المجموع : 24
ما ضرَّ من لمْ يجدْ في الحبِّ تعذيبي
ما ضرَّ من لمْ يجدْ في الحبِّ تعذيبي / لو كانَ يحملُ عنِّي همَّ تأنيبي
أشكو إلى اللهِ عذَّالاً أكابدُهم / وما يزيدون قلبي غيرَ تشبيب
وخاطرٍ خنثِ الأشواقِ تعجبهُ / سوالفُ التركِ في عطفِ الأعاريب
كأنَّني لوجوهِ الغيدِ معتكفٌ / ما بينَ أصداغِ شعرٍ كالمحاريب
كأنَّني الشمعُ لما باتَ مشتعلَ ال / فؤاد قال لأحشائي الأسى ذُوبي
لا يقربُ الصبرُ قلبي أو يفارقهُ / كأنَّه المالُ في كفِّ بن أيوب
لولا ابنَ أيوبَ ما سرنا لمغتربٍ / في المكرُمات ولا فزْنا بمرغوب
دعا المؤيدُ بالترغيبِ قاصدَهُ / فلو تأخَّر لاستدعي بترهيب
ملكٌ إذا مرَّ يومٌ لا عفاةَ به / فليس ذاك من عمرٍ بمحسوب
للجودِ والعلمِ أقلامٌ براحتهِ / تجري المقاصدُ منها تحتَ مكتوب
مجموعةٌ فيه أوصافُ الأولى سلفوا / كما تترجم أخبارٌ بتبويب
إذا تسابق للعلياءِ ذو خطرٍ / سعى فأدركَ تبعيداً بتقريب
وإن أمالَ إلى الهيجاءِ سمرَ قناً / أجرى دماءَ الأعادي بالأنابيب
قد أقسمَ الجودُ لا ينفكُّ عن يدِه / إمَّا لعافيهِ أو للنسرِ والذيب
أما حماه فقد أضحى بدولتهِ / ملاذَ كل قصيِّ الدار محروب
غريبة الباب تُقري من ألمَّ بها / فخلِّ بغدادَ واترُكْ بابها النوبي
وانعمْ بوعدِ الأماني عند رؤيتهِ / فإنَّ ذلكَ وعدٌ غير مكذوب
واعجب لأيدي جوادٍ قطّ ما سئِمت / إنَّ البحارَ لآباءُ الأعاجيب
كلُّ العفاةِ عبيدٌ في صنايعه / ودارُ كل عدوٍّ دارُ ملحوب
يا مانحي منناً من بعدها مننٌ / كالماءِ يتبعُ مسكوباً بمسكوب
من كان يلزمُ ممدوحاً على غرَرٍ / فما لزمتك إلا بعدَ تجريب
أنت الذي نبهت فكرِي مدائحهُ / ودرَّبتني والأشيا بتدريب
حتى أقمتُ قريرَ العينِ في دعَةٍ / وذكر مدحك في الآفاق يسري بي
مدحٌ يغار لمسودّ المداد بهِ / حمر الحلى والمطايا والجلابيب
عوِّض بكأسكَ ما أتلفتَ من نشبٍ
عوِّض بكأسكَ ما أتلفتَ من نشبٍ / فالكأسُ من فضةٍ والرَّاحُ من ذهب
واخطبْ إلى الشربِ أمَّ الدهر إن نسبت / أختَ المسرَّةِ واللهو ابنةَ العنب
غرَّاءُ حاليةُ الأعطافِ تخطرُ في / ثوبٍ من النورِ أو عقدٍ من الحبب
عذراءُ تُنجزُ ميعادَ السرورِ فما / تومي إليك بكفٍّ غيرِ مختضب
مصونةٌ تجعلُ الأستارَ ظاهرةً / وجنةٌ تتلقى العينَ باللهب
لو لم يكن من لقاها غيرُ راحتنا / من حرفة المتعبين العقلِ والأدب
فهات واشربْ إلى أن لا يبينَ لنا / أنحنُ في صعدٍ نستنُّ أم صبب
خفت فلو لم تدرْها كفُّ حاملها / دارت بلا حاملٍ في مجلس الطرب
يا حبَّذا الرَّاح للأرواحِ ساريةً / تقضي بسعد سراها أنجم الحبب
