المجموع : 6
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا / فارتدَّ ناظرُهُ المرتادُ مرتابا
وكان أَوطانَ أَوطارٍ محَاسِنُها / تَسْتَنْفِذُ اللَّفْظَ إِطراءً وإطرابا
حيثُ المغانِي غَوَانٍ ما اشْتَكَتْ يَدُها / يوماً من الخُرَّدِ الأَترابِ إِترابا
ولا أَلَمَّ بها مثلي بأَدْمُعِهِ / فاستَعْجَزَ الغَيْبَ إِرباءً وإِربابا
يا حبذا البانُ إِذ أَجني فَوَاكِهَهُ / على ذُرَى البانِ أَعناباً وعُنَّابا
وإِذْ أَبِيتُ وكأْسُ الراح مالئَةٌ / كَفِّي حَبَاباً وطَرْفِي فيه أَحْبَابا
سقاهُ كالدَّمْعِ إِلا ما يُؤَثِّرُهُ / فإِنه مَنَع الإِجْدَاءَ إجْدَابا
وجَرَّ فيه كأَنفاسِي غَلاَئِلَهُ / شَذاً تقولُ له الأَطْنَابُ إِطْنابا
قِفَا لأَعْتِبَ دَهْراً لانَ ثُمَّ عَسَى / عَسَاهُ يُعَقِبُ هذا العَتْبَ إِعْتَابا
واستنزِلاَ بلطيفٍ من حديثِكُمَا / قلباً طواهُ على الأَحقادِ أَحْقَابا
للهِ ما ضَمَّتِ الأَوزاعُ من قَمَرِ / أَرْخَى ذوائِبَ عنهُنَّ الدُّجَى ذَابا
أُغَمِّضُ اللحْظَ منه حينَ ينظُرُ عن / جفنٍ هُوَ النصلُ إِرهافاً وإِرهابا
وربما زارَني زَوْراً وشَقَّ إِلى / وَصْلِي حِجاباً يراعيهِ وحُجَّابا
ما كنتُ أُسْكِرُ طرْفِي من مُدامِ كَرًى / لو لَمْ يُحَرِّمْ على الإِصْحَاءِ أَصحابا
يا مَنْ إِذا ما وَفَى اسْتَوْفَى الحُشَاشَةَ لا / عَدِمْتُ حالَيْكَ إِعطاءً وإِعْطَابا
ومُغْرِياً جَفْنَ عَيْنِي بالمنامِ لقد / أَبدَعْتَ في ذلك الإِغراءِ إِغْرَابا
وفاضَ لي من أَبي الفَيَّاضِ بَحْرُ نّدًى / أَنشا سحاباً من المعروفِ سَحَّابا
المالكَ الموسعَ الأَملاكَ ما بَرَقَتْ / صوارِمُ الحَرْبِ إِجلاءً وإِجلابا
والمُقْطِعَ المعشرَ الراجينَ ما لقِحَتْ / سمائمُ الجدب إِنهالاً وإِنهابا
والبانِيَ المجدَ صَرْحاً من تِلاوَتِهِ / أَنا الَّذي أَبْلَغَ الأَسْبَابَ أَسْبابا
أَفناؤهُ الخُضْرُ تستَدْعِي بنَضْرَتِها / معاشِرَ الناسِ إِرْعاداً وإِرْعابا
هِيَ الحِمَى حَلَّ منهُ أَو نَأَى وكَذَا / كَ الليثُ إِنْ غابَ يَحْمِي بَأُسُهُ الغابا
شَهْمٌ هُوَ السَّهْمُ تسديداً لشاكِلَةٍ / مَهْمَا أَصابَ شَفَى للدينِ أَوْصابا
غَضَنْفَرٌ لا يزالُ الماضِيانِِ له / إِن حادِثُ الدَّهْر نابَ الظُّفْرَ والنابا
منْ كلِّ أبْيَضَ مهما التاجُ في وَهَجٍ / أَقامَ يُلْهِبُ نارَ الحربِ إِلهابا
وكُلَّ أَسْمَرَ مهما جالَ في حَرَجٍ / وانسابَ أَلْحَقَ بالحَيَّاتِ أَنْسابا
لفَّ الشجاعَةَ منه بالتُّقَى فغدا / يُريكَ من دِمْنَةِ المحرابِ مِحْرَابا
نَجْلُ الأَكابِرِ والأَمْلاكِ ما بَرِحُوا / للمُلْكِ مُنْذُ رُبُوا في الحِجْر أَرْبَابا
عَليه شَبُّوا ومن أَثْدَائِهِ رَضَعُوا / حتى لَصَارَتْ لَهُمْ آدابُه دَابا
طالوا وطابوا ومهما طالَ مكرُمَةً / فَرْعُ امرِىءٍ في العُلاَ فالأَصلُ قد طابا
