سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها / حَتّى خَلَت مِن ظلال الحُسن وَالطيبِ
وَمَن تَصَدّى يَردُّ السَيلَ مُزدَحِماً / لَما تَحَدَّر مِن شُمِّ الأَهاضيبِ
وَمَن أَغار عَلى تلكَ الخِيام ضُحىً / يبيح تَقويضها مِن بَعد تَطنيبِ
هِيَ المَنية ما تَنفكّ سالِبَةً / فَما تُغادر حَيّاً غَير مَسلوبِ
حَقُ العُروبة أَن تَأسى لِشاعرها / وَتُذرف الدَمع مَنهَلّاً بِمَسكوبِ
وَتُرسل الزَفرة الحَرّى مصدّعة / ضُلوع كُل عَميد القَلب مَكروبِ
مَن للقريض عَريقاً في عُروبته / يَأتي بسحرين مِن مَعنى وَتَركيبِ
وَمِن لغرّ القَوافي وَهِيَ مُشرِقَة / كَأَوجه البَدَويات الرَعابيب
أَبا المَكارم قُم في الحَفل مُرتَجِلاً / مُهذَّباتك لَم تصقل بِتَهذيبِ
وَأَضرِم النارَ إِن القَومَ هامِدة / قُلوبُهُم ذلَّ قَلبٌ غَير مَشبوبِ
وَاِنفخ إِباءَك في آنافهم غَضَباً / فَقَد تُحَرِّكُ أَصنامَ المَحاريبِ
تَمكن الذلّ مِن قَومي فَلا عَجَب / أَلّا يُبالوا بِتَقريع وَتَأنيبِ
ما أَشرَفَ العُذرَ لَو أَن الوَغى نثرت / أَشلاءَهم بَينَ مَطعون وَمَضروبِ
لَكن دَهتهم أَساليب العداة وَهُم / ساهون لاهون عَن تِلكَ الأَساليبِ
وَيَقنعون بِمبذولٍ يلوِّحُهُ / مُستعمِروهم بِتبعيد وَتَقريبِ
كَأَنَّهُم لَم يُشيَّد مَجد أَولهم / عَلى السُيوف وَأَطرافِ الأَنابيبِ
يا رائِداً كُلَّ أَرض أَهلها عربٌ / يَجتازها نِضو تَصعيد وَتَصويبِ
وَمُنشِداً عِندهم علماً وَمَعرِفَةً / بِحالهم بَينَ إِدلاج وَتَأويبِ
هَل جئتَ مِنهُم أُناساً عَيشَهُم رغدٌ / أَم هَل نَزَلَت بِقطر غَير مَنكوبِ
أَم أَيّ راعٍ بِلا ذئبٍ يُجاوره / إِن لَم تَجد راعياً شَراً مِن الذيبِ
تَبّوأَ الكاظِميُّ الخلدَ مَنزِلَةً / يَلقى مِن اللَه فيها خَيرَ تَرحيبِ
أَبا المَكارم أَشرِف مِن علاك وَقُل / أَرى فلسطين أَم دُنيا الأَعاجيبِ
وَاِنظُر إِلَينا وَسرِّح في الحمى بَصَراً / عَن الهُدى لَم يَكُن يَوماً بِمَحجوبِ
تَجد قَوياً وَفي وَعدَ الدَخيل وَلَم / يَكُن لَنا مِنهُ إِلّا وَعد عَرقوبِ
وَمَرَّ سَبع وَعشر في البِلاد لَهُ / وَحكمه مَزج تَرهيب وَتَرغيبِ
قَد تَنتَهي هَذِهِ الدُنيا وَفي يَدِهِ / مَصيرنا رَهن تَدريب وَتَجريبِ
حال أَرى شَرَّها في الناس مُنتَشِراً / وَخَيرَها لِلمَطايا وَالمَحاسيبِ
هَل في فَلسطين بَعدَ البُؤس مِن دعةٍ / أَم لِلزَمان اِبتِسام بَعدَ تَقطيبِ
كَم حَققَ العَزم والاعجال مِن أَمَلٍ / وَخابَ قَصد بِإمهالٍ وَتَقليبِ