المجموع : 3
يا رَبْعَ ناجِيَةَ انْهَلَّتْ بكَ السُّحُبُ
يا رَبْعَ ناجِيَةَ انْهَلَّتْ بكَ السُّحُبُ / أمَا تَرَى كيفَ نابَتْ دُوْنَكَ النُّوَبُ
وعاد قلبيَ مِنْ ذكراهُ عيدُ جوىً / هو الخيالُ وإنْ قالوا هُوَ الطَّرَب
أبَعْدَ حَوْلٍ تَقَضَّى لِلنَّوى كَثَبٍ / ولا الذي بيننا نَبْعٌ ولا غَرَب
أرْتَابُ بالشيء مما كنتُ أذكره / يا دهرُ إنَّ أحاديثَ المُنَى رِيَبُ
مما يُبَرِّحُ بي حتَّى أبوحَ به / وإنْ أحاطتْ بيَ الأوْصَادُ والرُّقُب
ذكرى إذا نزعت قلبي شياطنها / فانظر إلى اصل دائي كيف ينسعب
وَلي حبيبٌ وإنْ شَطَّ المَزَارُ به / بَيْني وبَيْنَ الرَّدى في حُبّهِ سَبَب
وسنانُ يَكْسِرُ جَفْنَيْهِ على حَوَرٍ / فيه الصَّبَابةِ جدٌّ والهوى لَعِبُ
تَزَوَّدَتْ منهُ عَيْني نظْرَة عَرَضَا / أصْبَحْتُ وهي بقلبي لَوْطَةٌ عَجَب
قالوا الهوى عِيْشةٌ ضَنْكٌ فقلت لهم / لا خيرَ في دَعَةٍ لم يَجْنِها تَعَب
والخمرُ لولا حُمَيَّاها وَسَوْرُتها / لم تُغْرَسِ الكرمُ أو لمْ تعْصَرِ العِنَب
يا دولةَ الوَصْلِ هل لي فيكِ منْ أمَلٍ / هيهاتِ ليس لشيءٍ فاتَ مُطَّلَب
كانتْ يدَ الدهرِ عندي فاستبدَّ بها / ما أعْلَمَ الدهرَ باسْتِرْجاعِ ما يَهَب
كم ليلةٍ بِتُّهَا أجْدُو غياهِبَها / ببدرِهَا التِمِّ لا مَيْنٌ ولا كَذِب
يُعِلّني كلَّما مالَ العِناقُ به / كأساً من الرِيِّ ما في ثَغْرِه حبب
هَبَّتْ تُعاتِبُني زَهْرٌ وقد عَلِمَتْ / أن العتابَ شجىً في القلب أو شجب
قالتْ قعدتَ وقامَ الناسُ كُلُّهُمُ / ألا يُعلِّلكَ الأثراءُ والرُّتب
فقلتُ كُفّي فما تُغْني مُقارعتي / في أزْمَةٍ ضاعَ في أثْنائِها الأدب
فاستضحكتْ ثم قالت أنت في سَعةٍ / من أن تُسيمَ وهذا الماءُ والعُشب
أما رأيت ندى حَوَّاء كيف دنا / بالغيثِ إذ كادَ يأتي دونه العطب
دنيا ولا ترفٌ دينٌ ولا قشفٌ / ملك ولا سرف دركٌ ولا طلب
بِرٌّ ولا سقمٌ عيشٌ ولا هرَمٌ / جِدٌّ ولا نصبٌ وِرْدٌ ولا قربُ
رِدْ غَمْرَة ترتمي من كلٍّ ناحيةٍ / عُبابُهَا الفضَةُ البيضاءُ والذهب
مَليكةٌ لا يُوازِي قَدرَها مَلِكٌ / كالشّمْسِ تَصغُر عن مِقْدارِها الشُّهُب
وَهَضْبَةٌ طالما لاذُوا بجانبها / فما لهمْ لم يقولوا مَعْقِلٌ أشِبُ
أنثى سما باسْمِها النادي وكم ذكرٍ / يُدْعَى كأنَّ اسْمَهُ من لؤمه لقب
وقلَّما نقصَ التأنيثُ صاحبَهُ / إذا تُذُكّرِتَ الأفعالَ والنُّصُب
والحيَّةُ الصِلُّ أدهى كلما انبعثت / من أنْ تمارسها الأرْمَاح والقضب
وهذه الكعبةُ استولتْ على شَرَفٍ / فَذُبْذِبَتْ دونها الأوثانُ والصُّلُب
يَنْميكِ كلُّ بعيدِ الشأوِ فائِتُهُ / له البسالةُ أمٌّ والسمَّاحُ أب
منْ كلِّ مُنْصَلِتٍ يَسْعَى بِمُنْصَلتٍ / والموتُ بينهما يَنْدَى ويلتهب
إذا رَضُوْا فارْجُهُم في كلِّ نائبةٍ / وكنْ على حَذَرٍ منهمْ إذا غضبوا
إذا دَعَوْا قامتِ الهيجا على قَدَمٍ / كأنما تنتمي فيهمْ وَتَنْتَسِب
هُمْ ثَبَّتوا الدينَ إذْ ضاقتْ مَذَاهِبُهُ / بأنْفُسٍ صِيغَ منها الدينُ والحسب
أيامَ جبريلُ داعيهم إذا نزلوا / وَعِزِرائيلُ راعيهم إذا ركبوا
حتى استقرَّ الهُدى في عُقْرِ دارِهِمُ / وأيْقَنَ العُجْمُ أنَّ القادةَ العربُ
همْ أورثوك العلا واستخلفوك على / آياتها وحذا الأعقابُ والعقِبُ
أَهلْلَتُ بالحُرّةِ العُلْيا إلى أملٍ / لمثلِهِ كانت الأشعارُ تنتخب
