المجموع : 19
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به / إحدى المواعِظِ أو بعضَ التجاريبِ
بل البوارُ الذي ما بعد موقعهِ / نَفْعٌ بوعظٍ ولا نفعٌ بتجريبِ
ما بعد وعظيَ ما تُوعَى العِظاتُ له / ولا مواقعُ صَوْلاتي بتدريبِ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ / وبابنِ بدرٍ أعز الظَّرْفَ والأدبا
يَمَّمْتُ بدرَ بني بدرٍ فما انتسبت / ألفاظهُ ليَ لكنْ وجهُهُ انتسبا
لاقيتهُ وأنا المملوءُ من غضب / على الزمان فسرَّى عنِّيَ الغضبا
فلو حلفتَ لما كُذّبت حينئذٍ / أنِّي هناك لقيتُ العُجْمَ والعربا
أجدى فأحسَنَ في الجدوى وأتبعني / حمداً وأردفني شكراً ولا عجبا
اللَّه يكلؤُهُ واللَّه يُؤنسهُ / فإنه بمعاليهِ قد اغتربا
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ / على اختلاف صروف الدهر والعُقُبِ
يومَ انْتَحَتْني بسهميها مُسالمةً / تأتي جدائِدُها من أوجه اللَّعِبِ
وعيَّرتني بشيب الرأس ضاحكةً / مِن ضاحكٍ فيه أبكاني وأَضْحَكَ بي
قد كنتِ تسقينَ خدّي مرةً وفمي / يا هندُ من وَشَلٍ طوراً ومن ثَغَبِ
يَعُلُّ ريقُك أنيابي وآونةً / يستنُّ دمعُكِ في خَدَّيَّ كالسَّربِ
فالآن أهزأَ بي شيبي وأَوْبقني / عيبي وإن كنت لم أُوبَق ولم أُعَبِ
بالجِلْد أندابْ دهرٍ لست أنكرها / وما بعرضي لعمرُ اللَّه من نَدَب
يا ظبيةً من ظباءٍ كان مَكْنسُها / في ظلِّ ذي ثمرٍ مني وذي هَدَبِ
فِيئِي إليك فقد هَبَّت مُصوّحةٌ / أضحى لها مجتَنِي لهوٍ كمحتطِبِ
سِنٌّ بَنَتْني وعادتْ بعد تهدِمني / حتى رزَحتُ رزوح العَوْدِ ذي الجَلَبِ
وأعْدَتِ الرأسَ لَوْنَيْ دهرِهِ فغدا / قد حال عن دُهمةٍ كانت إلى شَهَبِ
والدهرُ يُبلي الفتى من حيث يُنشئُهُ / حتى تَكُرَّ عليه ليلةُ القَرَبِ
يَغذوه في كل حينٍ وهو يأكله / ويحتسي نُغَباً منه على نغبِ
يُودي بحالٍ فحالٍ من شبيبته / تسرُّبَ الماء من مستأنَفِ الكُتَبِ
بَيْناهُ كالأجدل الغِطريف ماطَلَهُ / عصراهُ فارتد مثل الفرخ ذي الزَّغبِ
أَعْجِبْ بآمِنِ دهرٍ وهو مُبترِكٌ / يُعريه من ورقٍ طوراً ومن نَجَبِ
حسبُ امرىءٍ من جَنى دهرٍ تُطاولُهُ / وإن أُجِمَّ فلم يُنكَبْ ولم يُنَبِ
في هُدنةِ الدهر كافٍ من وقائِعِهِ / والعُمرُ أفدح مِبْراةً من الوَصَبِ
قَضيتُ ذلك في قولي إلى فُنُقٍ / تلهو بمُكتحِلٍ طوراً ومختضِبِ
حوراءُ في وَطَفٍ قنواءُ في ذَلَفٍ / لَفَّاء في هَيَفٍ عجزاءُ في قَبَبِ
كالشمسِ ما سَفَرَتْ والبدر ما انتقبتْ / ناهيكَ من مُسفِرٍ حُسْناً ومُنتَقِبِ
جاءت تَدَافَعُ في وَشْيٍ لها حَسَنٍ / تَدَافُعَ الماء في وشيٍ من الحبَبِ
فأعرضتْ حلوةَ الإعراضِ مُرَّتَهُ / بزَفرةٍ كنسيم الروض ذي الرَّبَبِ
تَأْسى على عهديَ الماضي ويُذهِلُها / تَفوُّقُ العيشِ ذي الأحلاب في العُلَبِ
يا ذا الشبابِ الذي أضحتْ مَناسِبُهُ / قد بُدِّلتْ فيه أنواعاً من النُّدَبِ
مهلاً فقد عاد ذاك الشرخ واقتربت / من مُجتنيها الأماني كلَّ مقتربِ
بآل وهبٍ غدتْ دنيا زمانهمُ / منصورةً وتغنَّت بعدَ منتحبِ
وعادت الأرضُ إذ عمَّت مصالحُهم / دارَ اصطلاحٍ وكانت دارَ مُحتربِ
قومٌ يحلُّونَ من مجدٍ ومن شرفٍ / ومن غَناءٍ محلَّ البَيْض واليَلَبِ
حلُّوا محلَّهُما من كلّ جمجمةٍ / دَفعاً ونَفعاً وإطلالاً على الرُّتبِ
لا بل هُمُ الرأسُ إذ حسَّادُهم ذنبٌ / وَمَنْ يُمثِّلُ بين الرأسِ والذنبِ
تاللَّه ما انفكّتِ الأشياءُ شاحبةً / حتى جَلَوْها فأضحت وُضَّحَ النُّقَبِ
بهم أطاعَ لنا المعروفُ وامتنعت / جوانبُ الملك ذي الأركان والشِّذبِ
