ضاقَ السَّبيلُ على الباكي الحزينِ فلا
ضاقَ السَّبيلُ على الباكي الحزينِ فلا / عاد الحبيبُ ولا قلبُ المُحِبِّ سَلا
يَهيجُ للحُزْنِ في أحشائهِ لَهَبٌ / وكُلَّما رامَ إخماداً لهُ اشتعَلا
كل الجِراحاتِ يَشفيها الدَّواءُ سِوَى / جُرحِ الفُؤَادِ فلا يُشفَى وكم قَتَلا
يموتُ مفقودُنا يوماً وفاقدُهُ / في كلِّ يومٍ يذوقُ الموتَ مُتَّصِلا
هذِهْ لنا علَّةٌ تُضني المُصابَ بِها / ورُبَّما وَلَّدَتْ مَعْها لهُ عِلَلا
بليَّةٌ ليسَ ينجو من غوائِلها / غيرُ الذي ماتَ عن دُنياهُ وارتَحَلا
يا هَل تُرَى أيُّ قلبٍ ما بهِ ألَمٌ / وأيُّ وجهٍ بماءِ الدَّمعِ ما اغتَسلا
وأيُّ ماءٍ بهِ يذكو اللهيبُ سِوَى / دمعُ الحزينِ الذي فوقَ الثَّرى هَطَلا
أستودِعُ اللهَ في طيِّ الضَّريح فتىً / كالغُصنِ مُعتدِلاً والبدرِ مُكتمِلا
كنَّا نُؤَمِّلُ أن نَجني لهُ ثَمَراً / فخيَّبَ الدَّهرُ منَّا ذلكَ الأمَلا
خان الزَّمانُ لهُ عهدَ الصِّبا وبغَى / عليه داعي المنَايا إذ أتَى عَجِلا
قد ألبسوهُ الثِّيابَ البيضَ فاصطَبَغت / بحمرةٍ من دمِ الدَّمعِ الذي انهملا
والنَّاسُ مِن حولِهِ تمشي وقد نَكستْ / رؤُوسَها وصُراخُ الباكياتِ عَلا
يا رحمةَ اللهِ حُلِّي فوقَ تربتهِ / كما حَلَلتِ على نعشٍ بهِ حُمِلا
وصافِحي ذلكَ الوجهَ الصَّبيحَ بها / وعانِقي ذلكَ القدَّ الذي اعتَدَلا
يا أيُّها القبرُ أكرِمْ مَن إليكَ سعَى / فإنهُ كان ممَّن يُكرِمُ النُّزُلا
واحرِصْ على غصنِ بانٍ فيكَ كانَ إذا / مَرَّت عليهِ نُسَيماتُ الصبَّا ذَبَلا
صبراً بني صيدَحٍ فالصَّبرُ أنفعُ ما / داوَى بهِ النَّاسَ جُرحَ القلبِ فاندَمَلا
هذا السبيلُ الذي لا بُدَّ منهُ لنا / يوماً فنحنُ إليهِ نَقطعُ السُّبُلا
العيشُ للنَّاسِ أيامٌ لها أجَلٌ / والموتُ دهرٌ لهم لا يعرفُ الأجَلا