المجموع : 6
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ / يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ
صُلحٌ عَزيزٌ عَلى حَربٍ مُظَفَّرَةٍ / فَالسَيفُ في غِمدِهِ وَالحَقُّ في النُصُبِ
يا حُسنَ أُمنِيَّةٍ في السَيفِ ما كَذَبَت / وَطيبَ أُمنِيَّةٍ في الرَأيِ لَم تَخِبِ
خُطاكَ في الحَقِّ كانَت كُلُّها كَرَماً / وَأَنتَ أَكرَمُ في حَقنِ الدَمِ السَرِبِ
حَذَوتَ حَربَ الصَلاحِيّينَ في زَمَنٍ / فيهِ القِتالُ بِلا شَرعٍ وَلا أَدَبِ
لَم يَأتِ سَيفُكَ فَحشاءً وَلا هَتَكَت / قَناكَ مِن حُرمَةِ الرُهبانِ وَالصُلُبِ
سُئِلتَ سِلماً عَلى نَصرٍ فَجُدتَ بِها / وَلَو سُئِلتَ بِغَيرِ النَصرِ لَم تُجِبِ
مَشيئَةٌ قَبِلَتها الخَيلُ عاتِبَةٌ / وَأَذعَنَ السَيفُ مَطوِيّاً عَلى عَضَبِ
أَتَيتَ ما يُشبِهُ التَقوى وَإِن خُلِقَت / سُيوفُ قَومِكَ لا تَرتاحُ لِلقُرُبِ
وَلا أَزيدُكَ بِالإِسلامِ مَعرِفَةً / كُلُّ المُروءَةِ في الإِسلامِ وَالحَسَبِ
مَنَحتَهُم هُدنَةٌ مِن سَيفِكَ اِلتُمِسَت / فَهَب لَهُم هُدنَةٌ مِن رَأيِكَ الضَرِبِ
أَتاهُمُ مِنكَ في لَوزانَ داهِيَةٌ / جاءَت بِهِ الحَربُ مِن حَيّاتِها الرُقُبِ
أَصَمٌّ يَسمَعُ سِرَّ الكائِدينَ لَهُ / وَلا يَضيقُ بِجَهرِ المُحنَقِ الصَخِبِ
لَم تَفتَرِق شَهَواتُ القَومِ في أَرَبٍ / إِلا قَضى وَطَراً مِن ذَلِكَ الأَرَبِ
تَدَرَّعَت لِلِقاءِ السِلمِ أَنقَرَةٌ / وَمَهَّدَ السَيفُ في لوزانَ لِلخُطَبِ
فَقُل لِبانٍ بِقَولٍ رُكنَ مَملَكَةٍ / عَلى الكَتائِبِ يُبنى المُلكُ لا الكُتُبِ
لا تَلتَمِس غَلَباً لِلحَقِّ في أُمَمٍ / الحَقُّ عِندَهُمُ مَعنىً مِنَ الغَلَبِ
لا خَيرَ في مِنبَرٍ حَتّى يَكونَ لَهُ / عودٌ مِنَ السُمرِ أَو عودٌ مِنَ القُضُبِ
وَما السِلاحُ لِقَومٍ كُلُّ عُدَّتِهِم / حَتّى يكونوا مِنَ الأَخلاقِ في أُهُبِ
لَو كانَ في النابِ دونَ الخُلقِ مَنبَهَةٌ / تَساوَتِ الأُسدُ وَالذُؤبانُ في الرُتَبِ
لَم يُغنِ عَن قادَةِ اليونانَ ما حَشَدوا / مِنَ السِلاحِ وَما ساقوا مِنَ العُصَبِ
وَتَركُهُم آسِيا الصُغرى مُدَجَّجَةً / كَثُكنَةِ النَحلِ أَو كَالقُنفُذِ الخَشَبِ
لِلتُركِ ساعاتُ صَبرٍ يَومَ نَكبَتِهِم / كُتِبنَ في صُحُفِ الأَخلاقِ بِالذَهَبِ
مَغارِمٌ وَضَحايا ما صَرَخنَ وَلا / كُدِّرنَ بِالمَنِّ أَو أُفسِدنَ بِالكَذِبِ