كم فيهم من مقيمٍ كُلَّ ذي حَدَبٍ / من الأمورِ بِرأيٍ غيرِ ذي حَدَبِ
ما زال أحمدٌ المحمودُ يحمدهُمْ / مُذ بُوِّئ التاجَ منه خيرُ مُعْتصبِ
وقبل ذلكَ كانوا يَمْهَدُون له / وتلكُم القُرْبةُ الكبرى من القُرَبِ
صَغا إليهم وولّاهم أمانتَهُ / دون الأنام فلم يَرْتَبْ ولم يُرِبِ
ما انفكّ تدبيرهُمْ يجري على مَهلٍ / حتى غدا الصقرُ منصوراً على الخَرَبِ
لو كنتَ تعلم ما أغنى يراعُهُمُ / أيقنتَ أن القَنَا كَلٌّ على القَصَبِ
إن كنتُ أذنبتُ في مدحي ذوي ضَعَةٍ / فمِدْحتي آلَ وهب أنصحُ التُّوَبِ
الحارسي الدينَ لا يلهو نهارُهُمُ / عنه ولا ليلُهم بالنائم الرّقِبِ
الحافظي المُلكَ والحامينَ حَوْزَتَه / من الأعادي ذوي الأضغان والكَلَبِ
الحالبي لَقَحَاتِ الفيء حافلةً / بِالرفق واليمن منهم ثَرَّةَ الحَلَبِ
المُجتبو الحمدَ بعد الأجرِ غايتُهم / صَوْنُ الإمام عن الآثام والسُّبَبِ
ومن جبى المال للسلطان دونهمُ / أعداهُ إثماً وعاراً لازبَ الجَرَبِ
كم نِضْوِ شُكرٍ نَضَوْا عنه وليَّتَهُ / فظهرُهُ مستريحٌ غيرُ مُعْتقَبِ
وما شكا العُسْرَ بعد اليُسْرِ صاحبُهُم / ولا تَحَوَّل عن رَحْلٍ إلى قَتَبِ
وما يُريغون بالنُّعمى مكافأةً / لكن يُقَضُّون ما للمجد من أرَبِ
أقسمت حقاً لئن طابت ثمارهُمُ / لقد سرى عِرقُهم في أكرم التُّربِ
دعْ من قوافيك ما يكفيك إن لها / في مدح مولاكَ شَوْطاً مُلْهَبَ الخَبَبِ
يا سائلي أعْربَ الإحسانُ عن حَسَنٍ / أبي محمّدٍ المحمودِ في النّوبِ
سألت عنه رفيعَ الذكر قد خطبتْ / به النباهةُ قبل الشعر والخُطبِ
أغنى الصباح عن المصباح بل طلعتْ / شمسُ الضحى تسلك الأسلاك في الثُّقَبِ
هلّا سألتَ ثناءً غير مُجتلَبٍ / أضحى له وفِناءً غيرَ مُجتَنَبِ
فتى إذا ما مدحناه أتيحَ له / من أرضِه المدحُ فاستغنى عن الجلبِ
معروفُهُ في جميع الناس مُقْتسمٌ / فحمدُهُ في جميع الناس لا العُصَبِ
خِرْقٌ حَوَتْ يدُهُ مُلْكاً فجادَ به / فأصبح الملك ملكاً غير مُغتصَبِ
أغرُّ أبلجُ يكسو نَفْسَه حُلَلاً / من المحامد لا تَبْلى على الحِقَبِ
أمواله في رِقاب الناس من مِننٍ / لا في الخزائنِ من عَيْنٍ ومن نَشَبِ
فليس يملكُ إلا غيرَ مُنتزَعٍ / وليس يلبَسُ إلا غيرَ مُستلَبِ
كذا المكارمُ ملكٌ لا زوال له / باقٍ يدوم لباقٍ غيرِ مُنْشَعِبِ
ذاك الذي بايَنَ الأسواءَ وانتسبتْ / إليه بيضُ الأيادي كلَّ منتسَبِ
كم شدَّ للسعي في أُكرومةٍ لَبَباً / أضحى كريماً به مُسترخِيَ اللَّبَبِ
ما انفكَّ من سَهَرٍ يُخليكَ من سهرٍ / كلّا ولا دأَبٍ يُعفيكَ من دَأبِ
مذلَّلٌ للمساعي وهْوَ مُشتمِلٌ / بالعزِّ في ظلِّ عَيشٍ مُحْصَد الأَشَبِ
قد وطَّأ المجدُ للعافي خلائِقَهُ / فللتَسَحُّبِ فيها لينُ مُنْسحَبِ
ماضٍ على الهَوْل نحو المجدِ يَطلبُهُ / من شأنه السُّربةُ البُعدى من السُّربِ
لا يتَّقي في جميلٍ هولَ مُرتكَبٍ / إذا اتَّقى في رَغيبٍ قُبْحَ مُرتكَبِ
أحْمى فأرْعَى وآوى مَنْ يُطيفُ به / في حيثُ يأمن من خوفٍ ومن سَغَبِ
فضيفُهُ في ربيعٍ طولَ مُدَّته / وجارهُ كلَّ حين منه في رجَبِ
الأمنُ والخصبُ للثَّاوي بعقْوَتِهِ / وقْفَيْنِ قد كَفَياهُ كلّ مضطرَبِ
فليسَ كشحاهُ مَطوِيَّيْنِ عن رَغَبٍ / ولا جناحاه مضمومَيْنِ من رَهَبِ
أغرُّ يجتلبُ المُدَّاحَ نائلُهُ / وأكثرُ الناس مدحاً غيرَ مُجتَلَبِ
تلقاهُ من نهضهِ للمجدِ في صَعَدٍ / ومن تواضُعِهِ للحق في صَببِ
كأنَّه وهو مسؤولٌ ومُمْتدَحٌ / غَنَّاهُ إسحاقُ والأوتارُ في صَخبِ
يهتزُّ عطفاهُ عند الحمدِ يسمعُهُ / من هِزَّة المجد لا من هِزَّة الطَرَبِ
