القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 10
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن / زالَ الَّذي كانَ في إحداثه السببا
إلا إذا سكنت أَعصاب بنيته / مَع الزَمان الَّذي يستأصل الغَضبا
كَما تغادر وجه البحر زوبعة / له تثير وَيَبقى البحر مضطربا
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً / عَلى الشَفيق عَلى إخوانه العرب
يساق وَهوَ محاط بالحراب كَما / تحاط من جانبيها العين بالهدب
عجبت من حرد السفاك حين رأى / أَذياله خضلات بالدم السرب
ما لوث الدم عمداً ذيل سافكه / حتىَ يقال جريء غير ذي أَدَب
إن العدالة ويك اليوم في الطلبِ
إن العدالة ويك اليوم في الطلبِ / يا ظلم فاِستخف أَو فالجأ إلى الهربِ
قد كانَت العين قبل اليوم باكية / من الأسى وهي تَبكي اليوم من طرب
البرق أَهدى لنا بشرى بها هدأت / أرواحنا بعد طول الخوف والرهب
بشرى كَما تَبتَغي الآمال صادقة / أجلها الناس من قاص ومقترب
لَقَد أَقر لعمري أَعيناً سخنت / ما ناله فئة الأحرار من أَرب
صاحت لفرحة هذا العيد أفئدة / كانت تئن من الإرزاء والنوبِ
صاحت سروراً وكانت قبل فرحتها / تدعو على كربها بالويل والحرب
العدل في الناس برد الصبح ينفحها / والظلم في الناس مثل النار في الحطب
بدا وكلُّ قوى الآمال تتبعه / كأنه قائد في عسكرٍ لجب
يا عدل سيفك محمود صرامته / في حده الحد بين الجد واللعب
جرده من غمده يا عدل مقتدراً / واحكم به بين مغصوب ومغتصب
يعود منك إلى بغداد شوكتها / مما مضى عهده في سالف الحقب
نعم يعود إليها كل ما فقدت / من دولة العلم والعرفان والأدب
كم قد تعبنا ولم نظفر بحاجتنا / واليوم فزنا بها من غير ما تعب
مرت علينا ليالٍ قد حكت حقباً / بعداً لها من ليال هن كالحقب
سود غرابيب ما في جوّها قمر / ولا على أفقها لمعٌ من الشهب
لها سماءٌ تهاب العين رؤيتها / لما على وجهها الداجي من السحب
ما كنت أحسبها واليأس معذرة / تبدي صباحاً ينير الكون في العقب
أبدت نعم ليَ فجراً صادقاً سطعت / أنواره ليس بالموهوم والكذب
أمي بما نلت من حرية فرحت / وإنها وطني المحبوب إي وأبي
يا أَيُّها الناس إن العدل غانية / فتانة الوجه والعينين واللبب
في نحرها ماسة كالنجم ساطعة / وفوق مفرقها تاج من الذهب
تالله قد سلبت لبِّي غداة بدت / هيفاء ترفل في أثوابها القُشب
أَخال ليلى وَلَيلى العدل قد رضيت / عن المحبين بعد السخط والغضب
أمَّلتُ بالأمس عن بعدٍ زيارتها / فواصلت فوق ما أمَّلتُ عن كثب
أظنها رقّ منها القلب فانعطفت / لما رأَت ما لدمعي أمسِ من صبب
إن لم يكن دمع عيني أمسِ رقَّقها / فإن زورتها من أعجب العجب
ماذا الَّذي جعل الحسناء ترحمنا / لا بد من سبب لا بد من سبب
بل لقد رقَّ منها القلب حين رأَت / عيني تجود بقاني دمعها السرب
جودي بوصلك ليلي يا حبيبتنا / جودي على كل مشتاق ومكتئب
يكفي الذي فيك كابدناه من ألمٍ / يكفي الذي فيك قاسيناه من نصب
بما بعينيك من سحر ومن دعج / وما بثغرك من ظلم ومن شنب
