كم مقلةٍ للشقيقِ الغضّ رَمْداءِ
كم مقلةٍ للشقيقِ الغضّ رَمْداءِ / إنسانُها سابحٌ في بحرِ أنداءِ
وكم ثغورِ أقاحٍ في مراشفِها / رضابُ طائفةٍ بالرِّيّ وَطفاءِ
فما اعتذارُك عن عذراءَ جامحةٍ / لانتْ كما لامسَتْها راحةُ الماءِ
نَضا عليها حُسامَ المزج فامتنعتْ / بلامةٍ للحَبابِ الحُمِّ حَصداءِ
أما ترى الصُبحَ يَخفى في دُجُنّنه / كأنما هو سِقطٌ بين أحشاءِ
والطيرُ في عذَباتِ الدّوحِ ساجعةٌ / تُطابقُ اللحْنَ بين العودِ والناء
وقد تضمّخ ذيلُ الريح حين سرَتْ / بعاطرٍ من شذا غَيناءَ غنّاءِ
فحيّ في الكأس كِسْرى تحت رِمّته / بروحِ راحٍ سرتْ في جسمِ سرّاء
وعُذ بمُعجزِ آيات المُدامة من / نوافثِ السحر في أجفانِ حَوراء
فما الفصاحةُ إلا ما تكرّرُه / مبازلُ الدّنّ من ترجيعِ فأفاءِ
يديرُها فاتنُ الألحاظِ فاتِرُها / صاحٍ معربِدُ أعضاءٍ وإغضاء
ومُحسنُ حسنٌ ألقتْ الى يدِه / أعنّةَ الحُبّ طوعاً كُلُّ سوداء
ناهيك من شادنٍ شاد تغارُ على / أُذْن المُصطيخ إليه مُقلةُ
فاعطِفْ على خُلَس اللذاتِ مُغتنماً / فالدهرُ في حربِه تلوينُ حِرباء
وكُنْ وليّ وليِّ الدين تسطُ على / صَرفِ الزمانِ بماضي العزمِ والرّاء
القاتلُ المحْل والأنواءُ باخلةٌ / براحةٍ للعطايا ذاتِ أنواءِ
والوارثُ الحَمدَ يرويه ويُسنِدُه / الى مناسبِ أجدادِ وآباءِ
سلْ عن براعتِه جاري يراعتِه / تُجْر الفصاحةَ من ألفاظِ خرساء
بنو المَخيليّ معنى كل مَكرُمةٍ / ومُلتقى طرَفَي مجدٍ وعلياء
المقتفون على عليم سبيلَ عُلاً / والى بها أوّلوهُم جمْع آلاءِ
ساروا مسيرَ قوافي الشعرِ سالمةً / من المَعيبين إقواءٍ وإكفاءِ
قومٌ عواملُ نحو الفضلِ أنمُلُهم / فليس تعثُر في خفضِ وإعلاء
مهلاً أبا القساسِم المُشني بسؤدده / عليه لفظُ أوِدّاءٍ وأعداءِ
لما ابتديتَ لحفظِ المال قمتَ به / وكيف يوهنُ طوداً حملُ أعباءِ
وصُنتُه عن أيادي الخائنين كما / جعلتَ جودَك عنه رهنَ إعطاءِ
وكنتَ كالغيثِ يحمي الشمسَ عارضُه / وإن أباح الذي فيه من الماءِ
أنت الكليمُ وقد أوتيتَ آيتَه / كم من يدٍ لك في الأقوامِ بيضاء
فاضْرِب بها الجامدَ الجاري مفجِّرةً / عيونَ صخرةِ منعٍ منه صمّاء
دَنا بعدلِك للديوان نورُ هُدىً / جلّى من الظّلمِ عنه كلَّ ظلماء
فأبْصرَ الآن لما صرتَ ناظرَه / وكان ذا مقلةٍ من قبلُ عمياء
لا زلتَ تسمو سماءَ المجدِ مرتفعاً / حتى تجاوزَ منه كلَّ جوزاء