من كفِّ أغيدَ تروي عن شمائله / عن خدِّه المشتهَى عن ثغرِهِ الشنب
علقته من بني الأتراكِ مقترِباً / من خاطري وهو منِّي غيرُ مقترب
حمَّالة الحلي والديباجِ قامتهُ / تبت غصونُ الرُّبا حمَّالة الحطب
يا تاليَ العذَلِ كتباً في لواحظه / السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
كم رمتُ كتمَ الجوى فيه فنمَّ به / إلى الوُشاةِ لسانُ المدمعِ السرب
جادت جفوني بمحمرِّ الدُّموعِ لهُ / جودَ المؤيد للعافين بالذَّهب
شادت عزائم إسماعيلَ فاتَّصلت / قواعدُ البيتِ ذي العلياء والرُّتب
ملكٌ تدلك في الجدوى شمائلهُ / على شمائلِ آباءٍ له نُجب
محجب العزَّ عن خلق تحاوله / وجودُ كفَّيه بادٍ غير محتجب
قد أتعبَ السيفَ من طولِ القراعِ به / فالسيفُ في راحةٍ منه وفي تعب
هذا للحلمِ معنًى في خلائقهِ / لا تستطيلُ إليه سَورَة الغضب
يُغضي عن السبب المردي بصاحبه / عفواً ويعطي العطا جمًّا بلا سبب
ويحفظُ الدِّين بالعلمِ الذي اتَّضحت / ألفاظهُ فيه حفظَ الأفقِ بالشهب
يَممْ حماهُ تجدْ عفواً لمقترِفٍ / مالاً لمفتقرِ جاهاً لمقترب
ولا تطعْ في السرى والسيرِ ذا عذلٍ / واسجدْ بذاك الثَرى الملثوم واقترب
وعذْ من الخوفِ والبؤسِ بذي هممٍ / للمدحِ مجتلبٍ للذمِّ مجتنِب
ذاكَ الكريم الذي لو لم يجدْ لكفت / مدائحٌ فيه عند اللهِ كالقُرب
نوعٌ من الصدقِ مرفوع المنارِ غدا / في الصالحاتِ من الأعمالِ في الكتب
وواهبٌ لو غفلنا عن تطلبه / لجاءَنا جودُهُ الفيَّاضُ في الطلب
أسدى الرغائب حتَّى ما يشاركُه / في لفظها غيرُ هذا العشرِ من رجب
وأعتاد أن يهب الآلافَ عاجلةً / وإن سرى لألوف الجيشِ لم يَهب
كم غارةٍ عن حمى الإسلام كفكفها / بالضربِ والطعنِ أو بالرعبِ والرّهب
وغايةٍ جاز في آفاقها صعداً / كأنَّما هو والإسراع في صَبب
ومرمل ينظر الدُّنيا على ظمإٍ / منها ويطوي الحشا ليلاً على سَغب
نادته أوصافه اللاتي قد اشتهرت / لِمَ القعودُ على غيرِ الغنى فثب
فقامَ يعمل بين الكثب ناجيةً / كأنَّما احتملت شيئاً من الكتب
حتى أناخت بمغناهُ سوى كرمٍ / يسلو عن الأهلِ فيه كلُّ مغترب
كم ليلةٍ قال لي فيها ندى يدِه / يا أشعرَ العرب امدح أكرمَ العرَب
فصبحته قوافيّ التي بهرَتْ / بخُرَّدٍ مثل أسراب المها عُرُب
ألبسته وشيها الحالي وألبسني / نواله وشيَ أثوابِ الغِنى القشبِ
فرُحتُ أفخر في أهلِ القريض بهِ / وراحَ يفخرُ في أهلِ السيادةِ بي
يا ابن الملوك الأولى لولا مهابتهم / وجودُهم لم يطعْ دهراً ولم يطب
الجائدِين بما نالت عزائمهم / والطاعنين الأعادي بالقنا السلبِ
والشائدينَ على كيوان بيتَ علًى / تغيب زهر الدَّراري وهو لم يغب