بِالفِعلِ وَالأَثَرِ المَحمودِ تَعرِفُها / وَلَستَ تَعرِفُها بِاِسمٍ وَلا لَقَبِ
جُمِعنَ في اِثنَينِ مِن دينٍ وَمِن وَطَنٍ / جَمعَ الذَبائِحِ في اِسمِ اللَهِ وَالقُرَبِ
فيها حَياةٌ لِشَعبٍ لَم يَمُت خُلُقاً / وَمَطمَعٌ لِقَبيلٍ ناهِضٍ أَرَبِ
لَم يَطعَمِ الغُمضَ جَفَنُ المُسلِمينَ لَها / حَتّى اِنجَلى لَيلُها عَن صُبحِهِ الشَنِبِ
كُنَّ الرَجاءَ وَكُنَّ اليَأسَ ثُمَّ مَحا / نورُ اليَقينِ ظَلامَ الشَكِّ وَالرَيَبِ
تَلَمَّسَ التُركُ أَسباباً فَما وَجَدوا / كَالسَيفِ مِن سُلَّمٍ لِلعِزِّ أَو سَبَبِ
خاضوا العَوانَ رَجاءً أَن تُبَلِّغَهُم / عَبرَ النَجاةِ فَكانَت صَخرَةَ العَطَبِ
سَفينَةُ اللَهِ لَم تُقهَر عَلى دُسُرٍ / في العاصِفاتِ وَلَم تُغلَب عَلى خُشُبِ
قَد أَمَّنَ اللَهُ مَجراها وَأَبدَلَها / بِحُسنِ عاقِبَةٍ مِن سوءِ مُنقَلَبِ
وَاِختارَ رُبّانَها مِن أَهلِها فَنَجَت / مِن كَيدِ حامٍ وَمِن تَضليلِ مُنتَدَبِ
ما كانَ ماءُ سَقارَيّا سِوى سَقَرٍ / طَغَت فَأَغرَقَتِ الإِغريقَ في اللَهَبِ
لَمّا اِنبَرَت نارُها تَبغيهُمُ حَطَباً / كانَت قِيادَتُهُم حَمّالَةَ الحَطَبِ
سَعَت بِهِم نَحوَكَ الآجالُ يَومَئِذٍ / يا ضَلَّ ساعٍ بِداعي الحَينِ مُنجَذِبِ
مَدّوا الجُسورَ فَحَلَّ اللَهُ ما عَقَدوا / إِلّا مَسالِكَ فِرعَونِيَّةَ السَرَبِ
كَربٌ تَغَشّاهُم مِن رَأيِ ساسَتِهِم / وَأَشأَمُ الرَأيِ ما أَلقاكَ في الكُرَبِ
هُم حَسَّنوا لِلسَوادِ البُلهِ مَملَكَةً / مِن لِبدَةِ اللَيثِ أَو مِن غيلِهِ الأَشِبِ
وَأَنشَئوا نُزهَةً لِلجَيشِ قاتِلَةً / وَمَن تَنَزَّهَ في الآجامِ لَم يَؤُبِ
ضَلَّ الأَميرُ كَما ضَلَّ الوَزيرُ بِهِم / كِلا السَرابَينِ أَظماهُم وَلَم يَصُبِ
تَجاذَباهُم كَما شاءا بِمُختَلِفٍ / مِنَ الأَمانِيِّ وَالأَحلامِ مُختَلِبِ
وَكَيفَ تَلقى نَجاحاً أُمَّةٌ ذَهَبَت / حِزبَينِ ضِدَّينِ عِندَ الحادِثِ الحَزِبِ
زَحَفتَ زَحفَ أَتِيٍّ غَيرِ ذي شَفَقٍ / عَلى الوِهادِ وَلا رِفقٍ عَلى الهِضَبِ
قَذَفتَهُم بِالرِياحِ الهوجِ مُسرَجَةً / يَحمِلنَ أُسدَ الشَرى في البَيضِ وَاليَلَبِ
هَبَّت عَلَيهِم فَذابوا عَن مَعاقِلِهِم / وَالثَلجُ في قُلَلِ الأَجبالِ لَم يَذُبِ
لَمّا صَدَعتَ جَناحَيهِم وَقَلبَهُمُ / طاروا بِأَجنِحَةٍ شَتّى مِنَ الرُعبِ
