القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمارة اليَمَنِيّ الكل
المجموع : 8
إذا قدرت على العلياء بالغلب
إذا قدرت على العلياء بالغلب / فلا تعرج على سعي ولا طلب
واخطب بألسنة الأغماد ا عجزت / عن نيله ألسن الأشعار والخطب
فما استوى الخط والخطي في رهج / ولا الكتائب يوم الروع كالكتب
دع الهوينى وإن أفضت إلى تعب / بك المساعي فإن العز في التعب
ولا ترقن لي إن كربة عرضت / فإن قلبي مخلوق من الكرب
واستخبر الهول كم آنست وحشته / وكم وهبت له روحي ولم أهب
ما أسهل الموت عند الناس لو وثقوا / بصدق معتقد أو حسن منقلب
ومدمن قرع باب اللهو قلت له / والترك للنصح أمر ليس يجمل بي
هزل الرجال هزال في مروءتها / والجد يخجل أحياناً من اللعب
فأقبل من الخلق ما ألوك من خلق / على النقيضين من صدق ومن كذب
ولا تكلف جباناً فوق طاقته / فأكثر الناس مجبول على الرهب
يقني طوال القنا العسال أشجعهم / علماً بأن اقتراب الموت في القرب
والطعن في الكر بعد الفر منقصة / والضرب يقتضب الأعمال بالقضب
ألقى الكفيل أبو الغارات كلكله / على الزمان فضاعت حيلة النوب
وداخلت أنفس الأيام هيبته / حتى استرابت نفوس الشك والريب
بث الندى والردى زجراً وتكرمة / فكل قلب رهين الرعب والرغب
فما لحامل سيف أو مثقفة / سوى التجمل بين الناس من أرب
لما تمرد بهرام وأسرته / جهلاً وراموا قراع النبع بالغرب
صدعت بالناصر المحيي زجاجتهم / وللزجاجة صدع غير منشعب
أسرى إليهم ولو أسرى إلى الفل / ك الأعلى لخافت قلوب الأنجم الشهب
في ليلة قدحت زرق النصال بها / ناراً تشب بأطراف القنا الأشب
ظنوا الشجاعة تنجيهم فقارعهم / أبو شجاع قريع المجد والحسب
سقوا بأسكر سُكرٍ لا انقضاء له / من قهوة الموت لا من قهوة العنب
وخانهم فأل حلوان فواقعهم / ضرب مواقعه أحلى من الضرب
حل الردى بينهم بالحي فانقرضوا / وما حلول الردى بالحي من عجب
لم يجهلوا قبح مسعاهم وخيبتهم / وأي عبد عصى المولى فلم يخب
وإنما سولت للقوم أنفسهم / أن يقطعوا سبب النعمى بلا سبب
فك النفاق عن النعماء أيديهم / من بعد ما نشبت في عروة النشب
ألم تر القوم لما أن طغوا وبغوا / واستحقبوا الذم ما عاشوا على الحقب
لم يقبل الجانب القبلي أوجههم / فرد أولهم بدءاً على العقب
وأنكروا من ظهور الخيل ما عرفوا / واستوثبوها فخانتهم ولم تثب
لولا الأسار ومن لا يمن به / ما عفَّ عنهم ذباب السيف ذو الشطب
تسنموا إبلاً تتلو قلائصهم / يا عزة السرج ذوقي ذلة القتب
كأنهم فوقها خُشب مسندة / إن النفاق لمنسوب إلى الخشب
لله عزمة محي الدين كم تركت / بتربة الحي من خد امرئ ترب
سما إليهم سمو البدر تصحبه / كواكب من سحاب النقع في حجب
في فتية من بني رزيك تحسبهم / عن جانبيه رحى دارت على قطب
قوم إذا الحرب قامت سوقها جلبوا / من النفوس إليها أنفس الجلب