بيتٌ من الفخرِ شادوه على عمدٍ / وبالمجرَّةِ مدُّوه على طنبِ
لله أنت فما تصغي إلى عذلٍ / يوم النوال ولا تلوي على نشبِ
أنشأتَ للشعرِ أسباباً يقالُ بها / وهل تنظمُ أشعارٌ بلا سببِ
أنت الذي أنقذتني من يدَي زمني / يدَاه من بعد إشرافي على العطب
أجابني قبلَ أن ناديتُ جودُك إذ / ناديتُ جودَ بني الدُّنيا فلم يجبِ
فإن يكن بعض أمداح الورى كذِباً / فإنَّ مدحكَ تكفيرٌ من الكذبِ
سدْ يا عليُّ فلا نكراً ولا عجبا
سدْ يا عليُّ فلا نكراً ولا عجبا / واعقدْ لبيتكَ في نجمِ السما طنبا
وافخر على الناسِ نفساً بالعلى شرُفت / كما فخرت عليهم قبلَ ذاكَ أبا
أمَّا القريضُ فقد أنفقتَ كاسِدَه / حتَّى جعلتَ لهُ بين الورَى سببا
يقولهُ وندى علياكَ يمطرُهُ / كأنَّكَ البحرُ يُحبى بعضَ ما وَهبا
شكراً لها من معانٍ فيكَ طالعةً / لو أنَّ طالعها للنجمِ ما غرُبا
مستملحٌ حسنها في عين ناظرِهِ / هذا على أنَّهُ في الذوقِ قد عذُبا
وغادةٍ من بناتِ الفكرِ سافرةٍ / ولو تحجب ذاكَ النورُ ما حجبا
غريبة اللفظِ إن جالَ اليراعُ بها / على الطروسِ رأيتَ البانَ والعذبا
تذكَّرتْ عهدَ جيرانٍ لها فشدتْ / فيهم بأعبق نشرٍ من نسيمِ صبا
ورقّ معنى حديثٍ فهو حينئذٍ / دمعٌ جرى فقضى في الرُّبعِ ما وَجبا
لم أنسَ ألسنةَ الأحوالِ قائلةً / عوّذْ بياسينَ حسناً للعقولِ سبا
وامدحْ عذوبةَ ألفاظٍ مشعشعة / قد استوَى عن ذكاها الماءُ والتهبا
بعدتُ عن بابِ منشيها فوا أسفاً / وواصلتْني على بعدٍ فواطربا
من لي بقبلةِ ذاكَ البابِ تأديةً / فأَغتدي ساجدَ الأمداح مقتربا
يا كاتباً تبَّ مسعى من يناضلهُ / فراحَ يحملُ من أقلامِهِ حطبا
حلفتُ أنَّكَ أذكى من حوَى قلماً / تنشي البديعَ وأنحى من نحا أدبا
أليةٌ لو أتاها الفجرُ ما نسبت / له البريَّةُ في ذيلِ الدُّجى كذِبا
أذكى سنا البرقِ في أحشائهِ لهبا
أذكى سنا البرقِ في أحشائهِ لهبا / وجاذبتهُ يدُ الأشواقِ فانجذبا
واستخرجَ الحبَّ كنزاً من محاجرهِ / فقامَ يبكي على أحبابهِ ذهبا
صبٌّ يرى شرعةً في الحبِّ واضحةً / فما يُبالي إذا قالَ الوشاةُ صبا
نحا الهوَى فكرَهُ العاني فصيَّرهُ / بعامل القدِّ لا ينفكُّ منتصبا
مقسم الدمعِ والأهواءِ تحسبه / بينَ الصدودِ وبين النأي منتهبا
ذو وجنةٍ بمجاري الدَّمعِ قد قرحتْ / وخاطر بجناحِ الشوقِ قد وجبا
كأنَّ مهجتهُ ولَّتهُ فاتَّخذتْ / سبيلها عنه في بحرِ البكى سربا
يا ساريَ البرق في آفاق مصر لقدْ / أذكرتني من زمان النيل ما عذُبا
حدِّث عن البحرِ أو دمعي ولا حرجٌ / وانقل عن النارِ أو قلبي ولا كذِبا