زَوْلٌ يقسِّمُ أمراً واحداً شُعَباً / وقادرٌ أن يَضمَّ الأمرَ ذا الشُّعَبِ
مَعانُ خَيْرَيْنِ للرُّواد مُكتَسبٍ / من العوارف يُسديها ومُكتتَبِ
كالبحر مُنْفجِراً من كلّ منفجَرٍ / والغيثِ منسكباً من كلّ منسكبِ
جاء السَّوادان يمتارانِ فاحتقبا / من عِلمِه ونداهُ خيرَ محتقَبِ
يقظانُ مازال تُغْنيه قريحَتُهُ / عن التجاربِ يَلقاهُنَّ والدُّرَبِ
ذو لمحةٍ تدرِك العُقبى إذا احتجبتْ / عن العقولِ بغيبٍ كُلَّ محتجَبِ
يَفري الخطوبَ إذا اشتدت معَرَّتُها / من كيده بخميس غير ذي لَجَبِ
رمَى من الحقِّ أغراضاً فَقْرطَسَها / وطالما رُميَتْ قِدماً فلم تُصَبِ
بصائبٍ من سهام الرأي أيَّدَهُ / بالبحث والفحص لا بالرِّيشِ والعَقَبِ
فأيُّ عدلٍ وفَضْلٍ في قضيته / إذا تجاثَى بنو الجُلَّى على الرُّكبِ
فإن عَصَتْ بَدَهاتِ الرأي مُعْضِلةٌ / أذكى لها فِكَراً أذكى من اللّهبِ
وما الحقوقُ إذا استقصى بضائعةٍ / ولا الكلامُ إذا أحصى بمُنتَهبِ
يَجِدُّ جِدَّ بعيدِ الهمِّ مُنتدبٍ / لكل خطبٍ جليل كلَّ مُنتدَبِ
ويَفْكَهُ الحالَ بعد الحالِ مُقتَفِياً / آثار من قَرَنَ السُّلَّاء بالرُّطبِ
مُسدَّدٌ في جواباتٍ يُجيبُ بها / كأنها أبداً مأخوذةُ الأُهَبِ
فيها حلاوةُ ظَرْفٍ غير مُنْتحَلٍ / إلى فخامة علم غير مؤتشَبِ
يَزينُها بإشاراتٍ ملحَّنةٍ / كأنها نغمُ التأليف ذي النِّسَبِ
كم موطنٍ قد جرى فيه مَجاريَهُ / يمرُّ فيه مروراً غير ذي نَكَبِ
محدِّثاً أو مُبيناً عن مُجمجَمةٍ / أو هازلاً هَزْلَ صَدَّافٍ عن الحُوَبِ
فما تطايَر كالمخلوقِ من شَررٍ / ولا تَوَاقَر كالمنحوت من خشبِ
بل ظل يُوزنُ بالقسطاس مأخذُهُ / مُجاوزاً عَتَباً منه إلى عَتَبِ
بين الخُفاف وبين الطَّيْش مُجتذِباً / عُرا القلوب إليه كلَّ مُجتذَبِ
تُعَضِّلُ الأرضُ ضِيقاً عن جلالته / ويَسلُكُ الخُرْتَ عفواً لُطْفَ مُنْسَربِ
ساهٍ وما تُتَّقَى في الرأي سَقْطتهُ / داهٍ وما يُنطوى منه على رِيبِ
فدهيُهُ للدواهي الرُّبْدِ يَدمغُها / وسَهْوهُ عن عيوب الناس والغِيَبِ
لولا عجائبُ لُطفِ اللَّه ما نبتتْ / تلك الفضائلُ في لحمٍ وفي عَصَبِ
لِيَبْهَجِ الدِّينُ والدنيا فإنهما / قد أصبحا في جَنابيه بمصطحَبِ
يا ابن الوزير الذي أضحتْ صنائعُهُ / مُقلِّداتٍ رقابَ العُجْم والعَرَبِ
مهما وعدْتَ فمذكورٌ ومحتَسَبٌ / وما اصطنعتَ فشيءٌ غَيرُ مُحتسبِ
تُعطي ووجْهُك مبسوطٌ يُصانعنا / كأنَّ كفَّك لم تُفْضِلْ ولم تَهَبِ
لقاءُ جانٍ إلى العافينَ مُعتذرٍ / وفعلُ مُجْنٍ جنىً أحلى من الضَّرَبِ
يا من إذا ما سألناهُ استهلّ لنا / وإن سكتْنا تَجَنَّى علَّةَ الطَلبِ
أجاد تَكْمينَ نُعمى ثم أطلعها / لنا بلا مَدّ أعناقٍ ولا تعبِ
كأنها نعمةُ اللَّهِ التي خَلَصَتْ / في جَنّة الخُلْد من هَمٍّ ومن نَصَبِ
مَبَرَّةً لَطُفَتْ منه وتَصفيةً / لَمَوْرد العُرْفِ لم نعرفهما لأَبِ
أثابك اللَّهُ عنا ما يُثابُ به / ذو الفَضلِ والطَّولِ والعافي عن الرِّيبِ
وما عَجِبنا وإن أصبحتَ تُعجبنا / أن يُجتبى ذهبٌ من مَعْدِنِ الذهبِ
لكن عَجِبنا لعُرفٍ لا نُكافئُهُ / ونستزيدُك منه أكثر العَجَبِ
لو فرَّ مصطَنَعٌ من عُرْف مصطنعٍ / عَجْزاً عن الشكر لم نُسبق إلى الهَرَبِ
لكنك المرءُ يُسدي عرفَهُ ويرى / تركَ الحساب عليه أفضلَ الحَسَبِ
وقد كفاك ائتنافَ المجد سيِّدُنا / فلم تُواكِلْ ولم تعملْ على النسبِ
لكن فعلتَ كآباءٍ لكم فُعُلٍ / بِيضِ الصنائع كشَّافين للكُربِ
وما عدوتَ من الآراء أصوبَها / عند امرئٍ كان ذا عقلٍ وذا أدبِ
