القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد الزّين الكل
المجموع : 5
اليَوم تُبعَثُ مِن أَجداثِها العربُ
اليَوم تُبعَثُ مِن أَجداثِها العربُ / وَيَزدَهي مِثلَ ماضِي عَهدِهِ الأَدَبُ
وَتُشرِقُ الشَمسُ في البَيداءِ صافيَةً / مِن بَعدِ ما طَمَسَت أَنوارَها السُحُبُ
نَجدُ الجَزيرة وَالأَغوارُ في جَذَلٍ / قَد اِستَخَفَّتهما السَرّاءُ وَالطَرَبُ
سَرى إِلى قَفرِها بُوقٌ يُبَشِّرُها / كَأَنَّهُ بارِقٌ بِالغَيثِ يَنسَكِبُ
هَشَّت لَهُ في ثَرى البَيداءِ أَعظمهم / وَكادَ يُسمَع مِنها الشعرُ وَالخُطَبُ
تِلكَ القِفارُ تَراها اليَومَ مُجدِبَةً / وَكانَ لِلفنِّ فيها المَرتَعُ الخَصِبُ
رَوضُ البَيانِ بِها كَم كانَ مُزدَهِراً / شَدوُ البَلابِلِ في أَفنانِهِ عَجَبُ
كَم أَشرَقَت في نَواحي أُفقِها شُهُبٌ / سَرَت عَلى ضوئِها الأجيالُ وَالحِقَبُ
كَم أَهدَتِ البِيدُ لِلدُنيا حَضارَتَها / صَريحَةً لَم يَشُبها الغشُّ وَالكَذِبُ
حَضارَةٌ رفَعَ الفُرقانُ ذروتَها / أَساسُها وَحدةُ الإِنسانِ لا الغَلَبُ
لَو اِستَظَلَّ بِضافي ظِلِّها أُمَمٌ / في الأَرضِ ما اِختَصَموا يَوماً وَلا اِحتَرَبُوا
طَغى العقوقُ وَغَدرُ الأَقربينَ عَلى / هَذا التُراثِ فَأَضحى وَهوَ ينتَهِبُ
باعُوا اللآلئَ كَالأَصدافِ مِن سَفَهٍ / وَعُذرُهُم أَنَّهُم في الغَوصِ ما تَعِبُوا
لَولا يَدٌ مِن أَبي الفاروقِ سابِغَةٌ / في اللَهِ وَالحَقِّ ما تُسدي وَما تَهَبُ
أَسدى إِلى لُغَةِ الفُرقانِ مَكرُمَةً / لَيسَت تَفي شُكرَها الأَسفارُ وَالكُتُبُ
بِالأَمسِ حاطَ كِتابَ اللَهِ مِن عَبَثٍ / وَاليَومَ يُسدي إِلى الفُصحى وَيَحتَسِبُ
وَكَم أَيادٍ عَلى الآدابِ شاهِدَة / بِأَنَّ مصرَ إِلى آمالِها تَثِبُ
يُعينُهُ عَبقَريُّ الذهنِ مُحتَمِلٌ / عِبءَ المَعارِفِ نَهّاضٌ بِها دَرِبُ
عيسى سَمِيُّك أَحيا المَيتَ مُعجِزَةً / وَأَنتَ تَفعَلُ ما تَحيا بِهِ العَرَبُ
فَاليَومَ تَخلَعُ أَكفانَ البِلى لُغَةٌ / قَد أُلبِستها وَأَثوابُ الصِبا قُشُبُ
كَم حاوَلَت عصبةٌ إِطفاءَ جَذوَتِها / وَنارُها في رَمادِ الغَبنِ تَلتَهِبُ
لَم يَبرَحُوا ساحِلَ اللُّجِّي وَاِتَّهمُوا / وَفي القَرار يَتيمُ الدر لَو طَلَبوا
لا يَخجَلونَ حَياءً إِن همُو لَحَنوا / فيها وَفيما سواها اللَحن يُجتَنبُ
ما قصَّرَت لُغَةُ الفُرقانِ عَن غَرَضٍ / وَلَم يُؤدِّ سِواها كُلَّ ما يَجبُ
كَم في مَعاجِمها مِن طُرفَةٍ عَجَزَت / عَنها لُغاتُ الوَرى لَو تُكشَفُ الحُجُبُ
وَكَم ثَرى في تُرابِ الأَرضِ تَحقِرُه / وَفي ثَناياهُ لَو فَتَّشتَه الذَهَبُ