واندُب على الهرمِ الغربيّ لي عمراً / فحبَّذا هرمٌ فارقته وصبا
وقبِّل الأرضَ في بابِ العلاءِ فقدْ / حكيتَ من أجلِ هذا الثغرَ والشنبا
واهْتفْ بشكوايَ في ناديهِ إنَّ بهِ / في المكرماتِ غريباً يرحمُ الغرَبا
هذا الذي إن دعا الأقرانُ فكرتهُ / قالت عزائِمهُ ليس العُلى لعبا
وفى الكتابةَ في علمٍ وفي عملٍ / هذا وعارضهُ في الخدِّ ما كُتبا
وجانست فضلَ مرباهُ فضائلهُ / فراحَ في حالتيهِ يتقن الأدبَا
ذو البيت إن حدَّثت عنه العلى خبراً / جاءتْ بإسنادِها عنه أباً فأبا
بيتٌ أفاعيلهُ في الفضلِ وازنةٌ / فما تراهُ غداةَ المدحِ مضطرِبا
لذَّتْ مناسبه في لفظِ ممتدحٍ / حتَّى حسبنا نسيباً ذلك النسبا
وطالع الفكر من أنبائه سيراً / فما رأى غيرَ أبناءٍ من النجبا
يقفو أخٌ في المعالي والعلومِ أخاً / فبطلع الكلُّ في آفاقها شهبا
من كلِّ ذي قلمٍ أمست مضارِبهُ / سيفاً لدولةِ ملكٍ يدفعُ النوبا
أما ترى بعليٍّ مصر فارحةً / فلا عليًّا فقدناه ولا حَلبا
مهدِي المقالَ لأسماع الورَى دررا / وممطر الجودِ في أيديهمو ذهبا
يصبو إذا نطقَ الصابي ويرمُقه / طرفُ ابن مقلةَ بالإجلال إن كتبا
لم أنسَ لم أنسَ من إنشائِهِ سُحباً / بآية النظم يتلو قبلها سحبا
مرتّ بلفظِ فتيِّ الرُّومِ قائلةً / ما تطلب الرُّوم ممنْ أعجزَ العربا
لو أنَّ فحلَ كليب شامَ بارقها / أمسى يلفُّ على خيشومه الذنبا
تلكَ الَّتي بلغت في الحسنِ غايتهُ / ولم تدعْ لنفيس بعدها رتبا
حتَّى اغْتدى الدُّرُّ في أسلاكه صدفاً / والمندل الرطب في أوطانِهِ حطبا
وطارحتْني وشيبي شاغلٌ أذني / أبعدَ خمسينَ مني تبتغي الأدبا
يا سيدَّ سرَّني مسراهُ في نهجٍ / لنْ يستطيعَ له ذو فكرةٍ طلبا
هذي بديهتكَ الحسناء ما تركتْ / للسحر والنحلِ لا ضرْباً ولا ضرَبا
متى أشافه هذا اللفظَ من كتبٍ / تملى فامْلأ من أوصافِهِ الكتبا
شكراً لأقلامك اللاَّتي جرت لمدىً / في الفضلِ أبقي لباغِي شأوهُ التعبا
حلَّتْ وأطربتْ المصغي وحزت بها / فضل السباق فسمَّاها الورَى قصبا
نعاهُ للفضلِ والعلياءِ والنسب
نعاهُ للفضلِ والعلياءِ والنسب / ناعيه للأرضِ والأفلاكِ والشهب
ندباً وشرعاً وجوب الحزن حين مضى / فأيّ حزن وقلب فيه لم يجب
نعم إلى الأرض ينعى والسماءِ على / فقيدكم يا سراةَ المجدِ والحسب
بالعلم والعمل المبرورِ قد ملئت / أرضٌ بكم وسماءٌ عن أبٍ فأب
مقدمٌ ذكرُ ماضيكم ووارثه / في الوقت تقديمَ بسمِ الله في الكتب
آهاً لمجتهدٍ في العلم يندُبه / من باتَ مجتهداً في الحزن والحرَب
بينا وفود الندى منهلة منناً / إذ نازلتنا الليالي فيه عن كثب
وأقبلت نوَبُ الأيامِ ثائرةً / إذ كان عوْناً على الأيامِ والنوَب
