المجموع : 3
رَوضٌ إِذا زُرتَهُ كَئيبا
رَوضٌ إِذا زُرتَهُ كَئيبا / نَفَّسَ عَن قَلبِكَ الكُروبا
يُعيدُ قَلبَ الخَلِيِّ مُغراً / وَيُنسِيَ العاشِقُ الحَبيبا
إِذا بَكاهُ الغَمامُ شَقَّت / مِنَ الأَسى زَهرُهُ الجُيوبا
تَلقى لَدَيهِ الصَفا ضُروباً / وَلَستَ تَلقى لَهُ ضَريبا
وَشاهَ قَطرُ النَدى فَأَضحى / رِدائُهُ مَعلَماً قَشيبا
فَمِن غُصونٍ تَميسُ تيهاً / وَمِن زُهورٍ تَضَوَّعُ طيبا
وَمِن طُيورٍ إِذا تَغَنَّت / عادَ المُعَنّى بِها طَروبا
وَنَرجِسٍ كَالرَقيبِ يَرنو / وَلَيسَ ما يَقتَضي رَقيبا
وَأُقحُوانٍ يُريكَ دُرّاً / وَجُلَّنارٍ حَكى اللَهيبا
وَجَدوَلٍ لا يَزالُ يَجري / كَأَنَّهُ يَقتَفي مُريبا
تَسمَعُ طَوراً لَهُ خَريراً / وَتارَةً في الزَرى دَبيبا
إِذا تَرامى عَلى جَديبٍ / أَمسى بِهِ مَربَعاً خَصيبا
أَو يَتَجنّى عَلى خَصيبٍ / أَعادَهُ قاحِلاً جَديبا
صَحَّ فَلَو جائَهُ عَليلٌ / لَم يَأتِ مِن بَعدِهِ طَبيبا
وَكُلُّ مَعنى بِهِ جَميلٌ / يُعَلِّمُ الشاعِرَ النَسيبا
أَرضٌ إِذا زارَها غَريبٌ / أَصبَحَ عَن أَرضِهِ غَريبا
يا رُبَّ قائِلَة وَالقَولُ أَجمَلُهُ
يا رُبَّ قائِلَة وَالقَولُ أَجمَلُهُ / ما كانَ مِن غادَةٍ حَتّى وَلَو كَذَبا
إِلى ما تَحتَقِرُ الغاداتُ بَينَكُمُ / وَهُنَّ في الكَونِ أَرقى مِنكُم رُتَبا
كُنَّ لَكَم سَبَباً في كُلِّ مَكرُمَةٍ / وَكُنتُم في شَقاءِ المَرأَةِ السَبَبا
زَعَمتُم أَنَّهُنَّ خامِلاتِ نُهىً / وَلَو أَرَدنَ لَصَيَّرنَ الثَرى ذَهَبا
فَقُلتُ لَو لَم يَكُن ذا رَأيُ غانِيَةٍ / لَهاجَ عِندَ الرِجالِ السُخط وَالصَخَبا
لَم تُنصِفينا وَقَد كُنّا نُؤَمِّلُ أَن / لا تُنصِفينا لِهَذا لا نَرى عَجَبا
هَيهاتِ تَعدِلُ حَسناءَ إِذا حَكَمَت / فَالظُلمُ طَبعٌ عَلى الغاداتِ قَد غَلَبا
يُحارِبُ الرَجُلُ الدُنيا فَيُخضِعَها / وَيَفزَعُ الدَهرُ مَذعوراً إِذا غَضِبا
يَرنو فَتَضطَرِبُ الآسادُ خائِفَةً / فَإِن رَنَت ذاتُ حُسنٍ ظَلَّ مُضطَرِبا
فَإِن تَشَء أَودَعتُ أَحشائُهُ بَرَداً / وَإِن تَشَء أَودَعتُ أَحشائَهُ لَهَبا
تَفنى اللَيالي في هَم وَفي تَعَبٍ / حَذارَ أَن تَشتَكي مِن دَهرِها تَعَبا
وَلَو دَرى أَنَّ هَذي الشُهبُ تُزعِجُها / أَمسى يَروعُ في أَفلاكِها الشُهُبا