المسرعون من المران أرشية / نابت قلوب أعاديها عن القلب
الطاعنون الأعادي كل مزبدة / كأنها كأس خمر جاش بالحبب
تروى الرماح الظوامي من مجاجتها / فتنثني وعليها نشوة الطرب
كأن أيمانهم سلت عزائمهم / من الجفون على الهامات واليلب
كأن لمع المواضي في أكفهم / صواعق في الوغى تنقض من سحب
فما تروح بها الأرواح في صعد / إلا وتغدو بها الأجسام في صبب
رقاهم رتبة العليا أخو همم / لم يأخذ الملك بالتدريج في الرتب
تلقب الصالح الهادي وليس به / مع صدق أفعاله فقر إلى اللقب
متوج من بني زريك تنسبه / بيض المساعي إلى جرثومة العرب
زاكي الأرومة إلا أن منصبه / في المجد أعظم أن يعزى إلى نسب
ما أليق التاج معصوباً بمفرقه / ورب معتصب بالتاج مغتصب
جذلان يخلف من بادي خواطره / ما شاء من فائض الإعطاء والعطب
يقري ذنوب الرعايا عفو مغتفر / لا يبلغ الكرب منه عقدة الكرب
أرضته عن هفوات الناس قدرته / فما يكدر صفو الحلم بالغضب
وصامت أعربت عنه زماجره / بناطق من صهيل الخيل مصطخب
كالسيل والليل لا ينجو طريدهما / من المنية في الإمعان بالهرب
يرميه أروع من غسان منذ رمى / بعزمه نوب الأيام لم تنب
أعز يضرب جوني القتام له / رواق عز أكيد غير مضطرب
بيت من المجد لم يمدد له عمد / سوى الوشيج ولم يشدد إلى طنب
أغر أبلح وضاح تخر له / صيد الملوك على الأذقان والركب
يظنه الطرف فوق الطرف طود علا / تسمو إليه عيون الجحفل اللجب
تجر بين يديه من سوابقه / قب ترقرق منها الحسن في أهب
من كل أجرد مسكي الأديم له / صبغ إذا شاب رأس الليل لم يشب
وأحمر شفقي اللون متقد / بحدة الشوط لا بالسوط ملتهب
قد أدبتها سجاياه وكثرة ما / رأت وماسمعت عنه من الأدب
مسومات عراب لم تزل أبداً / تكسى وتحلى بما بزت من السلب
ترى لكل هلال من مراكبها / خيط المجرة مجروراً على اللقب
تحمل الوشي منها كل ذي شة / يغني بها عن عقود الدر والذهب
هي العتاد لمن يرمي محاربه / في كل معترك بالويل والحرب
جرد إذا جردتها كف عزمته / للغزو هزت عذاب السوط في العذب
تثير نقع دخان تحته لهب / إن الدخان لنمام على اللهب
يحكي مجر عواليها إذا رحلت / عن منزل مسحب الحيات في الكثب
خيل ترى العمر مسلوباً إذا نهشت / صدر الأعادي بحيات القنا السلب
لا يثقل الروع إلا أن يخف بها / داعي النزال عن التقريب والخبب
لانت صفاة عدو أنت قارعها / فاصلب على ملة الأوثان والصلب
فعندك الضمر الجرد التي عرفوا / وفوقهن أسود الغاب لم تغب
تزورهم شزب منها إذا ظمئت / لم ترو إلا برقراق الدم السرب
وما تخط على دين الهدى أبداً / وأنت أشفق ن أم بهم وأب
فاسعد بأيامك الحسنى التي قسمت / بين الحميدين من ماض ومرتقب
إذا تهنت بك الأيام قاطبة / فما الهناء بمقصور على رجب
في مثل ذا الموقف المشهود تحتلب
في مثل ذا الموقف المشهود تحتلب / غر القوافي وتستنقى وتنتخب
هذا المقام الذي لولا كرامته / ما أشرفت في السماء السبعة الشهب
