أقبلْتُ أهرُب لا آلو مُباعدةً
أقبلْتُ أهرُب لا آلو مُباعدةً / في الأَرض منهمْ فَلم يُحْصِنِّيَ الهربُ
بقصر أوسٍ فَما والت خنادِقُه / ولا النواويسُ فالماخورُ فالخَرب
فأَيُّما موئِلٍ منها اعتصمتُ به / فِمن ورائي حثيثاً منهمُ الطلبُ
لمَّا رأيتُ بأني لستُ معجزَهم / فوتاً ولا هَرَباً قرَّبت أحتجِبُ
فصرتُ في البيت مسروراً بهم جَذِلاً / جَارَ البراءة لا شكوَى ولاشَغَبُ
فرداً يحدِّثني الموتى وتنطِقُ لي / عن علمِ ما غاب عنِّي منهمُ الكتبُ
هم مُؤْنِسون وأُلاَّف غَنِيتُ بهمْ / فليس لي في أنيسٍ غيرهم أَرَبُ
لِلّهِ من جُلَسَاءٍ لا جَليسهمُ / ولا عشيرهُمُ للسُّوءِ مرتَقِبُ
لا بادراتِ الأَذَى يخشى رفيقُهمُ / ولا يُلاقِيه منهمْ مَنْطِقٌ ذَربُ
أبقَوا لنَا حِكماً تبقى منافِعُهَا / أُخْرَى الليالي على الأيَّام وانشعبوا
فأيّما آدبٍ منهم مددتُ يدي / إليه فهو قريبٌ من يَدِي كَثَبُ
إن شئتُ من مُحكَم الآثارِ يرفعُها / إلى النبيِّ ثِقَاتٌ خِيرةٌ نُجُبُ
أو شئتُ من عَرَبٍ علماً بأوَّلِهم / في الجاهليَّة أنبتْني به العرب
أو شئتُ مِنْ سِيَرِ الأَملاكِ مِنْ عَجَمٍ / تُنْبي وتُخْبرُ كيف الرأيُ والأَدبُ
حتَّى كأنِّيَ قد شاهدتُ عصرَهُمُ / وقد مضَتْ دونهم من دَهِرِهم حِقَبُ
يا قائلاً قصُرَت في العلم نُهْيَتُهُ / أمسى إلى الجهل فيما قال ينتسِبُ
إنَّ الأوائل قد بانوا بعلمهم / خلافَ قولِك قد بانوا وقدْ ذهبوا
ما ماتَ منا امرؤ أبقَى لنا أدباً / نكون منه إذا ما مات نَكتِسبُ