المجموع : 19
بَينَ الحَشا وَالعُيونِ النُجلِ حَربُ هَوىً
بَينَ الحَشا وَالعُيونِ النُجلِ حَربُ هَوىً / وَالقَلبُ مِن أَجلِ ذاكَ الحَربِ في حَرَبِ
لَمياءُ لَعساءُ مَعسولٌ مُقَبَّلُها / شَهادَةُ النَحلِ ما يَلقى مِنَ الضَرَبِ
رَيّا المُخَلخَلِ ديجورٌ عَلى قَمَرٍ / في خَدِّها شَفَقٌ غُصنٌ عَلى كُثُبِ
حَسناءُ حالِيَةٌ لَيسَت بِغانِيَةٍ / تَفتَرَّ عَن بَرَدٍ ظَلمٍ وَعَن شَنَبِ
تَصُدُّ جِدّاً وَتَلهو بِالهَوى لَعِباً / وَالمَوتُ ما بَينَ ذاكَ الجِدِّ وَاللَعبِ
ما عَسعَسَ اللَيلُ إِلّا جاءَ يَعقُبُهُ / تَنَفُّسُ الصُبحِ مَعلومٌ مِنَ الحِقَبِ
وَلا تَمُرُّ عَلى رَوضٍ رِياحُ صَباً / تَحوي عَلى كاعِباتٍ خُرَّدٍ عُرُبِ
إِلّا أَمالَت وَنَمَّت في تَنَسُّمِها / بِما حَمَلنَ مِنَ الأَزهارِ وَالقُضُبِ
سَأَلتُ ريحَ الصَبا عَنهُم لِتُخبِرَني / قالَت وَما لَكَ في الأَخبارِ مِن أَرَبِ
في الأَبرَقَينِ وَفي بَركِ العِمادِ وَفي / بَركِ العَميمِ تَرَكتُ الحَيَّ عَن كَثَبِ
لا تَستَقِلُّ بِهِم أَرضُ فَقُلتُ لَها / أَينَ المَفَرَّ وَخَيلُ الشَوقِ في الطَلَبِ
هَيهاتَ لَيسَ لَهُم مَعنىً سِو خَلَدي / فَحَيثُ كُنتُ يَكونُ البَدرُ فَاِرتَقِبِ
أَلَيسَ مَطلَعُها وَهمي وَمَغرِبُها / قَلبي فَقَد زالَ شُؤمُ البانِ وَالغَرَبِ
ما لِلغُرابِ نَعيقٌ في مَنازِلُنا / وَما لَهُ في نِظامِ الشَملِ مِن نَدَبِ
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ / أمرك عند الورى عجيبُ
قرّبك السِّيد العليُّ / فيممتْ نحوك القلوبُ
لما تغيبت عن جفوني / تاهت على الظاهر الغيوب
لولاك يا كاتبَ المعاني / ما كان لي في العلى نصيب
فاكتب طير الأماني حتى / يأمنك الخائف المريب
شمس الهوى في النفوسِ لاحت
شمس الهوى في النفوسِ لاحت / فأشرقت عندها القلوب
الحبُّ أشهى إليّ مما / يقوله العارفُ اللبيبُ
يا حبَّ مولاي لا تولِّ / عني فالعيشُ لا يطيب
لا إنس يصغو للقلبِ إلا / إذا تجلَّى له الحبيب
قل كيف يسكن قلب لا يحيط به
قل كيف يسكن قلب لا يحيط به / وقد تيقن هذا في تقلبه
من يطمئن إلى تحصيل فائته / فإن ما فاته أعى لمنتبه
مواقفُ الحقِّ أدَّبْتني
مواقفُ الحقِّ أدَّبْتني / وإنما يوقفُ الأديبُ
أشهد في ذاته كفاحاً / فلم أجد شمسها تغيبُ
واتحدت ذاتنا فلما / كنتُ أنا العاشقُ الحبيبُ
أرسلني بالصفاتِ كيما / يعرفني العاقلُ المصيبُ
فيأخذ السرَّ من فؤادي / فتغتذي باسمه القلوب
ألبستُ بنتَ زكيّ الدين خرقتنا
ألبستُ بنتَ زكيّ الدين خرقتنا / من بعد صحبتِها إياي بالأدبِ
تخلقتْ فصفتْ منها مواردها / وقُدستْ ذاتها عن أكثر الريبِ
لما حويت علوماً أنت أكثرها / أخذتها عن مُربٍّ صادقٍ وأب
فلتُلبسِ البنتُ من شاءته خرقَتنا / بعد التحققِ بالأسماء والنسبِ
لكل إنس وجنٍّ بعد صحبتهم / على الشروطِ التي أودعتها كتبي
لله عبد مشى المختص في طلبه
لله عبد مشى المختص في طلبه / وقد أقام له البرهانُ في طلبه
لقد تزكَّى بما زكَّاه خالقه / لكن تصح له دعواه في نسبه
وأنصف الخير بالإقرار معترفاً / بما درى منه من علمٍ ومن نسبه
أعدَّ ألفاً ولم يحصل فأعلم أن / النقصَ نعتٌ له منه ومن تعبه
أين الثلاثةُ من ألفٍ أعدَّ له / فلا تقف عندما يدريه من سببه