هذا المقام الذي لولا أوامره / لم يشرف البيت والأستار والحجب
نور البنوة في ذا الدست مؤتلق / بالناظرين ونار العزم تلتهب
تمسي وتصبح في إيوانه أبداً / بيض المنى والمنايا السود تصطخب
في صدره فائز بالنصر محتجب / بنوره وبتاج العز معتصب
مبارك الوجه ميمون نقيبته / تجلى بطلعة الأحداث والنوب
انظر إلى وجهه تنظر إمام هدى / خير الورى رضي الأملاك أم غضبوا
لا يستوي وملوك الأرض في شرف / إلا كما يتساوى الصفر والذهب
من معشر شابت الدنيا ومجدهم / غض وأثوابه فضفاضة قشب
لولا الصلاة عليكم ما استجيب لمن / يدعو ولا رفعت عن دعوة حجب
وأنتم العروة الوثقى فلا انفصمت / وحبكم في دخول الجنة السبب
وفي مدائحكم فخر لمادحكم / وفي ولائكم ذخر ومنقلب
مما كسا المدح فخراً وطيب ذكركم / والصدق يشرق مهما أظلم الكذب
مناقب كالنجوم الزهر قد ملئت / بحسن أوافها الأسماع والكتب
جاءت لها سور القرآن مادحة / فما عسى يتعاطى الشعر والخطب
لله في أهل هذا القصر سابقة / من الإرادة من أسرارها عجب
لما أراد ابن باديس إزالتهم / والناصرون لأنوار الهدى غيب
أبت عليهم يد آلية ويد / تعزى إلى آل رزيك وتنتسب
لولا الوزير أبو الغارات ما خفقت / للنصر في القصر رايات ولا عذب
ولا اعتزى لعلي عند نازلة / من القبيلين لا عجم ولا عرب
لما جلبت إليه الخيل مقربة / لم يحمه منك إلا الشحط والهرب
إضافة الملك لما جئت زائره / كرامة ما لها إلا الظبا سبب
ولى ويا بئس ما أولى مواليه / ولو تعاينتما لم ينجه الهرب
وأيد الله دين الحق منك بذي / يد لها في الوغى التأييد والغلب
أغنته أفعاله عن فخره بعلى / أست قواعدها آباؤه النجب
والمرء من هم فاستغنى بهمته / عما بناه له جد مضى وأب
حمى حريم المعالي عزمه فغدت / أكنافه كعرين الليث يجتنب
يصاحب الذئب فيها الشاة مؤتمناً / على المغيب وإن أودى به السغب
فما يرى الروح فيها وهو مختطف / ولا يرى المال منها وهو منتهب
وهل يراع لها سرب وقد ضمنت / بأمن من حل فيها البيض واليلب
وسطوة لو خلت من عفو مقتدر / على العصاة لكاد الجو يلتهب
ورحمة شكر الرحمن رأفتها / يطفي بها الحلم ناراً شبها الغضب
وراحة تهب الدنيا وما احتسب / بها صنيعاً وما اعتدت بما تهب
وسيرة سار عنه من حكايتها / ذكر جميل تمنت مثله السحب
أضاف من منة التشريف لي منناً / لا ينهض الشكر منها بالذي يجب
أجلها موقفي هذا بحيث أرى / نور الهدى رفعت عن وجهه الحجب
حسبي بخدمتكم بين الورى حسباً / إن ضل بي نسب أو قل بي حسب
فأنتم يا بني الزهراء لا انصرمت / أيامكم كالحيا ماض ومرتقب
يعلو على الناس أدناها بخدمتكم / وتستفاد بها العلياء والرتب
يا بن البني نداء ما لصاحبه / قلب إلى غير حسن الظن ينقلب
قد قابلتك القوافي وهي واثقة / أن لا يقول رجاها أعوز الطلب
كم موقف لك قد نادى نداك به / يا مادحين لكف المادح السلب
