المجموع : 3
دعني أكابدُ أشجاني وأوصابي
دعني أكابدُ أشجاني وأوصابي / قد بانَ عن عرصاتِ الدارِ أحبابي
أبلى فراقُهمُ جسمي وغادَرَهُ / مثلَ الخِلالِ نحيلاً بينَ أثوابي
بانوا وسارتْ بهم أجمالُهم سَحَراً / عنه فَبُدَّلَ شَهْدُ العيشِ بالصابِ
خلتْ ملاعبُهم مِن كلَّ راشقةٍ / قلبي باَسْهُمِ الحاظٍ وأهدابِ
هيفاءُ يَثني الصَّبا مِن قدَّها غُصُناً / كالخَيزُرانةِ ليناً بينَ أترابِ
أومتْ بإصبَعِها نحوي مُخَضَّبةً / خوفَ الرقيبِ فحيَّتني بِعُنّابِ
وأعقبتْهُ ببينٍ راعني عَجَلاً / مُستكْرَهٍ لدواعي الشَّوقِ جّلابِ
حتى رجعتُ إلى الأطلالِ أسأَلُها / عنها وأُخبرُها مِن بعدِها ما بي
وما عليَّ اذا أحييتُ معلمَها / حفظاً لعهدكِ يا لمياءُ مِن عابِ
وما وجدتُ وقد خاطبتُ أرسمَها / بعدَ الأحبَّةِ غيرَ الأورَقِ الهابي
أَضْحَوا ودأبُهمُ البينُ المُشِتُّ كما / أمسيتُ بعدَهمُ والدمعُ مِن دابي
وضقتُ ذرعاً بأيامِ الفراقِ وما / مُنَّيتُ منها بأعوامٍ وأحقابِ
فما احتيالي إذا طالَ الزمانُ بهم / وما أرى الزمنَ الخالي بأوّابِ
وما انتفاعي بجفنٍ في الديارِ اِذا / ما زرتُهنَّ على الأحباب سَكّابِ
ولا تذكُّرُ أيامي بقربهمُ / يُجدي عليَّ ولا ليلاتُ أطرابي
صدّوا وصدَّ خيالٌ كانَ يَطْرُقُني / عندَ الهجوعِ فأمسى غيرَ مُنتابِ
يا حارِ هل يُبلِغَنَي العزمُ دارَهمُ / بكلَّ هوجاءَ مثلِ الريحِ هِرجابِ
مثل الوضينِ تبذُّ الهَيْقَ مُعْنِقَةَّ / والليلُ عنِّي وعنها غيرُ منجابِ
وفتيةٍ كالنجومِ الزُّهرِ أوجُههمْ / عندَ الكريهةِ بسامينَ أَنجابِ
إذا رميتَ بهمْ في صدرِ معركةٍ / رميتَ فيها بطعّانِ وضُرابِ
وإِ هم جلسوا في السلمِ وانبعثوا / في العلمِ فاقوا باِعراب واِغرابِ
أحبابُنا بعدوا عنّا وذكرُهمُ / مُرَدَّدٌ بيننا مِن غيرِ اِسهابِ
لئن وصلتِ بنا يا نوقُ أرضَهمُ / فلا نزلتِ بوادٍ غيرِ معشابِ
الى مواطنَ قد أعيتْ مسافتُها / على نجائبِ قُصّادٍ وطُلاّبِ
مرابعٍ طالما كانتْ اوانسُها / تزورُني دائماً مِن غيرِ اِغبابِ
هنَّ البدورُ التي عزَّتْ منازلُها / على عزائمِ خُطّار وخُطّابِ
ممنوعةٌ أن ينالَ الضيمُ خِطَّتهَا / بكلِّ ليثٍ جرىءٍ غيرِ مِهيابِ
تسري إلى رَهَجِ الهيجاءِ في كَنَفٍ / مِن القنا ومِنَ المُرّانِ في غابِ
مابين شُوسٍ مداعيسٍ جحاجحةٍ / كالأُسدِ في ملتقى الأقرانِ أضرابِ
أجوبُ نحوَهمُ البيداءَ معتسفاً / كالسيفِ غيرِ كَهامِ الحدِّ أونابي
مِن فوقِ أعيسَ في الموماةِ مضطلِعٍ / بالوجدِ يشأى النعامَ الرُّبدَ جَلْعابِ