ففاجأتنا يدُ التفريقِ مسفرةً / عن سفرةٍ طال فيها شجوُ مرتقب
وجاءَنا عن إمامٍ مبتدأ خبرٍ / لكن به السمعُ منصوبٌ على النُصب
قالت دمشقُ بدمع النهرِ وأخبراً / فزعت فيه بآمالي إلى الكذِب
حتى إذا لم يدَعْ لي صدقهُ أملاً / شرقتُ بالدمع حتى كادَ يشرق بي
وكلمتنا سيوفُ الكتب قائلةً / ما السيفُ أصدقُ أنباءَ من الكتب
وقال موتُ فتى الأنصارِ مغتبطاً / الله أكبرُ كلّ الحسنِ في العرَب
لقد طوى الموتُ من ذاكَ الفرندِ حلى / كانت حلى الدّين والأحكام والرتب
وخصّ مغنى دمشق الحزنُ متصلاً / بفرقتين أباتتها على وصَب
كادت رياحُ الأسى والحزنِ تعكسها / حتى الغصون بها معكوسة العذب
والجامع الرَّحب أضحى صدرُهُ حرِجاً / والنسر ضمَّ جناحيه من الرّهب
وللمدارس همٌّ كاد يدرسها / لولا تدارك أبناءٍ له نُجب
من للهدى والندى لولا بنوه ومن / للفضل يسحب أذيالاً على السحب
من للفتوَّةِ والفتوى مجانسة / في الصيغتين وفي الآداب والأدب
منْ للتواضعِ حيث القدر في صعدٍ / على النجومِ وحيث العلم في صبب
منْ للتصانيفِ فيها زينةٌ وهدىً / ورجم باغٍ فيا لله من شهب
أمضى من النصلِ في نصرِ الهدَى فإذا / سلَّت نِصال العِدَى أوقى من اليلب
ذو همَّةٍ في العُلى والعلمِ قد بلغتْ / فوق السماك وما تنفكُّ في دَأَب
حتَّى رأى العلم شفع الشافعيّ بهِ / وقالَ مِنْ ذا وذا أدركتُ مطلبي
من للتهجُّد أو من للدُّعَا بسطت / به وبالجودِ فينا راحتا تعب
من للمدائحِ فيه قد حلَت وصفَت / كأنَّما افترَّ منها الطرسُ عن شنب
لهفي لنظَّامِ مدحٍ فكرُ أجمهعم / بالهمِّ لا بالذَّكا أمسى أبا لهب
كأنَّ أيديهمو تبت أسىً فغدت / من عيِّ أقلامِها حمَّالةَ الحطب
لهفي على الطهر في عرْضٍ وفي سمةٍ / وفي لسانٍ وفي حكمٍ وفي غضب
محجبٌ غير ممنوعِ الندَى بسنَا / عليائِه ومهيب غير محتجب
أضحى لسبكِ فخارٍ من محاسنه / على العراق فخار غير منتقب
آهاً لمرتحلٍ عنا وأنعمهُ / مثل الحقائبِ للمثنين والحقب
إيمان حبٍّ إلى الأوطانِ حرَّكهُ / حتَّى قضى نحبه يا طول منتحب
لهفي لكلِّ وقورٍ من بنيه بكى / وهو الصواب بصوب الواكِف السرب
وكلُّ باديةٍ في الحجب قلنَ لها / يا أختَ خير أخٍ يا بنتَ خير أب
إلى الحسين انتهى مسرى عليّ فلا / هنأت يا خارجيّ الهمّ بالغلب
بعدَ الإمام عليٍّ لا ولاءَ لنا / من الزَّمان ولا قربَى من النسب
يا ثاوياً والثَّنى والحمدُ ينشرهُ / بقيتَ أنتَ وأفنتْنا يدُ الكرب
نمْ في مقامِ نعيمٍ غيرِ منقطعٍ / ونحنُ في نارِ حزنٍ غير متَّئِب
من لي بمصر التي ضمَّتكَ تجمعنَا / ولو بطون الثَّرى فيها فيا طربي
