بِيني فَما أَنتِ مِن جِدّي وَلا لَعِبي
بِيني فَما أَنتِ مِن جِدّي وَلا لَعِبي / ما لي بِشَيءٍ سِوى العَلياءِ مِن أَرَبِ
لا تُكثِري مِن مَقالاتٍ تزيدُ ضَنىً / ما الخَطُّ أُمّي وَلا وادي الحَساءِ أَبي
في كُلِّ أَرضٍ إِذا يَمَّمتُها وَطنٌ / ما بَينَ حُرٍّ وَبَينَ الدّارِ مِن نَسَبِ
يا ساكِني الخَطِّ وَالأَجزاعِ مِن هَجَرٍ / هَل اِنتِظارُكُم شَيئاً سِوى العَطبِ
بَحِحتُ ممّا أُناديكُم وَأَندُبُكُم / لِخَيرِ مُنقَلَبٍ عِن شَرِّ مُنقَلَبِ
فَسَكِّتوني بِقَولٍ لا تَفونَ بِهِ / قَد صِرتُ أَرضى بِوَعدٍ مِنكُمُ كَذِبِ
يَلُومُني في فِراقِيكُم أَخو سَفهٍ / أَحَقُّ مِن ناضِحٍ بِالغَربِ وَالقَتَبِ
اللَّهُ أَكرَمُ أَن أَبقى كَذا غَرَضاً / ما بَينَكُم لِصُروفِ الدَهرِ وَالنُوبِ
لِي عَن دِيارِ الأَذى وَالهُونِ مُتَّسَعٌ / ما كُلُّ دارٍ مَناخُ الوَيلِ وَالحرَبِ
لا تَنسِبوني إِلى مَنشاي بَينَكُمُ / التُربُ تُربٌ وَفيهِ مَنبَتُ الذَّهَبِ
لا تَحسَبوا بُغضِيَ الأَوطانَ مِن مَلَلٍ / لا بُدَّ لِلوُدِّ وَالبَغضاءِ مِن سَبَبِ
قِلٌّ وَذُلٌّ وَخِذلانٌ وضَيمُ عِدىً / مُقامُ مِثلي عَلى هَذا مِنَ العَجَبِ
إِذا الدِّيارُ تَغشّاكَ الهَوانُ بِها / فَخَلِّها لِضَعيفِ العَزمِ وَاِغترِبِ
حَسبي مِنَ المالِ ذَيّالٌ وَسابِغَةٌ / وَصارِمٌ مُرهَفُ الحَدّينِ ذُو شُطَبِ
وَحُرَّةٌ مِن بَناتِ العيدِ ناجِيَةٌ / لا تَعرِفُ السَّيرَ غَيرَ الشَّدِّ وَالخَبَبِ
تَخالُها بَعدِ خِمسِ الرَّكبِ رائِحَةً / دَوِّيَّةً فَقَدَت رَألاً بِذي نَجَبِ
لأَطلُبَنَّ العُلى جَهدي طِلابَ فَتىً / يَدوسُ بِالعَزمِ هامَ السَّبعَةِ الشُهُبِ
فَإِن أَنَل فَبِسَعيي ما أَتَيتُ بِهِ / بِدعاً وإِلّا فَقد أَعذَرتُ في الطَلبِ
واحَسرَتا لِتَقضّي العُمرِ في بَلَدٍ / الشّؤمُ في أَهلِها أَعدى من الجربِ
لا سَيّدٌ ماجِدٌ يَحمي ذِمارَهُمُ / يَحظى لَدَيهِم وَلا حُرٌّ أَخو أَدَبِ
مالي وَجِسمي وَسَمعي مِنهُمُ وَفَمي / وَناظِري وَمَحَلُّ الفِكرِ في تَعبِ
دُعايَ يا رَبِّ أَلهِم رَبَّ دَولَتنا / أَن يُبلِغَ الرَّأسَ مِنّا رُتبَةَ الذَنبِ
أَفي القَضِيَّةِ أَن أَبقى كَذا تَبَعاً / وَرُتبَتي في المَعالي أَشرَفُ الرُتَبِ
لا يَرتَجي لِحُؤُولِ الحالِ ذُو أَمَلِ / نَيلي وِلا يَتَّقي ذُو مَيلَةٍ غَضَبي
أَرى العُلى تَقتَضيِني غَيرَ وانِيَةٍ / عَزماً يُبَيِّنُ عَن فَضلي وَعَن حَسبي
وَما نَهَضتُ لَهُ إِلّا وَأَقعَدَني / خذلانُ قَومي وَعَيثُ الدَهرِ في نَشبي