متى اغتدى النكسُ خوفاً مِن قراعِهمُ / للبيدِ أولليالي غيرَ جوّابِ
كم رضتُ جامحَ قلبي عنكمُ فأبى
كم رضتُ جامحَ قلبي عنكمُ فأبى / وكانَ ذاكَ لا فرطِ الهوى سببا
غالبتُه ودواعي الشوقِ تُسمِعُني / خوفُ الفراقِ ولكنْ وجدُه غَلَبا
وكنتُ أعهدُهُ مِنْ قبلِ حبَّكمُ / يُطيعُني فمتى عاتبتُه انعتَبا
لم يتركِ الوجدُ لي لمّا هويتُكمُ / في سائرِ الناسِ تأميلاً ولا أربَا
يا مُخجلي الشمسَ كم أنضبتُ بعدكُمُ / نُجْباً مُزَمَّمةً لا تَعْرِفُ اللَّغَبا
يحدو لها وهي في البيداءِ جانحةٌ / حادٍ إذا زِدنَ وجداً زادها طَرَبا
تطوي الفيافي وما أنفكُّ أُوسِعُها / سوقاً يُكلَّفهنَّ النصَّ والخَبَبا
رواقلاً في عُبابِ الآلِ تحسبُها / قَطاً سِراعاً إلى أورادِها سُرُبا
يا مُرخصي الدمعَ هذى الورقُ ساجعةٌ / في البانِ تُظهِرُ مِن تطريبها عَجَبا
تنوحُ والصبحُ في أثناءِ شَمْلَتِهِ / والريحُ قد حرَّكتْ مِن قُضْبِهِ العَذَبا
فكلَّما رَدَّدَتْ في الأيكِ عُجمتَها / على ضِرامِ غرامي زِدنَهُ لَهبَا
أحبابَنا كيف لا تُرعى محافظتي / لودَّكمْ وهي قد صارتْ لنا نَسَبا
أرومُ عودكمُ والبينُ معترِضٌ / بيني وبينكمُ يستغرقُ الحُقُبا
حمَّلتموني ما لو أن أيسرَهُ / يُمنى به حَضَنٌ لاندكَّ أو كَرَبا
بنتمْ فلا مقلتي تَرْقا مدامعُها / بعدَ الرحيلِ ولا وجدي بكم عَزَبا
الحالُ ما حالَ والأشواقُ ما برحتْ / كما عهدتمْ وحبلُ الوجدِ ما انقضبا
وفي الهوادجِ والأظعانِ بدرُ دجًى / يروعُني سافراً منه ومُنتقبا
اِذا وصفتُ له وجدي على ثقةٍ / بأنْ يُريحَ فؤادي زادَهُ تَعَبا
يا بينُ هلاّ تردُّ العيسَ حاملةً / على غواربهنَّ الجيرةَ الغُيُبا
مِن كلَّ غانيةٍ بيضاءَ حاليةٍ / ممكورةٍ تَخِذَتْ مِن صونِها حُجُبا
ضنَّتْ بزُوْرِ مواعيدٍ تريحُ بها / قلباً اليها على علاّتِها انجذبا
وجشَّمتْنَي جوبَ البيدِ طامسةً / يلقى الخيالُ إذا ما جاسَها نَصَبا
أحثُّ فيها علنداءً هملَّعةً / تفلي الفلاةَ إلى أبياتِها طَلَبا
أرومُ منها على بُخلٍ بها شَنَباً / بَذلْتُ فيه لها قبلَ النوى النَّشَبا
يا عاذلَ الصبَّ في دمعٍ يرقرقُهُ / بعدَ الخليطِ على شملٍ قد انشعبا
لا تعذليهِ فهذا الدمعُ بعدَهمُ / يُقضَى به مِنْ حقوقِ الربعِ ما وَجَبا
ربعٌ ينوحُ على سكانهِ فاِذا / ما كظّهُ الشوقُ في أطلالهِ انتحبا
وما الغمامُ مُلِثَّ القطرِ منبجساً / يوماً بأغزرَ مِن دمعي إذا انسكبا
كلاّ ولا البرقُ قد طارتْ شرارتُه / ليلاً بأضرمَ مِن وجدي إذا التهبا
تكادُ تُحْرِقُ أنفاسي الربوعُ وقد / أثارَ عنها حُداةُ الجيرةِ النُّجُبا