لانَت احسن ما شاهدت من حسن / وأَنت أَكبر ما منيت من أَرب
عَمَّ البِلاد سرور لا ينغِّصُهُ / إلا وَفاة أَبي أَحرارها رجبِ
ذاكَ الَّذي كانَت الآمال تطلبه / لدفع ما حاق بالأوطان من كرب
لمّا نعاه ليَ الناعي يخبرني / سكتُّ من دَهشي حيناً وَلَم أُجب
كأن جذوة نارٍ أَحرقت كَبدي / أَو كَهربائية سارَت على عصبي
نعيُّهُ جاءَ في إِبّان فرحتنا / فنحن في مأتم منه وَفي طرب
أَفراحنا برزايانا قَد اِختلطت / فَقلتُ قد طابَت الدنيا وَلَم تطب
أَبكيتَ يا موت عين السيف فيه كَما / أَبكيت يا موت عين العلم والأدب
ما كان ضرك لو أخرته فنجت / به البلاد من الأخطار والنوب
لهفي على العلم منه والنهى وعلى / تلك الفصاحة في ألفاظه النخب
لَقَد بكتك مَعاليك الَّتي اِشتهرت / وَهذه الناس من ترك ومن عرب
كبرت بالنفس والأفعال شاهدة / لا بالمناصب والألقاب وَالرتب
حوى ضَريحك محبوباً لمملكة / سقى ضَريحَك هطال من السحب
فغاب شمسك عنا بعد أن سطعت / فليت شمسك ذات النور لم تغبِ
وليت شمسَك كل الدهر بازغة / تجلو العمى عن عيون ظَلن في الريب
خلَّفتَ بعدك ذكراً خالداً حسناً / وَذاكَ أَفضَل من مال ومن نشب
نجاد إنك لا تجزع ستخلفه / نجاد إنك خير ابن لخير أب
نجاد إنك معروف بحكمته / فاصبر فإن جميع الناس للعطب
يا جهل أَنت برغم العلم والأدبِ
يا جهل أَنت برغم العلم والأدبِ / ممتع بعلو الجاه والرتبِ
يا جهل يأتيك عفواً ما تحاوله / يا جهل من غير سعي منك أو تعب
لا شيء في الشرق أَعلى منك منزلة / يا جهل حسبك هذا العز من حسب
العلم يعجز عن إدراك بغيته / وأنت تبلغ ما ترجوه من كثب
تأَتي المحافل محفوفاً بتكرمة / والعلم يرجع مطروداً إلى العقب
من أَين للعلم أردان مزخرفة / من أَينَ للعلم أطواق من الذهب
يا جهل قد ساعدتك الحال فاعلُ وتِه / وارفُل كما شئت في أثوابك القشب
قَد أَصبحَ الوطن المحبوب تربته / ألعوبةً في يد الأحداث والنوب
يُملى له الحيف من حزب التقهقر ما / يمليهِ قسراً لسان النار للحطب
الحلم ثبطه عن ثأر واتره / وَما الحليم بمأمونٍ على الغضب
وهل تعوق إذا حيته معدلة / شعاع وتتجن ألواح من الخشب
ما أَنقذ القوم نصحي من غوايتهم / ولا أَفادهمُ شعري ولا خطبي
إذا أَقمتم فإن المال منتزع / وإن رحلتم فإن النار في الطلب
يا باذلاً لولاة السوء ما ملكت / يداه من كل موروث ومكتسب
يرجو بها رتبةً شماءَ راقية / كيما يقال فلان من ذوي الرتب
من ذا يعولك والأيام محوجة / إذا بقيت بلا مال ولا نشب
لا يرحم القوم من بانت مفاقره / فبات في القوم مطوياً على سغب
الدهر خان وكبار البلاد قضوا / ودولة الترك سادت أمة العربِ
والمرء في وصف أمر لا يشاهده / بمنزل بين صدق الظن والكذب
وإنما العقل نبراسٌ لحامله / يضئ ما حوله في سدفة الريب
لا يحدث الشيء من تلقائه عرضا / لكل حادثة لا بر من سبب
العدل كالغيث يحيى الأرض وابله / والظلم في الملك مثل النار في القصب
يا عدل بعدك من للاهفين ومن / للواقفين تجاه الموت والعطب
يا عدل من لمروع بات مرتجفاً / وَصارخ قد دعا بالويل والحرب