وَالمَرءُ يَسعى بِلا رَهطٍ وَلا جِدَةٍ / كَالسَّهمِ يُرمى بِلا ريشٍ وَلا عَقبِ
عُجِّلتُ يَومِيَ إِن لَم أُفنِ غارِبَها / أَلَيسَ لا بُدَّ مِن هَمٍّ وَمِن نَصَبِ
تَقولُ لِي هِمَمي خَلِّ المُقامَ وَقُم / فَإِنَّما راحَةُ الأَبدانِ في التَعَبِ
وَاِرغَب بِمَدحِكَ إِلّا في سَليلِ عُلاً / يُنمَى إِلى العِزِّ مِن آبائِكَ النُجُبِ
مُتَوَّجٍ عَبَدَليٍّ حينَ تَنسِبُهُ / لِخَيرِ جَدٍّ إِذا يُدعى وَخَيرِ أِبِ
مِن آلِ فَضلٍ بُناةِ المَجدِ تَعرِفُهُ / كُلُّ القَبائِلِ مِن ناءٍ وَمُقتَرِبِ
الضارِبي الهامَ في يَومٍ تَخالُ بِهِ الش / شَمسَ المُنيرَةَ قَد غابَت وَلم تَغِبِ
وَالهاتِكينَ عَلى الجَبّارِ قُبّتهُ / شَدَّ النَهارِ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبِ
وَالمَطعِمينَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / نَكباءُ تَقلَعُ كسرَ البَيتِ بِالطُنُبِ
بَنى المَعالي لَهُم فَضلٌ وَشَيَّدَها / أَبو سِنانٍ قَريعُ العجمِ وَالعَربِ
وَأَحمَدٌ اِبنُهُ المَلكُ الَّذي مَنَعَت / ما بَينَ نَزوى سَراياهُ إِلى حَلَبِ
وَماجِدٌ كانَ نِعمَ المُستغاثُ إِذا / دَعا إِلى الحَربِ داعِيها فَلم يُجَبِ
وَمن أُولَئِكَ إِذ يُعزى أُبُوَّتُهُ / فَلَيسَ يُدرَكُ في فَضلٍ وَلا حَسَبِ
وَلَم يَمُت مَن أَبو شُكرٍ خَليفَتُهُ / المخجِلُ البَدرَ وَالمُزري عَلى السُّحبِ
مُقَدَّمٌ كاِسمِهِ في كُلِّ مَكرُمَةٍ / فَإِن نَبا بِكَ دَهرٌ فَاِدعُهُ يُجِبِ
وَأَين مِثلُ أَبي شُكرٍ إِذا اِستَعَرَت / نارُ الوَغى واِتَّقى المَسلوبُ بِالسَّلبِ
مُردي حُروبٍ تَرى تَحتَ العَجاجِ لَهُ / في الخَيلِ وَقعاً كَوَقعِ النّارِ في الحَطَبِ
لا يَتَّقي بَأَسَهُ الأَبطالُ يَومَ وَغىً / إِلّا بِعَقدِ ذِمامٍ مِنهُ أَو هَرَبِ
لَو أَنَّ لِلسَّيفِ يَومَ الرَّوعِ عَزمَتَهُ / ما كانَ لِلبيضِ مَعناهُ وَلا اليَلبِ
وَلَو تَكون لِليثِ الغابِ نَجدَتُهُ / ما كانَ مَسكَنُهُ في الغابِ وَالقَصَبِ
وَالشَّمسُ لَو خُلِقَت مِن نورِ غُرَّتِهِ / لَما تَوارَت عَنِ الأَبصارِ بِالحُجبِ
وَالبَحرُ لَو غُمِسَت فيهِ شَمائِلُهُ / لَصارَ أَنقَعَ لِلصَديانِ مِن ثَغبِ
تَسَنَّمَ المُلكَ لَم تَبقُل عَوارِضُهُ / وَحَلَّ مِن ذِروَتَيهِ أَفضَلَ الرُتَبِ
سَهلُ الخَليقَةِ مَحمودُ الطَريقَةِ من / نَاعُ الحَقيقَةِ سُمُّ الجَحفَلِ اللَجِبِ
ماضي العَزيمَةِ وَرّادٌ بِهِمَّتِهِ / عَلى المَتالِفِ هَجّامٌ عَلى النُّوَبِ
لَو يَبرُزُ المَوتُ في شَخصٍ وَقالَ لَهُ / اِنزِل لَنازَلَهُ ضَرباً وَلَم يَهَبِ