فكل شخصٍ على علم ويجهله / الغير منه وذاك العلمُ في كتبه
ومَن تحقق بالآداب أجمعها / فكلُّ علمٍ يرى منه فمن أدبه
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ
العلمُ أفضلُ ما يُقنى ويكتَسَبُ / والعلمُ أزيَن ما على النفوس به
بالعلمِ يَطبعُ ربُّ العالمين على / قلبِ العبيد فلا كبر يحلُّ به
لأنه يجدُ الأبواب مغلقةً / بفِطرةٍ هو فيها أو بمكسبه
قلْ كيف شئتَ فإنَّ الأمر يقلبه / ولا تخفْ من غويٍّ في تطلُّبه
وكيفَ يدخل كبرٌ من حقيقته / فقر وعجزٌ وموتٌ عند منتبه
شخص يرى قرصةَ البرغوثِ تؤلمه / إلى مكارهَ يلقى في تقلبه
فالحسُّ يعلمُ هذا من يقوم به / لدى إقامته أو حال مذهبه
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته / بربه فلهذا إلا مَن يصحبه
من أجلِ أهلٍ له بالبيتِ آمَنَهم / من المخاوفِ إذ تأتي فتركبه
لذاك أطعمهم من جوعٍ طبعهمُ / فالجوعُ يرهقه والطعمُ يذهبه
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ
عجبتُ من أمر دارٍ كلُّها عجبٌ / فيها النقيضان فيها الفوزُ والعَطَبُ
يلتذ شخصٌ بما يشقى سواه به / لذاكَ جئتُ بقولي كلها عجب
نعمتْ مطيتنا إن كنتَ ذا نظرٍ / فيها يُشال وفيها تسدلُ الحجب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب
الشيء مختلفُ الأحكام والنسب / والعينُ واحدةٌ فانظر إلى السبب
واحكم عليه به إن كنتَ ذا نَصَفٍ / فإنما العلمُ والتحقيق في النسب
ألا ترى الله لا شيء يماثله / وقد تنزل للمخلوق بالنسب
فقل إن له في خلقه نسَباً / وهو التقي فأنا في الكدِّ والنَصَب
عسى أفوز به حتى يورثني / أسماءه كلها الحسنى بلا تَعَب
فلا يرى الحق عيناً في مشاهدة / من لا يرى الحقَّ في الأزلام والنصب
فما رأيت مسمى في الوجودِ سوى / ربّ البرية بالحاجات والطلب
وكلما قلت خلق قال خالقه / ما ثَمَّ إلا أنا فاحذر من الرَّهَب
الخلق حقٌ وعينُ الخلقِِ خالقه / فاثبت ولا تهرب إنَّ الجهلَ في الهرب
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره
إنّي أُقمت لدينِ الله أنصره / والنصرُ منه كما قد جاء في الكتبِ
لأنني حاتميُّ الأصلِ ذو كرمٍ / من طيء عربيِّ عن أبٍ فأبِ
ورتبتي في الإلاهيات يعلمها / ما نالها أحدٌ قبلي من العربِ
إلا النبيُّ رسولُ الله سيدُنا / وراثة للذي عندي من الأدب
وإنني خاتم الأتباعِ أجمعهم / أتباعة رتبة تسمو على الرتب
من جملة القومِ عيسى وهو خاتم من / قد كان من قبله حياً بلا كذب
وفي شريعتنا كانت ولايته / دون الرسالةِ لما جاء في العقب
فنحن من كونه في الأمر تابعه / بمنزلِ العالمِ العلويّ كالأشهبِ
الأمر لله والمأمور في عدم
الأمر لله والمأمور في عدم / فإن أضيف له التكوين يكذبه
بل كن لربك والتكوين ليس له / وإنما هو للمأمور يصحبُه
كذا أتاك به نص الكتابِ وما / أتى له ناسخٌ في الحال يعقبه
سيحانه من غنيّ لا افتقارَ له / لعالمِ الكونِ والأسماء تطلبه
وهو المسمى بها والعين واحدةٌ / وليس تدركه إذ عز مطلبه
جلَّ الإله فما تُحصى معارفه
جلَّ الإله فما تُحصى معارفه / ولا عوارفُه ولا مواهبهْ
ولن يصاحبه من خلقه أحد / لكنه الله في المشروعِ صاحبه
ومن يكون بهذا الوصفِ فارضَ به / رباً فإنك بالبرهانِ كاسبهْ
واعلم بأنك مجبورٌ على خطر / في خرج مل أنت بالرحمنِ واهبه