من ذا إذا ما اِستَجار الخائفون به / يرد عن ذي حقوق كفَّ مغتصب
يا عدل هل أنت في يوم معاودنا / فبعدك العيش لم يحسن ولم يطب
يا عدل حسنك بعد اللَه نعشقه / حتَّام أنت عن العشاق في حُجُب
لو أسعف العدل لم نحتج إلى حرس / في طلعة البدر ما يغني عن الشهب
وقائل قد حرمت الجاه قلت له / ما الجاه في دولة الأوغاد من أَربي
والجاه ليس بأَلقاب مفخمة / تهدَى لمنغمسٍ في الإثم منتهب
بل إنما الجاه في مجد تطول به / وإنما المجد كل المجد في الأدب
وإنما العز مشروح خلاصتُه / في متن أبيضَ ماضي الغرب ذي شطب
لا تقربنَّ كثيراً من حكومتهم / فإن مكروبها أعدى من الجرب
لقد وضعت يدي والعين باكية / على فؤاد من الأحزان مضطرب
عثرت في جوف ليل للخطوب دجا / بذيل جيش من الأهوال ذي لجب
والأمن قد غاب عن عينيَّ مشهدُه / فليت ما غاب عن عيني لم يغب
إذا لعبت تجدُّ الحادثات وإن / جددت في الأمر فالأحداث تلعب بي
وهكذا أنا بالأحداث مرتهنٌ / أقطِّع العمر بين الجد واللعبِ
أرى ظلاماً أمامي غير منصرف / عني بحال وأني منه في عجب
عميت أم طال ليلي فوق مدتهِ / أم أَخَّر الفجر ما في الجو من سُحب
لو كان قومي أباة ما تهضَّمني / وغدٌ من الترك معزوٌّ لغير أب
ليس الفتى بذليل في قبيلتهِ / لحكم آخر إن كانوا ذوي عصب
فالمرء ما كان محمياً بأسرته / كالليث عرّس في عِيصٍ له أشب
كن يا دعيُّ إلى الأمجاد منتسباً / فإنما المرءُ مأمون على النسب
واذكر لمن لجَّ في الانكار بينةً / فذاك أكشف بين الناس للرِيبَب
لا تنتحل نسباً من غير بينةٍ / فقد يضرُّك أن تعزى إلى الكذب
ماذا عليك وأنت اليوم مقتدرٌ / إذا افتخرت بما أولوك من لقب
وأي نقص لمثرٍ فاته حسب / أليس في المال ما يغني عن الحسب
ألا رعى اللَه أَوطاناً لنا امتهنت / محبوبة السهل والوديان والكثب
فحبَّذا تلك من سهل وأودية / وحبذا هضب الأوطان من هضب
الماء يجري فراتاً في مسائلها / والريح طلقاً على الأغوار والحدب
ومنبت الشيحٍ والحَوذان تربتها / ومغرس النخل والرمان والعنب
قد أَضرم الجور ناراً في مساكنها / وأهلها بين نفاخ ومحتطب
واعصوصب الشر حتى لا ترى أَحداً / إلا يئن من الأرزاء والنوب
ورب حرّ رأَى الأوطار صائرة / إلى الدَّمار بحكم العسف والنكب
يقول قد وجب اليوم النزاع لها / كأنه قبل هذا اليوم لم يجب
أما لقد رقّ شعرٌ كان قائله / يبكي كثيراً على باكٍ ومنتحب
ولا تخالنّ أن الشعر أنقذني / من المصائب والآفات والكُرب
لو ساعدتني الليالي سرت من وطني / إلى مكان بعيد منه منشعب
لا غرو إن فرّ حرٌّ خوف محنته / فكل ذي رهب يأوي إلى هرب
إني على الرغم مني ساكن بلداً / ما إن بها من أَنيسٍ لي سوى كتبي
هيَ الحقيقة أرضاها وإن غضبوا
هيَ الحقيقة أرضاها وإن غضبوا / وأدعيها وإن صاحوا وإن جلبوا
أقولها غير هياب وإن حنقوا / وإن أهانوا وإن سبوا وإن ثلبوا
إِن يقتلوني فكم من شاعر قتلوا / أو ينكبوني فكم من عالم نكبوا
وَلست أول من أبدى نصيحته / لقومه فأَتاه منهم العطب