يَشقى لِتُصبِحَ ذاتُ الحَليِ ناعِمَةً / وَيَحمِلُ الهَمَّ عَنها راضِياً طَرِبا
فَما الَّذي نَفَحَتهُ الغانِياتُ بِهِ / سِوى العَذابِ الَّذي في عَينَيهِ عَذُبا
هَذا هُوَ المَرءُ يا ذاتَ العَفافِ فَمَن / يُنصِفهُ لا شَكَّ فيهِ يُنصِفُ الأَدَبا
عَنَّفتِه وَهوَ لا ذَنبَ جَناهُ سِوى / أَن لَيسَ يَرضى بِأَن يَغدو لَها ذَنَبا
عادَت رِياضُ القَوافي وَهيَ حالِيَةٌ
عادَت رِياضُ القَوافي وَهيَ حالِيَةٌ / وَكانَ صَوَّحَ فيها الزَهرُ وَالعُشُبُ
وَاِستَرجَعَت دَولَةُ الأَقلامِ نَخوَتَها / وَكانَ أَدرَكَها الإِعياءُ وَالتَعَبُ
بِشاعِرٍ عَبقَرِيٍّ في قَصائِدِهِ / عِطرٌ وَخَمرٌ وَسِحرٌ رائِقٌ عَجَبُ
فَاِشرَب بِروحِكَ خَمراً كُلُّها أَرَجٌ / وَاِنشُق بِروحِكَ عِطراً كُلُّهُ طَرَبُ
وَاِمرَح بِدُنيا جَمالٍ مِن تَصَوُّرِهِ / فَإِنَّها السِحرُ إِلّا أَنَّهُ أَدَبُ
وَاِلبِس مَطارِفَ حاكَتها يَراعَتُهُ / تَبقى عَلَيكَ وَيَبلى الخَزُّ وَالقَصَبُ
كَم دُرَّةٍ يَتَمَنّى البَحرُ لَو نُسِبَت / إِلَيهِ باتَت إِلى مَسعودَ تَنتَسِبُ
لَو أَنَّها فيهِ لَم تَهتَج غَوارِبُهُ / لَكِنَّها لِسِواهُ فَهوَ يَصطَخِبُ
فَلا جَناحٌ إِذا ما قالَ شاعِرُنا / لِلبَحرِ يا بَحرُ أَغلى الدُرِّ ما أَهَبُ
يا شاعِرَ اَلدَيرِ كَم هَلهَلتَ قافِيَةً / غَنّى الرُواةُ بِها وَاِختالَتِ الكُتُبُ
طَلاقَةُ الفَجرِ فيها وَهوَ مُنبَثِقٌ / وَرِقَّةُ الماءِ فيها وَهوَ مُنسَكِبُ
مَرَّت عَلى هَضَباتِ الدَيرِ هائِمَةً / فَكادَ يورِقُ فيها الصَخرُ وَالحَطَبُ
إِذا تَساقى النُدامى الراحَ صافِيَةً / كانَت قَوافيكَ في الراحِ الَّتي شَرِبوا
فَأَنتَ في أَلسُنِ الأَشياخِ إِن نَطَقوا / وَأَنتَ في هِمَمِ الشُبّانِ إِن وَثَبوا
مَسعودُ عيدُكَ وَالشَهرُ الجَميلُ مَعاً / قَد أَقبَلا وَأَنا في الأَرضِ أَضطَرِبُ
يَحُزُّ نَفسِيَ أَنّي اليَومَ مُبتَعِدٌ / وَأَنتَ مِن حَولِكَ الأَنصارُ وَالصُحُبُ
البيدُ وَالناسُ ما بَيني وَبَينَكُمُ / لَيتَ المَهامِهَ تُطوى لي فَأَقتَرِبُ
ما كانَ أَسعَدَني لَو كُنتُ بَينَكُمُ / كَيما يُؤَدّي لِساني بَعضَ ما يَجِبُ
لِصاحِبٍ أَنا تَيّاهٌ بِصُحبَتِهِ / وَشاعِرٍ طالَما تاهَت بِهِ العَرَبُ