لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب / لصرع نصب عيني لا الدم الكذب
وغلمة من بني عدنان أرسلها / للجد والدها في الحرب لا اللعب
ومعشر راودتهم عن نفوسهم / بيض الضبا غير بيض الخرد العرب
فانعموا بنفس لا عديل لها / حتى أسيلت على الخرصان والعضب
فانظر لأجسادهم قد قد من قبل / أعضاؤها لا إلى القمصان والأهب
كل راي ضر أيوب فما ركضت / رجل له غير حوض الكوثر العذب
قامت له رحمة الباري تمرضهم / جرحى فلم تدعهم للحلف والغضب
وآنسين من الهيجاء نار وغى / في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب
فيمموها وفي الإيمان بيض ضباً / وما لهم غير نصر اللَه من أرب
تهش فيها على أساد معركةٍ / هش الكليم على الأغنام للعشب
إذا انتضوها بجمع من عدوهم / فالهام ساجدةً منها على الترب
ومولجين نهار المشرفية في / ليل العجاجة يوم الروع والرهب
ورازقي الطير ما شاءت قواضبهم / من كل شلو من الأعداء مقتضب
ومبتلين بنهر ما لوارده / من الشهادة غير البعد والحجب
فلن تبل ولا في غرفةٍ أبداً / منه غليل فؤادٍ بالظما عطب
حتى قضوا فغدا كل بمصرعه / سكينةٌ وسط تابوتٍ من الكثب
فليبك طالوت حزناً للبقية من / قد نال داود فيه أعظم الغلب
أضحى وكانت له الأملاك حاملةً / مقيداً فوق مهزول بلا قتب
يرنوا إلى الناشرات الدمع طاويةً / أضلاعهن على جمر من النوب
والعاديات من الفسطاط ضابحةً / والموريات زناد الحزن في لهب
والمرسلات م الأجفان عبرتها / والنازعات بروداً في يد السلب
والذاريات تراباً فوق أرؤسها / حزناً لكل صريعٍ بالعرا ترب
ورب مرضعةٍ منهن قد نظرت / رضيعها فاحص الرجلين في الترب
تشوط عنه وتأتيه مكابدةٌ / من حاله وظماها أعظم الكرب
فقل بهاجر إسماعيل أحزانها / متى تشط عنها من حر الظما تؤب
وما حكتها ولا أم الكليم أسى / غداة في اليم القته من الطلب
هذي إليها ابنها قد عاد مرتضعاً / وهذه قد سقي بالبارد العذب
فأين هاتان ممن قد قضى عطشاً / رضيعها ونأى عنها ولم يؤب
بل آب مذ آب مقتولاً ومنتهلاً / من نحره بدم كالغيث منسكب
شاركنها بعموم الجنس وانفردت / عنهن فيما يخص النوع من نسب
كانت ترجى عزاءاً فيه بعد أب / له فلم تحظ بابن لا ولا بأب
فأصبحت بنهار لا ذكاء له / وباتت الليل في جو بلا شهب
وصبيةٌ من بني الزهرا مربقة / بالحبل بين بني حمالة الحطب
كأنكل فؤادٍ من عدوهم / صخر نب حرب غدا يفريه بالحرب
ليت الألى أطعموا المسكين قوتهم / وتالييه وهم في غاية السغب
حتى أني هل أتى في مدح فضلهم / من الإله لهم في إشرف الكتب
يرون بالطف أيتاماً لهم أسرت / يستصرخون من الآباء كل أبي
وأرؤس سائرات بالرماح رمى / مسيرها علماء النجم بالعطب
ترى نجوماً لدى الأفاق سائرةً / غير التي عهدت بالسبعة الشهب
كواكبٌ في سما الهيجاء ثابتةً / سارت ولكن بأطراف القنا السلب
لم أدر والسمر مذ ناءت بها اضطربت / من شدة الخوف أم من شدة الطرب
لا غرو أن هزها تيه غداة غدت / مشارقاً لبدور العز والحسب
وإن ترع فلما وشكياً له نظرت / من حطها بصدور القوم واللبب
وكيف لم تظهر والحاملون لها / لم يبق منها فؤاد غير مضطرب
لعظم ما شاهدوا يوم الطفوف فهم / يرونه في بعيد العهد عن كثب
بعداً لقومٍ أبادوا خصب ربعهم / فأصبحوا بعدم في مربع جدب
والقاتلين لسادات لهم حسداً / على علا الشرف الوضاح والحسب
والفضل آفة أهليه ويوسف في / غيابة الجب لولا الفضل لم يغب
وصفوة اللَه لم يسجد له حسداً / إبليس لما رأى من أشرف الرتب
وحسن نصر بن حجاج نفاه وفي / سواه طيبةٌ منها العيش لم يطب
يا سادتي يا بني الهادي ومن لهم / بثني وحزني إذا ما ضاق دهري بي
ندبتكم فأجيبوني فلست أرى / سواكم مستجيباً صوت منتدب
فأنتم كاشفو البلوى وعندكم / صدق الأماني فلم تكذب ولم تخب
ألستم جعل الباري بيمنكم / رزق الخلائق من عجمٍ ومن عرب
بل أنتم سبب بالعرش متصلٌ / لكل ذي سببٍ أو غير ذي سبب