لَهفي على أمة ما زلت أرشدها / إلى سبيل هداها وهي تجتنب
نصحت للقوم في شعري وفي خطبي / فَما أفادهم شعري ولا الخطب
طلبت إصلاحهم في كل ما كتبت / لهم بناني ولما ينجح الطلب
جاؤوا إليّ غضاباً يسرعون ضحىً / فما رأَيتهم إلا قد اِقتَربوا
هَذا يسير على مهل ويشتمني / وَذاكَ يحبو وَذا يعدو وَذا يثب
يخاصمون صديقاً لا يخاصمهم / وَالجهل منهم إذا اِستنطقته السبب
ماذا تريدون مني يا بني وطني / إن كان ما تَبتَغون الحرب فاِحتربوا
سلاحكم خنجر ماضي الضريبة أو / مسدس وَسلاحي في الوغى قصب
إني امرؤ لَيسَ عندي للحياة يدٌ / فَما من الموت لي إن جاءَني رهب
حر تعود أَن يُقرى الأذى جلداً / وإن تلم به الأحداثُ والنوب
خاطبتهم بكلام بر قائله / ما فيه مين لمن يصغي ولا كذب
وَعندما فهموا مغزى مخاطبتي / تراجعوا بينهم في الأمر وانسحبوا
كأَنَّهم ندموا من بعد ما اِعتَزَموا / كأَنَّهم خمدوا من بعد ما التهبوا
لكنهم بعد يوم من ندامتهم / عادوا إلى ما اِنتَهوا عنه وَقَد صخبوا
الجهل أَبدى كَما قد شاء فعلته / فَما تَرى يفعلان العلم والأدب
أَشكو إلى أيِّ هذي الناس مظلمتي / وقد درى باضطهادي الترك والعرب
ما بال لَيلتنا سوداء حالكة / هل غاب عنك بها يا أَعيني الشهب
يا حق من أَجلك الجهال تشتمني / وَفي سَبيلك تؤذيني فأَضطَرب
فَما اكتتبت دفاعاً ذاع مشتهراً / ألا وأَنتَ مرادي حين اكتتب
إليك ترجع آرائي إذا اِنتسبت / فأَنتَ أُمٌّ لآرائي وأنت أَب
يا قوم أَنتم على غي يضرّ بكم / أَما هناك فَتىً للرشد ينتسب
إن السماء الَّتي تعلو مرابعكم / منها لأجلكم الخيرات تنسكب
هُوَ التعصب قد وَاللَه أَخَّركم / عَن الشعوب الَّتي تَسعى فتقترب
عَن الَّذين أَبوا إلا تقدمهم / عن الألى مشيهم نحو العلى خبب
يا قوم في كل عصر جاء ثم خلا / قَد غالب العلمَ جهالٌ فما غلبوا
ما للسماء أراها غير صافية / هَل قارب الليل أم حاقَت بها السحب
أَرى وجوهاً لعمري لست أَعرفها / تكاد من غيظها تغلي وتلتهب
للعلم ينمون عند الفخر أنفسهم / وهم من العلم لا نبع ولا غرب
العلم أربابه ما عندهم حنق / والعلم أصحابه ما عندهم غضب
إن جادَلوا لَم يسبوا من يخاطبهم / وإن تراءَت لهم في رأيه ريَب
فخر كَما يَبتَغيه المجد للعربِ
فخر كَما يَبتَغيه المجد للعربِ / يا مصر ما فيك من علم ومن أدبِ
يا مصر إِنَّك أَنت اليوم مملكة / في ذمة العلم قبل الصارم الذرب
كأَنَّ مصر ووادي النيل يخصبها / حسناء ترفل في أَثوابها القشب
يَروي بها النيل فياضاً معاطشها / وَالنيل يأخذ ما يعطي من السحب
قد كنت أَسمع عن بعد مآثرها / وَاليوم تشهدها عيناي من كثب
تَنال إن كنت ذا علم وذا عمل / ما شئت في مصر من مال ومن نشب
قد خاب في كل ما يَرجوه ذو كسل / وَنال مطلبه من جد في الطلب
اتعب لنفسك كي تَلقى سعادتها / إِنَّ السعادة لا تأتي بلا تعب
الأرض معترك ما إِن يَفوز به / إِلّا الَّذي هو لا يَخشى من العطب
حرب تدور رحاها فهي طاحنة / وَلا يَفوز سوى الأقوين بالغلب