قُل لِلوَزير بَقاءُ الخَيرِ في عَمَلٍ / بِالعاملين فَقدِّر حينَ تَنتَخِبُ
لا يَخدَعنَّكُم جاهٌ وَلا لَقَبٌ / فَكَم أَضاعَ عَلَينا الجاهُ وَاللَقَبُ
لا يُعجِبَنَّكُم في الحَشد كَثرتُهُ / قَد يَفعَلُ الفَردُ ما لا تَفعَلُ العُصَبُ
وَلا تَكُن شُهرةُ الأَسماءِ رائِدَكُم / رُبَّ اِشتِهارٍ بِمَحضِ الحَظِّ مُكتَسَبُ
وَقَد بَلَونا أُناساً طارَ صِيتُهُمُ / فَلَم نَجد غَيرَ قَومٍ جِدُّهُم لَعِبُ
قَد حَيَّروا الناسَ ماذا يَصنَعونَ لَهُم / إِن يُطلَبوا هَرَبُوا أَو يُترَكوا غَضِبوا
كِلُوا الأُمورَ إِلى قَومٍ ذَوي دَأَبٍ / لا يَفتُرون وَلا يُوهِيهمُ نَصَبُ
مُستَرشِدين بِذَوقٍ في بحوثهمُو / مَن يَفقِد الذَوقَ لَم يَنهَض بِهِ الدَأَبُ
وَالاجتِهادُ بِغَيرِ الذَوقِ مَضيَعةٌ / ذُو الجهد إِن لَم يُعِنهُ الذَوقُ مُحتَطِبُ
وَهَيئوا لِعَظيم الأَمرِ عُدَّتَه / مِن الكُفاةِ وَلا تَغرُركمُ الرُتَبُ
حَمَّلتَ مصرَ لِواءَ الشَرقِ قاطِبَةً / فَالشَرقُ مِن حَولِها يَرجو وَيَرتَقِبُ
تَقَطَّعَت قَبلَكَ الأَرحامُ وَاِبتَعَدَت / وَاليَومَ في المجمعِ المصريِّ تَقتَرِبُ
مِسَرَّةٌ تُسعِفُ المحبّا
مِسَرَّةٌ تُسعِفُ المحبّا / تَرُدُّ بُعد المزارِ قُربا
إِذا أَدَرتَ البنانَ خَمساً / بِها نَهَبتَ الفَضاءَ نَهبا
إِلى الَّذي كَم ظَلَلتَ تَرجُو / لِقاءهُ وَالزَمانُ يَأبى
تُذَلِّلُ البَرقَ تَمتَطيهِ / وَقَد سَلَكتَ الهَواءَ دَربا
لَم تَتَّخِذ لِلسِفارِ زاداً / وَلَم تَذُق في الرحيل خَطبا
وَلا جَهَدتَ المطيَّ حَتّى / شَكَت لِعَرضِ الفَلاةِ كَربا
كَأَن عرضَ الفَضاءِ فيها / نادٍ يَضُمُّ الرِفاقَ صَحبا
أَمينَةٌ لا تُذيعُ سِراً / لِمَن قَلى أَو لِمَن أَحَبّا
حَفيظةٌ لا تُضِيع حَرفاً / وَلا تَزيدُ الكَلامَ كِذبا
فَجدَّ في أُذنِها أَو اهزِل / وَقُل ثَناءً بِها وَثَلبا
فَلا تَراها تَسدُّ أُذنا / مَهما تُطِل لَو قَرَأتَ كُتبا
وَقاطعُ القَولِ عَن أَخيهِ / تردُّه بِالصَغير سَلبا
فَيا لَها آلَةً تُرَبّي / ذا الجَهلِ بِالذَوقِ لَو يُربّى
وَكَم تَحايا تَحمَّلتها / أَدنَت لِقَلبِ الصَديق قَلبا
وَكَم سَمعنا بِها حَديثاً / سَرى لِقَلب المَشُوق طبّا
وَكَم ثَقيل الحَديثِ لَولا / جُمودُها أَوسَعَته سَبّا
تَكادُ ممّا يُطيلُ فيها / تَفرُّ مِمن دَعا وَلَبّى
أَلقى عَلَينا بِها رُجُوما / مِثل الصَفا أَو أَشَدَّ ضَربا
وَكَم نَراها تُثير سُخطا / وَكَم نَراها تُجدُّ حُبّا
فَذَلِكَ العلمُ لا قُشورٌ / نَلهو بِها لا تُفيدُ لُبّا
أَدرَكتُما غايَةَ الإِعجابِ وَالعَجَبِ
أَدرَكتُما غايَةَ الإِعجابِ وَالعَجَبِ / بِذَلِكَ الفَتحِ في التَأليفِ وَالأَدَبِ