إذا ابن قَومٍ وإن كانوا ذوي كرمٍ / لم يفعلِ الخير أمسى غير مُنتجَبِ
وكلُّ شعبةِ أصلٍ مثمرٍ عَقُمت / فليس تُعتدُّ إلا أرذلَ الشُّعبِ
لذاك من قُضُب الرمّان مُكتَنَفٌ / يُحمى ويُسقَى ومنبوذٌ مع الحطبِ
لولا الثمار التي تُرجى منافعُها / ما فضَّل الناسُ تفاحاً على غَرَبِ
ها إنَّ تا خطبةٌ قام الخطيبُ بها / صريحةُ الصدق لم تُمْذَق ولم تُشَبِ
والغَرْسُ نَفْلٌ وربُّ الغَرس مُفْترِضٌ / فاربُبْ غراسك تجنِ الشكر من كَثَبِ
أسديتَ أمراً فألْحِمْهُ بلُحمته / لنا وسبَّبْت فاجدُل مِرَّةَ السَّببِ
كلِّم فتى طَيِّئٍ فينا وسيّدَها / تكليمَ راضٍ مُليحٍ صفحةَ الغضبِ
جِدّاً وحَدّاً إذا ما شئتَ هَزَّهُما / طباعُكَ الحُرُّ هزَّ العَضب ذي الشُّطَبِ
واعلم بأنك مأمولٌ ومُرتقبٌ / فاشفع شفاعةَ مأمولٍ ومُرْتَقَبِ
اللَّهَ في مالِ قومٍ أنت كاسبُهُ / يا خيرَ مكتَسِبٍ من خير مكتسَبِ
حافظْ عليهِ حفاظاً لا وراءَ له / إلا النجاحُ وأنقِذْه من العطبِ
لا تُسْلَبَنَّ يدٌ قد أمَّلت بكمُ / ما أمَّلتْه فلا حرمانَ كالسَّلبِ
ولو سُئلنا لقلنا الفقرُ فاقِرةٌ / لكنَّ أعظمَ منه حسرةُ الحَرَبِ
وليس يَشْجَبُ جارٌ أنت مانعُهُ / لا زال جارُك ممنوعاً من الشجبِ
واسلمْ على الدهر في نعماءَ سابغةٍ / وارجِعْ مُوقّىً مُلقّىً خيرَ مُنقلَبِ
وآنَسَ اللَّهُ نفساً أنت صاحبها / فإنها من معاليها بمُغتَرَبِ
خذها هَدِيّاً ولم أُنكِحْكَها عَزَباً / يا ابنَ الوزير وكم أنكحتُ من عَزَبِ
ما زلت تنكِحُ من قبلي نظائرها / وأيُّ داعٍ إليك المدحَ لم يُجَبِ
وما خسَسْتَ الثوابَ المستثاب بها / وأيُّ مُهدٍ إليك الصدق لم يُثَبِ
ومن يُقاتلْ عن العليا ليَمْلِكها / بمثل خِيمِكَ لم يُسبق إلى الغَلبِ
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها / من إخوة لك جاؤوا بالأعاجيبِ
فجازِني بمديحي أو مديحِهِمُ / إن المسبِّبَ محقوقٌ بِتثويبِ
سبِّبْ أو افعل بل اسمح لي بجمعهما / فعلاً بفعلٍ وتسبيباً بتسبيبِ
يا من يقولُ بما فيه مُقَرِّظُهُ / ولا يَمُتُّ إليه بالأكاذيبِ
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ / يدعونني البيضُ عمّاً تارةً وأبا
وتلك دعوةُ إجلالٍ وتَكرِمةٍ / ودِدتُ أنِّيَ معتاضٌ بها لَقَبا
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ / وكنتَ من ردِّ مدحي غيرَ مثَّئبِ
فأعطني ثمن الطِّرسِ الذي كُتبتْ / فيه القصيدةُ أو كفّارة الكذِبِ
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا / تقاتلون ولا يُحمى لكم سَلَبُ
كالنخلِ يُشْرعُ شوكاً لا يذودُ بهِ / عن حملِهِ كفَّ جانٍ فهو مُنتهَبُ
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا / تحمونَ في الروع من أعدائكم سَلَبا
كالنخلِ يُشْرعُ شوكاً لا يذودُ به / أيدي الجُناةِ ولا يحميهمُ الرُّطَبا
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا / ولا يُدافع كفّاً حاولت رُطبا
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ / على اختلاف صُروفِ الدهر والعُقُبِ
يومَ انتحتْنا بسهميها مُسَالمةً / تأتي جُدَيْدَاتُها من أوجه اللعبِ
تُدْوي الرجالَ وتشفيهم بمُبتسمِ / كابن الغمامِ وريقٍ كابنة العنبِ
عَيْنَاءُ في وَطَفٍ قَنْوَاءُ في ذَلفٍ / لفَّاءُ في هيفٍ عجزاءُ في قَببِ
جاءت تَدَافَعُ في وشي لها حَسَنٍ / تدافُعَ الماء في وشيٍ من الحببِ
ليستْ من البحتُرياتِ القصارِ بُنىً / والشَّاربات مع الرُّعيان بالعُلبِ
ولم تلد كوليدِ اللؤم فالِقَةً / عن رَأْس شَرِّ وليدٍ شرَّ ما رُكَبِ