جَدَّ الفِرارُ فَأَلقى كُلُّ مُعتَقَلٍ / قَناتَهُ وَتَخَلى كُلُّ مُحتَقِبِ
يا حُسنَ ما اِنسَحَبوا في مَنطِقٍ عَجَبٍ / تُدعى الهَزيمَةُ فيهِ حُسنَ مُنسَحَبِ
لَم يَدرِ قائِدُهُم لَمّا أَحَطَّت بِهِ / هَبَطتَ مِن صُعُدٍ أَم جِئتَ مِن صَبَبِ
أَخَذتَهُ وَهوَ في تَدبيرِ خُطَّتِهِ / فَلَم تَتِمَّ وَكانَت خُطَّةَ الهَرَبِ
تِلكَ الفَراسِخُ مِن سَهلٍ وَمِن جَبَلٍ / قَرَّبتَ ما كانَ مِنها غَيرَ مُقتَرِبِ
خَيلُ الرَسولِ مِنَ الفولاذِ مَعدِنُها / وَسائِرُ الخَيلِ مِن لَحمٍ وَمِن عَصَبِ
أَفي لَيالٍ تَجوبُ الراسِياتُ بِها / وَتَقطَعُ الأَرضَ مِن قُطبٍ إِلى قُطُبِ
سَلِ الظَلامَ بِها أَيُّ المَعاقِلِ لَم / تَطفِر وَأَيُّ حُصونِ الرومِ لَم تَثِبِ
آلَت لَئِن لَم تَرِد أَزميرَ لا نَزَلَت / ماءً سِواها وَلا حَلَّت عَلى عُشُبِ
وَالصَبرُ فيها وَفي فُرسانِها خُلُقٌ / تَوارَثوهُ أَباً في الرَوعِ بَعدَ أَبِ
كَما وُلِدتُم عَلى أَعرافِها وُلِدَت / في ساحَةِ الحَربِ لا في باحَةِ الرَحَبِ
حَتّى طَلَعتَ عَلى أَزميرَ في فَلَكٍ / مِن نابِهِ الذِكرِ لَم يَسمُك عَلى الشُهُبِ
في مَوكِبٍ وَقَفَ التاريخُ يَعرِضُهُ / فَلَم يُكَذِّب وَلَم يَذمُم وَلَم يُرِبِ
يَومٌ كَبَدرٍ فَخَيلُ الحَقِّ راقِصَةٌ / عَلى الصَعيدِ وَخَيلُ اللَهِ في السُحُبِ
غُرٌّ تُظَلِّلُها غَرّاءُ وارِفَةٌ / بَدرِيَّةُ العودِ وَالديباجِ وَالعَذَبِ
نَشوى مِنَ الظَفَرِ العالي مُرَنَّحَةٌ / مِن سَكرَةِ النَصرِ لا مِن سَكرَةِ النَصَبِ
تُذَكِّرُ الأَرضُ ما لَم تَنسَ مِن زَبَدٍ / كَالمِسكِ مِن جَنَباتِ السَكبِ مُنسَكِبِ
حَتّى تَعالى أَذانُ الفَتحِ فَاِتَّأَدَت / مَشيَ المُجَلّي إِذا اِستَولى عَلى القَصَبِ
تَحِيَّةً أَيُّها الغازي وَتَهنِئَةً / بِآيَةِ الفَتحِ تَبقى آيَةُ الحِقَبِ
وَقَيِّماً مِن ثَناءٍ لا كِفاءَ لَهُ / إِلّا التَعَجُّبُ مِن أَصحابِكَ النُجُبِ
الصابِرينَ إِذا حَلَّ البَلاءُ بِهِم / كَاللَيثِ عَضَّ عَلى نابَيهِ في النُوَبِ
وَالجاعِلينَ سُيوفَ الهِندِ أَلسِنَهُم / وَالكاتِبينَ بِأَطرافِ القَنا السُلُبُ
لا الصَعبُ عِندَهُمُ بِالصَعبِ مَركَبُهُ / وَلا المُحالُ بِمُستَعصٍ عَلى الطَلَبِ
وَلا المَصائِبُ إِذ يَرمي الرِجالُ بِها / بِقاتِلاتٍ إِذا الأَخلاقُ لَم تُصَبِ