ما أعجبَ الحال لي قلبٌ بمصرَ وفي / دمشقَ جسمِي ودمعُ العينِ في حلب
بالرُّغم منَّا مراثٍ بعد مدحك لا / تُسلَى ونحنُ مع الأيَّامِ في صخب
ما بينَ أكبادنا والهمّ فاصلةٌ / كلاَّ ولا لِصَنيعِ الشعرِ من سبب
أمَّا القريضُ فلولا نسلكُم كسدتْ / أسواقهُ وغدتْ مقطوعةَ الجلب
قاضي القضاةِ عزاءً عن إمام تقى / بالفضلِ أوصى وصايا المرءِ بالعَقب
فأنتَ في رتب العليا وما وسعت / بحرٌ تحدَّث عنه البحر بالعجب
ما غابَ عنَّا سرَى شخص لوالدِه / وعلمهُ والتُّقى والجود لم يغب
جادتْ ثراكَ أبا الحكَّام سحبُ حياً / تخطو بذيلٍ على مثواك منسحب
وسارَ نحوكَ منَّا كلُّ شارقةٍ / سلام كلُّ شجيّ القلب مكتئب
تحيةُ الله نهدِيها وتتْبعها / فبعدَ بُعدِكِ ما في العيشِ من أرب
وخفِّف الحزن إنَّا لاحقون بمن / مضَى فأمضَى شَبَاة الحادث الأشِب
إن لم يسرْ نحوَنا سِرنا إليهِ على / أيَّامنا والليالي الذَّهب والشهب
إنَّا من التُّربِ أشباح مخلقة / فلا عجيبٌ مآل التُّربِ للتُّرب
تفدي كرام الحمى منكم كرائمه
تفدي كرام الحمى منكم كرائمه / يا آل بيت العلا والفضل والحسب
أما وقد بقيت عليا سمائكمو / فما يضرّ زوال السبعة الشهب
جادت ضريحك للرضوان غادية / يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
يا نبعة الفضل مذ فاز التراب بها / لم تَسر من حجُب إلا إلى حُجب
أجلّ ذكرك عن سعد وأعلم ما / تلقى العلا بك من هم ومن حرب
فإن عذلت أبا ذرّ الثناء فقد / عذرت من خاطر العليا أبا لهب
أهلاً وسهلاً بوافي الفضل كم شهدتْ
أهلاً وسهلاً بوافي الفضل كم شهدتْ / آثارهُ بفخارٍ غير محجوب
واسْتأمنتهُ على أسرارِها دولٌ / قرَّت بها عينها في كلِّ مطلوب
لِمْ لا يكون أميناً في ممالِكها / وهو العزيزُ عليها وابن يعقوب
أبواب سلطاننا خصت بأربعة
أبواب سلطاننا خصت بأربعة / تفرَّدوا في صفاتٍ وفق مذهبه
من مثل كاتبه أو مثل حاجبه / أو مثل شاعره أو مثل مطرِبه
وأدهم اللونِ حِندسيّ
وأدهم اللونِ حِندسيّ / في جريهِ للورى عجائِب
يقصر جري الرياح عنه / فكلها خلفه جنائِب
يا ساكني مصر تبَّت للفراق يدٌ
يا ساكني مصر تبَّت للفراق يدٌ / قد صيرَّت حزني أبا لهب
ومهجتي في ضلوعي من جوى وضنا / حمَّالة الهمِّ أو حمَّالة الحطب
عن مدمعِي وندى كفّ الأمير ألا / حدث عن البحرِ يا رائيه بالعجب
أمير حاجب ملكٍ غير أنَّ له / نور المهابة يغنيه عن الحجب
يا منعشي حيث شخصي في دمشق وفي / تفليس مالي ودمع العينِ في حلب
كتب التواريخ تملينا وتخبرنا / عن سادةٍ من ذوي العلياءِ والرتب
وأنت بالفضلِ تملينا معاينة / والسيف أصدق أنباء من الكتب
