القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 5
من الجسوم إلى الأرواح إسراءُ
من الجسوم إلى الأرواح إسراءُ / فيه لمثلي إشارات وإيماءُ
فاسجد له سجدة في مسجد حرمت / جهاته منه للأملاك لألاء
واسجد له سجدة أخرى بمسجده ال / أقصى يزل عنك بالتقريب إقصاء
إن الوجود له ذات وأسماءُ
إن الوجود له ذات وأسماءُ / في الغيب عنا وعنه نحن أفياءُ
وهو الذي هو عين الظاهرين به / من الحوادث مما هن اقياء
مصور هو للأشياء من عدم / له ظهورٌ بها فيها وإخفاء
وإنما الحكم للأسماء تظهر ما / قد اقتضته فأنواعٌ وأنواء
فحققوا القول مني وافهموه ولا / تؤولوه ففي تأويله الداء
ولا تظنوا حلولاً في مقالتنا / ولا اتحاداً فمالأشياء أكفاء
هيهات ليس الوجود الحق يشبهها / فإنه باطل يمحوه اقتناء
لولا مشيئته قامت تخصصها / بالعلم ما كان إظهار وإبداء
الله نور السموات استمعه وعى / والأرض والنور يُمحى فيه ظلماء
والنور ذلك معناه الوجود كما / إلى الحوادث بالظلماء إيماء
وعادة النور في الظلماء يذهبها / هذا القياس الذي ما فيه إبطاء
لكن هنا في كلام الله جاء به / على الإضافة للأشياء إيحاء
حتى الإضافة فيه للسوى فتنت / حكم من الله عدل والسوى ساؤوا
كما يضل كثيراً قال خالقنا / به ويهدي كثيراً يا أخلاء
فافهم رموز كلام الله مهتدياً / به وخل تآويلاً بها جاؤوا
وجرد النور هذا عن إضافته / وانظر فهل لجميع الكون إبقاء
تدري الفنا والبقا في عرف سادتنا / أهل المعارف يا لامٌ ويا باء
وتعرف الله جل الله عنك وعن / سواك إذ لا سوى والنفس عمياء
قد قال مَنْ قال مِن جهل وإغواءِ
قد قال مَنْ قال مِن جهل وإغواءِ / عن حكم تكليف ربي عبده الثائي
ما حيلة العبد والأقدار جارية / عليه في كل حال أيها الرائي
ألقاه في البحر مكتوفا وقال له / إياك إياك أن تبتل بالماء
حتى عليه فتى من أهل ملتنا / قد قال في رده نظماً بإنشاء
إن حفَّه اللطف لم يمسسه من بللٍ / وما عليه بتكتيفٍ وإلقاء
وإن يكن قدَّر المولى له غرقاً / فهو الغريق وإن أُلقِي بصحراء
يَعني إذا كان في علم الإله له / سعادةٌ عُلمت من غير إشقاء
فهْو السعيد وإن كانت شقاوته / في العلم فهو شقيٌّ هكذا جائي
والعلم يتبع للمعلوم من أزل / مقالة الحق للقوم الأخصّاء
كذا الإرادة والتقدير يتبع ما / في العلم من غير تأخير وإبطاء
فالله قدر ما في العلم كاشفه / بما بإيجاده سمّى بأشياء
وإنما هي آثار ملازمة / أيدي صفات من المولى وأسماء
إذ لا مضل بلا إضلاله أحداً / ولا يسمى بهادٍ دون إهداء
ولا معز بلا شخص يعززه / ولا مذل بلا قوم أذلّاء
وهكذا سائر الأسماء منه لها / قوابل كظلالات وأفياء
قديمة وهي معلوماته أزلاً / معدومة العين في محق وإفناء
والله سمِّيَ علام الغيوب بها / ترتبت هكذا ترتيب إنهاء
وهي التي كشف العلم القديم بها / من قبل إيجادها فافطن لأنبائي
حتى أراد لها قدماً فقدرها / طبق الذي هي فيه ضمن أجزاء
فلم يقدر سوى ما العلم حققَّه / ولا أراد سواه دون أخطاء
وقل على كل شيء حكم قدرته / لكن بمعلومه خُصّت بإبداء
ولم يكن عبثاً تكليفه أبداً / والكتب حق مع الرسل الأدلاء
والأمر والنهي من رب العباد على / عباده لا لسراء وضراء
ولا لأجل امتثال الأمر أوغرض / له تعالى ولا منع وإعطاء
وإنما هو تمييز الخبيث هنا / من طيبٍ ومراضٍ من أصحاء
وفي القيامة عدل الله يظهره / والفضل أيضاً لأقوام أعزاء
فليس من شرعنا جبر ولا قدر / وإنه فعل مختار بإمضاء
وقولُ من قال والأقدارُ جاريةٌ / ما حيلة العبد تغليطٌ بشنعاء
ما حلية العبد في فعل يكون له / بالقصد منه بلا جبر وإلجاء
أحاط علما به ربي فقدره / قدماً عليه بعدل بعد إحصاء
من غير ظلم وحاشا الله يظلم من / عليه يحكم عن علم بإجلاء