فمن يوافقكم فأنت شاكره / ومن يخالفكم فما تطالبه
لعلمكم أنه ما عنده خبر / فالله طالبه ما أنت طالبه
لولا الوجودُ ولولا سرُّ حكمته / ما كان لي أمل فيمن أصاحبه
إني خصيص لما أوليه من كرم / إني خسيسٌ لجانٍ إذ أعاقبه
العفو أولى بنا إن كنتَ ذا كرمٍ / فإنني عارفٌ بمن أراقبه
الخلق من خلقٍ أشفتْ مكانته / ولا يجانبني إذا أجانبه
لعلةٍ ولجهلٍ قامَ بي فأنا / للجهلِ في المنع أنسى إذ أعاتبه
فالله يغفر لي ما قد جنته يدي / مما يكون له مما أقاربه
فالجهل غالبته والجهل من شيمي / وما يغالبني إذا أغالبه
إني عجبتُ لمن قد قال من عجبٍ / الله من كثرت فينا أعاجبه
إني أغار على المولى وصاحبه
إني أغار على المولى وصاحبه / من الحديثِ بشيء لا أسرّ به
وما يليقُ بحرٍّ أنْ يبلغه / فإنَّ تبليغه يزري بمنصبه
ونائبُ الله يرمي بالسهامِ فلا / يقف لع غرض في صدر مذهبه
وليس يدري الذي بالقلبِ من صور / إلا لبيبٌ يراه في تقلبه
فكم دعوتكَ يا عيني ولم تجبْ
فكم دعوتكَ يا عيني ولم تجبْ / خابتْ سهامُ دعائي فيك لم تصبِ
شُغلتَ عني بأمرٍ أنت تعرفه / ولا تظنَّ بنا شيئاً من الريب
رميت حب قبول في حبالتكم / فصدت والله يا عيني ولم تخب
فاهنأ فديتك صياداً أظفرت بما / تريده من فتى من سادةٍ نجبِ
لولا لبانة موسى النور ما انقلبا
لولا لبانة موسى النور ما انقلبا / نارا وما أحرقت نبتاً وما التهبا
فاحذر فديتك إنّ الأمر ذو خدع / يريك مضطجعاً من كان منتصبا
لقد تحوّل للرائين في صور / شتى وما صدق الرائي وما كذبا
كقوله ما رمى من قد رمى ومضى / في أفقه طالعا لقطاً وما غربا
وظلَّ يطلبه في كلِّ شارقةٍ / بيضاء من حُرق عليه ملتهبا
ليس التعجبُ من خيرٍ نعمتَ به / لكنه من عذابٍ فيه قد عذبا
إنَّ المعارفَ أنوارٌ مخبرة / من عنده تُخرقُ الأستارُ والحُجُبا
إنَّ اللبيب كذي القرنين شيمته / ما ينقضي سببٌ إلا ابتغى سببا
إذا انتهى حكمه في نفسِ صاحبه / يريك في كونه من أمره عجبا
فتبصر الفضةَ البيضاءَ خالصةً / عادتْ بصنعة المثلى لنا ذهبا
كما بصيرُّ عينَ الشمسِ في نظري / من أيمن الطورِ في وادٍ به لهبا
لقد تحوَّل لي من عينِ صورته / بغير صورتِه فيما به ذهبا
فكنتُ أطلبه والعينُ تشهده / ولستُ أعرفه لما به احتجبا
فقلتُ هذا أنا فقال ها أنا ذا / فقلتُ من قال لي لا تترك الطبا
والله لو نظرتْ عيناك من نظرت / لما رأت غيرنا فلتلزم الأدبا
ولست تنظره إلا بنا فعسى / تقولُ حالَ عليه النومَ قد غلبا
حديثُ نفسي بنفسي والحديث أنا / كالفرد يضربه فيه الذي ضربا
فلا تضاعفه ولا تعدِّده / لأنه عينُه أكرم به نسبا
إذا تحققتَ شيئاً أنت تعلمه
إذا تحققتَ شيئاً أنت تعلمه / ساويتَ فيه جميعَ العالمين بهِ
أقولُ هذا لأمرٍ قد سمعتُ به / عن واحدٍ فطنٍ للعلمِ منتبِهِ
فقال ليس كما قالوه واعتقدوا / فما لعالمنا العلاّم من شبه
وذا لجهلُ بما قلناه قامَ به / فليس في قولنا المذكور من شبه
هل نسبة الذهب الإبريز في شِبه / ما صاغَه الصائغُ العلاّم من شَبَه
حقيقتي أن أكون عبداً
حقيقتي أن أكون عبداً / وحقُّه أن يكون ربا
إن كان لي في الشهود مثلا / كنتُ له في المثال قلبا
ما زال إذ زدت منه بعدا / بالوجد يوليني منه قربا
أو كنت ذا لوعة معنى / يكون لي الصادق المحبا