دمعٌ على عرصاتِ الربيعِ مسكوبُ
دمعٌ على عرصاتِ الربيعِ مسكوبُ / ومغرمٌ قلبُه في الركبِ محجوبُ
ودَّعتُهُ عندَما بنتمْ فأضحكَني / مقالُه مَلَقاً ذا البعدُ تعذيبُ
أحبابنا بنتمُ عنّي ورافقَكُمْ / قلبي فها هو في الأظعانِ مجنوبُ
تكادُ تَحرِقُني نيرانُ ذِكْرِكُمْ / وللحمامةِ في الأغصانِ تطريبُ
كأنَّ ذكَركُمُ وقفٌ عليَّ فلي / دمعٌ بأشطانِ هذا البينِ مجلوبُ
أمسيتُ أشعبَ في اِيثارِ وصلِكُمُ / وواعدُ الوصلِ منكمْ وهو عُرقُوبُ
يا ريمَ رامةَ بي شوقٌ يُهيِّجُهُ / ذِكرى قديمِكَ والاِحسانُ محسوبُِ
هل بعدَ بُعْدِكَ مِن شيءٍ أراعُ به / هذا وحبُّكَ قبلَ اليومِ محسوبُ
قد كنتُ أخشاه والأذهانُ صائبُها / يُريكَ بالوهمِ شيئاً وهو محجوبُ
أين الظباءُ التي قد كانَ شادِنُها / يروقُني منه اِحفاءُ وترحيبُ
بانوا وبانَ فلي مِن بعدِ بينهمُ / سِنٌّ يعيدُ بناني وهو مخضوبُ
شوقاً ولا يوسفٌ في كلِّ مرحلةٍ / كلاّ ولا كلُّ بيتٍ فيه يعقوبُ
أبكي فتوهُمني الآمالُ عن جَلَدي / صبراً وعهدي بصبري وهو مغلوبُ
خِداعُ ظنِّ ولولاهُ لما بلغتْ / منا العيونُ مُناها والحَواجيبُ
يا حارِ مالي وما للبرقِ يُقلِقُني / كأنَّه بلظى الهجرانِ مشبوبُ
وماءُ مزنتهِ لم يَهْمِ مُنبجِساً / إِلاّ انثنى بدموعي وهو مقطوبُ
للبرقِ فيها ابتسامٌ لا يُزايلُها / ولي عقيبَ النوى في الدارِ تقطيبُ
أرى الديارَِفتَصبيني وأُنِكرُها / حتى يُذَكِّرَني عِرفانَها الطيبُ
مرابعاً كنَّ أجساماً زمانَ بها / كنّا وأرواحُها البيضُ الرعابيبُ
واليومَ غيرَّها صرفُ الزمانِ وفي / تقلُّبِ الدهرِ للرائي أعاجيبُ
والوصلُ أن سمحَ الدهرُ الضنينُ به / فذاكَ مِن فلتاتِ الحظِّ موهوبُ
أبغي الوصالَ ومِن دوني ودونهمُ / بيدٌ تَكِلُّ بها البُزْلُ المصاعيبُ
في كلِّ يومٍ لنجبي وهي ساهِمَةٌ / الى الحبائبِ تشريقٌ وتغريبُ
تمحو منا سِمُها سطراً وتُثْبِتُه / نحوَ الدِّيارِ فممحوٌّ ومكتوبُ
سارتْ ولم تشكُ في الموماةِ من لَغَبٍ / أنَّى وقد قُرِعَتْ منها الظنابيبُ
تَفري جلابيبَ ليلٍ ليس تُنِكرَه / بنا وما فوقَها إلا الجلابيبُ
في مهمهٍ كغِرارِ السيفِ مُنصِلتِ / أجوبهُ بالمطايا وهو مرهوبُ
مِنَ الحُداةِ ومِن شِعرى لها ولنا / حدْوٌ يُعلِّلُها وَهْناً وتشبيبُ
سقى المنازلَ شؤبوبُ الغمامِ فِانْ / ضَنَّ الغمامُ فمِن دمعي شآبيبُ
يَهمي وأنشِدُ شِعراً رقَّ مِن وَلَهٍ / نسيبُه فهو في الأشعارِ منسوبُ
شعراً متى طلَّقَ الأشعارَ خاطِبُها / رأيتَهُ وهو دونَ الكلِّ مخطوبُ