قد قلتُ إذ نحلوهُ الشعرَ حَاشَ له / إنَّ البُرُوكَ به أولى من الخبَبِ
البُحْتُريُّ ذَنُوبُ الوجهِ نعرفُهُ / وما رأينا ذَنُوبَ الوجه ذا أدبِ
أَنَّى يقولُ من الأقوال أَثْقَبَهَا / من راح يحملُ وجهاً سابغَ الذَنَبِ
أوْلى بِمَنْ عظمتْ في الناس لحيتُهُ / من نِحلة الشعر أن يُدْعَى أبا العجبِ
وحسبُه من حِباءِ القوم أن يهبوا / له قفاهُ إذا ما مَرَّ بالعُصَبِ
ما كنت أحسِبُ مكسوَّاً كَلحيته / يُعفَى من القَفْدِ أو يُدْعى بلا لقبِ
لهفي على ألفِ مُوسَى في طويلته / إذا أدَّعى أنه من سادة العربِ
أو قال إني قَريعُ الناسِ كلِّهِمِ / في الشعر وهو سقيم الشعر والنسبِ
الحظُّ أعمى ولولا ذاك لم نَرَهُ / للبحتريِّ بلا عقلٍ ولا حسبِ
وَغْدٌ يَعافُ مديحَ الناسِ كلّهمِ / ويطلبُ الشَّتْمَ منهم جاهدَ الطلبِ
داءٌ من اللْؤم يستشفي الهجاءَ لهُ / كَذَلِكَ الحَكُّ يَستَشفيه ذو الجَرَبِ
أَراكَ لَم تَرضَ ما أَهدى لَهُ نَفَرٌ / مِن شَتمِ أُمٍّ لَئيمٍ خيمُها وَأَبِ
فارضَ الَّذي أَنا مُهديهِ إِلَيهِ لَهُ / من مُرْمِضِ القَذع وارضَ النار للحطَبِ
قُبْحاً لأشياءَ يأتي البحتريُّ بها / من شعره الغَثِّ بعد الكدّ والتَعَبِ
كأنها حين يُصْغي السامعون لها / ممن يُمَيِّزُ بين النَّبع والغَرَبِ
رُقَى العقاربِ أو هذْرُ البُناةِ إذا / أضحوا على شَعَفِ الجدران في صخبِ
وقد يجيءُ بِخَلْطٍ فالنُّحاس لَه / وللأوائلِ صافيه من الذهبِ
سَمِينُ ما نحلوه من هُنا وهنا / والغَثُّ منهُ صَرِيحٌ غير مجتَلَبِ
يُسيءُ عَفًّا فإن أكْدَتْ وسائلُهُ / أجادَ لِصّاً شديدَ البأس والكَلَبِ
إنَّ الوليدَ لمغوارٌ إذا نَكَلتْ / نفسُ الجبان بعيدُ الهمِّ والسُرَبِ
عبدٌ يُغير على الموتى فيسلبُهُمْ / حُرَّ الكلامِ بجيشٍ غير ذي لَجبِ
ما إن تزالُ تراهُ لابساً حُللاً / أسلابَ قومٍ مضوا في سالف الحِقَبِ
شِعْرٌ يُغير عليه باسلاً بطلاً / ويُنشدُ الناسَ إياهُ على رِقَبِ
يقولُ مستمعوه الجاهلون به / أحسنتَ يا أشعر الحُضَّار والغَيَبِ
حتى إذا كفَّ عن غاراته فَلَهُ / شعرٌ يئنُّ مُقاسيه من الوَصَبِ
كأنه الغَرِقُ الشَّتْويُّ مَصرَدُهُ / بغير روحٍ وما للرَّوحِ والشَّجبِ
قل للعلاء أبي عيسى الذي نَصَلَتْ / به الدواهي نُصولَ الألِّ في رجَبِ
وآمنَ اللَّهُ ليلَ الخائفين بهِ / بَلْهَ النهارَ وضَمَّ الأمر ذا الشعبِ
أيسرقُ البحتريُّ الناسَ شعرَهُمُ / جهراً وأنت نَكالُ اللصِّ ذي الرِّيَبِ
وتارةً يُترِزُ الأرواحَ مَنْطِقُهُ / فالخَلقُ ما بين مقتولٍ ومُغتصبِ
نَكِّلْهُ إن أناساً قبله ركبوا / بدون ما قد أتاهُ باسقَ الخَشبِ
والحكُم فيه مُبينٌ غيرُ ملتبسٍ / لو رِيمَ فيه خلافُ الحقِّ لم يُصَبِ
إذا أجاد فأوجِبْ قطع مقوله / فقد دهى شعراء الناس بالحَرَبِ
وإن أساء فأوجِبْ قتلَهُ قَوَداً / بمن يُميتُ إذا أبقى على السلبِ
سلِّطْ عليه عُبيد الله إنَّ له / سيفين ذو خُطَبٍ تَتْرى وذو شُطَبِ
ما زال قِدماً وآباءٌ له سلفوا / أُسداً بها غَلَبٌ معتادة الغلَبِ
كم فيهمُ من مُقيمٍ كلَّ ذي حَدَبٍ / من الأمور على الإسلام ذي حَدبِ
قوم يَحلُّون من مجد ومن شرف / ومن عُلُّوٍ محلَّ البَيْض واليَلَبِ
حَلُّوا محلَّهما من كلِّ جُمجمةٍ / دفعاً ونفعاً وإيفاءً على الرُّتَبِ
وما يكن من حديثٍ صالحٍ لهُمُ / فصادرٌ عن قديمٍ غير مُؤتَشبِ
لهْفي لهزّ عبيد الله حربتَهُ / لثُغرةِ الثَّورِ ذي القرنين والغَبَبِ
وقد رماه بشُؤبوبٍ فأحْصَنَهُ / جَدٌّ وأَنجاه شؤبوبٌ من الهربِ