نَهَّابُ أَعدائِهِ وَهَّابُ أَنْعُمِهِ / أَحْسِنْ بحالَيْهِ نهَّاباً وَوَهَّابَا
لِلْجُودِ والبَأْسِ أَحزابٌ بِرَاحَتِهِ / ساقَتْ إِليه جيوشُ الشُّكْرِ أَحْزَابا
أَتَتْ إِليه بناتُ الشِّعْرِ قاصِدَةً / وَكَمْ أَتَتْ قبلُ خَطَّاراً وخَطَّابا
من كُلِّ مُلْهَبَةِ الأَلفاظِ مُذْهَبَةٍ / تُشَعْشِعُ الطِّرْسَ إِلهاباً وإِذْهَابا
تَوَقَّدَتْ فَلَوَانَّ المَرْءَ يُنْشِدُها / في شهرِ كانُونَ ظنُّوا آبَ قَدْ آبَا
كم مِنْ حقائِبِ أَحْقابٍ قد امْتَلأَتْ / بشُكْرِ بِرِّكَ إِنجازاً وإِنْجابا
من كانَ مثلَكَ يُرْجَى خَيْرُهُ أَبّدًا / رَأَى جميعَ شهورِ العامِ أَرْجَابا
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ / وهي الى رَفعِها لولاهما سبَبُ
هيهاتَ مطفِئُ ذاكَ الوجدِ مُوقدُهُ / قد ينضِجُ الجمرُ أحياناً فيلتهبُ
وكيفَ يخمُدُ عن صبٍّ ضِرامُ جوًى / الى ضرامٍ على الخَدّين ينتسبُ
بل كيفَ لا يجبُ القلبُ الذي فعلَتْ / يدُ الصّبابةِ منه فوقَ ما يجبُ
ما هذه القُضُبُ اللُّدْنُ التي اعترضتْ / فعارضَتْ دونها الأرماحُ والقُضُبُ
عقدنَ فوق وجوه كالبدورِ لنا / أكِلّةٌ ما شككنا أنها سُحُبُ
ولو رفعْنَ سُتورَ الحُجْب لانْسدَلَتْ / من العفافِ على عاداتِها الحُجُبُ
وما النّقابُ بمُغنٍ دونَ عاقِدِه / وللجمالِ محيّا ليس ينتقِبُ
للحسن روضٌ رأيتُ اللحظَ يقطِفُه / منه الغصونُ التي يحكونَ والكُثُبُ
وللشفاهِ كؤوسٌ غيرُ دائرةٍ / لها الثغورُ وما شاهَدْتُها حَبَبُ
لا تنكِرنّ فما ذاكَ الرّضابُ سوى / من دونِه حُجُراتٌ أنه ضَرَبُ
وإن تقُلْ أُقحوانٌ فيه طلُّ ندًى / فعنْهُ حين تهبّ الريحُ ما يهَبُ
هذي العيافةُ فاحسُبْها عليّ وقُلْ / للقائدِ العفّةُ الزهراءُ والحسبُ
ورُبّ يومٍ دخانُ النّدّ صيّرهُ / ليلاً وأقداحُنا في جنْحِهِ شُهُبُ
كرَعْتُ في فضّةٍ منه وفي ذهَبٍ / لم تحْتَجِبْ فضةٌ عنها ولا ذهَبُ
خَمْراً إذا الماءُ أورى زَنْدَها بعثَتْ / عنه شَراراً على حافاتِها يثِبُ
شدّتْ لتسلبَني لُبّي فقال لها / مديرُها بلحاظي ذاك مُستَلَبُ
يا قومُ حتى بأرضِ الروم لي كبِدٌ / حرّى تُغيرُ على أفلاذها العرَبُ
فيا أبا القاسِم الشّهْمِ الذي أبداً / حُبّاً به من صُروفِ الدّهرِ مُجتَنَبُ
هلاّ كتائبُ غيرِ الحُسنِ ثائرةٌ / كيما أقولَ بها يُمناك والكُتُبُ
ما طالَ خطبي مع خَطْبٍ يحاولُني / إلا استثارَتْكَ لي الأشعارُ والخُطَبُ
أقولُ فيك فتحميني وأنتَ بما / أقولُ فيك بدَسْتِ العزّ مُنتهَبُ
عجائبٌ في المعالي ما برِحْتَ لها / مُكرَّرَ الفعل حتى لم يُقَلْ عجَبُ
واسمٌ من الفضل لم يُخْصَصْ سواكَ به / إلا كما يَستبينُ النّعْتُ واللّقَبُ
شورِكْتَ فيه فكان العودَ مشترَكٌ / في لفظِه المندَلُ الفوّاحُ والحَطَبُ
وعلَّهُ في رماح الخطّ يمنعُها / من أنْ تُقاسَ بها أشكالُها القصَبُ
جرى أبوكَ لشأوٍ ما اقتنعْتَ به / فالمجدُ عندَك موروثٌ ومُكتَسَبُ