وأنت أكرم أن تدعى لمكرمة / تقضي عليك بها العلياء والحسب
يهني الأهلة إن قابلت وافدها / ومعقل الملك من سمر القنا أشب
ووجه دولتك الغراء مبتسم / وثغرها واضح عذب اللمى شنب
مضى جمادى وفي أحشائه حرق / من الفراق الذي ما ذاقه رجب
وربما حفزت شعبان داعية / من المحبة يحدو عيسها الطرب
فاسعد بأيام ماضيها ومقبلها / ما استحقبتها على أعجازها الحقب
ممتعاً ببقاء الصالح الملك ال / حاني إذا ما جفا ابنا أب حدب
فرض على الشعر أن يبدا بما يجب
فرض على الشعر أن يبدا بما يجب / من الهناء الذي وافى له رجب
وأن تنافسه الأيام منزلة / كل المواسم ترجوها وترتقب
فاسعد به ألف عام واقتبل عمراً / تملا حقائبهما من ذكره الحقب
فإنما الدين والدنيا وأهلهما / رحى وأنت إذا دارت لها القطب
بالعاضد اشتد عضد الحق وامتسكت / عرى الهدى وهو في إمساكها السبب
خليفة لو تراخى عقد بيعته / لسابقتنا إليها السبعة الشهب
تدارك الله شمل المؤمنين به / في حيث كادت عصا الإيمان تتشعب
وألف الله شتات القلوب على ولائه / فهي عنه ليس تنقلب
عمت رعايته أقصى رعيته / حتى استوى نازح فيها ومقترب
وأصبح الناس إخواناً بنعمته / كأن نعمته أم لهم وأب
قرت عيون الليالي من خلافته / بمن أقر حشاها وهي تضطرب
أغر تشهد لي أنوار غرته / بصدق ما أودعت من ذكره الكتب
إذا رأته عيون الأمة استبقت / إلى السجود له الأذقان والركب
لا تنظرن مجازاً حين ترمقه / فللحقيقة سر عنك محتجب
وكعبة الله لولا قدرها حجر / ومندل الهند لولا عرفه حطب
من دوحة المصطفى الهادي التي كرمت / فيها المنابت والأغصان والشعب
أحييتم ذكره فيها وسنته / ولم يمت سلف أنتم له عقب
يهدى بكم كل جيل تطلعون به / كأنكم في سماوات العلى الشهب
مازال منصبكم هذا يقوم به / من نسلكم قائم في الله محتسب
يا طالب الشرف الأقصى ولو عدمت / بنو أبي طالب ما أنجح الطلب
لا تخدعن فإن القوم اشرف من / يسمو به المجد أو تعلو به الرتب
ما الأجر والفخر إلا في محبتهم / فلا يتم عليك الزور والكذب
لولا اتباع قريش دين جدهم / طوعاً وكرهاً لما دانت لها العرب
وليت أن نفوس الناس إذ قعدت / عن القيام بنعماهم بما يجب
تجنبتهم بسجليها متاركة / فلا نصيب أنالتهم ولانصب
ولو تولت بنو رزيك نصرتهم / في سالف الدهر ما نابتهم النوب
المضمرون من الإخلاص ما عجزت / عن حل عقدته الأوهام والريب
خضارم تنزل الأرزاق إن نزلوا / أرضاً وتركبها الآجال إن ركبوا
صيد يقوم مقام الألف واحدهم / غلب إذا وقفوا في حيز غلبوا
أندى الملوك وجوهاً غير أنهم / ترضى المواضي بأيدهم إذا غضبوا
لا تنكر الدولة الغراء إذ كسرت / كسر الزجاج ما من كسرها شعبوا
هم قواعدها السفلى وذروتها ال / عليا وأوتادها المرساة والطنب
إن فاتهم حرب صفين فقد بلغوا / في مصر من نصركم أضعاف ما طلبوا
ثاروا لثأر أبي المنصور فانكشفت / بكاشف الغمة الأهوال والكرب