قُوّادُ مَعرَكَةٍ وُرّادُ مَهلَكَةٍ / أَوتادُ مَملَكَةٍ آسادُ مُحتَرَبِ
بَلَوتُهُم فَتَحَدَّث كَم شَدَدتَ بِهِم / مِن مُضمَحِلٍّ وَكَم عَمَّرتَ مِن خُرَبِ
وَكَم ثَلَمتَ بِهِم مِن مَعقِلٍ أَشِبٍ / وَكَم هَزَمتَ بِهِم مِن جَحفَلٍ لَجِبِ
وَكَم بَنَيتَ بِهِم مَجداً فَما نَسَبوا / في الهَدمِ ما لَيسَ في البُنيانِ مِن صَخَبِ
مِن فَلِّ جَيشٍ وَمِن أَنقاضِ مَملَكَةٍ / وَمِن بَقِيَّةِ قَومٍ جِئتَ بِالعَجَبِ
أَخرَجتَ لِلناسِ مِن ذُلٍّ وَمِن فَشَلٍ / شَعباً وَراءَ العَوالي غَيرَ مُنشَعِبِ
لَمّا أَتَيتَ بِبَدرٍ مِن مَطالِعِها / تَلَفَّتَ البَيتُ في الأَستارِ وَالحُجُبِ
وَهَشَّتِ الرَوضَةُ الفَيحاءُ ضاحِكَةً / إِنَّ المُنَوَّرَةَ المِسكِيَّةَ التُرُبِ
وَمَسَّتِ الدارُ أَزكى طيبِها وَأَتَت / بابَ الرَسولِ فَمَسَّت أَشرَفَ العُتُبِ
وَأَرَّجَ الفَتحُ أَرجاءَ الحِجازِ وَكَم / قَضى اللَيالِيَ لَم يَنعَم وَلَم يَطِبِ
وَاِزَّيَّنَت أُمَّهاتُ الشَرقِ وَاِستَبَقَت / مَهارِجُ الفَتحِ في المُؤشِيَّةِ القُشُبِ
هَزَّت دِمَشقُ بَني أَيّوبَ فَاِنتَبِهوا / يَهنَئونَ بَني حَمدانَ في حَلَبِ
وَمُسلِمو الهِندِ وَالهِندوسُ في جَذَلٍ / وَمُسلِموا مِصرَ وَالأَقباطُ في طَرَبِ
مَمالِكٌ ضَمَّها الإِسلامُ في رَحِمٍ / وَشيجَةٍ وَحَواها الشَرقُ في نَسَبِ
مِن كُلِّ ضاحِيَةٍ تَرمي بِمُكتَحَلٍ / إِلى مَكانِكَ أَو تَرمي بِمُختَضَبِ
تَقولُ لَولا الفَتى التُركِيُّ حَلَّ بِنا / يَومٌ كَيَومِ يَهودٍ كانَ عَن كَثَبِ
أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا
أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا / وَفازَ بِالحَقِّ مَن لم يَألُهُ طَلَبا
وَما قَضَت مِصرُ مِن كُلِّ لُبانَتَها / حَتّى تَجُرَّ ذُيولَ الغِبطَةِ القُشُبا
في الأَمرِ ما فيهِ مِن جِدٍّ فَلا تَقِفوا / مِن واقِعٍ جَزَعاً أَو طائِرٍ طَرَبا
لا تُثبِتُ العَينُ شَيئاً أَو تُحَقِّقُهُ / إِذا تَحَيَّرَ فيها الدَمعُ وَاِضطَرَبا
وَالصُبحُ يُظلِمُ في عَينَيكِ ناصِعُهُ / إِذا سَدَلتَ عَلَيكَ الشَكَّ وَالرِيَبا
إِذا طَلَبتَ عَظيماً فَاِصبِرَنَّ لَهُ / أَو فَاِحشُدَنَّ رِماحَ الخَطِّ وَالقُضُبا
وَلا تُعِدَّ صَغيراتِ الأُمورِ لَهُ / إِنَّ الصَغائِرَ لَيسَت لِلعُلا أُهُبا