يا أيها السائلي عما أحلَّ به / مكروهَ بأسي لقد نقَّرت عن سببِ
عمىً من الجهل أدَّاهُ إلى عَطَبٍ / وغيرُ بدْعٍ عمىً أدى إلى عَطَبِ
يرى المَوارِطَ ذو عينٍ فيحذَرُها / والعُميُ فيها إلى الأذقان والرُّكبِ
يعيب شعري وما زالت بصيرتُه / عمياءَ عن كلِّ نورٍ ساطعِ اللَّهبِ
وما يزال طَوالَ الدهرِ مُنتخِباً / من كلِّ أمرين أمراً غير مُنتخبِ
بُرهانُ ذلك أَنْ لا شحمَ يعجبُهُ / وأن شهوتَهُ وَقْفٌ على العَصَبِ
ما أسمجَ ابنَ عُبيدٍ حين تفجؤهُ / والرِّدفُ في صعدٍ والرأسُ في صَبَبِ
مُجَبِّياً لِغَوِيٍّ قد تجلَّلَهُ / والعَرْدُ من ثَفَرٍ منهُ إلى لَببِ
وقد تعفَّرتِ الشمطاءُ فاكتسبتْ / لونين من غُبرةٍ فيها ومن شَهَبِ
والفحلُ يطعَنُ فيهِ غيرَ مُحتشمٍ / ولا مُجِلٍّ مكانَ الشِّعرِ والخطَبِ
بلى لَهُ حَبْضةٌ من خوفِ سلحتهِ / كحبضةِ الصَّقرِ يخشى سلحةَ الخَرَبِ
يا بُحتريُّ لقد أقبلتَ مُنقلباً / يوم اكتسبتَ هجائي شرَّ منقلبِ
أقسمت بالمانِحِي وجهاً أضنُّ به / عن السؤال وعِرضاً غيرَ مُنتهَبِ
ونُهيةً عصمتْني أن أُرى حَمِقاً / من باعةِ الرَّوحةِ الروحاءِ بالنصبِ
ما مُشتهٍ قُربَك المكروهَ ذا رَشَدٍ / يا قِربةَ النفطِ لا قُدِّستَ في القِربِ
وأيُّ نفطٍ كرشْح أنت راشحُهُ / سوادَ لونٍ ونَتْناً غيرَ مكتَسبِ
كم قائلٍ لك إذ مَسّتك قارعتي / دع السكونَ فهذا حينُ مضطَربِ
أصبحتَ تُدعى شقي الأشقياء لها / وأصبحتْ بك تُدعى ذِربةَ الذِّرَبِ
أبا عُبادةَ ذَرْ ما كنتَ تَنْسُجُهُ / وخذ لنفسك يا مسكينُ في النَّدبِ
قد كنت تعرفُ مني في الرضا رجلاً / حلو المذاقةِ فاعرفني لدى الغضبِ
تَعرِفْ فتى فيه طوراً مُجتَنى سَلَعٍ / للمُجتنينَ وطوراً مُجتنى رُطَبِ
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني / فالشاعرُ العالم الأديبُ
ولابنِ بورانَ وجهُ عذرٍ / لأنه مُطرِبٌ مُصيبُ
وخالدٌ فهو قَحْطبيٌّ / مثلهما هاهَ أو قريبُ
ورَّاقُ ساباطَ لِم هجاني / عُثنونُهُ في استه خضيبُ
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا / غِنىً بما فيه من ذهن ومن أدبِ
لو استعنتَ بنفسٍ غيرِ أنفُسنا / أو غيرِ نفسك قابلناك بالغضبِ
لكن غَنيتَ بنفسٍ لا كِفاءَ لها / في النظم والنثر من شعر ومن خطبِ
ولا ملامَ على مُرتادِ مصلحةٍ / باع اللُّجينَ بضعفَيهِ من الذهبِ
فاعذِرْ على حسنِ ما ابتعت الخيارَ به / كما عذرناك يا ابن المجد والحسبِ
عُذراً بعذر وإلا رُحتَ مُحتقِباً / لوماً بلوم ولومي شرُّ مُحتقَبِ
وهاك دَرْجَكَ إنّا نابذون به / كما نَبذتَ بما قلناه من كَثَبِ
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم / قُلتم بظنٍّ وبعضُ الظنِّ مكذوبُ
قالوا ألستَ تراهُ يا أبا حسنٍ / فَخْماً له قَصَبٌ ريّانُ خُرعوبُ
في جثةِ الفيلِ مَكْنياً بكنيتِهِ / ولا محالةَ أن الفيلَ مركوبُ
لا سيما وله وجهُ به قحةٌ / وعارضٌ كجبين الطير مَهْلوبُ
وحوله غِلمةٌ شُقْرٌ طَماطمةٌ / كلٌّ طويلُ قناةِ الظهر مَعْصوبُ
فقلت في دون هذا الأمر بيِّنةٌ / للمُستدِلِّ وعلمُ الغيب محجوبُ
ويحَ ابنِ يوسفَ ليت الويحَ عاجَلَهُ / فما يُدانيه في بلواهُ أيوبُ
الحرُّ يضربُهُ والعبدُ يضربُهُ / إن الشقاءَ على الأشقَيْن مصبوبُ
مَسَّاه بالضرب عبداهُ وصَبَّحهُ / بالضرب حرٌّ من الفتيان مشبوبُ
للَّه درُّ ابن بسطامٍ وصولتِهِ / يوم استهلَّ عليه منه شُؤبوبُ
مازال يضرب منه يوم صادَفَهُ / زيداً وزيدٌ بحكم النحو مضروبُ
ضرباً وجيعاً سوى ضربِ العبيد لهُ / والضرب ضربان مكروه ومحبوبُ