عجزت عن راتبِي الأدنى فوا حربا
عجزت عن راتبِي الأدنى فوا حربا / واهاً لأشهرِ عامٍ عجّزت طلبا
وإن أتوني وقالوا إنَّها نِصَفٌ / فإنَّ أطيبَ نصفيها الذي ذهبا
يا سادةً حجبت عنا غمائِمهم / وليسَ غيثهمُ المعهودُ محتجبا
يا خاتمَ الوزرا عدلاً ومعرفةً / يا مرْبعَ الغُربَا يا منجعَ الأدَبا
نعمَ الخواتيمُ أعمالٌ تصاغُ لكم / حلي الجنانِ إذا صاغَ الورَى ذهبا
حاشا النبات الذي أنشأته لكموا / يذوِي وقدْ أنشأت أيديكم سحبا
كفوا ابن غنام أو كفوا أخا شجر / من قبل أن تتلقوا نارهم حطبا
يا من أرى نسبي بيتَ المديحِ لهُ
يا من أرى نسبي بيتَ المديحِ لهُ / لو لمْ يكنْ ليَ لا بيتٌ ولا نسب
لا تأمرنِي بمدحِ الحاضرين فما / أراهُ بل لا أرى قلبي له يجب
بيني وبين مديحِ القوم فاصلةٌ / ما دامَ لي في معاني مدْحكم سبب
باللهِ عجْ بالحمى البدريّ مدَّكراً
باللهِ عجْ بالحمى البدريّ مدَّكراً / بيتاً نظيماً وقل يا بيتَ مطلوبي
أنتَ الحبيب ولكنِّي أعوذُ به / من أن أكون محبًّا غير محبوب
وحقُّ تربةِ يحيى يا محمدَهُ / لا غير الصدقُ منِّي صبرَ أيوب
يا سيِّدي يا ملاذَ الطالبين ومن
يا سيِّدي يا ملاذَ الطالبين ومن / بعلمِه ونداهُ أنجحَ الطلبا
مباشرُ والجامع المعمورِ قد منعوا / وافي الحوالةِ عن قصدِي فوا حربا
فإن أتوكَ وقالوا إنَّها نصفٌ / فإنَّ أطيبَ نصفيه الذي ذهبا
خمسون قالت لفكرٍ كان ذا أدبٍ / أبعد خمسين منِّي تبتغي الأدبا
شكراً لأقلامك اللاتي جرتْ لمدى
شكراً لأقلامك اللاتي جرتْ لمدى / في الفضلِ أضحى لباغي شأوه التَّعَبا
حلَت وأطربتِ المُصغِي وحزتُ بها / فضل السباق فسماها الورى قصبا
شكراً لنعماك يا غوثَ العفاةِ ولا
شكراً لنعماك يا غوثَ العفاةِ ولا / زالت مدائحك العلياء تنتحب
قدْ جدْت بالقطرِ حتى زدتّ في طمعٍ / وأوَّلُ الغيث قطرٌ ثم ينسكب
فتحتَ للناسِ أبوابَ المقاصدِ لا
فتحتَ للناسِ أبوابَ المقاصدِ لا / تعطلت من حماك الرَّحب أبواب
هذا له سبب فيما يحاوِله / وذا لهُ من مقالِ الشعر أسباب
يا سيِّدَ الوزرا إهنأ بها خِلعاً
يا سيِّدَ الوزرا إهنأ بها خِلعاً / يقومُ من قالها الأوفَى بما يجب
سحابة الطرحة العلياء طالعة / وأوَّل الغيث قطر ثم ينسكب
يا ناصرَ الدِّين والدُّنيا بقيتَ لنا
يا ناصرَ الدِّين والدُّنيا بقيتَ لنا / وللسَّطا والعطا والحلمِ والأدَب
تخطَّ أحسنَ خطٍّ أنتَ واضعه / في الحربِ والسلمِ بالهنديِّ والعرَب
وخاطرٌ عنتُ الأشواقِ تعجبه
وخاطرٌ عنتُ الأشواقِ تعجبه / جآذِرُ الترْكِ لا زَيَّ الأعاريب
من كلِّ أهيفٍ ضاقت عينه فمتى / يجودُ لي من تلاقيه بمطلوبي