الصالح المبتغى من صهركم نسباً / بعصمة وهو في دين الهدى سبب
وكل حبل ولاء لا يناط إلى / ولائكم فهو عند الله منقضب
إنا إلى الله في الدنيا على مهج / لها مصير إلى الأخرى ومنقلب
شكت فراق أبي الغارات أربعة / الملك والنسك والمعروف والأدب
في مثل ذا اليوم إجلالاً وتهنئة / كانت تزف له الأشعار والخطب
فنافستا المنايا منه في ملك / لنفسه في سبيل الله يحتسب
مضى وأعقب من ذخر الأئمة من / يزهو به الأشرفان المجد والحسب
متوج ناب فينا بعد والده / نيابة البحر لما غابت السحب
فكل معتصب بالتاج غير أبي ال / شجاع فهو لهذا الحق مغتصب
وهل أحق بصدر الدست من ملك / له من الملك موروث ومكتسب
عالي المحلين من مجد ومن همم / أذياله فوق وجه السحب تنسحب
لا يستوي وملوك الأرض في شرف / إلا كما يتساوى الجد واللعب
يبدو تحجبه عنا مهابته / فوجهه الطلق باد وهو محتجب
ما أن تبسم عنه وجه مجلسه / فقام إلا وفي ثغر الندى شنب
ولا غزونا أياديه بمسألة / إلا سلبناه ما يقنى القنا السلب
تهل نعمته طوراً ونقمته / من راحة شأنها الإعطاء والعطب
في كل حبة قلب من محبته / عقيدة باعثاها الرعب والرغب
قد استرقت قلوب العالمين له / مهابة يتلافاها بما يهب
وراحة لم تزل تهمي ندى وردى / مثل الغمامة فيها الماء واللهب
لا يعدمنك أمير المؤمنين فما / في نفسه غير أن تبقى له أرب
لأنه مقلة الدنيا وناظرها / وأنت حاجبها والجفن والهدب
أوجبت في ذمة الأشعار والخطب
أوجبت في ذمة الأشعار والخطب / ديناً أبا حسن يبقى على الحقب
لم يبق مجدك في التشبيب لي أرباً / حسب المدائح ما شيدت من حسب
شغلتها باقتضاب المكرمات فما / يلقى علاك بمدح غير مقتضب
مناقب سجلت لي وهي صادقة / أمان صدق من التخريف و الكذب
أيامك البيض لا تحصى وأفضلها / يوم خصصت به في قاعة الذهب
وفيت للصالح الهادي وقد بعدت / عنه الصنائع من ناء ومقترب
فعلت فعل علي يا علي وقد / فدى نبي الهدى بل سيد العرب
لما أتتك بنات الموت سائلة / وهبت روحك مختاراً ولم تهب
أقدمت وحدك إقدام الليوث على / هول يمهد عذر الليث في الهرب
آثار سيفك أجلى من روايتنا / و السيف أصدق أنباء من الكتب
أرهفته بيمين غير طائشة / عند الضراب وعزم غير مضطرب
فهل بنانك أقوى أم جنانك إذ / شطبت بالسيف متن السيف ذي الشطب
أنت المقدم في بأس وفي كرم / إن كنت ترضى بهذا النعت واللقب
وإن كرهت فأنت المستغاث به / بعد المهيمن في الأحداث والنوب
لولا حفاظك يوم القصر لاضطربت / قواعد الملك واحتاجت إلى التعب
لولا ثباتك والألباب خافقة / لم ينج روح الهدى من راحة العطب
لولا بلائك في البلوى أبا حسن / مازال عنا غمام الغم والكرب
جادت ضريح أبي الغارات غادية / من رحمة الله لا من هاطل السحب
أقسمت والقسم المبرور مفترض / بالله والبيت ذي الأستار والحجب
لو عاش أثنى بما أوليت من حسن / ثناء معترف بالحق محتسب
