القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 11
ماذا اِدَّخَرتَ لِهَذا العيدِ مِن أَدَبِ
ماذا اِدَّخَرتَ لِهَذا العيدِ مِن أَدَبِ / فَقَد عَهِدتُكَ رَبَّ السَبقِ وَالغَلَبِ
تَشدو وَتُرهِفُ بِالأَشعارِ مُرتَجِلاً / وَتُبرِزُ القَولَ بَينَ السِحرِ وَالعَجَبِ
وَتَصقُلُ اللَفظَ في عَيني فَأَحسَبُني / أَرى فِرِندَ سُيوفَ الهِندِ في الكُتُبِ
هَذا هُوَ العيدُ قَد لاحَت مَطالِعُهُ / وَكُلُّنا بَينَ مُشتاقٍ وَمُرتَقِبِ
فَاِدعُ البَيانَ لِيَومٍ لا تُطاوِلُهُ / يَدُ البَلاغَةِ في الأَشعارِ وَالخُطَبِ
إِنّي دَعَوتُ القَوافي حينَ أَشرَقَ لي / عيدُ الأَميرِ فَلَبَّت غُرَّةَ الطَلَبِ
وَأَقبَلَت كَأَياديهِ إِذا اِنسَجَمَت / عَلى الوَرى وَغَدَت مِنّي عَلى كَثَبِ
فَقُمتُ أَختارُ مِنها كُلَّ كاسِيَةٍ / تاهَت بِنَضرَتِها في ثَوبِها القَشِبِ
وَحارَ فيهِ بَياني حينَ صِحتُ بِهِ / بِالعِزِّ يَبدَأُ أَم بِالمَجدِ وَالحَسَبِ
يا مَن تَنافَسُ في أَوصافِهِ كَلِمي / تَنافُسَ العَرَبِ الأَمجادِ في النَسَبِ
لَم يُبقِ أَحمَدُ مِن قَولٍ أُحاوِلُهُ / في مَدحِ ذاتِكَ فَاِعذُرني وَلا تَعِبِ
فَلَستُ مِمَّن سَمَت بِالشِعرِ هِمَّتُهُم / إِلى المُلوكِ وَلا ذاكَ الفَتى العَرَبي
لَكِنَّ عيدَكَ يا عَبّاسُ أَنطَقَني / كَالبَدرِ أَطلَقَ صَوتَ البُلبُلِ الطَرِبِ
عيدَ الجُلوسِ لَقَد ذَكَّرتُ أُمَّتَهُ / يَوماً تَأَبَّهَ في الأَيّامِ وَالحِقَبِ
اليُمنُ أَوَّلُهُ وَالسَعدُ آخِرُهُ / وَبَينَ ذَلِكَ صَفوُ العَيشِ لَم يُشَبِ
فَالعَرشُ في فَرَحٍ وَالمُلكُ في مَرَحٍ / وَالخَلقُ في مِنَحٍ وَالدَهرُ في رَهَبِ
وَالمَلكُ فَوقَ سَريرِ المُلكِ تَحرُسُهُ / عَينُ الإِلَهِ وَتَرعى أَعيُنُ الشُهُبِ
الحِلمُ حِليَتُهُ وَالعَدلُ قِبلَتُهُ / وَالسَعدُ لَمحَتُهُ كَشّافَةَ الكُرَبِ
مَشيئَةُ اللَهِ في العَبّاسِ قَد سَبَقَت / إِلى الجُدودِ وَمَن يَأتي عَلى العَقِبِ
فَهوَ اِبنُ أَكرَمِ مَن سادوا وَمَن مَلَكوا / وَهوَ الأَبُ المُفتَدى لِلسادَةِ النُجُبِ
يا مَن تَوَهَّمَ أَنَّ الشِعرَ أَعذَبُهُ / في الذَوقِ أَكذَبُهُ أَزرَيتَ بِالأَدَبِ
عَذبُ القَريضِ قَريضٌ باتَ يَعصِمُهُ / ذِكرُ اِبنِ تَوفيقَ عَن لَغوٍ وَعَن كَذِبِ
لَو يَنظِمونَ اللَآلي مِثلَ ما نُظِمَت
لَو يَنظِمونَ اللَآلي مِثلَ ما نُظِمَت / مُذ غِبتَ عَنّا عُيونُ الفَضلِ وَالأَدَبِ
لَأَقفَرَ الجيدُ مِن دُرٍّ يُحيطُ بِهِ / وَالثَغرُ مِن لُؤلُؤٍ وَالكَأسُ مِن حَبَبِ
أَديمُ وَجهِكَ يا زِنديقُ لَو جُعِلَت
أَديمُ وَجهِكَ يا زِنديقُ لَو جُعِلَت / مِنهُ الوِقايَةُ وَالتَجليدُ لِلكُتُبِ
لَم يَعلُها عَنكَبوتٌ أَينَما تُرِكَت / وَلا تُخافُ عَلَيها سَطوَةُ اللَهَبِ
قُل لِلنَقيبِ لَقَد زُرنا فَضيلَتَهُ
قُل لِلنَقيبِ لَقَد زُرنا فَضيلَتَهُ / فَذادَنا عَنهُ حُرّاسٌ وَحُجّابُ