لا تأمن الذئب مهما كان ذا دعة / فالذئب إِن يلقَ يوماً فرصةً يثبِ
قاسيت ليلاً طويلاً بالهموم دجا / حتى أَتى الصبح بالأفراح في العقب
اليوم من مصر عن بغداد لي بدل / حتى كأَنِّيَ عنها غير مغترب
بغداد أمست وقد أزرى بها النوب
بغداد أمست وقد أزرى بها النوب / تبكي على عزها الماضي وتنتحبُ
أيامَ كانت تَهادى في شبيبتها / كأنها البان مافي ظهرها حدب
كيف القرار على الأرزاء في بلدي / إن السفينة في الأمواج تضطرب
خذوا تراثي بلا حساب
خذوا تراثي بلا حساب / وكل ما قد حوت حقابي
خذوا تليدي خذوا طريفي / خذوا صميمي خذوا لبابي
خذوا اباريق خندريسي / خذوا كأوسي خذوا شرابي
خذوا قريضي خذوا يراعي / خذوا علومي خذوا كتابي
خذوا فنوني خذوا نبوغي / خذوا رشادي خذوا صوابي
خذوا خذوا في البلاد صيتي / وما يلي الصيت من غلاب
وفي عياض عن كل هذا / ردوا شبابي ردوا شبابي
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا / يكابدون حياة كلها تعب
وعندما يئسوا من عود صحتهم / الى منيتهم في جرأة وثبوا
ما انت يا احمد في دولة الادب
ما انت يا احمد في دولة الادب / الا الزعيم والا شاعر العرب
وما تنبأت في دين كما زعموا / بل في الفصاحة سباقا وفي الادب
فكان يوحي اليك الشعر عن شحط / وكان يوحي اليك الشعر عن كثيب
ما كنت للشعر تستوحي قوافيه / حتى تجيئ من الاعجاز بالعجب
وكنت في قادة الآداب اولهم / وكنت اولهم في الجحفل اللجب
وكنت في الشعر مثل الماء منطلقا / وكنت في الحرب مثل النار في الحطب
كم حكمة لك سارت في الورى مثلا / قد قلتها بلسان الشاعر الذرب
كم دولة للقريض الناهض انقلبت / لكن عرشك فيها غير منقلب
وقالة الشعر ان نذكر منازلهم / فانت في الرأس والباقون في الذنب
صاحت بغاث ببازي الشعر تنقده / فلم يبال بها البازي ولم يجب
ان الذي مات عن شعر هدى امماً / لخالد في قلوب الناس والكتب
بالبغي قد قتلوا للشعر منك ابا / فاصبح الشعر من يتم بغير اب
لهفي كثر لو ان اللهف ينفعني / على حياتك اذا فضت الى العطب
هي الرزية لا تنسى فجيعتها / على توال من الاعصار والحقب
بالشعر والادب الايام طيبة / فان خلت منهما الايام لم تطب
الدهر جار على الآداب يزهقها / وما على الدهر إما جار من عتب
القتل رزء وهذا القتل افجعه / كأنما بك من الشر حل وبي
انت القتيل الذي لا قبر يجمعه / من بعدما مزقته اظفر النوب
وربما عرف الاسلاف مصرعه / مما على الارض فيه من دم سرب
القبر قبر فلا يجدى الدفين به / وان بنته اكف القوم من ذهب
مضى يريد حياة كلها دعة / وما درى ان غول الموت في الطلب
ولست اسأل عنه عند غيلته / أكان مضطربا ام غير مضطرب
ما في الرزية للمرزوء منتعش / لا يرقص الطير مذبوحا من الطرب
ليست بدار امان يطمأن لها / دينا مصائبها ينسلن من حدب
قصيدتي هذه ريحانة عبقت / جنيتها من لباناتي ومن اربى
نظمتها من شعور لي لاهديها / الى ابي الطيب النهاض بالادب
وما الذي قد نظمنا القول فيه سوى / صدى الذي قاله في سالف الحقب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025