وقد رأيت قبيحاً أن أكون له عبد / اصطناع وإني عنه لم أنب
وأين موقع أقوال وقيمتها / من قوله وهو سامي القول والرتب
مابين قدر كلامينا إذا عرضا / إلا كما بين قدر الصفر والذهب
لكن مدك دين ليس يمكنني / إلا القيام به عن ذمة الأدب
وما يقوم بنعماك التي سبغت / نظم ونثر ولو صيغا من الشهب
افخر فحسبك ما أوتيت من حسب
افخر فحسبك ما أوتيت من حسب / كفاك مجدك من إرث ومكتسب
لولا الحفاظ على الأنساب مكرمة / أغناك فضلك أن تعزى إلى نسب
وقد رأينا رسول الله أشرف من / نعده وهو منسوب إلى العرب
فليهن دولة مصر أنها نصرت / من آل سعد بخير ابن وخير أب
بشاور وشجاع عز نصرهما / عزت على طارق الأيام والنوب
غيثان إن وهبا ليثان إن وثبا / فاضا على الخلق بالإعطاء والعطب
هو الكفيل ولكن قد كفلت له / أبا الفوارس نجح السعي والطلب
لو لم تناصب عداه دون مطلبه / ما قر من دسته في أشرف الرتب
وما أتته من الأيام نازلة / إلا وسيفك فيها كاشف الكرب
مواطن لم يغب لما حضرت بها / والشبل إن يحم غاب الليث لم يغب
دارت عليك أمور الملك قاطبة / وهل تدور رحى إلا على قطب
أصبحت منه كنوز الشمس مشرقة / أو لا كمثل فرند السيف ذي الشطب
كم عقدة من خطوب الدهر مبرمة / قد حل سعدك منها عقدة الذنب
في كل يوم إلى الأعداء مرتحل / يشكو به الظهر جور السرج والقتب
وعسكر كأتي السيل مندفعاً / إما إلى صعد في الأرض أو صبب
كانت لواتة حياً لا يروعه / حي وشعباً صحيحاً غير منشعب
وطالما أمعنوا في البغي واحتقروا / جر الكتاب والتهديد بالكتب
وكم دعتها ملوك العصر قبلكم / إلى المجير فلم تسمع ولم تجب
حتى رماهم أبو الفتح الذي ضمنت / أسيافه فتح باب المعقل الأشب
بث الجيوش على التدريج فانبعثت / في غزوهم سرباً كالوابل السرب
وكنت آخر سهم في كنانته / وفارس الروع من يحمي حمى العقب
ولم يزل عندهم منع ومقدرة / وأمرهم مستمر غير مضطرب
حتى نهضت فلم تنهض قوائمهم / والرعب يخفق في الأحشاء والركب
وسار من ذكرك العالي مقدمة / كانت طليعة ذاك الذعر والرعب
وما على القوم من عار إذا اعصتموا / أبا الفوارس خوفاً منك بالهرب
ولو قدحت شهاب العزم معتزماً / حرب الكواكب خافت أنفس الشهب
وما لواتة بالمحقور جانبها / لكنك البحر مداً وهي كالقلب
ولو وصفتهم بالضعف ما نسبت / إليك مكرمة في القهر والغلب
كسر العمود هو الفتح الذي جبرت / بن ظباكم عماد الملك والطنب
يد لكم في رقاب الجند تشكركم / لأجلها ألسن الأيام والحقب
رد الإله بكم إقطاعهم ولقد / كانت على ما مضى نهبى المنتهى
وسوف تشكركم آثار نعمتكم / في جند مصر كشكر الروض للسحب
عممتم الناس بالحسنى فشكركم / دين على ذمة الأشعار والخطب
وزاد في خطر الآداب أنكم / أغليتم بعد رخص قيمة الأدب
وإن شاعركم المثني عليك بما / شادت مماليك يستغني عن الكذب
لما أرحت ضمير الملك من تعب / باتت لخدمتك الأشعار في تعب
