثَمتُ وَراءَ العُسرِ مِن لَغَبِ
وَما مَدَحتُ الأَماني وَهيَ تَملَأُ لي / وَلا ذَمَمتُ زَماني وَهوَ يَفخَرُ بي
وَما جَهِلتُ وَلَيسَ الجَهلُ مِن شِيَمي / أَن لا قَرابَةَ بَينَ الحَظِّ وَالأَدَبِ
وَلا نَسيتُ الَّذي في النَخلِ يَمنَعُني / مِن شِكَّةِ الشَوكِ عَن مَجنى جَنى الرُطَبِ
وَما اِرتِياحي أَميرٌ في يَدَي رَغَبٍ / وَلا اِرتِياعي أَسيرٌ في يَدَي رَهَبِ
ما سَرَّني وَفُنونُ العَيشِ ذاهِبَةٌ / مِلءُ الحَقائِبِ بِالمُملى عَلى الحِقَبِ
إِنّي وَقَولِيَ لا أَخشى تَعَقُّبَهُ / لا أَوَّلي بِيَ مَستورٌ وَلا عَقِبي
مَن مُخرِجٌ لِلمَعالي أَنَّها كُتِبَت / إِلّا لِذي كُنيَةٍ لِلقَومِ أَو لَقَبِ
إِنَّ الَّذينَ تُناديهِم عَلى كَثَبٍ / بانوا وَأَعمالُهُم تُبنى عَلى كُثُبِ
مِن كُلِّ مَن إِن يَجِد تَيهاءَ مُشكِلَةٍ / إِذا دَعاهُ إِلَيها الفِكرُ لَم يُجِبِ
وَهيَ القُلوبُ إِن اِستَكشَفتَ باطِنَها / فَكَالحِجارَةِ أَو أَقسى وَكَالقُلُبِ
هَبِ المَحَبَّةَ رِقّاً وَالمُحِبَّ لَكَم / عَبداً فَهَل يُؤمَنُ المُقصى عَلى الهَرَبِ
ما بَينَ طَعمَينِ فَرقٌ بَعدُ في فَمِهِ / وَلَيسَ في الخَمرِ مَعنىً لَيسَ في العِنَبِ
أَعرِب أَحاديثَ قالوا في أَوائِلَها / لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
إِن كُنتَ تُترِعُهُ كَأساً لِمُكتَئِب
إِن كُنتَ تُترِعُهُ كَأساً لِمُكتَئِب / فَلَستَ تَسمَعُ مِنهُ قَدكَ فَاِتَّئِبِ
فَما يَقُدُّ بِها إِلّا قَميصَ دُجىً / مُذ جِئتَ فيها عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ
لا تَستَقِرُّ إِذا ما الماءُ أَزعَجَها / كَأَنَّما سَبَقَت قَلبي إِلى الطَرَبِ
المَزجُ غَوّاصُها وَالكَأسُ لُجَّتُها / وَاللُجُّ مِن ذَهَبٍ وَالدُرُّ مِن حَبَبِ
فَاِقدَح مِنَ الدَنِّ زَنداً حَيثُ تَقدَحُهُ / يَرمي الرَشاشَ شَراراً طارَ مِن لَهَبِ
خَمراً بِأَيدي السُقاةِ الهيفِ قَد جُنِيَت / كَالجُلَّنارِ الَّذي يُجنى مِنَ القُضُبِ
أَبدَت نُجومَ دُجىً مِن فَوقِ شَمسِ ضُحىً / سَحابَةُ الحَبَبِ فَهيَ اِبنَةُ السُحُبِ
تِلكَ العَجوزُ لَحاها اللَهُ ساحِرَةٌ / ما تَسحَرُ الشَيخَ إِلّا عادَ وَهوَ صَبي
فَالخَمرُ كانَت سُيوفُ المَزجِ تَقتُلُها / وَقَتلُ ساحِرَةٍ مِن أَفضَلِ القُرَبِ
أَعيذُ بِاللَهِ مَولانا وَدَولَتَهُ / لا مِن عُيونِ الوَرى بَل أَعيُنِ الشُهُبِ
وَهيَ المَعاذيرُ لا تَعلَق بِعُروَتِها / فَرُبَّما أَلجَأَت نُطقاً إِلى كَذِبِ
إِنَّ اِعتِرافَ الفَتى بِالذَنبِ أَسرَعُ في / إِطفاءِ ما أَوقَدَتهُ سَورَةُ الغَضَبِ
وَالعَفوُ جودٌ وجودٌ ما لَهُ سَبَبٌ / أَحظى وَأَكرَمُ مِن جودٍ عَلى سَبَبِ
حاشا المَكارِمَ مِن عَفوٍ بِمَعذِرَةٍ / فَإِنَّ مِن خُلقِها جوداً بِلا طَلَبِ
في الذُلِّ في السِجنِ خَلَّفتُم مُحِبَّكُمُ / مِن بَعدِ تَخليدِكُم بِالحَمدِ في الكُتُبِ
هَذا حَديثٌ عَجيبٌ لَيسَ يُعجِبُني / فَلتَقضِ مِنهُ المَعالي آخِرَ العَجَبِ
وَدِدتُ لَو أَنَّ فَضلَ الحَظِّ مُكتَسَبٌ / فَكُنتُ أَكسِبُهُ كَالفَضلِ وَالأَدَبِ
لَم نَستَلِب عِرضَكَ المُغتابَ نَأكُلُهُ
لَم نَستَلِب عِرضَكَ المُغتابَ نَأكُلُهُ / لِأَنَّ عِرضَكَ مَذبوحٌ عَلى النُصُبِ
لَم تَغدُ يُمناكَ لِلأَقلامِ حامِلَةً / إِلّا أَعادَت بِلا شَكٍّ أَبا لَهَبِ
فَإِنَّهُ كانَ لَمّا كانَ ذا اِمرَأَةٍ / تُدعى كَما دُعِيَت حَمّالَةَ الحَطَبِ
مَتى أَرى غارَةً لِلدَهرِ رَأسُكَ في / يَدَي فَوارِسَها مِن جُملَةِ السَلَبِ
فَلا أَهُزُّ رِجالاً لا اِهتِزازَ لَهُم
فَلا أَهُزُّ رِجالاً لا اِهتِزازَ لَهُم / وَلا يُطالَبُ نَفسُ الجِذعِ بِالرُطَبِ
وَالشَمسُ لا تُسلَبُ الأَنوارَ كاسِفَةً / فَليَندَرِج سوءُ طَبعِ اللَيلِ في الذَنَبِ
عَوامِرُ البَحرِ تَجري الحارِثونَ بِها / فَكَيفَ يُحمى عَلَيهِم مَطلَبُ القُلُبِ
لا أَتَّقي الإِثمَ في تَحذيرِ قَصدِهِمُ / بَل لا أُؤَمِّلُهُ في جُملَةِ القُرَبِ
لَقَد سَقَتني اللَيالي الكَأسَ مِن ذَهَبِ
لَقَد سَقَتني اللَيالي الكَأسَ مِن ذَهَبِ / وَحاسَبَتني بِها الأَيّامُ في الذَهَبِ
نَعَم قَبِلتُ مِنَ الأَيّامِ ما حَسَبَت / عَلَيَّ مِن ذَهَبِ الكاساتِ فَاِحتَسِبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025