وشمتُ بَرْقَ نداها طَيَّ سَوْرَتِها / فاقتادني رَغَبٌ واعتادني رَهَب
والمرءُ ليس له نفعٌ ولا ضررٌ / كالنّارِ ليس لها ضَوْءٌ ولا لَهَب
بَنَى لكِ ابنُ عليٍّ بيتَ مَكْرُمَةٍ / الله العوالي عمادٌ والظُّبَا طُنُب
وَلاَّكِ أبهج فخرٍ تفخرينَ به / إذا انْتدَى للفخارِ السَّادَةُ النجب
يا أختَ خيرِ مُلوكِ الأرضِ قاطبةً / وإن أعدّوا وإن أسموا وإن نسبوا
محمّدٌ وأبو بكرٍ وخيرهم / يَحْيى وحَسْبُكِ عِزّاً كلَّما حُسبوا
ثلاثةٌ هُمْ مُرَادُ النَّاسِ كُلّهِمُ / كالدَّهرِ ماضٍ وموجودٌ وَمُرْتَقَبُ
حوّاءُ يا خيرَ من يَسْعَى على قَدَمٍ / ولستُ عَبْدَكِ إنْ لم أقْضِ ما يجب
إليكِ أهديتُ مما حاكه خَلَدي / فَخْراً يَجِدُّ وتبلى هذه الحِقَب
وافتك سودُ خطوطٍ كلما احتضرت / ألْقَتْ مقالدَها الأشعارُ والخطب
قد عمَّ برُّكِ أهلَ الأرضِ قاطبةً / فكيف أخْرِج عَنه جارُكِ الجُنُبُ
ليس على لهونا مزيد
ليس على لهونا مزيد / ولا لحمامنا ضريبُ
ماءٌ وفيه لهيبُ نارٍ / كالشمس في ديمةٍ تصوب
وأبيضَّ من تحته رخامٌ / كالثلج حين ابتدا يذوب
يا قلب ذب كمداً أو لا فلا تذب
يا قلب ذب كمداً أو لا فلا تذب / ما من تحب ولو تحرص بمقترب
ركبت هول الهوى من غير تجربة / وراكب الهول محمول على العطب
قد خاب الهوى من بعدما وضحت / منه ضروب منّى أحلى من الضرب
لبيتَ داعيه الهوى ألا إلى الشحب / حتى إذا من تلك المنى جعلت
حتى إذا من تلك المنى جعلت / تدعو بطول الويل والحرب
أيا لذيذة لا واللَه مذ حجبت / عني فما لي في اللذات من أرب
تركتني يا حياتي للدرى غرضاً / تفديك أمي من صرف الردى وأبي
يصلى فؤادي سعيراً من صبابته / والعين في لجة من دمعها السرب
يا رب قد سفكت أم الوفاء دمي / وقد تخوفت أن تؤاخذ بي
وقد ذهبت لها قلبي وما خطري / حتى يعاقب ذاك الحسن من سببي
نسبت ألا تلاقينا وموقفنا / على مراقبة من أعين الرقب
لما التقينا وقد قيل المساء دنا / وغابت الشمس أو لاذت ولم تغِب
وأضلعي بين منقد ومنقصف / وأدمعي بين منهل ومنسكب
تأملتني أم المجد قائلة / بمن أراك أسير الوجد والطرب
فقلت قلبي مسبّي وأنك لو / كتمت سري لم أكتمك كيف سبي
وأعرضت ثم قالت قد أسأت بنا / ظنّاً أيجمل هذا من ذوي الأدب
فقُلت إنّي امرؤ لما لقيتكم / والمرء وقف على الأرزاء والنوب
سبتُ فؤادي ذات الخال قادرة / ولا نصيب لهُ منها سِوى النصب
اشقى بها وهي تلهو في بلهنيّة / شتان واللَه بينَ الجد واللَعبِ
أصابت القلب لما ان رمتهُ ولو / رمتهُ أخرى اذن لاشكَّ لم تصب
فقالت أشك إليها ما لقيت ولا / ترهب فلن تبلغ الآمال بالرهب
عسى هواك سيعديها فيعطفها / فقد يكون الهوى أعدى من الجرب
فقلت أعظمها بل ما أكلمها / إلا أشار إليّ الموت من كثب
قالت أنا أتولى ذاك في لطف / فقد أؤلف بين المساء واللهب
فقلت مثلك من يرجى لمعضلةٍ / لازلت في غبطة ممتدة الطنب
قالت لها يا لذيذ الحسن صاحبنا / صبا إليك فأضحى جدّ مكتئب
صليه أو فاقتليه فالحمام له / خير من الهجر في جهد وفي تعبِ
فلو تراني قد استسلمت مرتقباً / منها حنان الرضى أو جفوَة الغضب
حتى إذا ما ألانت تلك جانبها / والقلبُ مضطرم تسكينه يجب
طفقت الثم كفيها وقد جنحت / إليك تضحك بين العجب والعجب
ثمَّ افترقنا وقد ساءت / ان اجتمعنا ولم تأثم ولم تخب
لِلَّه مثلى ما أدنى سجيته / من المَعالي وأنآها عن الريب
كَم مآثم مستلذ قد هممت بهِ / فلم يدعني له ديني ولا حسبي