ما كل سجع بمعدود من الخطب
ما كل سجع بمعدود من الخطب / فلا تغرنك دعوى الناس في الأدب
فاقبض على كلماتي كف منتقد / زيف الكلام فليس الصفر كالذهب
قصائدي لم تزل في كل جارحة / من حسنها نشوات الخمر والطرب
كانت مكرمة المثوى منزهة / في أرض مصر عن التصريح بالطلب
فأصبحت في جوار النيل ظامئة / تحوم حول لآل الماء والعشب
حتى كأن بني أيوب ما علموا / بأنني في زماني أفصح العرب
ضاقت علي لياليهم وقد رحبت / للوافدين إلى الساحات والرحب
حتى كأن أذى قلبي يطيب لهم / كالعود لولا حريق النار لم يطب
خافوا علي ولا رأيي بمنحرف / عن الوداد ولا قلبي بمنقلب
فإن أتى فرج من راحتي فرج / فليس ذاك بمعدود من العجب
الأبلج الطلق وجهاً والكريم يداً / إذا تجهم وجه الدهر والسحب
الأورع البر لا تخشى بوادره / إذا استخفت رجالاً سورة الغضب
لا بالحريص على الدنيا إذا انحرفت / ولا البخيل بما يحوي من النشب
لما عرفت سجاياه التي كرمت / عرفت منه شريف النفس والحسب
وقلت للمتعاطي شأو شيمته / ما أوضح الفرق بين الرأس والذنب
يحدث الصدق عن أفعال سؤدده / بسيرة أمنت من وصمة الكذب
لو كان في السلف الماضي لكان به / إما ولياً لعهد أو وصي نبي
أغيب عنه وألقاه ومنزلتي / محروسة فكأني عنه لم أغب
محبة سهلت وعر الكلام له / حتى كأني أستملي من الكتب
إن للقوافي إذا قلت كرامتها / زيادة بعد قتل النفس في السلب
كم مات قوم فأحيتهم مدائحهم / والشعر أشرف إحياء من النسب
أعطى نصيب بني مروان خالدة / تبقي عليهم بقاء السبعة الشهب
أولوه نزراً فأولاهم مجازفة / ما في الحقائب ما يبقى على الخطب
فلينظر المجد في إنجاز موعده / فشهر طوبة فيه الكسر للقضب
لو أمكنتني في مدحي لك الشهب
لو أمكنتني في مدحي لك الشهب / لم يرضني في علاك الشعر والخطب
ولو نظمت النجوم الزهر ممتدحاً / لم أقض من حقك المفروض مايجب
أحسنت يا بدر إحساناً ملكت به / ودي فصرت إلى نعماك أنتسب
وعرفتك أياديك التي كرمت / كيف السبيل إلى أن يملك العرب
وسعت ما ضاق من رزقي وزدت على / ما كنت أرجوه في نفسي وأحتسب
لعل حلمك وهو الحق ينصف من / قضية يشتكي من جورها الأدب
هذا ابن سبريه جاءته زيادته / عفواً وما عنده هم ولانصب
فكيف تأبى الليالي أن تنجز لي / زيادة أنت في إثباتها السبب
لولا شفاعتك الحسنى لقصر بي / عن البلوغ إليها السعي والطلب
أرويتني وأسود الغاب ظامئة / فكيف يعطش من تعنى به السحب
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب / وجامع الشمل إذ ناجاه يعقوب
وعالم السر والنجوى إذا خفيت / ضمائر سرها بالغيب محجوب
لعل معروفك المعروف ينقذني / من لوعة جمرها بالثكل مشبوب
هب لي أمانك من خوف يبيت به / للهم في القلب تصعيد وتصويب
وقد فزعت بآمالي إليك وفي / رحاب جودك للعافين ترحيب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025