قَد كانَ بابُكَ مَفتوحاً لِقاصِدِهِ / وَاليَومَ أوصِدَ دونَ القاصِدِ البابُ
هَلّا ذَكَرتَ بِدارِ الكُتبِ صُحبَتَنا / إِذ نَحنُ رَغمَ صُروفُ الدَهرِ أَحبابُ
لَوَ اِنَّني جِئتُ لِلبابا لَأَكرَمَني / وَكانَ يُكرِمُني لَو جِئتُهُ البابُ
لا تَخشَ جائِزَةً قَد جِئتُ أَطلُبُها / إِنّي شَريفٌ وَلِلأَشرافِ أَحسابُ
فَاِهنَأ بِما نِلتَ مِن فَضلٍ وَإِن قُطِعَت / بَيني وَبَينَكَ بَعدَ اليَومِ أَسبابُ
إِن كُنتُمُ تَبذُلونَ المالَ عَن رَهَبٍ
إِن كُنتُمُ تَبذُلونَ المالَ عَن رَهَبٍ / فَنَحنُ نَدعوكُمُ لِلبَذلِ عَن رَغَبِ
ذَرَّ الكَتاتيبَ مُنشيها بِلا عَدَدٍ / ذَرَّ الرَمادِ بِعَينِ الحاذِقِ الأَرِبِ
فَأَنشَأوا أَلفَ كُتّابٍ وَقَد عَلِموا / أَنَّ المَصابيحَ لا تُغني عَنِ الشُهُبِ
هَبوا الأَجيرَ أَوِ الحَرّاثَ قَد بَلَغا / حَدَّ القِراءَةِ في صُحفٍ وَفي كُتُبِ
مَنِ المُداوي إِذا ما عِلَّةٌ عَرَضَت / مَنِ المُدافِعُ عَن عِرضٍ وَعَن نَشَبِ
وَمَن يَروضُ مِياهَ النيلِ إِن جَمَحَت / وَأَنذَرَت مِصرَ بِالوَيلاتِ وَالحَرَبِ
وَمَن يُوَكَّلُ بِالقِسطاسِ بَينَكُمُ / حَتّى يُرى الحَقُّ ذا حَولٍ وَذا غَلَبِ
وَمَن يُطِلُّ عَلى الأَفلاكِ يَرصُدُها / بَينَ المَناطِقِ عَن بُعدٍ وَعَن كَثَبِ
يَبيتُ يُنبِئُنا عَمّا تَنُمُّ بِهِ / سَرائِرُ الغَيبِ عَن شَفّافَةِ الحُجُبِ
وَمَن يَبُزُّ أَديمَ الأَرضِ ما رَكَزَت / فيها الطَبيعَةُ مِن بِدعٍ وَمِن عَجَبِ
يَظَلُّ يَنشُدُ مِن ذَرّاتِها نَبَأً / ضَنَّت بِهِ الأَرضُ في ماضٍ مِنَ الحُقُبِ
وَمَن يُميطُ سِتارَ الجَهلِ إِن طُمِسَت / مَعالِمُ القَصدِ بَينَ الشَكِّ وَالرِيَبِ
فَما لَكُم أَيُّها الأَقوامُ جامِعَةٌ / إِلّا بِجامِعَةٍ مَوصولَةِ السَبَبِ
قَد قامَ سَعدٌ بِها حيناً وَأَسلَمَها / إِلى أَمينٍ فَلَم يُحجِم وَلَم يَهَبِ
فَعاوِنوهُ يُعاوِنكُم عَلى عَمَلٍ / فيهِ الفَخارُ وَما تَرجونَ مِن أَرَبِ
وَبَيِّنوا لِرِجالِ الغَربِ أَنَّكُمُ / إِذا طَلَبتُم بَلَغتُم غايَةَ الطَلَبِ
لا تَلجَئوا في العُلا إِلّا إِلى هِمَمٍ / وَثّابَةٍ لا تُبالي هِمَّةَ النُوَبِ
فَإِنَّ تَأميلَكُم في غَيرِكُم وَهَنٌ / في النَفسِ يُرخي عِنانَ السَعيِ وَالدَأَبِ
إِن قامَ مِنّا مُنادٍ قالَ قائِلُهُم / لا تَصخَبوا فَهَلاكُ الشَعبِ في الصَخَبِ
أَو نابَنا حادِثٌ نَرجو إِزالَتَهُ / قالَ اِستَكينوا وَخَلّوا سَورَةَ الغَضَبِ
فَما سَمَونا إِلى نَجدٍ نُحاوِلُهُ / إِلّا هَبَطنا إِلى غَورٍ مِنَ العَطَبِ
يا مِصرُ هَل بَعدَ هَذا اليَأسِ مُتَّسَعٌ / يَجري الرَجاءُ بِهِ في كُلِّ مُضطَرَبِ
لا نَحنُ مَوتى وَلا الأَحياءُ تُشبِهُنا / كَأَنَّنا فيكِ لَم نَشهَد وَلَم نَغِبِ
نَبكي عَلى بَلَدٍ سالَ النُضارُ بِهِ / لِلوافِدينَ وَأَهلوهُ عَلى سَغَبِ