لا قُدِّستْ من أبي العباس جاعرةٌ / ماء الفَياشل منها الدهر مسكوبُ
فاضت مَنِيّاً وسلحاً يوم عزَّرها / سوطُ ابن بسطامَ حتى السوطُ مخضوبُ
يا من يُحاذرُ منه فَرْطَ بادرةٍ / عند الخطاب لها حَرُّ وأُلهوبُ
إذا تطاوَل يوماً في مُطالبةٍ / فكَنِّهِ يتطامنْ وهو مرعوبُ
وذاك أن أبا العباس غادَرَهُ / وقلبُه أبداً ما عاش منخوبُ
يُضحي ويمسي قراعاً من قَوارعه / كأنه بترات الخلق مطلوبُ
يُكْنَى فيرتاع من تمثيل كنيتِهِ / له ابن بسَطام إن الشرّ مرهوبُ
وسائلٍ ليَ عنهُ قلتُ مختلقٌ / لكنّهُ بهناتٍ فيه مثلوبُ
طولٌ وعرضٌ بلا عقلٍ ولا أدبٍ / فليس يَحْسنُ إلّا وهو مصلوبُ
ولي ينفع إلّا وهو منبطحٌ / تحت الغواة لِحُرِّ الوجهِ مكبوبُ
رمحٌ طويل ولكن في جوانبه / شتّى وُصُومٍ فخيرٌ منه أُنبوبُ
فيلٌ وأَوْزَنُ منه لو يُوازِنُهُ / في الحلم والعلم لا في الجسم يَعسوبُ
وَدَّ ابنُ يوسفَ لو جُبَّتْ مذاكِرهُ / وأنها باب نيك فيه منقوبُ
ياليتَ ثَفْرَ التي أدَّتْهُ كان له / وأنَّ أير أبي العباس مجبوبُ
كيما يكونُ له بابان تدخلُهُ / عُجرُ الفِياشِ من البابين والحوبُ
سيعلم الفَدمُ أني غيرُ تاركهِ / إلا وخُرْطومُهُ بالشتم معلوبُ
عرضتُ حمدي عليه فاستخفّ به / وإن حمديَ في قومٍ لمخطوبُ
وما المحامدُ ممن جُلُّ همّتِهِ / أيرٌ غليظٌ ومأكولٌ ومشروبُ
زيدٌ يظل عبيدُ اللَّه يخفضُهُ / أعجِبْ بذلك والمفعول منصوبُ
هل سُبّةٌ يا أبا العباس تعلمُها / إلا وأنت بها في الناس مسبوبُ
أم نُدبَةٌ يومَ تلقى اللَّه أنت بها / عند اصطبارك للتطعان مندوبُ
سُمِّيتَ أحمدَ مظلوماً ولستَ به / كلّا ولكنْ من الأسماء مقلوبُ
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا / ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا
أعزِرْ عليَّ بأن أضحتْ مناسبُهْ / بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبا
سَقياً لأزمانَ لم استسقِ من أسفٍ / لمَّا تولّى ولا بكَّيت ما ذهبا
أيام أستقبلُ المنظورَ مبتهجاً / ولا أَحنُّ إلى المذكور مكتئبا
للَّه درُّك من عهدٍ ومن زمنٍ / لا يَبْعُدا بَعُدا بالرغم أو قَرُبا
إذ أصحبُ الدهرَ مغترّاً بصحبته / إذا أعارَ متاعاً خِلْتُهُ وهَبَا
لا أحسب العيشَ يَبلَى ثوبُ جِدَّتهِ / ولا إخالُ زماني يُعقِبُ العُقَبا
أغدو فأجني ثمار اللهو دانيةً / مثلَ الغصون وأرمي صيدَه كَثَبَا
بينا كذلك إذ هبّت مُزَعزِعةٌ / أضحى لها مُجتَنى اللذَّات مُحتَطَبَا
يا ظبيةً من ظباءٍ كان مسكنُها / في ظلِّ غُصني إذا ظلُّ الضحى الْتَهبا
فيئي إليكِ فقد هزَّته مُعْصفةٌ / لم تَتركْ وَرِقاً منهُ ولا هَدَبَا
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ / يدعونني البيضُ عمَّا تارة وأبا
وتلك دعوة إجلالٍ وتكرمةٍ / ودَدْتُ أنِّيَ معتاض بها لَقَبا
قد كنتُ أدعَى ابنَ عمٍّ مرّةً وأخاً / حتَّى تقلَّب صرفُ الدهر فانقلبا
واهاً لذلك في الأنساب من نسبٍ / لكنَّ يا عمِّ لا وَاهاً ولا نسبا
عجبت للمرء لا يحمي حقيقتَهُ / مسلوبةً كيف يحمي بعدها سلبا
قالوا المشيبُ نذيرٌ قلت لا وأبي / لكنْ بشيرٌ يجلِّي وجهُهُ الكُربَا
أليسَ يخبر مَنْ أرسى بساحتِهِ / أن اللَّحاق بحبِّ النفس قد قَرُبا
يا حُسْن هاتيك بشرى عند ذي أسفٍ / على الشبيبة والعيش الذي نضبا
لم يرعَ حقَّ شَبَابٍ كان يصحبُهُ / من لم يُحَبِّبْ إليه فَقْدُهُ العَطَبا
لو لم يجب حفظُهُ إلّا لأنَّ لهُ / حقَّ الرضاع على إخوانه وجبا
أخي وإلفي وتربي كان مولدُنا / معاً وربَّتْني الأيامُ حيث رَبَا