مِلءُ المُفاضَةِ مِن بَأسٍ وَمِن كَرَمٍ / وَمِن وَفاءٍ وَمِن حِلمٍ وَمِن أَدَبِ
بَدّاعُ مَكرُمَةٍ خَواضُّ مَلحَمَةٍ / أَشهى الكَلامِ إِلى فيهِ هَلا وَهَبِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً غَمرٍ وَيَومُ وَغَىً / لا يَومُ كاسِ رَنَوناةٍ وَلا طَرَبِ
الطاعِنُ الخَيلَ شَزرَاً كُلَّ نافِذَةٍ / سُلكى وَمَخلوجَةٍ تَشفي مِنَ الكَلبِ
وَالتارِكُ القِرنَ في البَوغاءِ مُنعَفِراً / بِضَربَةٍ سَبَقَت مِنهُ عَلى غَضَبِ
وَالواهِبُ الهَجَماتِ الحُمرَ تَتبَعُها / فِصلانُها في السِّنينِ العُرَّمِ الشُّهبِ
يَقري الضُّيوفَ سَديفَ الكُومِ مُغتَبِطاً / في الشِّيزِ لا الخازِر المَمذوقَ في العُلَبِ
تَأبى لَهُ الضَّيمَ نَفسٌ عَزَّ خالِقُها / لا كالنُّفوسِ وَأَصلٌ غَيرُ ذي أَشَبِ
أَجرا عَلى البَطَلِ المِقدامِ مِن أَسَدٍ / عَلى حُوارٍ وَمِن صَقرٍ عَلى خَرَبِ
يا اِبنَ المُلوكِ الأُلى شادوا مَمالِكَهُم / بِسَلَّةِ البيضِ وَالخَطِّيَّةِ السُّلُبِ
نَماكَ مِن آلِ إِبراهيمَ كُلُّ فَتىً / مُهَذَّبٍ طاهِرِ الأَخلاقِ مُنتَخَبِ
كَم في أُبوَّتِكَ الأَمجادِ مِن مَلكٍ / بِالمَجدِ مُلتَحِفٍ بِالتاجِ مَعتَصِبِ
لَم يَبقَ إِلّاكَ فَاِذكُر ما يُقالُ غَداً / وَإِن هَمَمتَ بَضَعفِ العَزمِ فَاِنتَسِبِ
لا تَركَنَنَّ إِلى مَن لا وفاءَ لَهُ / الذِئبُ مِن طَبعِهِ إِن يَقتَدِر يَثِبِ
وَلا تَكُن لِذَوي الأَلبابِ مُحتَقِراً / ذُو اللُبِّ يَكسِرُ فَرعَ النَبعِ بِالغَرَبِ
وَاِحسِب لِشَرِّ العِدى مِن قَبلِ مَوقِعِهِ / فَرُبَّما جاءَ أَمرٌ غَيرُ مُحتَسَبِ
وَغَر عَلى المُلكِ مِن لعبِ الرِّجالِ بِهِ / فَالمُلكُ لَيسَ بِثَبّاتٍ عَلى اللَعِبِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِعتَزِم وَاِنفَع وَضُرَّ وَصِل / وَاِقطَع وَقُم وَاِنتَقِم وَاِصفَح وَخُذ وَهَب
وَاِحذَر تُؤَخِّر فِعلاً صالِحاً لِغَدٍ / فَكَم غَدٍ يَومُهُ غادٍ فَلم يَؤُبِ
وَاِبسُط يَدَي فاضِلٍ في الأَمرِ تُكفَ بِهِ / ما نابَ واِرمِ العِدى عَن قَوسِهِ تُصِبِ
فَفاضِلٍ غَيرِ خَوّارٍ وَلا وَكلٍ / في الكائِناتِ وَلا وانٍ وَلا وَعِبِ
أَوفى نِزارٍ وَأَكفاها وَأَمنَعها / عِندَ اللّقاءِ وَأَحماها عَلى الحَسَبِ
إلَيكَ جَوهَرَةً مِن طَبعِ قائِلَها / تَبقى عَلى غابِرِ الأَزمانِ وَالحِقَبِ
يُقالُ لِلمُدَّعي شِعراً يُعادِلُها / كَذَبتَ ما الضَرَبُ الطَّلحِيُّ كَالضَّرَبِ
بَقيتَ في دَولَةٍ يَشقى العَدُوُّ بِها / تَرعى الصَديقَ وَتُدعى كاشِفَ الكُرَبِ