مَتى نَراهُ وَقَد باتَت خَزائِنُهُ / كَنزاً مِنَ العِلمِ لا كَنزاً مِنَ الذَهَبِ
هَذا هُوَ العَمَلُ المَبرورُ فَاِكتَتِبوا / بِالمالِ إِنّا اِكتَتَبنا فيهِ بِالأَدَبِ
لِمِصرَ أَم لِرُبوعِ الشامِ تَنتَسِبُ
لِمِصرَ أَم لِرُبوعِ الشامِ تَنتَسِبُ / هُنا العُلا وَهُناكَ المَجدُ وَالحَسَبُ
رُكنانِ لِلشَرقِ لا زالَت رُبوعُهُما / قَلبُ الهِلالِ عَلَيها خافِقٌ يَجِبُ
خِدرانِ لِلضادِ لَم تُهتَك سُتورُهُما / وَلا تَحَوَّلَ عَن مَغناهُما الأَدَبُ
أُمُّ اللُغاتِ غَداةَ الفَخرِ أُمُّهُما / وَإِن سَأَلتَ عَنِ الآباءِ فَالعَرَبُ
أَيَرغَبانِ عَنِ الحُسنى وَبَينَهُما / في رائِعاتِ المَعالي ذَلِكَ النَسَبُ
وَلا يَمُتّانِ بِالقُربى وَبَينَهُما / تِلكَ القَرابَةُ لَم يُقطَع لَها سَبَبُ
إِذا أَلَمَّت بِوادي النيلِ نازِلَةٌ / باتَت لَها راسِياتُ الشامِ تَضطَرِبُ
وَإِن دَعا في ثَرى الأَهرامِ ذو أَلَمٍ / أَجابَهُ في ذُرا لُبنانَ مُنتَحِبُ
لَو أَخلَصَ النيلُ وَالأُردُنُّ وُدَّهُما / تَصافَحَت مِنهُما الأَمواهُ وَالعُشُبُ
بِالوادِيَينِ تَمَشّى الفَخرُ مِشيَتَهُ / يَحُفُّ ناحِيَتَيهِ الجودُ وَالدَأَبُ
فَسالَ هَذا سَخاءً دونَهُ دِيَمٌ / وَسالَ هَذا مَضاءً دونَهُ القُضُبُ
نَسيمَ لُبنانَ كَم جادَتكَ عاطِرَةٌ / مِنَ الرِياضِ وَكَم حَيّاكَ مُنسَكِبُ
في الشَرقِ وَالغَربِ أَنفاسٌ مُسَعَّرَةٌ / تَهفو إِلَيكَ وَأَكبادٌ بِها لَهَبُ
لَولا طِلابُ العُلا لَم يَبتَغوا بَدَلاً / مِن طيبِ رَيّاكَ لَكِنَّ العُلا تَعَبُ
كَم غادَةٍ بِرُبوعِ الشَأمِ باكِيَةٍ / عَلى أَليفٍ لَها يَرمي بِهِ الطَلَبُ
يَمضي وَلا حيلَةٌ إِلّا عَزيمَتُهُ / وَيَنثَني وَحُلاهُ المَجدُ وَالذَهَبُ
يَكُرُّ صَرفُ اللَيالي عَنهُ مُنقَلِباً / وَعَزمُهُ لَيسَ يَدري كَيفَ يَنقَلِبُ
بِأَرضِ كولُمبَ أَبطالٌ غَطارِفَةٌ / أُسدٌ جِياعٌ إِذا ما ووثِبوا وَثَبوا
لَم يَحمِهِم عَلَمٌ فيها وَلا عَدَدٌ / سِوى مَضاءٍ تَحامى وِردَهُ النُوَبُ
أُسطولُهُم أَمَلٌ في البَحرِ مُرتَحِلٌ / وَجَيشُهُم عَمَلٌ في البَرِّ مُغتَرِبُ
لَهُم بِكُلِّ خِضَمٍّ مَسرَبٌ نَهَجٌ / وَفي ذُرا كُلِّ طَودٍ مَسلَكٌ عَجَبُ
لَم تَبدُ بارِقَةٌ في أُفقِ مُنتَجَعٍ / إِلّا وَكانَ لَها بِالشامِ مُرتَقِبُ
ما عابَهُم أَنَّهُم في الأَرضِ قَد نُثِروا / فَالشُهبُ مَنثورَةٌ مُذ كانَتِ الشُهُبُ
وَلَم يَضِرهُم سُراءٌ في مَناكِبِها / فَكُلِّ حَيٍّ لَهُ في الكَونِ مُضطَرَبُ
رادوا المَناهِلَ في الدُنيا وَلَو وَجَدوا / إِلى المَجَرَّةِ رَكباً صاعِداً رَكِبوا
أَو قيلَ في الشَمسِ لِلراجينَ مُنتَجَعٌ / مَدّوا لَها سَبَباً في الجَوِّ وَاِنتَدَبوا
سَعَوا إِلى الكَسبِ مَحموداً وَما فَتِئَت / أُمُّ اللُغاتِ بِذاكَ السَعيِ تَكتَسِبُ