وَلَن تَرى صُحبَةً تُرضى عَواقِبُها / كَالحَقِّ وَالصَبرِ في أَمرٍ إِذا اِصطَحَبا
إِنَّ الرِجالَ إِذا ما أُلجِئوا لَجَئوا / إِلى التَعاوُنِ فيما جَلَّ أَو حَزَبا
لا رَيبَ أَنَّ خُطا الآمالِ واسِعَةٌ / وَأَنَّ لَيلَ سُراها صُبحُهُ اِقتَرَبا
وَأَنَّ في راحَتَي مِصرٍ وَصاحِبِها / عَهداً وَعَقداً بِحَقٍّ كانَ مُغتَصَبا
قَد فَتَّحَ اللَهُ أَبواباً لَعَلَّ لَنا / وَراءَها فُسَحَ الآمالِ وَالرُحُبا
لَولا يَدُ اللَهِ لَم نَدفَع مَناكِبَها / وَلَم نُعالِج عَلى مِصراعِها الأَرَبا
لا تَعدَمُ الهِمَّةُ الكُبرى جَوائِزَها / سِيّانِ مَن غَلَبَ الأَيّامَ أَو غُلِبا
وَكُلُّ سَعيٍ سَيَجزي اللَهُ ساعِيَهُ / هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيَ المُحسِنينَ هَبا
لَم يُبرِمِ الأَمرَ حَتّى يَستَبينَ لَكُم / أَساءَ عاقِبَةً أَم سَرَّ مُنقَلَبا
نِلتُم جَليلاً وَلا تُعطونَ خَردَلَةً / إِلّا الَّذي دَفَعَ الدُستورُ أَو جَلَبا
تَمَهَّدَت عَقَباتٌ غَيرُ هَيِّنَةٍ / تَلقى رُكابُ السُرى مِن مِثلِها نَصَبا
وَأَقبَلَت عَقَباتٌ لا يُذَلِّلُها / في مَوقِفِ الفَصلِ إِلّا الشَعبُ مُنتَخَبا
لَهُ غَداً رَأيُهُ فيها وَحِكمَتُهُ / إِذا تَمَهَّلَ فَوقَ الشَوكِ أَو وَثَبا
كَم صَعَّبَ اليَومُ مِن سَهلٍ هَمَمتَ بِهِ / وَسَهَّلَ الغَدُ في الأَشياءِ ما صَعُبا
ضَمّوا الجُهودَ وَخَلوُها مُنَكَّرَةً / لا تَملَئوا الشَدقَ مِن تَعريفِها عَجَبا
أَفي الوَغى وَرَحى الهَيجاءِ دائِرَةٌ / تُحصونَ مَن ماتَ أَو تُحصونَ ما سُلِبا
خَلّوا الأَكاليلَ لِلتاريخِ إِنَّ لَهُ / يَداً تُؤَلِّفُها دُرّاً وَمَخشَلَبا
أَمرُ الرِجالِ إِلَيهِ لا إِلى نَفَرٍ / مِن بَينِكُم سَبَقَ الأَنباءَ وَالكُتُبا
أَملى عَلَيهِ الهَوى وَالحِقدُ فَاِندَفَعَت / يَداهُ تَرتَجِلانِ الماءَ وَاللَهَبا
إِذا رَأَيتَ الهَوى في أُمَّةٍ حَكَماً / فَاِحكُم هُنالِكَ أَنَّ العَقلَ قَد ذَهَبا
قالوا الحِمايَةُ زالَت قُلتُ لا عَجَبٌ / بَل كانَ باطِلُها فيكُم هُوَ العَجَبا
رَأسُ الحِمايَةِ مَقطوعٌ فَلا عَدِمَت / كِنانَةُ اللَهِ حَزماً يَقطَعُ الذَنَبا
لَو تَسأَلونَ أَلِنبي يَومَ جَندَلَها / بِأَيِّ سَيفٍ عَلى يافوخِها ضَرَبا
أَبا الَّذي جَرَّ يَومَ السِلمِ مُتَّشِحاً / أَم بِالَّذي هَزَّ يَومَ الحَربِ مُختَضِبا
