حَىِّ المَنَازِلَ مِن حَمَّاءَ قَد دَرَسَت
حَىِّ المَنَازِلَ مِن حَمَّاءَ قَد دَرَسَت / إِلاّ ثَلاثاً عَلَى مُستَوقَدٍ رُكُبَا
وماثِلاً مِن مَغَانِى الدّارِ قَد لعِبَت / هُوجُ الرِّياحِ بباقِى رَسمِهِ حِقَبَا
عُجنا عَلَى دَارِها نبكِى وَنسأَلُهَا / عَنها ونُخبِرُها عَن بَينِنا خُطُبا
دارٌ لأَسمَاءَ إِذ جُنَّ الفُؤادُ بها / وَلاَ تنَوِّلُ إِلاّ الشَّوَ وَالطَّرَبا
مُستَشرِفاً مَا بهِ قَد كادَ يَخبِلُهُ / وَجدٌ بِهَا مُستَهَامَ القَلبِ مُختَلَبَا
لَم يُنسِهِ ذِكرَهَا بَيضاءُ آنِسَةٌ / وَلاَ تضناءٍ نَأَتهُ دارُها حِقَبَا
بَيضَاءُ تُسفِرُ عَن صَلتٍ مَدامِعُهُ / لاتَستَبِينُ بِهِ خَالاً وَلاَ نَدَبَا
ثُمَّ ابتِسَامَتُهَا كَالبَرقِ عَن أُشرٍ / حَمشِ اللِّثاتِ تَرَى فِى ثَغرِها شَنَبَا
بَيضاءُ مِثلُ مَهَاةِ الرَّملِ أَخذَلّها / عَنِ المَهَا جؤذُرٌ قَد رادَ وَكَربَا
تَرعَى رُبولاً مِنَ الوَسمىِّ عَازِبةً / جَرَّت بِهضا المُزنُ سَحَّ فَانسَكَبَا
فَتِلكَ شِبهٌ لَها إِلاّ مُخَدَّمَهَا / مِنَ الشَّوضى لاَ تَرَى فِى خَلقِها عَتَبَا
كانُوا لنا جِيرَةً وَالشَّملُ يَجمَعُهُ / مُستَخلَفٌ مِن ثِمادِ الصَّيفِ قَد شُرِبَا
حتّى إِذا الهَيفُ ساقَ النّاسَ وانسَفَرَت / مِن وَغرَةِ القَيظِ فَيحٌ لَم تَدَع رَطِبا
فَاستَبدَلَ الفَحلُ أَجمَالاً فَألَّفَها / مِن بَعدِ ما اشتَمَلَ الأَشوالَ وَالسُّلُبَا
بَانُوا فَما رَاعَنا إِلاّ حَمولَتُهم / وهاتفٌ بِفراقِ الحَىِّ قَد نَعَبَا
كأَنَّهُم بالضُّحَى والآلُ يَرفَعُهُم / لَمّا تَرَفَّعَ آلُ الشَّمسِ فالتَهبَا
سِدرٌ نَواعِمُ مشن هِرجابَ أَو دُلُجٌ / بالمُستَطِيلِ عَلَى أَفيائِهِ العُشُبا
خَدَّرنَ مَكتُوبَةً شُدَّت مآسِرُها / مُلساً يُخَيَّلنَ مِن سِدرَاتِها قُضُبَا
أَلبَسنَها الرَّقمَ وَالدِّيباجَ عارفَةً / لها جِمَالٌ أخَذنَ الذِّلَّ والأَدُبَا
رَيطاً بَهِيًّا ودِيباجاً كأنَّ عَلَى / أَلياطِها الفِضَّةَ البَيضاءَ والذَّهَبا
ثُمَّ اتَّبَعنَ غَيُوراً ذا مُعاسَرَةٍ / غِن هُنَّ شاوَرنَهُ فِى نِيَّةٍ غَضِبَا
حتى إِذا غَرَّدَ الحادِى وَأَتبَعَهُم / ذَمّاً بِهِم ليسَ تَقتِيراً ولا تَعَبَا
أَتبَعتُهُم طَرفَ عَينٍ جالُها غَرِقٌ / هَاجَ احتمِالُهُم من دَمعِها سَرَبا
أَتبَعتُهُم دَوسَراً رَحبَ الفُرُوجِ تَرَى / فى حَدِّ مِرفَقِهِ عَن زَورِهِ حَنَبَا
مُؤَيَّدَ الصُّلبِ رَحبَ الجَوفِ مُطَّرِداً / كالسِّيدِ لا جَنَباً كَزّاً وَلاَ طَنَبَا
فَعمَ المَناكِبِ نَهّاضاً إِذا حُشِيَت / مِنهُ البَراذِعُ جَوزاً مارِناً سَلِباَ
يُصغِى لراكِبهِ فِى المَيسِ مُنتَحِياً / حتّى إِذا ما انتَحَى فى غَرزِهِ وَثَبا
شَدَّ الظَّلِيمِ مِراحاً ثُمَّ كَفكَفَهُ / حتَّى استَمَرَّ بِهِ التَبغِيلَ وَالخَبَبا
كأنَّ رِجلَيهِ رِجلا ناشطٍ مَرِحٍ / مِنَ النَّعامِ أَرحِّ الخَطوِ قَد خَضَبَا
كأَنَّ أَوبَ يَدَيهِ حِينَ تَرعَبُهُ / بِالصَّوتِ وَهو يُبارِى الضُمَّرَ النُّجُبَا
أَمامَهُنَّ يَدَا ساقٍ بماتِحَةٍ / لَمّا تُبُودِرَ جَمُّ الماءِ فَانتُهِبَا
كأنَّ غارِبَهُ مُستَشرِفاً إِرمٌ / يُوفِي اليَوافِعَ مِن أَعلاهُ مُرتقِبَا
كأنَّ هَاديَهُ والعِيسُ تَطلبُهُ / جِذعٌ بِخَيبَرَ مِن جَبّارةٍ شُذِبَا
كأنَّ عَينَيهِ والأَنضاءُ ساهِمَةٌ / وَقبانِ فِى صَخرةٍ صَمّاء قد نَضَبا
فِى سَلهَبِ الخَدِّ تَستَرخِى مَشافِرُهُ / إِذا اللُّغام عَلَى عِرنِينِهِ عَصَبَا
حتّى لَحِقتُ حُمُولَ الحَىِّ أَقرَعُهُ / لَولا تَراغُبُ شِعبَى رَحلِهِ انشَعَبَا
كانت لِماحاً وتَومِيّاً مُحَافَظَةً / عَلَى الّذِى بينَنا أَن يُظهِرَ الرِّيبَا
مِن عِلمِ أَنّا مَتَى يَظهَر مُكَتَّمُنا / فَيُخبِرِ القَومَ عَن أَسرارِنا الغُيُبَا
تَعدُ العَوادِى مُحِباً عَن إِبَانَتِهِ / وَتَبلُغِ الحَربُ قَومَينا فَيَحتَرِبَا