عَرَضتُما قِصّةَ الآدابِ رائِعَةً / تُزهى بِسحرِ بَيانٍ غَيرِ مُقتَضبِ
لَم تَتَركا أَدَباً مِن حِين نَشأَتِهِ / حَتّى نَما وَسَما في سالِف الحقبِ
جَلَوتُما حُسنَهُ في صُورَةٍ تَرَكَت / ما صوَّرُوا غَيرَها ضَرباً مِن اللَعبِ
وَكَيفَ غَيَّره ما مَرّ مِن زَمَنٍ / وَمَن تَعاقَبَ مِن عُجم وَمِن عَرَبِ
وَكَيفَ أَثَّرت البِيئاتُ فيهِ وَما / قَد زادَهُ عَقِبٌ يَرويهِ عَن عَقِبِ
تَبِعتُما خَطوَه في كُلِّ ناحِيَةٍ / أَوى إِلَيها اِتِّباعَ القائِفِ الدَرِبِ
جَمَعتُما الدَهرَ وَالأَقطارَ في صُحُفٍ / مَعدودَةٍ تَزدَهي في ثَوبِها القَشِبِ
مَرَرتُما مَرَّ منطادٍ بِعالَمِه / يُصَوِّر الناسَ وَالأَشباحَ عَن كَثَبِ
فَهاتِيا ما تَبَقَّى مِن كُؤُوسِكما / فَقَد سَكِرنا وَلَم نَشرَب سِوى الحَبَبِ
كَذاكَ فَليَكُنِ التَجديدُ في الأَدَبِ
كَذاكَ فَليَكُنِ التَجديدُ في الأَدَبِ / وَالفَضل يُعرَفُ بِالآثارِ لا الصَخَبِ
هَذي صَحائِفُ كَالمرآةِ صادِقَةٌ / تَجلو لَنا صُوَرَ الماضينَ عَن كَثَبِ
لِلّهِ بَينَ بَنانَي كامِلٍ قَلَمٌ / يَفيضُ بِالسحرِ مِن إِنشائه العَجَبِ
تَمُدُّهُ فكرَةٌ فَيّاضةٌ عَرَفَت / مَواضِعَ الجَدبِ فَاِنهلَّت مَع السُحُبِ
إِذا التَوت سُبُل التَفكيرِ سَدَّدَه / رَأيٌ كَما اِنشَقَّ جُنحُ اللَيلِ بِالشُهُبِ
وَحاطَهُ الخُلُقُ العالي وَبَرّأَهُ / مِن أَن تُدَنِّسَه الأَهواءُ بِالكَذِبِ
وَذُو اليَراعَةِ إِن يَلعَب بِهِ غَرَضٌ / كانَت يَراعَتُه ضَرباً مِن اللَعِبِ
أَبانَ عَن ظُلمِهِ لِلعلم وَالأَدَبِ
أَبانَ عَن ظُلمِهِ لِلعلم وَالأَدَبِ / مَن أَنكَرَ القَصَص العالي عَلى العَرَبِ
إِنَّ الخَيالَ وَليدُ الشَرقِ فيهِ حَبا / وَفيهِ شَبَّ وَحَتّى الآن لَم يَشِبِ
ما طارَ عَن أُفقِهِ الشَرقِيِّ مُنتَقِلا / لِلغَربِ إِلا شَكا أَشواقَ مُغتَرِبِ
هَذا فَريدٌ وَهَذي عَبقَرِيَّته / تُجلى رَوائِعُها في قِصَّةٍ عَجَبِ
سَمَت خَيالاً وَدَقَّت صُورَةً فَرَأَت / عُصورُنا المَلِكَ الضليل عَن كَثَبِ
حَتّى تَخَيَّلت وَالأَحداثُ غائِبَةٌ / أَنَّ الوقائِعَ رَأي العَينِ لَم تَغِبِ
وَفي اليَراعَةِ لَو أَحكَمتَ صَنعتها / ما يَحقِر الريشَ لَو حَلَّوه بِالذَّهبِ
نَقَلتَ عَصراً إِلى عَصرٍ فَأَيُّ رُقىً / وَأَيُّ سِحرٍ يُعيدُ الدَّهرَ في الكُتُبِ
أَجابَكَ العَصرُ مِن سحرِ دَعوتَ بِهِ / وَلَو دَعَوتَ بِغَيرِ السحرِ لَم يُجِبِ
فَلو رآكَ ابنُ حُجرٍ ما بَكى أَسَفاً / لفَقدِ مُلكٍ وَلَم يَحفِل بِقَتلِ أَبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025