أَم بِالتَكاتُفِ حَولَ الحَقِّ في بَلَدٍ / مِن أَربَعينَ يُنادي الوَيلَ وَالحَرَبا
يا فاتِحَ القُدسِ خَلِّ السَيفَ ناحِيَةً / لَيسَ الصَليبُ حَديداً كانَ بَل خَشَبا
إِذا نَظَرتَ إِلى أَينَ اِنتَهَت يَدُهُ / وَكَيفَ جاوَزَ في سُلطانِهِ القُطُبا
عَلِمتَ أَنَّ وَراءَ الضَعفِ مَقدِرَةً / وَأَنَّ لِلحَقِّ لا لِلقُوَّةِ الغَلَبا
صحوت واستدركتني شيمتي الأدب
صحوت واستدركتني شيمتي الأدب / وبت تنكرني اللذات والطرب
وما رشاديَ إلا لمع بارقة / يرام فيه ويُقضَى للعلى أرب
دعت فأسمع داعيها ولو سكتت / دعوت أسمعها والحرّ ينتدب
وهكذا أنا في همى وفي هممي / إن الرجال إذا ما حاولوا دأبوا
ولي همامة نفس حيث أجعلها / لا حيث تجعلها الأحداث والنوب
لها على عزة الأقدار إن مطلت / حلم الليوث إذا ما أستأخر السلب
وإن تحير بي قوم فلا عجب / إن الحقيقة سبل نحوها الرّيب
أوشكت أتلف أقلامي وتتلفني / وما أنلت بنى مصر الذي طلبوا
همو رأوا أن تظل القضب مغمدة / فلن تذيب سوى أغمادها القضب
رضيت لو أن نفسي بالرضى انتفعت / وكم غضبت فما أدناني الغضب
نالت منابر وادى النيل حصتها / منى ومن قبل نال اللهو والطرب
وملعب كمعاني الحلم لو صدقت / وكالأماني لولا أنها كذب
تدفق الدهر باللذات فيه فلا / عنها انصراف ولا من دونها حجب
وجاملت عصبة يحيا الوفاء بهم / فهم جمال الليالي أو هم الشهب
باتوا الفراقد لألاء وما سفروا / عليه والبان أعطافا وما شربوا
وأسعدت مشرفاتٌ من مكامنها / حمر المناقير في لباتها ذهب
مستأنسات قريرات بأخبية / من سندس الروض لم يمدد بها طنب
وما بين حام يهاب الجار ساحته / وناشئ يزدهيه الطوق والزغب
وغادةٍ من بنات الأيك ساهية / ما تستفيق وأخرى همها اللعب
قريرة العين بالدنيا مروعة / بالأسر تضحك أحيانا وتنتحب
وتبرح الفرع نحو الفرع جاذبه / بالغصن فالفرع نحو الفرع منجذب
أبا الحيارى ألا رأى فيعصمهم / فليس إلا إلى آرائك الهرب
لن يعرف اليأس قوم حصنهمو / وأنت رايتهم والفيلق اللجب
عوّدتهم أن يبينوا في خلائقهم / فأنت عانٍ عوّدتهم تعِب
والصدق أرفع ما اهتز الرجال له / وخير ما عوّد أبناً في الحياة أب
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت / فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
يا ليلة البال ما خالوك راقصة
يا ليلة البال ما خالوك راقصة / إلا وأنت جمال الدهر والحقب