فَأَينَ كانَ الشَآمِيّونَ كانَ لَها / عَيشٌ جَديدٌ وَفَضلٌ لَيسَ يَحتَجِبُ
هَذي يَدي عَن بَني مِصرٍ تُصافِحُكُم / فَصافِحوها تُصافِح نَفسَها العَرَبُ
فَما الكِنانَةُ إِلّا الشامُ عاجَ عَلى / رُبوعِها مِن بَنيها سادَةٌ نُجُبُ
لَولا رِجالٌ تَغالَوا في سِياسَتِهِم / مِنّا وَمِنهُم لَما لُمنا وَلا عَتَبوا
إِن يَكتُبوا لِيَ ذَنباً في مَوَدَّتِهِم / فَإِنَّما الفَخرُ في الذَنبِ الَّذي كَتَبوا
حَيّاكُمُ اللَهُ أَحيوا العِلمَ وَالأَدَبا
حَيّاكُمُ اللَهُ أَحيوا العِلمَ وَالأَدَبا / إِن تَنشُروا العِلمَ يَنشُر فيكُمُ العَرَبا
وَلا حَياةَ لَكُم إِلّا بِجامِعَةٍ / تَكونُ أُمّاً لِطُلّابِ العُلا وَأَبا
تَبني الرِجالَ وَتَبني كُلَّ شاهِقَةٍ / مِنَ المَعالي وَتَبني العِزَّ وَالغَلَبا
ضَعوا القُلوبَ أَساساً لا أَقولُ لَكُم / ضَعوا النُضارَ فَإِنّي أُصغِرُ الذَهَبا
وَاِبنوا بِأَكبادِكُم سوراً لَها وَدَعوا / قيلَ العَدُوِّ فَإِنّي أَعرِفُ السَبَبا
لا تَقنَطوا إِن قَرَأتُم ما يُزَوِّقُهُ / ذاكَ العَميدُ وَيَرميكُم بِهِ غَضَبا
وَراقِبوا يَومَ لا تُغني حَصائِدُهُ / فَكُلُّ حَيٍّ سَيُجزى بِالَّذي اِكتَسَبا
بَنى عَلى الإِفكِ أَبراجاً مُشَيَّدَةً / فَاِبنوا عَلى الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُهُبا
وَجاوِبوهُ بِفِعلٍ لا يُقَوِّضُهُ / قَولُ المُفَنِّدِ أَنّى قالَ أَو خَطَبا
لا تَهجَعوا إِنَّهُم لَن يَهجَعوا أَبَداً / وَطالِبوهُم وَلَكِن أَجمِلوا الطَلَبا
هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا / وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا
عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت / فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا
وَالحَربُ في لَهَبٍ وَالقَومُ في حَرَبٍ / قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا
وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ / لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا
هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذي بَخِلَت / بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذي وَجَبا
جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً / وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا
رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت / وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذي ذَهَبا
وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ / تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا
وَبَرثَرانِ الَّذي حاكَ الإِباءُ لَهُ / ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا
أَقامَ في الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ / أَلَم يَئِن أَن تُفَدّي المَجدَ وَالحَسَبا
قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم / إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا
خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً / يَخورُ خازِنُكُم في عَدِّها تَعَبا
قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ / حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا
فَقالَ وَاللَهِ ما في الحَيِّ غازِلَةٌ / مِنَ الحِسانِ تَرى في فِديَتي نَصَبا
لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها / لَآثَرَتني وَصَحَّت قوتَها رَغَبا
هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقي فَلا تَقِفوا / عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا
وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ / فيكُم وَفي مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ / كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ / نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا
فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ / يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ سَغَبا
يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ / لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ / يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ / مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً / هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى
أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت / بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا / أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ مُنتَحِبا
هَذي دُموعي عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ / حُزناً وَهَذا فُؤادي يَرتَعي لَهَبا
أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا / كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا
أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى / مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفي لَكُم دَأَبا
إِن تُقرِضوا اللَهَ في أَوطانِكُم فَلَكُم / أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذي اِكتَتَبا
عَبدَ العَزيزِ لَقَد ذَكَّرتَنا أُمَماً
عَبدَ العَزيزِ لَقَد ذَكَّرتَنا أُمَماً / كانَت جِوارَكَ في لَهوٍ وَفي طَرَبِ
ذَكَّرتَنا يَومَ ضاعَت أَرضُ أَندَلُسٍ / الحَربُ في البابِ وَالسُلطانُ في اللَعِبِ
فَاِحذَر عَلى التَختِ أَن يَسري الخَرابُ لَهُ / فَتَختُ (سُلطانَةٍ) أَعدى مِنَ الجَرَبِ
جِرابُ حَظِّيَ قَد أَفرَغتُهُ طَمَعاً
جِرابُ حَظِّيَ قَد أَفرَغتُهُ طَمَعاً / بِبابِ أُستاذِنا الشيمي وَلا عَجَبا
فَعادَ لي وَهوَ مَملوءٌ فَقُلتُ لَهُ / مِمّا فَقالَ مِنَ الحَسراتِ واحَرَبا