يضمُّنا حجْرُ أُمٍّ في رضاعتنا / وملعبٌ حيث نأتي بيننا اللَّعبا
إن الشباب لمَألوفٌ لصُحْبَتِهِ / تلك القديمة مَبْكيٌّ إذا ذهبا
والشيب مُسْتَوْحَشٌ منه لغربته / والشيْءُ مستوحشٌ منه إذا اغتربا
دع الخلافةَ يا مُعْتَزُّ من كثبٍ / فليس يكسوك منها اللَّهُ ما سَلَبَا
أترتَجي لُبْسَها من بعد خَلْعَكها / هيهات هيهات فات الضرعَ ما حُلِبَا
تاللَّه ما كان يرضاك المليك لها / قبلَ احتقابِك ما أصبحتَ مُحتَقِبا
حتى أدالك عنها ثم أبدلها / كفؤاً رضيّاً لذات اللَه مُنتَجَبا
فكيف يرضاك بعد الموبقات لها / لا كيف لا كيف إلا المينَ والكذبا
هذي خراسان قد جاشت غواربُها / تُزْجي لنصر أخيها عارضاً لَجِبَا
كالبحر ألقى عليه الليلُ كَلْكَلَهُ / وزَعْزَعَتْ جانبيه الريح فاضطربا
خيلٌ عليهنّ آساد مدرّبةٌ / تأجَّموا الأسَلَ الخطِّيَّ لا القَصَبَا
مُسْتَلْئِمُونَ حصيناتٌ مقاتلُهم / مُكَمَّمُونَ حبيكَ البَيضِ واليَلبا
والمصعبيّونَ قومٌ من شمائلهم / قتلُ الملوكِ إذا ما قتلهُمْ وجبا
هم الأُلى يَنصُرُون الحقَّ نُصْرَتَهُ / ولا يبالون فيه عَتْبَ من عتبا
الأوفياءُ إذا ما معشرٌ نَكَثُوا / والجاعلون الرضا للَّه والغضبا
قد جرّب الناسُ قبل اليوم أنَّهُمُ / مُعَوَّدُونَ إذا ما حاربوا الغلبا
يا من جَنَى لأبيه القتل ثم غدا / حرباً لِثَائِرِهِ صدَّقْتَ مَنْ ثلبا
يا أولياءَ عهودِ الشرِّ هَوْنَكُمُ / منْ غالبَ اللَّهَ في سلطانه غُلِبَا
لقد جزيتم أباكم حين كرَّمَكُمْ / بالعهد أسْوَأ ما يجزي البنون أبا
أضحى إمام الهدى أولى به صِلةً / منكم وإن كُنتُمُ أولى به نَسَبَا
هو الذي سلَّ سيفَ الثأر دونكمُ / لا يأتلي للذي ضيَّعْتُمُ طلبا
أقام في الناس عصراً لا يُخيل لها / ولا يُرشِّحُ من أسبابها سببا
وكان للَّه غيبٌ فيه يَحْجُبُهُ / عنَّا وعنه مع الغيب الذي حَجَبا
حراسةً من عدوٍّ أن يكيدَ لَهُ / كيداً يحرِّقُ في نيرانه الحطبا
بل عصمةً من وليِّ الصالحاتِ لهُ / كيلا يُجَشِّمَهُ حِرْصاً ولا تعبا
حتى إذا مهَّدَ اللَّهُ الأمورَ لهُ / وراضَ منْ جَمَحات الملك ما صَعُبا
تبلَّجتْ غُرَّةٌ غَرَّاءُ واضحةٌ / مثلُ الشهاب إذا ما ضَوْؤُه ثَقَبَا
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها / جفاءُ مِثلك مثلي في نوائبِها
أما عجائبُ دنيانا فقد خَلُقتْ / والظلمُ منك جديدٌ من عجائبِها
قل لأبي القاسم المُرَجَّى
قل لأبي القاسم المُرَجَّى / قابلَكَ الدهرُ بالعجائبْ
مات لك ابنٌ وكان زيناً / وعاش ذو النقص والمثالِبْ
حياةُ هذا كموتِ هذا / فلستَ تخلو من المصائبْ
ومُستقرٍّ على كرسيِّه تَعِبِ
ومُستقرٍّ على كرسيِّه تَعِبِ / روحي الفداءُ له من مُنْصَبٍ نَصِبِ
رأيته سحراً يقلي زلابيةً / في رقَّةِ القِشْر والتجويف كالقَصَبِ
كأنما زيتُه المَغْليُّ حين بدا / كالكيمياء التي قالوا ولم تُصَبِ
يُلقي العجينَ لُجيناً من أناملهِ / فيستحيلُ شَبابيطاً من الذهبِ
مدحتُكُم طمعاً فيما أؤمِّلُهُ
مدحتُكُم طمعاً فيما أؤمِّلُهُ / فلم أنل غيرَ حظِّ الإثمِ والوصَبِ
إن لم تكن صلةٌ منكم لذي أدبٍ / فأجرة الخط أو كفارةُ الكذبِ
لله خالدٌ الطائيُّ من رجلٍ
لله خالدٌ الطائيُّ من رجلٍ / ثَبْتِ المقام إذا ما حُجّةٌ عَزَبَتْ
ناظرتُهُ في استِهِ يوماً فقلتُ لهُ / يا شيخُ ويحك أجْمِمها فقد تَعبتْ
خَرَّبتَها بالأيور النازلاتِ بها / فقال أخطأت بل لو عُطِّلت خَربتْ
الإست دارُ خراجٍ إن هي اجتُبِيتْ / خَرْجاً ولا دخل يأتيها فقد عطِبَتْ
فقلتُ شأنكَ والمحْجُوجُ معترفٌ / إن لم يُعانِد إذا ما حُجَّةٌ وجَبَتْ