ألقاه في البحر مكتوفاً مغالطةٌ / وكيف يكتفه مع قصد إجراء
والكل ما هو بالمجعول في عدم / بل إنه مقتضى الأسما الأجلاء
والجهل تعريفه الإنشاء من عدم / وليس يوصف معدوم بإنشاء
فافهم وحقق لنفس الأمر معتبراً / حكم الإله بعلم لا بجهلاء
هذا الذي قد أخذنا عن مشايخنا / أولى الهداية والتقوى الألبّاء
عناية الله أعلى الله طائفةً / بها على غيرهم من مفتر سائي
عبد الغني له الرحمن وفقه / فبثها للتلاميذ الأخلاء
لعل تأتيه منهم دعوة فيري / قرباً بها من عظيم الفضل معطاء
تفاخر الماء والهواءُ
تفاخر الماء والهواءُ / وقد بدا منهما ادِّعاءُ
لسان حال وليس نطق / ولا حروف ولا هجاء
فابتدأ الماء بافتخار / وقال إني بي ارتواء
وبي حياة لكل حي / أيضا وبي يحصل النماء
وكان عرش الإله قدماً / عليَّ يبدو له ارتقاء
وطهر ميتٍ أنا وحيٍّ / لولاي لم يطهر الوعاء
ولا وضوء ولا اغتسال / إلا وبي ما له خفاء
وبالهواء اشتعال نار / ضرت وللنار بي انطفاء
وأحمل الناس في بحار / كأنني الأرض والسماء
وعند فقدي ينوب عني / في الطهر ترب به اعتناء
وأهلك الله قوم نوح / لما طغوا بي لهم شقاء
وليس لي صورة ولون / لوني كما لُوِّن الأناء
وقال عني الإله رجس ال / شيطان بي ذاهب هباء
والخلق يرجونني إذا ما / مسكت عنهم لهم دعاء
والأرض تهتز بي وتربو / فيخرج النبت والدواء
فقام يعلو الهواء جهراً / وقال إني أنا الهواء
فإن أنفاس كل حي / تكون بي للحياة جاؤوا
وإنني حامل الأراضي / والماء فيها له استواء
وأهلك الله قوم عاد / بشدتي ما لهم بقاء
أُرَوِّح القلب بانتشاق / فيحصل الطيب والشقاء
وأدفع الخبث حيث هب ال / نسيم يصفو بي الفضاء
وما لحي من البرايا / عني مدى عمره غناء
والنطق بي لم يكن بغيري / والصوت في الخلق والنداء
وليس كل الكلام إلا / حروفه بي لها انتشاء
وبي كلام الإله يتلى / فيهتدي من له اهتداء
وسنة المصطفى روتها / رواتها بي أيان شاءوا
وكل معنى لكل لفظ / فانه بي له اقتضاء
لولاي ما بان علم حق / وعلم خلق والأنبياء
ولا يكون استماع أذن / إلا وبى النوح والغناء
وحاصل الأمر أن كلاً / من ذا وذا للردى اندراء
وما لهذا فضلٌ على ذا / ولا لذا بل هما سواء
وكل ماء له مزايا / يكون فيها لنا الهناء
ولا هواء إلا وفيه / نفع كما ربنا يشاء
ولكن الماء مع تراب / يصير طيناً هو ابتداء
وآدم كان أصله من / طين وأضحى له اصطفاء
والمارج النار مع هواء / سموم ريح وذاك داء
ومنه إبليس كان خلقاً / له افتخار وكبرياء
فكيف يعلو الهواء يوماً / والماء فينا له العلاء
به الطهارت والذي لم / يجده ترب به اكتفاء
والنار فيها العذاب حتى / لكل شيء بها فناء
وإنما نورها اشتعال ال / هواء فيها له ضياء
والترب فيه الجسوم تبلى / فيظهر الذم والثناء
وعز ربي وجل عما / تقول أن يلحق الخطاء
بخلقه ربنا عليم / والعلم عنا له انتفاء
والفضل منه يكون لا من / سواه حقا ولا امتراء
للذات ذات وللأسماء أسماءُ
للذات ذات وللأسماء أسماءُ / تدري حقيقته سعدى وأسماءُ
فاخرج عن اللفظ والمعنى لأنهما / رمزٌ إلى الذات والأسما وإيماءُ
هي الحقيقة في كل الأمور سرت / سراً و قامت بها في الجهر أشياء
تنزهت في فهوم العارفين بها / وإنما هم على الذكرى أدلاء
لا تسأل الكون عنها فهو يجهلها / وعنه سلها ففيها منه أنباء
كن طالباً علمها منها تجده بها / محققاً وعلى التحقيق لألاء
ما في الورى أحد إلا بقوتها / له مدى عمره منع وإعطاء
والناظرون بها والسامعون بها / وإن يكن عندهم للأمر إخفاء
وتسعد الناس أو تشقى بلا غرض / فهي الدواء كما تختار والداء
شمس وعن علمها كل الورى ظهروا / كأنما هم ظلالات وأفياء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025