كم لذة بك ولت وانقضت وجلت / وذكرها فيه لم يبرح ولم يغب
بالله بالكون بالنجم الرفيع بمن / أحياك شائقة بالمنظر العجب
طولى لضيفانه الأمجاد واتصلى / فما ألذ المنى موصولة السبب
وفود مولاى لولا أنها نزلت / بالحلم قلنا وفود البحر ذى العبب
ماج السراى وميدان السراى بها / وماج متسع الساحات والرحب
وأقبلت ظبيات الإنس في كنس / من الهوادج يسعى لا من الكُثُب
تهفو الرياح بها دفعا وهزهزة / وتقبل الخيل بين الوخد والخبب
حتى إذا وقفت مالت إلى شرك / من السواعد مأمون لها حدب
مستجمعات سريعات معاطفها / إلى المعازف مهما تدعها تثب
أهاجها هائج الألحان فانعطفت / مثل النسيم سرى ساريه في القضب
ودارت الراح بالأجياد مثقلة / بالحلى فاستسلمت من شدة الوصب
وبالخصور فمن واهٍ ومن قلِق / ومن سقيم ومن فانس ومن تِعب
والقصر نور وآفاق الوجود سنا / والصفو بينهما زهو لمرتقب
والليل مزّين الأطراف منتطق / مكلل الهام حالى الجيد والّلبب
كأنّ أنجمه فوضى مبدّدة / على الدجى بين مهزوز ومضطرب
آثار كاسية اللبات سابحة / في حليها فلتت من كف مغتصب
وإن موليير نجم لا أفول له
وإن موليير نجم لا أفول له / وأن تغيب في الأحقاب واحتجبا
شريعة من بيان الغرب صافية / وإن يك الشرق أحيانا بها شربا
وآية الأدب الرّومَى في لغة / لم تُخل من سرها عجما ولا عربا
لو استطاع ذووها من عنايتهم / بنشرها علّموها الجن والشهبا
فاحفظ لسانك واجهد في صيانته / كما يصون الكريم العرض والحسبا
كأنما كانت الدنيا على يده / يصوِّر الناس عنها كلما كَتبا
إذا مضى يعرض الأخلاق عارية / أراك من كل نفس صورة عجبا
يأتي النفوس فينضُو عن طبائعها / سترا ويهتك عن أهوالها الحجبا
فربما ازددت علما بالبخيل وإن / نشأت تلقاه جَدا أو تراه أبا
وقد يزيدك بالكذاب معرفة / وأنت تضحى وتمسى تسمع الكذبا
وقد يريك أخا الوجهين منكشفا / وأنت تلقاه في الإِخوان منتقبا
بالله مِن ذا الحديث دعنا
بالله مِن ذا الحديث دعنا / وانظر معي هذه الكرنبه
هذا الذي يفترسُ الأكياسا / مقاولٌ يكبرون كسبه
وكل يوم عليه نعل / وكل يوم عليه جبه
تراكم المال في يديه / من حبة أمس صار قبه
وما فتن الحظ بالكركدِّن / وما أعجب المال من سحنته
ومن عجب بعد هذا المشيب / بنى باثنتين على زوجته
ورام الزواج ببنت النقيب / فما قبلوه على ثروته
وما تلك من هي بنت النقيب / فتاة هي البدر في ليلته