ونلْتَ من رُتَب العَليا وغايتِها / ثمّ استوَتْ في انحطاطٍ بعدَها الرُّتَبُ
كم ملتقى طرفَيْ عُرْفٍ ومعرفةٍ / إليك جاذب وصْفَيْهِ أبٌ وأبُ
مناسِبٌ رقّ فيها وصفُ مادحِها / فليس يُدْرى نَسيبٌ ذاك أم نسَبُ
إن ينتسبْ لقريشٍ فهي طائفةٌ / إليك بعد رسولِ اللهِ تنتسِبُ
يُنْمى لها وكذا يُنمى إليكَ فهلْ / من يَحسُبُ البدرَ إذ ما فاتَه الحسبُ
وكم ثبتّ بحيث الأمن مضطرب / وما لغيرك في الآراءِ مضطربُ
فقمتَ لا العِطْفُ عمّا سامَ منعطفٌ / وقُلتَ لا القلبُ عما سامَ منقلِبُ
وفلّ ما نصَبوا من زُورِ كيدِهِمُ / ربُّ به رُدَّ عنك النّصْبُ والنصَبُ
وهل يضرّك في مالٍ محاسبةٌ / وكلُّ مالِكَ عندَ الله محتسَبُ
يا قائداً دارتِ العَليا بمنصِبه / حتى كأنّهما الأفلاكُ والقُطُبُ
شهَرْتَ ذا الشهرَ بالبرّ الذي ملأتْ / به حقائبَها من قبلِه الحِقَبُ
وهل يُخَصُّ به ذا الشّهرُ منفرداً / وكلُّ شهرٍ بما أولَيْتَه رجَبُ
لا زلْتَ عذبَ مياهِ الفضل خافقةً / عليك فوقَ رماح السّؤدُدِ العذَبُ
لا يُقتضى جودُك الأزكى لمكرمةٍ / إلا ونائلُه الفيّاضُ ينتصِبُ
قد كنت أمنعُ بيعَ الشِّعرِ في زمنٍ
قد كنت أمنعُ بيعَ الشِّعرِ في زمنٍ / أقلُّ ما يُتشارَى فيه بالذهبِ
فصِرْتُ أعرِضُه بالبخْسِ في زمنٍ / يُردُّ أكثرُه في الماءِ والحطَبِ
ولي غرائبُ فيه لو يقومُ بها / أخو الشباب شفيعاً فيه لم يَشِب
ولم تكنْ وهْي عند الرومِ ضائعة / فهل تضيعُ وقد جاءتْ الى العربِ
الفكرُ في الرزقِ كيف يأتي
الفكرُ في الرزقِ كيف يأتي / شيءٌ به تتعبُ القلوبُ
وحاملُ الهمّ ذو دُعاءٍ / في علم ما تحجُبُ الغيوبُ
فإنْ ألمّتْ بك الرّزايا / أو قرعَتْ بابَك الخطوبُ
فجانبِ الناسَ وادْعُ منْ لا / تُكشَفُ إلا به الكروبُ
منْ يسألِ الناسَ يحرموهُ / وسائلُ الله لا يَخيبُ
إنْ كنت يوماً مُعيني عند نازلةٍ
إنْ كنت يوماً مُعيني عند نازلةٍ / فاليوم إني بين الظّفْرِ والنّابِ
ما زلتُ أملكُ أسلابَ الملوكِ الى / أن مُلِّكَتْ سوقُه الأقوام أسلابي
وكم فتًى بات محرابَ الوَغى فغدَا / بغارةِ اللصِّ محروباً بمحرابِ
قالوا الثوابَ عن الأثوابِ قلتُ لهم / خُذوا ثوابي وردّوني لأثوابي
وا ضيعةَ العَضْبِ لا جفنٌ يُصانُ به / وأيّ جفنٍ لماضي الحدّ قِرْضابِ
وقد دعوتُك والأسماعُ مصغيةٌ / الى استماعِ جوابٍ منك جوّابِ
وسوف أكسوكَ من نسجِ الثنا حُلَلاً / مطرّزاتِ بتصنيعٍ وآدابِ
فجُدْ بها عِمّةً كالتاجِ باهيةً / ودعْ سواكَ لإحرامٍ وجلبابِ
وهذه قسمةٌ بالحقّ ناطقةٌ / روسٌ لروسٍ وأذنابٌ لأذنابِ
كم واصل الدهر منْ همّ وأوصله / وكم فتًى من بَني الجبّابِ جبّابِ
يا فارسَ المسلمين انظرْ إليّ تجِدْ
يا فارسَ المسلمين انظرْ إليّ تجِدْ / روضاً هشيماً على قُرب من السُحُبِ
لا أقتضيكَ لتقديمٍ وعدْتَ به / من شيمةِ الغيثِ أن يأتي بلا طلَبِ
عيونُ جاهِك عني غيرُ نائمةٍ / وإنما أنا أخشى حُرفةَ الأدَبِ