ماذا أَصَبتَ مِنَ الأَسفارِ وَالنَصَبِ
ماذا أَصَبتَ مِنَ الأَسفارِ وَالنَصَبِ / وَطَيِّكَ العُمرَ بَينَ الوَخدِ وَالخَبَبِ
نَراكَ تَطلُبُ لا هَوناً وَلا كَثَباً / وَلا نَرى لَكَ مِن مالٍ وَلا نَشَبِ
لا تُطعِمانِيَ أَنيابَ المَلامِ عَلى / هَذا العِثارِ فَإِنّي مَهبِطُ العَجَبِ
وَدِدتُ لَو طَرَحوا بي يَومَ جِئتُهُمُ / في مَسبَحِ الحوتِ أَو في مَسرَحِ العَطَبِ
لَعَلَّ مانِيَ لاقى ما أُكابِدُهُ / فَوَدَّ تَعجيلَنا مِن عالَمِ الشَجَبِ
إِنّي اِحتَسَبتُ شَباباً بِتُّ أُنفِقُهُ / وَعَزمَةً شابَتِ الدُنيا وَلَم تَشِبِ
كَم هِمتُ في البيدِ وَالآرامُ قائِلَةٌ / وَالشَمسُ تَرمي أَديمَ الأَرضِ بِاللَهَبِ
وَكَم لَبِستُ الدُجى وَالتُربُ ناعِسَةٌ / وَاللَيلُ أَهدَأُ مِن جَأشي لَدى النُوَبِ
وَالنَجمُ يَعجَبُ مِن أَمري وَيَحسَبُني / لَدى السُرى ثامِناً لِلسَبعَةِ الشُهُبِ
لَكِنَّني غَيرُ مَجدودٍ وَما فَتِئَت / يَدُ المَقاديرِ تُقصيني عَنِ الأَرَبِ
وَقَد غَدَوتُ وَآمالي مُطَرَّحَةٌ / وَفي أُمورِيَ ما لِلضَبِّ في الذَنَبِ
فَإِن تَكُن نِسبَتي لِلشَرقِ مانِعَتي / حَظّاً فَواهاً لِمَجدِ التُركِ وَالعَرَبِ
وَقاضِباتٍ لَهُم كانَت إِذا اِختُرِطَت / تَدَثَّرَ الغَربُ في ثَوبٍ مِنَ الرَهَبِ
وَجَمرَةٍ لَهُم في الشَرقِ ما هَمَدَت / وَلا عَلاها رَمادُ الخَتلِ وَالكَذِبِ
مَتى أَرى النيلَ لا تَحلو مَوارِدُهُ / لِغَيرِ مُرتَهِبٍ لِلَّهِ مُرتَقِبِ
فَقَد غَدَت مِصرُ في حالٍ إِذا ذُكِرَت / جادَت جُفوني لَها بِاللُؤلُؤِ الرَطِبِ
كَأَنَّني عِندَ ذِكري ما أَلَمَّ بِها / قَرمٌ تَرَدَّدَ بَينَ المَوتِ وَالهَرَبِ
إِذا نَطَقتُ فَقاعُ السِجنِ مُتَّكَأٌ / وَإِن سَكَتُّ فَإِنَّ النَفسَ لَم تَطِبِ
أَيَشتَكي الفَقرَ غادينا وَرائِحُنا / وَنَحنُ نَمشي عَلى أَرضٍ مِنَ الذَهَبِ
وَالقَومُ في مِصرَ كَالإِسفِنجِ قَد ظَفِرَت / بِالماءِ لَم يَترُكوا ضَرعاً لِمُحتَلِبِ
يا آلَ عُثمانَ ما هَذا الجَفاءُ لَنا / وَنَحنُ في اللَهِ إِخوانٌ وَفي الكُتُبِ
تَرَكتُمونا لِأَقوامٍ تُخالِفُنا / في الدينِ وَالفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
صونوا يَراعَ عَلِيٍّ في مَتاحِفِكُم
صونوا يَراعَ عَلِيٍّ في مَتاحِفِكُم / وَشاوِروهُ لَدى الأَرزاءِ وَالنُوَبِ
وَاِستَلهِموهُ إِذا ما الرَأيُ أَخطَأَكُم / يَومَ النِضالِ عَنِ الأَوطانِ وَالنَشَبِ
قَد كانَ سَلوَةَ مِصرٍ في مَكارِهِها / وَكانَ جَمرَةَ مِصرٍ ساعَةَ الغَضَبِ
في شِقِّهِ وَمَراميهِ وَريقَتِهِ / ما في الأَساطيلِ مِن بَطشٍ وَمِن عَطَبِ
كَم رَدَّ عَنّا وَعَينُ الغَربِ طامِحَةٌ / مِنَ الرَزايا وَكَم جَلّى مِنَ الكُرَبِ
لَهُ صَريرٌ إِذا جَدَّ النِزالُ بِهِ / يُنسي الكُماةِ صَليلَ البيضِ وَالقُضُبِ
ما ضَرَّ مَن كانَ هَذا في أَنامِلِهِ / أَن يَشهَدَ الحَربَ لَم يَسكُن إِلى يَلَبِ
فَلَو رَآهُ اِبنُ أَوسٍ ما قَرَأتَ لَهُ / السَيفُ أَصدَقُ أَنباءٍ مِنَ الكُتُبِ
أَلا فَتىً عَرَبِيٌّ تَستَقِلُّ بِهِ / بَعدَ الفَقيدِ وَيَحمي حَوزَةَ الأَدَبِ
وَيَمنَعُ الحَقَّ أَن يُغشي تَبَلُّجَهُ / ما في السِياسَةِ مِن زورٍ وَمِن كَذِبِ
أَودى فَتى الشَرقِ بَل شَيخُ الصَحافَةِ بَل / شَيخُ الوَفائِيَّةِ الوَضّاحَةِ الحَسَبِ
أَقامَ فينا عِصامِيّاً فَعَلَّمَنا / مَعنى الثَباتِ وَمَعنى الجِدِّ وَالدَأَبِ
وَراحَ عَنّا وَلَم تَبلُغ عَزائِمُنا / مَدى مُناها وَلَم تَقرُب مِنَ الأَرَبِ
قالوا عَجِبنا لِمِصرٍ يَومَ مَصرَعِهِ / وَقَد عَجِبتُ لَهُم مِن ذَلِكَ العَجَبِ
إِنَّ الأُلى حَسِبوها غَيرَ جازِعَةٍ / لا يَنظُرونَ إِلى الأَشياءِ مِن كَثَبِ
تَاللَهِ ما جَهِلَت فيهِ مُصيبَتَها / وَلا الَّذي فَقَدَت مِن كاتِبِ العَرَبِ
لَكِنَّها أَلِفَت وَالأَمرُ يَحزُبُها / فَقدَ الرِجالِ وَمَوتَ السادَةِ النُجُبِ
وَعَلَّمَتها اللَيالي أَن تُصابِرَها / في الحادِثاتِ وَإِن أَمعَنَّ في الحَرَبِ
كَم أَرجَفوا بَعدَ مَوتِ الشَيخِ وَاِرتَقَبوا / مَوتَ المُؤَيَّدِ فينا شَرَّ مُرتَقَبِ
وَإِن يَمُت تَمُتِ الآمالُ في بَلَدٍ / لَولا المُؤَيَّدُ لَم يَنشَط إِلى طَلَبِ
صُبابَةٌ مِن رَجاءٍ بَينَ أَضلُعِنا / قَد باتَ يَرشُفُ مِنها كُلُّ مُغتَصِبِ
أَلَم يَكُن لِبَني مِصرٍ وَقَد دُهِموا / مِن ساسَةِ الغَربِ مِثلَ المَعقِلِ الأَشِبِ
كَمِ اِنبَرَت فيهِ أَقلامٌ وَكَم رُفِعَت / فيهِ مَنائِرُ مِن نَظمٍ وَمِن خُطَبِ
وَكانَ مَيدانَ سَبقٍ لِلأُلى غَضِبوا / لِلدينِ وَالحَقِّ مِن داعٍ وَمُحتَسِبِ
فَكَم يَراعِ حَكيمٍ في مَشارِعِهِ / قَدِ اِلتَقى بِيَراعِ الكاتِبِ الأَرِبِ
أَيُّ الصَحائِفِ في القُطرَينِ قَد وَسِعَت / رَدَّ الإِمامِ مُزيلِ الشَكِّ وَالرِيَبِ
أَيّامَ يَحصِبُ هانوتو بِفِريَتِهِ / وَجهَ الحَقيقَةِ وَالإِسلامِ في نَحَبِ
ما لي أُعَدِّدُ آثارَ الفَقيدِ لَكُم / وَالشَرقُ يَعرِفُ رَبَّ السَبقِ وَالغَلَبِ
لَولا المُؤَيَّدُ ظَلَّ المُسلِمونَ عَلى / تَناكُرٍ بَينَهُم في ظُلمَةِ الحُجُبِ
تَعارَفوا فيهِ أَرواحاً وَضَمَّهُمُ / رَغمَ التَنائي زِمامٌ غَيرُ مُنقَضِبِ
في مِصرَ في تونِسٍ في الهِندِ في عَدَنٍ / في الروسِ في الفُرسِ في البَحرَينِ في حَلَبِ
هَذا يَحِنُّ إِلى هَذا وَقَد عُقِدَت / مَوَدَّةٌ بَينَهُم مَوصولَةُ السَبَبِ
أَبا بُثَينَةَ نَم يَكفيكَ ما تَرَكَت / فينا يَداكَ وَما عانَيتَ مِن تَعَبِ
جاهَدتَ في اللَهِ وَالأَوطانِ مُحتَسِبا / فَاِرجِع إِلى اللَهِ مَأجوراً وَفُز وَطِبِ
وَاِحمِل بِيُمناكَ يَومَ النَشرِ ما نَشَرَت / تِلكَ الصَحيفَةُ في دُنياكَ وَاِنتَسِبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025